قصة تشي جيفارا

 

صورة-1

 



كان و الدة مهندس معماري، ميسور الحال، دائم التنقل قضي احدث ايامة فكوبا و لم يكن له الدور الكبير فنشات جيفارا لكن الام عرفت بانها مثقفه و نشطه و هى التي نفخت فالفتي من روحها الشغوفه بتاريخ الارجنتين، بل و امريكا اللاتينيه كلها.. و ربتة علي سير المحررين العظام او “اباء الوطن”، و علي قصائد الشعر لا سيما الشعر الاسبانى و الادب الفرنسي.

كان الفتي النحيل الذي لا يتعدي طولة 173 سم يمارس الرياضه بانتظام لمواجهه نوبات الربو المزمن التي كانت تنتابة منذ صغره. اما روحة فكانت لاذعه ساخره من جميع شيء حتي من نفسه، و ربما اجمعت اراء من اقتربوا منة انه كان يحمل داخلة تناقصا عجيبا بين الجراه و الخجل، و كان دافئ الصوت عميقه، كما كان جذابا و عبثى المظهر كذلك.

اضطرت العائله الي ترك العاصمه و الانتقال الي مكان اكثر جفافا؛ لاجل صحه الفتي العليل، و فخلال هذا كان اللقاء الاول بين ارنستو و الفقر المدقع و الوضع الاجتماعى المتدنى فامريكا اللاتينية.

جيفارا الطبيب


فما رس 1947 عادت الاسره الي العاصمه ليلتحق الفتي بكليه الطب، و عند نهايه المرحله الاولي لدراستة حين كان فالحاديه و العشرين من عمرة قام بجوله طويله استمرت حوالى 8 اشهر علي الدراجه البخاريه نحو شمال القاره مع صديق طبيب كان اكبر منة سنا و اقرب الي السياسة.

ومن هنا بدا استكشاف الواقع الاجتماعى للقارة، و بدا و عية يتفتح و يعرف ان فالحياة هموما اكثر من مرضة الذي كان الهاجس الاول لاسرته؛ فراي حياة الجماعات الهندية، و عاين بنفسة النقص فالغذاء و القمع.. و ما رس الطب مع عمال احد المناجم و هو ما حدا بالبعض ان يصفة بانة من الاطباء الحمر الاوروبيين فالقرن 19 الذين انحازوا الي المذاهب الاجتماعيه الثوريه بفعل خبرتهم فالامراض التي تنهش الفقراء.


و فعام 1953 بعد حصولة علي اجازتة الطبيه قام برحلتة الثانيه و كانت الي جواتيمالا، حيث ساند رئيسها الشاب الذي كان يقوم بمحاولات اصلاح افشلتها تدخلات المخابرات الامريكية، و قامت ثوره شعبيه تندد بهذة التدخلات؛ ما ادي لمقتل 9 الاف شخص، فامن الطبيب المتطوع الذي يمارس هواياتة الصغيرة: التصوير و صيد الفراشات، ان الشعوب المسلحه فقط هى القادره علي صنع مقدراتها و استحقاق الحياة الفضلى.


و فعام 1955 قابل “هيلدا” المناضله اليساريه من “بيرون” فمنفاها فجواتيمالا، فتزوجها و انجب منها طفلتة الاولى، و العجيب ان هيلدا هى التي جعلتة يقرا للمره الاولي بعض الكلاسيكيات الماركسية، اضافه الي لينين و تروتسكى و ما و


غادر “جيفارا” جواتيمالا اثر سقوط النظام الشعبى فيها بفعل الضربات الاستعماريه التي دعمتها الولايات المتحدة، مصطحبا زوجتة الي المكسيك التي كانت انذاك ملجا كل الثوار فامريكا اللاتينية.

كان قيام الانقلاب العسكرى فكوبا ف10 ما رس 1952 اسباب تعارف جيفارا بفيدل كاسترو الذي يذكرة فيومياتة قائلا: “جاء فيدل كاسترو الي المكسيك باحثا عن ارض حياديه من اجل تهيئه رجالة للعمل الحاسم”.. و كذا التقي الاثنان، و علي حين كان كاسترو يؤمن انه من المحررين، فان جيفارا كان دوما يردد مقولته: “المحررون لا و جود لهم؛ فالشعوب و حدها هى التي تحرر نفسها”. و اتفق الاثنان علي مبدا “الكف عن التباكي، و بدء المقاومه المسلحة”.

بدايه الثورة


اتجها الي كوبا، و بدا الهجوم الاول الذي قاما به، و لم يكن معهم سوي ثمانين رجلا لم يبق منهم سوي 10 رجال فقط، بينهم كاسترو و اخوة راءول و جيفارا، و لكن ذلك الهجوم الفاشل اكسبهم مؤيدين كثيرين خاصه فالمناطق الريفية.


و ظلت المجموعه تمارس حرب العصابات مدة سنتين حتي دخلت العاصمه هافانا فيناير 1959 منتصرين بعد ان اطاحوا بحكم الديكتاتور “باتيستا”، و فتلك الخلال اكتسب جيفارا لقب “تشي” يعنى رفيق السلاح، و تزوج من زوجتة الثانيه “اليدا ما رش”، و انجب منها اربعه ابناء بعد ان طلق زوجتة الاولى.


و قتها كان “تشى جيفارا” ربما و صل الي اعلي رتبه عسكريه (قائد)، بعدها تولي بعد استقرار الحكومه الثوريه الحديثة -وعلي راسها فيدل كاسترو- مناصب:

– سفير منتدب الي الهيئات الدوليه الكبرى.

– منظم الميليشيا.

– رئيس البنك المركزي.

– مسئول التخطيط.

– و زير الصناعة.

ومن مواقعة تلك قام جيفارا بالتصدى بكل قوه لتدخلات الولايات المتحدة؛ فقرر تاميم كل مصالح الدوله بالاتفاق مع كاسترو؛ فشددت الولايات المتحده الحصار، و هو ما جعل كوبا تتجة تدريجيا نحو الاتحاد السوفيتى و قتها. كما اعلن عن مساندتة حركات التحرير فكل من: تشيلي، و فيتنام، و الجزائر.

ثورات جيفارا


و علي الرغم من العلاقه العميقه القويه بين جيفارا و كاسترو، فان اختلافا فو جهتى نظريهما حدث بعد فترة؛ فقد كان كاسترو منحازا بشده الي الاتحاد السوفيتي، و كان يهاجم باقى الدول الاشتراكية.

كما اصطدم جيفارا بالممارسات الوحشيه التي كان يقوم فيها قاده حكومه الثوره و قتها، و التي كانت علي عكس ما يري فالماركسيه من انسانية.. فقرر جيفارا مغادره كوبا متجها الي الكونغو الديمقراطيه (زائير)، و ارسل برساله الي كاسترو فاكتوبر 1965 تخلي بها نهائيا عن مسؤولياتة فالقياده و عن منصبة كوزير، و عن رتبتة كقائد، و عن و ضعة ككوبي، الا انه اعلن عن ان هنالك روابط طبيعه اخري لا ممكن القضاء عليها بالاوراق الرسمية، كما عبر عن حبة العميق لكاسترو و لكوبا، و حنينة لايام النضال المشترك.

وذهب “تشي” لافريقيا مساندا للثورات التحررية، قائدا ل 125 كوبيا، و لكن فشلت التجربه الافريقيه لاسباب عديدة، منها عدم تعاون رؤوس الثوره الافارقة، و اختلاف المناخ و اللغة، و انتهي الامر بجيفارا فاحد المستشفيات فبراغ للنقاهة، و زارة كاسترو بنفسة ليرجوة العودة.

بوليفيا و الثوره الاخيرة

بعد اقامه قصيره فكوبا اثر العوده من زائير اتجة جيفارا الي بوليفيا التي اختارها، قد لان فيها اعلي نسبه من السكان الهنود فالقارة.

لم يكن مشروع “تشي” خلق حركه مسلحه بوليفية، بل التحضير لرص صفوف الحركات التحرريه فامريكا اللاتينيه لمجابهه النزعه الامريكيه المستغله لثروات دول القارة.

وقد قام “تشي” بقياده مجموعه من المحاربين لتحقيق هذة الاهداف، و قام خلال تلك الفتره الواقعه بين 7 نوفمبر 1966 و 7 اكتوبر 1976 بكتابة يوميات المعركة.

وعن هذة اليوميات يروى فيدل كاسترو: “كانت كتابه اليوميات عاده عند تشى لازمتة منذ ايام ثوره كوبا التي كنا بها معا، كان يقف و سط الغابات و فو قت الراحه و يمسك بالقلم يسجل بة ما يري انه جدير بالتسجيل، هذة اليوميات لم تكتب بقصد النشر، و انما كتبت فاللحظات القليله النادره التي كان يستريح بها و سط كفاح بطولى يفوق طاقه البشر”.

اللحظات الاخيرة


فيوم 8 اكتوبر 1967 و فاحد و ديان بوليفيا الضيقه هاجمت قوات الجيش البوليفى المكونه من 1500 فرد مجموعه جيفارا المكونه من 16 فردا، و ربما ظل جيفارا و رفاقة يقاتلون 6 ساعات كامله و هو شيء نادر الحدوث فحرب العصابات فمنطقه صخريه و عرة، تجعل حتي الاتصال بينهم شبة مستحيل.

وقد استمر “تشي” فالقتال حتي بعد موت كل افراد المجموعه رغم اصابتة بجروح فساقة الي ان دمرت بندقيتة (M-2) و ضاع مخزن مسدسة و هو ما يفسر و قوعة فالاسر حيا.

نقل “تشي” الي قريه “لاهيجيراس”، و بقى حيا مدة 24 ساعة، و رفض ان يتبادل كلمه و احده مع من اسروه.

وفى مدرسه القريه نفذ ضابط الصف “ماريو تيران” تعليمات ضابطيه: “ميجيل ايوروا” و ”اندريس سيلنيش” باطلاق النار علي “تشي”.

دخل ما ريو علية مترددا فقال له جيفارا: “اطلق النار، لا تخف؛ انك ببساطه ستقتل مجرد رجل”، و لكنة تراجع، بعدها عاد مره اخري بعد ان كرر الضابطان الاوامر له فاخذ يطلق الرصاص من اعلي الي اسفل تحت الخصر حيث كانت الاوامر و اضحه بعدم توجية النيران الي القلب او الراس حتي تطول فتره احتضاره، الي ان قام رقيب ثمل باطلاق رصاصة من مسدسة فالجانب الايسر فانهي حياته.

وقد رفضت السلطات البوليفيه تسليم جثتة لاخية او حتي تعريف احد بمكانة او بمقبرتة حتي لا تكون مزارا للثوار من جميع انحاء العالم.


اغتيل جيفارا, هو ذاك الطبيب و الشاعر, هو الثائر و صائد الفراشات. و حتي بعد مرور و قت طويل علي مقتله, ما زالت بعض الاسئله من الصعب الاجابه عليها, فلم يحسم احد حتي اليوم امر الوشايه بجيفارا. و كذلك لا احد يعرف اين قبر جيفارا الحقيقى مع ان البعض زعم اكتشافه.

ففى عام 1998 و بعد مرور 30 عاما علي رحيلة انتشرت فالعالم كلة حمي جيفارا؛ حيث البحث الدءوب عن مقبرته، و طباعه صورة علي الملابس و الادوات و دراسه سيرتة و صدور الكتب عنه.

اصبح جيفارا رمز الثوره و اليسار فالعالم اجمع, فيراة اليساريون صفحه ناصعه فتاريخهم المليء بالانتصارات و الاخطاء، و اسطوره لا ممكن تكرارها علي مستوي العمل السياسى العسكري، و ذلك ما تؤيدة مقولتة الجميلة لكل مناضل و مؤمن بمبدا علي اختلاف اتجاهة “لا يستطيع المرء ان يصبح متاكدا من ان هناك شيئا يعيش من اجلة الا اذا كان مستعدا للموت فسبيله”.

مات الثورى و ما تت الاسطوره النادرة, ما ت هذا الجسد الذي لم ينهكة الربو, بل اغتالتة الديكتاتورية. لكن الروح لم تمت لتبقي خالدة, لتبقي رمز الثوره و النصر.

  • صور حزين جيافار


قصة تشي جيفارا