نار جهنم وعذابها

 

صورة-1

 



صفه النار : النار هى دار الهوان و دار الانتقام من اهل الكفر و العصيان ، و ربما و صفها القران الكريم بانها كالسجن ، محيط بالكافرين ، حصير لهم ، و لها سرادق محيط فيها ، و انها مؤصده فعمد ممدده ، و بها ظل ذو ثلاث شعب ، لكنة غير ظليل ، و لا يقى من شده فورانها و تصاعد لظاها ، و ان و قودها الناس و الحجاره ، و اوارها لا ينقطع ، فكلما خبت ازدادت سعيرا ، و تحرسها ملائكه غلاظ شداد موكلون بالعذاب ، لا يعصون الله ما امرهم ، و يفعلون ما يؤمرون ، و لها سبعه ابواب ، لكل باب منهم جزء مقسوم (١).

وعن امير المؤمنين عليه‌ السلام : « ان جهنم لها سبعه ابواب اطباق بعضها فوق بعض … فاسفلها جهنم ، و فوقها لظي ، و فوقها الحطمه ، و فوقها سقر ، و فوقها الجحيم ، و فوقها السعير ، و فوقها الهاويه ».

وفى روايه : « اسفلها الهاويه ، و اعلاها جهنم » (٢).

وقال عليه‌ السلام فو صفها : « فاحذروا نارا قعرها بعيد ، و حرها شديد ، و عذابها جديد ، دار ليس بها رحمه ، و لا تسمع بها دعوه ، و لا تفرج بها كربة » (3).

اهل النار : ( اولئك الذين اشتروا الضلاله بالهدي و العذاب بالمغفره فما اصبرهم علي النار ) (4).

جاء فالايات الكريمه ان النار اعدت للذين كفروا و صدوا عن سبيل الله و ما توا و هم كفار ، و المشركين الذين جعلوا مع الله الها احدث ، و المنافقين ، و المتكبرين ، و الظالمين ، و الطاغين ، و المكذبين الله سبحانة و رسلة ، و من يعصى الله و رسولة ، و يتولي عن طاعتة ، و يتعدي حدودة ، و يستكبر عن عبادتة ، و يصد عن سبيلة ، و يعرض عن ذكرة ، و لا يرجو لقاءة ، و المكذبين بيوم الدين ، و الذين رضوا بالحياة الدنيا و زينتها و اطمانوا فيها و اثروها علي الاخره ، و من كسب سيئه و احاطت بة خطيئتة ، و من يرتد عن دينة و يموت كافرا ، و الذين ياكلون اموال الناس بالباطل ، او ياكلون اموال اليتامي ظلما ، و من يقتل مؤمنا متعمدا ، و الذين يكنزون الذهب و الفضه و لا ينفقونها فسبيل الله ، و ائمه الجور و الضلال ، و تاركى الصلاه (5).

قال امير المؤمنين عليه‌ السلام : « انى سمعت رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ و اله‌ و سلم يقول : يؤتي يوم القيامه بالامام الجائر و ليس معة نصير و لا عاذر ، فيلقي فنار جهنم ، فيدور بها كما تدور الرحي ، بعدها يربط فقعرها » (6).


و عنة عليه‌ السلام و هو يعظ اصحابة : « تعاهدوا امر الصلاه ، و حافظوا عليها ، و استكثروا منها ، و تقربوا فيها ، فانها كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا ، الا تسمعون الي جواب اهل النار حين سئلوا : ( ما سلككم فسقر * قالوا لم نك من المصلين ) (7) ؟ ! ».

الخالدون بها : لا يخلد فالنار الا اهل الكفر و الشرك ، و اما المذنبون من اهل التوحيد ، فانهم يظهرون منها بالرحمه التي تدركهم و الشفاعه التي تنالهم (8).

قال الامام موسي بن جعفر الكاظم عليه‌ السلام : « لا يخلد فالنار الا اهل الكفر و الجحود ، و اهل الضلال و الشرك » (9).

عذاب النار : يتعرض اهل النار لاصناف من العذاب الحسى و الروحى ، و ربما و صف الله تعالي عذابها بالمهين و الغليظ و الاليم و العظيم و الشديد ، فحينما يساق المجرمون الي جهنم زمرا و جماعات ، تتلقاهم ملائكه العذاب : ادخلوا ابواب جهنم خالدين بها ، فبئس مثوي المتكبرين ، ذلك و النار تنتظرهم من مكان بعيد ، فاذا راتهم تغيظت و زفرت و زارت كالاسد اذا راي فريستة علي بعد.


فتفتح لهم الابواب ، و يدعون بها دعا مع الشياطين و ما كانوا يعبدون من دون الله ، فيكونون حصب جنهم و وقود السعير ، و اذا القوا بها سمعوا لها شهيقا و هى تفور ، فتكاد تميز من الغيط ، و تتاجج نارها ، و يتقد اوارها ، و يتطاير شررها ، و يتعالي لهيبها ، و هم غرقي بها ، طعامهم منها ، و شرابهم منها ، و لباسهم منها ، و هى مهادهم و سقفهم ، يلتحفون حممها ، و يفترشون لظاها ، و يتقلقلون بين اطباقها ، فيغشاهم العذاب من فوقهم و من تحت ارجلهم ، فمقطعات النيران و سرابيل القطران ، فتكوى جباههم ، و تلفح و جوههم و تتقلب فالنار ، فتسود و جوههم ، و ينتزع الشوي من رؤوسهم.

وهم خالدون فعذاب مقيم ، و ياتيهم الموت من جميع مكان و ما هم بميتين ، فلا يقضي عليهم فيموتوا ، و لا يخفف عنهم من عذابها ، و لا هم ينظرون ، و كلما نضجت جلودهم بدلت باخري ليتجدد عذابهم ، و كلما ارادوا ان يظهروا منها من غم اعيدوا بها ، و قيل لهم : ذوقوا عذاب الحريق.

هذا و هم مقرنون بالاغلال و السلاسل فالاعناق ، مصفدون فمكان ضيق ، بعدها يسحبون فالحميم علي و جوههم ، و يؤخذون بالنواصى و الاقدام ، بعدها فالنار يسجرون ، و تهشم جباههم بمقامع الحديد ، و ينتظرهم عذاب السموم و شجر الزقوم و الحميم الذي يصب من فوق رؤوسهم ، فيصهر ما فبطونهم و الجلود.


و ان استغاثوا من شده العطش ، يغاثوا بماء صديد يتجرعونة و لا يكادون يستسيغونة ، او بماء الحميم فيقطع امعاءهم ، او بماء كالمهل يشوى الوجوة و يغلى فالبطون كغلى الحميم ، فلا يذوقون بردا و لا شرابا الا حميما و غساقا ، و هم مع هذا يشربون منهما شرب الهيم.

وان استطعموا من شده الجوع ، اطعموا غذاء ذا غصه من الغسلين و الزقوم ، و هى شجره تظهر فاصل الجحيم ، طلعها كانة رؤوس الشياطين ، و هم مع هذا لاكلون منها ، فمالئون منها البطون ، فشاربون علية من الحميم.

ولهم من هول العذاب اصطراخ بين اطباقها ، و هى تغلى بهم غلى المراجل ، فيتعالي زفيرهم و بكاؤهم و عويلهم و تخاصمهم ، و هتافهم بالويل و الثبور ، و لكن لا يسمعون (10).


و قال امير المؤمنين عليه‌ السلام فيوصف عذابها : « اما اهل المعصيه فانزلهم شر دار ، و غل الايدى الي الاعناق ، و قرن النواصى بالاقدام ، و البسهم سرابيل القطران ، و مقطعات النيران ، فعذاب ربما اشتد حرة ، و باب ربما اطبق علي اهلة ، فنار لها كلب و لجب ، و لهب ساطع ، و قصيف هائل ، لا يظعن مقيمها ، و لا يفادي اسيرها ، و لا تفصم كبولها ، لا لمدة للدار فتفني ، و لا اجل للقوم فيقضي » (11).

عذابها الروحى : و له صور عديده يعرضها القران الكريم ، منها الشعور بالخسران و الندامه و الخزى و الخوف و الرهبه ، فينادى الظالمون بالحسره ، حسره فوت الجنه و نعيمها ، و فوت لقاء الله و رضوانة ، و ينتابهم الياس من الرحمه و المغفره ، و يصيبهم الذل و الصغار حين يعرضون علي النار خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفى (12).

وحينما يعرضون علي النار و يرون عذابها تتقطع انفسهم حسرات من شده الندم ، فيظهرون البراءه من كبرائهم و ساداتهم ، و تتوارد عليهم الامانى ، فيقولون : ( يا ليتنا اطعنا الله و اطعنا الرسولا ) (13) ، و جميع منهم يقول : ( يا ليتنى قدمت لحياتى ) (14) و ( يا و يلتي ليتنى لم اتخذ فلانا خليلا ) (15) و انني لهم الندم و هم فمحضر اليوم العسير ؟!


و يضجون حسره علي ما فرطوا فالدنيا ، فيطلبون العوده اليها ، ليعملوا صالحا و يكونوا من المؤمنين ، و يتعالي هتافهم : ( فلو ان لنا كره فنكون من المؤمنين ) (16) و يصرخون : ( ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل ) (17).

وتلك الامانى لا تعدو كونها سرابا بقيعه ، لانهم فعالم الجزاء ، عالم لا تنفع فية الطاعه و الانابه و اظهار الندم ، و لو كانوا صادقين لانابوا و تابوا و هم فدار التكليف و العمل ( و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنة و انهم لكاذبون ) (18).

ومن هنا ياتيهم الجواب : ( فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) (19) و يقال لهم : ( اخسئوا بها و لا تكلمون ) (20) و هو مما يزيد من حسره نفوسهم و شعورهم بالخذلان و الخيبه و الياس من الرحمه و المغفره ، فيصلون جهنم مذمومين مدحورين ملومين.


و مما يحز فنفوسهم هو تبكيت الملائكه و تقريعهم لهم بمجرد ان يدخلوا النار ، قال تعالي : ( كلما القى بها فوج سالهم خزنتها الم ياتكم نذير ) و هم يجيبون بالاقرار و الاعتراف : ( بلي ربما جاءنا نذير فكذبنا و قلنا ما نزل الله من شيء ان انتم الا فضلال كبير * و قالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا فاصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير ) (21).

وحينما يستسلمون للياس يقولون لخازن النار : ( يا ما لك ليقض علينا ربك ) فيقول لهم : ( انكم ما كثون ) (22).

اعاذنا الله جميعا من شر الجحيم و من اهوال يوم القيامه ، و رزقنا رحمتة التي و سعت جميع شيء و شفاعه نبية المصطفي و الة الاطهار صلوات الله عليهم اجمعين.

 

الهوامش


1. راجع : سوره البقره : ٢ / ٢٤ ، سوره التوبه : ٩ / ٤٩ ، سوره الحجر : ١٥ / ٤٣ ٤٤ ، سوره الاسراء : ١٧ / ٨ و ٩٧ ، سوره الكهف : ١٨ / ٢٩ ، سوره التحريم : ٦٦ / ٦ ، سوره المرسلات : ٧٧ / ٣٠ ٣١ ، سوره الهمزه : ١٠٤ / ٨ ٩.2. مجمع البيان / الطبرسى ٦ : ٥١٩.

3. نهج البلاغه / صبحى الصالح : ٣٨٤ الكتاب (٢٧).

4. سوره البقره : ٢ / ١٧٥.

5. راجع سوره البقره : ٢ / ٨١ و ٨٦ و ١٦١ ١٦٢ و ٢١٧ ، سوره النساء : ٤ / ١٠ و ١٤ و ٥٦ و ٩٣ و ١٤٥ ، سوره التوبه : ٩ / ٣٤ و ٦٣ ، سوره يونس : ١٠ / ٧ ٨ و ٥٢ ، سوره هود : ١١ / ١٥ ١٦ ، سوره النحل : ١٦ / ٨٥ ، سوره الكهف : ١٨ / ١٠٢ ١٠٦ ، سوره طة : ٢٠ / ٧٤ و ١٢٤ ١٢٧ ، سوره الفرقان : ٢٥ / ١١ ، سوره السجده : ٣٢ / ١٢ ١٤ ، سوره الزمر : ٣٩ / ٦٠ ، و ٧١ ٧٢ ، سوره غافر : ٤٠ / ٦٠ و ٧٠ ٧٢ ، سوره ق : ٥٠ / ٢٤ ٢٦ ، سوره الجن : ٧٢ / ١٧ و ٢٣ ، سوره المدثر : ٧٤ / ٤١ ٤٦ ، سوره النازعات : ٧٩ / ٣٧ ٣٩.

6. نهج البلاغه / صبحى الصالح : ٢٣٥ الخطبه (١٦٤).

7. نهج البلاغه / صبحى الصالح : ٣١٦ الخطبه (١٩٩) و الايه من سوره المدثر : ٧٤ / ٤٢.

8. الاعتقادات / الصدوق : ٧٧.

9. التوحيد / الصدوق : ٤٠٧ / ٦. جماعه المدرسين قم.

10. راجع : سوره البقره : ٢ / ٩٠ و ١٠٤ و ١١٤ و ١٦٢ ، سوره النساء : ٤ / ٥٦ ، سوره الانعام : ٦ / ٧٠ ، سوره الاعراف : ٧ / ٤١ ، سوره ابراهيم : ١٤ / ١٦ ١٧ و ٤٩ ٥٠ ، سوره الكهف : ١٨ / ٢٩ ، سوره طة : ٢٠ / ٧٤ ، سوره الانبياء : ٢١ / ٩٨ ١٠٠ ، سوره الحج : ٢٢ / ١٩ ٢٢ ، سوره المؤمنون : ٢٣ / ١٠٤ ، سوره الفرقان : ٢٥ / ١٢ ١٤ ، سوره العنكبوت : ٢٩ / ٥٤ ٥٥ ، سوره الاحزاب : ٣٣ / ٦٤ ٦٨ ، سوره فاطر : ٣٥ / ٣٦ ٣٧ ، سوره الصافات : ٣٧ / ٦٢ ٦٨ ، سوره ص : ٣٨ / ٥٥ ٦٤ ، سوره الزمر : ٣٩ / ٧١ ، سوره غافر : ٤٠ / ٧٠ ٧٦ ، سوره الدخان : ٤٤ / ٤٣ ٥٠ ، سوره محمد : ٤٧ / ١٥ ، سوره الطور : ٥٢ / ١٣ ١٦ ، سوره القمر : ٥٤ / ٤٧ ٤٨ ، سوره الرحمن : ٥٥ / ٤١ ٤٤ ، سوره الواقعه : ٥٦ / ٤١ ٤٤ و ٥١ ٥٦ ، سوره الملك : ٦٧ / ٥ ١١ ، سوره الحاقه : ٦٩ / ٣١ ٣٧ ، سوره المزمل : ٧٣ / ١٢ ١٣ ، سوره الدهر : ٧٦ / ٤ ، سوره المرسلات ٧٧ / ٣٠ ٣٣ ، سوره النبا : ٧٨ / ٢١ ٣٠ ، سوره الليل : ٩٢ / ١٤ ١٦ ، سوره الهمزه : ١٠٤ / ٤ ٩.

11. نهج البلاغه / صبحى الصالح : ١٦٢ الخطبه (١٠٩).

12. راجع : سوره البقره : ٢ / ١٦١ و ١٦٦ ١٦٧ ، سوره الانعام : ٦ / ٢٧ ٣١ و ١٢٤ ، سوره الاعراف : ٧ / ٥٣ ، سوره ابراهيم : ١٤ / ٤٤ ، سوره الاسراء : ١٧ / ١٨ و ٣٩ ، سوره المؤمنون : ٢٣ / ١٠٣ ١٠٨ ، سوره الشعراء : ٢٦ / ٩٥ ١٠٢ ، سوره العنكبوت : ٢٩ / ٢٣ ، سوره الاحزاب : ٣٣ / ٦٦ ٦٨ ، سوره سبا : ٣٤ / ٣٣ ، سوره فاطر : ٣٥ / ٣٦ ٣٧ ، سوره الزمر : ٣٩ / ٧١ ، سوره غافر : ٤٠ / ٧٣ ٧٦ ، سوره الشوري : ٤٢ / ٤٥ ، سوره الزخرف : ٤٣ / ٧٧ ، سوره الملك : ٦٧ / ١٥ ، سوره المطففين : ٨٣ / ١٥ ١٧.

13. سوره الاحزاب : ٣٣ / ٦٦.

14. سوره الفجر : ٨٩ / ٢٤.

15. سوره الفرقان : ٢٥ / ٢٨.

16. سوره الشعراء : ٢٦ / ١٠٢.

17. سوره فاطر : ٣٥ / ٣٧.

18. سوره الانعام : ٦ / ٢٨.

19. سوره الانعام : ٦ / ٣٠.

20. سوره المؤمنون : ٢٣ / ١٠٨.

21. سوره التحريم : ٦٧ / ٨ ١١.

22. سوره الزخرف : ٤٣ / ٧٧. بالنظر لكون اغلب مضامين المبحث الاخير المتعلق بوصف الجنه و النار ، ربما استوحيناها من القران الكريم ، لذلك نحيل الي مصادر الحديث لمن اراد الاطلاع علي مضامينة التي توسعت فو صف نعيم الجنه و عذاب النار ، فراجع : بحار الانوار / المجلسى ٨ : ١١٦ ٢٢٢ ، و ٣٨٠ ٣٢٩ ، احياء علوم الدين / الغزالى ٥ : ٣٨٥ ٣٩٢ و ٣٧٤ ٣٨١.

 

  • نارجهنم
  • نيران حرفm


نار جهنم وعذابها