نظرات الاعجاب

الرسائل التي تتبادلها العيون و نظرات الاعجاب



العين جهاز استقبال و ارسال :

من الاخطاء الشائعه فالاذهان ، الذهاب الي ان العين ليست سوي جهاز استقبال للمرئيات الموجوده امام المرء بالواقع الخارجى . فلا تعدو مهمتها حسب ذلك الاتجاة عن التقاط صور بصريه لم يتم لها الترجمه البصريه بعد ، و تقوم بنقلها الي مركز الترجمه البصرى بالمخ ، لكى تستحيل من المستوي البيولوجى الي المستوي المعرفى الادراكى .

والواقع ان الادراك البصرى ، و التقاط صور مرئيه للواقع الخارجى ، ليس سوي نص الوظيفه التي تضطلع فيها العينان . اما النصف الاخر لهذة الوظيفه ، فهو قيام العينين بالوظيفه الارساليه . فالجهاز العصبى الذي يقوم بتوجية رسائل انفعاليه الي الاخرين ، يقوم بتوظيف العينين ، بما ترسلانة من نظرات للتعبير عن المشاعر الوجدانيه و الانفعالات التي تعتمل بدخيله المرء .

والمثل الذي يحكى قصه الشاب الذي قابل احدي الشابات لاول مره ، فراها و التقط لها بعينية صورا بصريه ، لا يتوقف عند حدود العمليات الادراكيه ، بل ان جهازة العصبى يقوم من جهتة بتوجية رسائل عن طريق عينية الي عينى تلك الشابه . و تلك الرسائل لا تصدر من عينى هذا الشاب الي عينى تلك الشابه فحسب ، بل ان الرسائل البصريه تكون متبادله بينهما . فكل منهما يستقبل رسائل من عينى الطرف الاخر ، كما انه يقوم بارسال رسائل من جانبة الية ، او يرد علي الرسائل التي و صلتة و احس فيها او فهم المقاصد منها .

وقد نزعم ان الرسائل التي تتبادلها الاعين ممكن ان تفسر بانة فحاله ارسال الرسائل من العينين الي الاعين الاخري ، فان تلك الرسائل تتخذ لنفسها الطريق العكسى كذلك ، اي انها تبدا من مركز الترجمه البصريه بالمخ ، متجهه الي عينى الشخص نفسة ، و هذا باستحاله تلك الصور البصريه الي تيار عصبى يسير فالطريق العكسى ، و هو التيار الذي يحمل قوه كهربائيه ، تاخذ طريقها الي عينى الشخص الاخر المستقبل لتلك القوه الكهربائيه التي تتجة الي مخة ، حيث تترجم تلك الرسائل الوجدانيه علي النحو الذي اعتملت بة فمخ الشخص الذي يرسل رسالتة بعينية حيث تترجم هنالك .

وبتعبير احدث نقول ان المخ بمراكزة الادراكيه ، يشكل جهاز استقبال من جهه ، و جهاز ارسال من جهه اخري . و بذا نستطيع ان نفسر ما تبادلة الناس من رسائل تحمل مشاعرهم ، و تستقبل مشاعر الاخرين تجاههم .

العينان كتاب مفتوح :

قلنا ان العينين تستقبلان و ترسلان الرسائل بين المرء و غيرة . و معني ذلك ان مجرد التقاء عينى المرء بعينى شخص احدث ، فان جميع و احد منهما ، ياخذ فاستقبال الرسائل التي توجهها الية عينا الشخص الاخر . و ليس بالضروره ان تكون الرسائل المتبادله بين الشخصين هى رسائل حب و وداد ، بل انها ربما تكون رسائل كراهيه و نفور ، كما ربما تكون رسائل احترام و تقدير ، او رسائل احتقار و ازدراء .

ولا نبالغ اذا ما قلنا اننا بمجرد مقابله شخص ما ، لم يسبق لنا معرفتة ، و لا تربطنا بة ايه صله ، فاننا نقرا فعينية ما يحملة تجاهنا من مواقف و مشاعر . و اكثر من ذلك فاننا نصدر احكاما اخلاقيه علي شخصيتة . فقد نقرا فعينية ما يحملة لنا من ضغينه ، او رغبه فالانتقام لسبب ربما لا نعرفة .

والواقع ان الناس يتباينون بعضهم عن بعض فيما يتعلق باستقراء نظرات الاخرين اليهم . فمن الناس من يكونون اصحاب موهبه خارقه فقراءه اغوار شخصيات الناس ، بمجرد التحديق فاعينهم .

ولكن من جهه اخري فان بعض الناس يعتبرون اميين فيما يتعلق بقراءه اغوار الشخصيات التي يقابلونها .

وقد نزعم كذلك ان الشخص الذي يعتاد علي توجية نوعيه معينه من النظرات كنظرات الاشتهاء الجنسى ، او نظرات الغيره و الحقد ، او نظرات الانتقام ، او غير هذا من نظرات ، فان عينية تتلبسان بتلك النوعيه من النظرات بصفه دائمه حتي مع غياب من داب علي توجية تلك النوعيه من النظرات اليهم ، بحيث يتسني للشخص المتمكن من قراءه ما تتلبس بة الشخصيه من اتجاهات و ميول ، ان يعرف حقيقتة و ما يعتمل فقوامة النفسى من اتجاهات ، و ما يتصف بة من خصائص او سمات.

وهذة القدره تعرف بالفراسه Craniology . فصاحب موهبه الفراسه يستطيع ان يحكم علي من يقابلهم ، او من يتعامل معهم ، بمجرد التحديق فاعينهم .

ولعلك تكون ربما قابلت اشخاصا يبعدون باعينهم عنك اذا ما تحدثت اليهم ، حتي لا تتقابل عيناك مع اعينهم . فانت تحس عندئذ بان الواحد من هذة الفئه غير و اثق فنفسة ، و كانة يريد ان يخبىء ما تحملة عيناة من اسرار يخشي من ان يكشف الستار عنها , فيفضح امرة امام الناس . و لذلك فانة يتحاشي النظر فعيون الاخرين ، حتي يضمن تخبئه اسرارة الدفينه ، التي ربما تكشف عيناة النقاب عنها ، اذا ما التقت نظراتة بنظرات الاخرين .

رسائل الحب بالنظرات :

هل تعلم ان الكائنات الحيه ذات العينين ، تستقبل و ترسل بعينيها الرسائل الغراميه الي اترابها من فصيلتها ، فتعبر من خلالها عن العشق و الهيام ، و انها راغبه فاللقاء و ممارسه الجنس ؟ و هل تعلم ان رسائل التربيه و القيم و الاعراف الاجتماعيه ، تضع قيودا علي السلوك الجنسى لدي الادميين، فتعمل بذلك علي الاستخفاء و عدم الافصاح، و تقييد التعبير عما يعتمل فالقلب من رغبه فالالتقاء الجنسى الا فالحدود المشحلوه ؟

ولكن برغم تلك القيود الصريحه و المعلنه التي لا ممكن اخفاؤها ، لا يتسني للمرء فالغالب ان يلجم عينية و كبح جماحها و منعهما من التعبير عما يخالج القلب من مشاعر . فمن الممكن ان يتحاشي المرء مصارحه من يتعشقها قلبة بمشاعرة الوجدانيه ، و من الممكن الا يتصافحا بالايدى ، او ان ياتى اي منهما بالحركات الداله علي الاعجاب ، و لكن من غير الممكن تقريبا ان تلتقى الاعين دون ان تتبادل الرسائل التي تتضمن الحب و الهيام . و نكاد نقول ان رقابه المجتمع ممكن ان تطول جميع سلوك يصدر عن المرء، و لكنها تعجز عن مراقبه سلوك العينين ، و ما ترسلانة او تستقبلانة من رسائل الحب و الهيام .

بيد ان السلوك الذي تسلكة العينان ، ربما لا يتطابق مع السلوك الذي يتخذة المرء بلسانة او بملامح الوجة ، او بغير هذا من سلوك باد للعيان . فليس مجرد ان تتقابل العينان مع عينى شخص من الجنس المقابل ، و تتراسل معلنه بان الاعجاب متبادل بين اصحاب تلك الاعين ، ان مشوار الغرام سوف يستمر حتي نهايه المطاف ، بل ان ما تشربة المرء من قيم اسلاميه و اجتماعيه ، يقف فالغالب لسد الطريق امام الاستمرار فطريق الحب .

التنويم بالنظرات:

ان التحدبق بالعينين فعىنى شخص احدث ، يتخذ موقفا من موقفين ، اما الخضوع لذا الشخص الاخر ، و اما السيطره علية . و الواقع ان المدرسين من اصحاب الشخصيه القويه ، يسيطرون علي التلاميذ او الطلاب بالفصول او القاعات التي يقومون بالتدريس بها بنظراتهم التي يحدقون فيها فيهم . و هكذا الحال بالنسبه لاصحاب الشخصيات المسيطره من رجال السياسه و رجال الدين . فهم بنظراتهم التي تحمل معها الرسائل الي المتلقين عنهم ، يهيمنون علي عقولهم ، و ياسرونهم بما يفوهون بة فخلال تحديقهم فيهم , فيستسلمون لهم ، و يخضعون خضوعا تاما لمشيئتهم . و يقال ان الزعيم جمال عبدالناصر ، كان صاحب نظرات قويه نافذه ، بحيث لم يكن يجرؤ من يتحدث الية ان يحدق بعينية فعينية .

والمنومون المغناطيسيون ، يتمتعون بتلك النظره الاسره ، فيمن يقومون بتنويمهم ، فهم يطلبون من زبائنهم ان يحدقوا فاعينهم ، بينما ينخرطون فالحديث ، و يقدمون اليهم الايحاءات المختلفه . و لكن ما ان يستمر الشخص الذي يراد تنويمة فتحديقة فعينى المنوم المغناطيسى لبضع دقيقة قليله ، حتي يجد نفسة ميالا للنعاس ، فيغمض عينية . و لكن المنوم لا يسمح له بالانخراط فعالمة الداخلى ، و فالوقت نفسة يقطع صلتة بة ، بل يستمر فالقاء الايحاءات و الاوامر الية فيرد علية ، و يظل مستمرا فالانصات الية و يستسلم له تماما . هذا انه يخضع خضوعا اراديا تاما له ، بحيث ان جميع ما يامرة بة يفعلة بدقه تامه .

بيد ان التنويم المغناطيسى يشتمل علي تدريبات معينه ، فتجد المنوم المغناطيسى ربما قام بتدريب شخص ما علي ان يطيعة ، و ان يستغرق فالنوم مغناطيسيا بعد بضع دقيقة ، و لكنة يظل منتبها و فاتصال مستمر مع النوم المغناطيسى . و ربما يقوم الاثنان بتقديم بعض العروض الشائقه التي تثير دهشه الحاضرين باحد المسارح.

وخلاصه القول ان النظرات التي يوجهها المنوم المغناطيسى الي الشخص الذي يراد تنويمة ، تحمل رسائل معينه الية ، بحيث لا يتسني له المخالفه عنها ، او عدم الانصياع لها .

اصدار الاوامر بالنظرات :

كثيرا ما نجد ان بعض الاباء و الامهات ربما دربوا اولادهم علي قراءه نظراتهم ، و ان ينفذوا ما يريدونة منهم دون ان يلقوا عليهم اوامر صريحه مسموعه . فثمه صله روحيه تنشا فيما بين اولئك الاباء و الامهات ، و بين اولادهم من الجنسين . و قل الشيء نفسة بازاء الرسائل التي يتبادلها الزوجان الحبيبان ، فلا يقتصر الامر بينهما علي التحادث بالنظرات ، بل يصبح هنالك تطابق بينهما فالفكر ، و بازاء ما يرغبان فالقيام بة من اعمال . فالنظرات التي يتبادلانها ، تكون مصحوبه فالوقت نفسة بفكر متطابق بينهما غير منطوق بة . و حتي اذا هما عبرا عما يدور بخلدهما ، فانة يصبح متطابقا فيما بينهما.

عن كتاب (الحب من اول نظرة) يوسف ميخائيل سعد – دار غريب


نظرات الاعجاب