لماذا نقرا

 

صورة-1

 



اننا نقرا كى نفهم او من اجل التوصل الي الفهم. اننا لانستطيع فعل اي امر مغاير. القراءه كالتنفس ؛ انها و ظيفه حياتيه اساسية.. ان تعلم القراءه كان المستهل الذي بدات فية حياتي، و بمجرد ان تعلمت فك رموز الاحرف بدات اقرا جميع ما كانت تقع علية يدي: الكتب، العناوين، الاعلانات، العبارات الصغيره المكتوبه علي تذاكر و سائط النقل، الرسائل المرمية، الغرافيتي، صفحات الجرائد المهترئه الملقاه تحت المصاطب فالحدائق العامة. كنت استرق النظر فباصات نقل الركاب و احاول معرفه ما يقرؤة الركاب، و عندما قرات فاحد الايام ان سرفانتس كان يطالع -من فرط حبة للقراءة- حتي قصاصات الورق المرميه علي قارعه الطريق، احسست بشعور رائع لاننى كنت اعرف ما ذا يعنى هذا.

ان احترام الكتابه (فى الكتب او علي الشاشات) ناحيه تتميز بها جميع الثقافات التي تعرف الكتابة. و يتميز الاسلام عن بقيه الاديان الاخري فهذة الناحيه بالذات: فهو لايري فالقران كتابا منزلا من الله و حسب، بل صفه من صفات الله، تماما كحضورة فكل زمان و مكان و كرحمته.

استقيت تجاربى الاولي من الكتب ، عندما كنت مثلا اواجة حدث ما او اري مشهدا من المشاهد، او اتعرف علي شخص معين، فان كل تلك الحاجات كانت تذكرنى بامر كنت ربما قرات عنة ، مما كان يولد عندى علي الفور الاحساس باننى كنت اعرف جميع هذا نظرا لاننى كنت اري الحدث الحاضر -كالشئ المقروء- كان ربما صادفنى مره من المرات، و بان اشاره معينه كانت ربما اتت علي ذكرة فمقال ما .

تشير الوثيقه العبريه القديمه عن التفكير النظامى و الموجوده حتي يومنا ذلك سفر الجزيره (sefr yezirah) التي نشات ففتره ما من القرن السادس الي ان الله خلق العالم من اثنين و ثلاثين سراطا من الحكمة، الاسفار او الارقام العشره و اثنين و عشرين حرفا.

فمن الاسفار خلق الحاجات المجردة، و من الاحرف الاثنين و العشرين خلق كل الكائنات و الحاجات الواقعيه للاطوار الثلاثه لمنشا الكون : العالم ، الزمن و الجسم البشرى ،. و يتمثل عالم التقاليد اليهوديه المسيحيه فمخطوطه من الاحرف و الارقام ؛ يكمن مفتاح فهم العالم فقدرتنا علي قراءه هذة الاحرف و الارقام بصوره صحيحه و التحكم فالمؤالفات القائمه فيما بينها من اجل بعث الحياة فقسم صغير من النص الجبار محاكاه لخالقنا (علي حد اسطوره تعود الي القرن الرابع الميلادى كان عالما التلمود حنانى و هوشايا يدرسان مره و احده فالاسبوع سفر الجزيرة، حيث تمكنا بعد مؤالفه الاحرف بصوره صحيحة، من خلق عجل عمرة ثلاث سنوات تعشيا به).

نعرف لماذا نقرا حتي عندما لا نعرف كيف نقرا، فالوقت نفسة نحتفظ فعقولنا بالعالم الظاهرى للنص و نتمسك بفعل القراءة. اننا لا نقرا لاننا نريد العثور علي النهاية، فقط لاننا نريد مواصله القراءة، نحن نقرا كالكشافه الذين يقتفون الخطي ناسين جميع ما حولهم من اشياء، نقرا شاردى الذهن متجاوزين بعض الصفحات نقرا باحتقار، باعجاب ، بملل، بانزعاج بحماسه بحسد و شوق. فبعض الاحيان تعترينا فرحه غامره مفاجئه دون ان نستطيع القول ما هو الاسباب =“بحق السماء ما هى هذة العاطفه ؟ ” سالت ربيكا و ست بعد الانتهاء من قراءه الملك لير. “ماذا تتميز بة اعمال الفن العظيمه التي تمارس على ذلك التاثير الباعث علي السعادة؟”. اننا لانعرف ذلك.. عند القراءه نحن سذج. نحن نقرا بحركات بطيئه و طويله كما لو كنا نسبح فالفضاء، نحن ممتلئون احكاما مسبقه و احقادا او اننا كرماء نغفر للنص عيوبة و نتغافل عن ضعفة و نصحح اخطاءه. فبعض الاحيان، عندما تكون السماء صحوه صافيه نقرا بانفاس محبوسه بارتجاف ، كما لو ان احدهم ربما “سار علي قبرنا”، كما لو ان ذكري قديمه منسيه عثر عليها فجاه فداخلنا . التعرف علي شئ ما سبق ان عرفنا انه كان موجودا او علي شيء لم نشعر بة الا كوميض او ظل، الذي ينطلق منا و يعود الي داخلنا قبل ان نعرف ما ذا حدث.. بعدئذ نكون ربما تقدمنا فالسن و اصبحنا اكثر حكمة.


لماذا نقرا