فتاوى النكاح لابن عثيمين

 

صورة-1

 



فضيله الشيخ : تعلمون حفظكم الله ان الزواج تلبيه ما مونه لحاجه غريزيه بين الرجل و المراه التي ان توفرت حصلت العفه ، و ان لم تتوفر حصلت الخيانة التي بها دمار الامه ، فما هى نصيحتكم لمن اراد الزواج ؟ و ما ذا يفعلان الزوج و الزوجه فليله الزواج ؟

نصيحتى لمن اراد الزواج ان يختار من النساء من اوصي النبى صلي الله علية و سلم بتزوجها حيث قال ( تزوجوا الودود الولود ) (36)وقال ( تنكح المراه لاربع لمالها ، و حسبها ، و جمالها ، و دينها ، فاظفر بذات الدين ) (37)وان تختار المراه من كان ذا خلق و دين ، لقول النبى صلي الله علية و سلم ( اذا اتاكم من ترضون دينة و خلقة فزوجوة ) (38)وان تتحري غايه التحرى و لا تتعجل بقبول الخطبه حتي تبحث عن حال الخاطب لئلا تندم علي تسرعها .

ومما ينبغى العنايه بة ليله الدخول علي المراه ان يدخل الزوج عليها مستبشرا متهللا لاجل ايناسها ، لانها فتلك الساعه سيصبح عندها رهبه ؛ و هيبه و خوف ، و ياخذ بناصيتها و يدعو بالدعاء المعروف ( اللهم انى اسالك خيرها و خير ما جبلتها علية ، و اعوذ بك من شرها و شر ما جبلتها علية ) (39)يقول هذا جهرا الا ان يخاف ان تتروع المراه و تشمئز ، فاذا خاف هذا فيكفى ان يضع يدة علي ناصيتها و يدعو بهذا الدعاء سرا

وعند اتيان الانسان اهلة يقول ما حث علية الرسول علية السلام ( لو ان احدكم اذا اتي اهلة قال: بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان و جنب الشيطان ما رزقتنا ، فانة ان يقدر بينهما و لد لم يضرة الشيطان ابدا ) (40) .

فهذا من سبب صلاح الاولاد و هو سهل و يسير ، ايضا مما ينبغى بل يتعين فهمة و معرفتة انه اذا حصل الجماع و جب الغسل علي الطرفين و ان لم يحصل انزال ، و بعض الناس يظن ان الغسل لا يجب الا بالانزال ، و ذلك ظن خاطيء ، فالغسل و اجب اذا جامع و ان لم ينزل ، لقول النبي(اذا جلس بين شعبها الاربع بعدها جهدها فقد و جب الغسل و ان لم ينزل ) (41) و علي ذلك فيجب الغسل باحد امرين اما بالانزال و اما بالجماع ، فالانزال اذا حصل سواء بتقبيل او ضم او نظر لشهوه او محادثه او اي اسباب و جب الغسل ، و اذا حصل جماع و جب الغسل و ان لم ينزل .

ومما تجدر الاشاره الية ان بعض الازواج هداهم الله لا يهتمون بصلاه الفجر صباح الزواج اما انهم يصلونها فاخر الوقت و ليس مع الجماعه ، و اما انهم لا يصلونها الا اذا طلعت الشمس ، و ذلك من العادات المنكره المنافيه لشكر نعمه الله تعالي ، لان شكر نعمه الله ان تقوم بطاعتة .

*وماذا تقولون حفظكم الله فالمقوله الشائعه التي يرددها بعض الناس ان الزوج اذا خرج لصلاه الفجر مع الجماعه فالمسجد فهذا يدل علي عدم رغبتة فزوجتة ، و لو رغب ما خرج من عندها طيله هذا اليوم ؟

اقول : انها مقوله فاسده ، بل اذا صلي الفجر فهذا دليل علي رغبتة بها ، و ان شكر نعمه الله عز و جل علي ما يسرة له من النكاح ، فالواجب ان يصلى الزوج صلاه الفجر مع الجماعه لا ان يدع صلاه الجماعه بدون عذر شرعى .

حفظكم الله : ما رايكم فقول بعض العلماء : ( يعذر بترك الجماعه من ينتظر زف المراه الية )

راينا : ان اقوال العلماء يصبح بها الخطا و يصبح بها الصواب ، و الواجب الرجوع الي الكتاب و السنه .

ثانيا : ان الذين قالوا ذلك من العلماء انما يتحدثون عن امر كانوا علية ، و هو ان الرجل هو الذي يستقبل الزوجه و ليست الزوجه هى التي تستقبل الرجل ، فيصبح الرجل فبيتة و تزف الية امراتة ، و ذلك يعذر بترك الجماعه ، لانة لو ذهب و صلي الجماعه لكان قلبة مشغولا ، و اذا كان النبى صلي الله علية و سلم قال ( لا صلاه بحضره اكل ) (42)وكان بن عمر رضي الله عنهما يسمع الامام يقرا و هو يتعشي لا يقوم للصلاه حتي يكمل ، فاذا كان الرجل يعذر بترك الجماعه فهذة الحال فالذى ينتظر زف الزوجه الية اشد شغلا و العذر و اضح ، لكن عاده الناس اليوم علي خلاف هذا عندنا فالزوج هو ياتى الي الزوجه فمكانها ، و الامر بيدة فلا يعذر بترك الجماعه .

فضيله الشيخ : اشتهر لدي كثير من الناس ان الرجل اذا دخل علي زوجتة يصلى امامها ركعتين ، و هى ايضا تصلى معة ، حتي ان بعضهم فور دخولة عليها يشرع بصلاتة حتي قبل الحديث معها .. فهل ذلك من السنه ؟

فى ذلك اثار عن بعض الصحابه رضي الله عنهم ان الرجل اذا دخل علي زوجتة اول ما يدخل يصلى فيها ركعتين ، اما عن النبى صلي الله علية و سلم فلم يصح فذلك شى ، و الذي يفعل هذا ارجو الا يصبح علية حرج و ان تركة فلا حرج .

تعلمون حفظكم الله ان النساء ناقصات عقل و دين ، و هنا تعرض مساله و هى ان المراه اذا اختارت رجلا غير صالح ، و كان الرجل الذي اختارة و الدها رجلا صالحا ، فهل يؤخذ برايها ام تجبر علي من ان اراد و الدها ؟

اما جبرها علي من اراد و الدها فانة لا يجوز حتي و ان كان صالحا ، لقول النبى ( لا تنكح البكر حتي تستاذن ، و لا تنكح الايم حتي تستامر ) و فلفظ المسلم : ( و البكر يستاذنها ابوها فنفسها ) (43) و اما تزويجها بمن لا يرضي دينة و لا خلقة فلا يجوز كذلك ، و علي و ليها ان يمنعها و ان يقول لا ازوجك من ذلك الرجل الذي تريدينة اذا كان غير صالح .

فان قال قائل : لو اصرت المراه علي ان لا تتزوج الا ذلك الرجل .

فالجواب : انا لا نزوجها بة و ليس علينا من اثمها شى ، نعم لو ان الانسان خاف مفسده و هو ان يحصل بينها و بين ذلك الخاطب فتنه تنافى العفه ، و ليس فالرجل شيء يمنع من تزويجها بة شرعا ، فهنا نزوجها بة درءا لهذة المفسده .

فضيله الشيخ : ما ذا تقولون فبعض الاباء الذين ياخذون المهر كاملا و لا يعطون البنت منة شيئا الا النزر اليسير ، مع العلم ان بعض المهور ربما تصل الي مبالغ خياليه فقد تصل الي ما ئه و خمسون الف ريال بعدها من ادرك ان ذلك المهر الذي اخذة قهرا و بدون رضا ابنتة ما ذا يفعل بعد مضى لمدة طويله علي الزواج .

فى ذلك السؤال امران مهمان :

الاول : هل يجوز لولي المراه ان يشترط لنفسة او لغيرة شيئا من المهر سواء كان الاب ام غيرة ؟

الجواب:لا يجوز هذا ، لان الصداق كلة للمراه لقولة تعالى(واتوا النساء صداقهن نحله ) (النساء : 4) و لحديث عمرو بن شعيب عن ابية عن جدة ان النبى صلي الله علية و سلم قال : ( ايما امراه نكحت علي صداق او حباء او عده قبل عصمه النكاح فهو لها ، و ما كان بعد عصمه النكاح فهو لمن اعطية ) (44) و لا فرق بين الاب و غيرة فذلك علي القول الراجح الا انها اذا قبضتة و تم ملكها له فللاب و حدة ان يتملك منة ما شاء ما لم يضرها . اما بقيه الاولياء فليس لهم حق التملك لكن ان اعطتهم الزوجه شيئا بسخاء و طيب نفس فهو لهم حلال .

الامر الثاني : ان بعض المهور ربما يصل الي مبالغ خياليه و ذلك خلاف السنه .ففى صحيح مسلم عن ابى هريره رضى الله عنة ان رجلا اتي النبى صلي الله علية و سلم فقال 🙁 انى تزوجت امراه من الانصار. فقال النبى صلي الله علية و سلم : ( علي كم تزوجتها ؟ ) قال : علي اربع اواق . فقال النبى صلي الله علية و سلم :(علي اربع اواق كانما تنحتون الفضه من عرض ذلك الجبل ) (45) و اربع الاواق ما ئه و ستون درهما اي اقل من نصاب الزكاه ، و المغالاه فالمهور اسباب لنزع البركه من النكاح ، فان اعظم النكاح بركه ايسرة مؤونه . و متي حصلت المغالاه اصاب الزوج هم و غم لكثره ما انفق خصوصا اذا كان مدينا بذلك ، فكلما و رد علي قلبة السرور بزوجتة بعدها تذكر ديونة التي علية انقلب سرورة حزنا و سعادتة شقاء .

ثم لو قدر الله تعالي ان لا يتلاءم مع زوجتة لم يسهل علية فراقها ، و بقيت معة فعناء و شقاء ، بقيت ملعقه لا زوجه و لا مطلقه . و اذا قدر ان تطلب منة الفسخ لم يسمح غالبا الا برد مهرة علية ، فاذا كان كثيرا صعب علي المراه و اهلها الحصول علية الا بمشقه شديده . لذا ننصح اخواننا المسلمين من المغالاه فالمهور و التفاخر فيها حتي يسهل الزواج للشباب ، و تقل سبب الفتن و الله المستعان .

فضيله الشيخ : من الامور التي نود من فضيلتكم التنبية اليها البطاقات التي يدعي فيها الناس لحضور و ليمه الزواج حيث يصل بعض اسعارها الي سبعه ريالات ، فهل من تحذير منها خصوصا مع و جود البديل النافع ككتابه الدعوه علي ظهر رساله علميه ، ايضا غلاف شريط ديني ، كذلك استخدام و رقه مصوره بالالوان مكتوبه بخط رائع بالكمبيوتر لا تكلف شيئا يذكر ، فهل من دعوه للحد من ذلك الاسراف ؟

انى احث اخوانى الي ترك ذلك الاسراف ، و اري ان بذل المال العديد لمجرد دعوه ربما يجيب المدعو فيها و ربما لا يجيب و ما لها الي رميها فالارض فاقول : ان ذلك من التبذير الواضح الذي نهي الله فقال ( و لا تبذر تبذيرا * ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين ) (الاسراء : 26- 27) . و اما فكره ان تكون الدعوه فبطاقه و يصبح فظهرها عبارات ما ثوره موجهه و نافعه فهذا طيب ، و ليت ذلك يفعل لكن تكون اوراقا عاديه . و الاقتراح الثاني كذلك ان يصبح بصحبه البطاقه اشرطه مفيده فهذا كذلك طيب و ربما و قع ذلك فبعض الدعوات راينا كثيرا من الدعوات التي تعطي الناس يصبح بها اشرطه ، و ذلك خير و نعين علية كذلك بقدر ما نستطيع ، فلو ان الناس فعلوا هذا لكانت هذة دعوه الي الوليمه و دعوه الي الشريعه فنجمع بين الحسنيين . و اما الثالث كون الدعوه اوراق مصوره فهذا كذلك طيب لا يكلف كثيرا و ينفع .

فضيله الشيخ : نسمع عن المبيت الواجب للزوجه فهل المقصود بة بالفراش ام بالغرفه ام بالمنزل ؟

هذا يختلف باختلاف العادات، لان الله تعالي قال:(عاشروهن بالمعروف)(النساء: 19) لكن قول الله تبارك و تعالى: (واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن فالمضاجع ) ( النساء : 34 ) يدل علي ان تمام العشره ان يصبح الرجل مع زوجتة ففراش و احد ، و كذا كان هدى النبى صلي الله علية و سلم لكن لا باس احيانا ان ينام علي سرير و حدة او ففراش و حدة ، و الا فالاصل ان يصبح الرجل مع زوجتة ففراش و احد .

هل عده الزوجه تثبت بالخلوه ام بالجماع ؟ و هل اذا طلقها يسترجع المهر ؟

اما الايه الكريمه ( يا ايها الذين امنوا اذا نكحتم المؤمنات بعدها طلقتموهن من قبل ان تمسوهن ) (الاحزاب :49 ) فهذا يعنى الجماع لكن الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم قالوا : ( ان الرجل اذا خلا بالمراه بعدها طلقها قبل ان يجامعها و جبت عليها العده . و الخلفاء الراشدون لهم سنه متبعه بامر النبى صلي الله علية و سلم ذلك اذا فارقها فالحياة بطلاق او غيرة ، اما ان ما ت عنها فان علية العده و الاحداد و ان كان قبل الدخول و الخلوه ، لعموم قولة تعالي : ( و الذين يتوفون منكم و يذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعه اشهر و عشرا ) ( البقره : 234) . و اما المهر فان طلقها قبل الدخول و الخلوه فلة ان يسترجع نصفة فقط ، و ان طلقها بعد الدخول او الخلوه لم يسترجع منة شى . و ان ما ت عنها فلها المهر كاملا ، و لا حق للورثه فية سواء كان موتة قبل الدخول و الخلوه ام بعدهما .

فى بعض حفلات الزواج تقوم بعض النساء بتوزيع بعض الاشرطه و الكتيبات التي تحمل فما دتها المواعظ فهل ذلك مشروع ؟

هذا ليس مشروعا فحد ذاتة لكنة محمود لغيرة ، لانة قد لا يحصل اجتماع النساء فغير هذة المناسبه ، فتفريق الاشرطه و الكتيبات عليهن فهذا الاجتماع حسن و من و سائل الدعوه الي الله عز و جل . لكن يجب ان تكون هذة الاشرطه و الكتيبات صادره عن علماء موثوقين فالعلم و الدين و المنهج .

فضيله الشيخ : ما راى فضيلتكم فالقاء بعض المواعظ فمناسبات الزفاف ؟

المواعظ فمثل هذة الحال لا اعلمة ما ثور عن النبى صلي الله علية و سلم لكن لو طلب من الانسان العالم الذي يصغى الناس الي جديدة و لا يستثقلونة فمثل ذلك الاجتماع فالتحدث اليهم حينئذ بالموعظه و الاحكام التي يحتاجونها حسن و لكن لا يطول عليهم .واذا راي هو منكرا بنفسة فانة يجب عية ان يقوم و يعظ الناس و يحذرهم من ذلك المنكر ، و ايضا اذا و جة الية سؤال عن مساله من المسائل فتكلم بها و استطرد فهذا حسن لا باس بة ان شاء الله .

فضيله الشيخ : ما راى فضيلتكم فيما تفعلة النساء من القيام بنشيد الزفاف ، و هل ذلك من العوره ؟

الصوت المجرد ليس بعوره ، و لكن من المعلوم انه اذا ارتفعت اصواتهن بهذة المناسبه و لا سيما ان كانت اصواتا رائعة لذيذه علي السمع و الناس فنشوه العرس ، فان ذلك يخشي فية من الفتنه العظيمه ، فكون الاصوات لا تظهر من بينهن اولي و ابعد عن الفتنه ، و اما ما يفعل بعض الناس اليوم بمكبرات الصوت علي شرفات المبني فيؤذى الناس بسماع الاصوات و يقلقهم فهذا منكر ينهي عنة . و الحاصل : ان قيام النساء بالنشيد المناسب فهذة الحال لا باس بة اذا لم يكن معة عزف محرم .

فضيله الشيخ : هل يجوز للنساء ان يرقصن فحفلات الزفاف لا سيما انهن امام النساء فقط ؟

الرقص مكروة ، و كنت فاول الامر اتساهل فية و لكن سئلت عده اسئله عن حوادث تقع فحال رقص المراه ، فرايت المنع منة ، لان بعض الفتيات تكون رشيقه و رائعة و رقصها يفتن النساء فيها حتي انه بلغنى ان بعض النساء اذا حصل كهذا تقوم تقبل المراه التي ترقص و قد تضمها الي صدرها ، و يحصل فهذا فتنه ظاهره .

فضيله الشيخ : ما رايكم فلبس دبله الخطوبة؟

دبله الخطوبه عباره عن خاتم ، و الخاتم فالاصل ليس فية شى الا ان يصحبة اعتقاد كما يفعلة بعض الناس ، يكتب اسمة فالخاتم الذي يعطية مخطوبتة ، و تكتب اسمها فالخاتم الذي تعطية اياة ، زعما منهما ان هذا يوجب الارتباط بين الزوجين ، ففى ذلك الحال تكون هذة الدبله محرمه ، لانها تعلق بما لا اصل له شرعا و لا حسا ، ايضا كذلك لا يجوز فهذا الخاتم ان يتولي الخاطب الباس مخطوبتة ، لانها لم تكن له زوجه بعد ، فهى اجنبيه عنة اذ لا تكون زوجه الا بالعقد .

فضيله الشيخ : نعلم ان كشف المراه لوجهها امام الاجانب لا يجوز ، لكن ما هو جوابكم حفظكم الله علي حديث العروسه التي قدمت لخطيبها مشروبا كاشفه عن و جهها بحضور النبى صلي الله علية و سلم مع العلم بان الحديث فصحيح مسلم ؟

هذا الحديث و امثالة مما ظاهرة ان نساء الصحابه رضي الله عنهن يكشفن و جوههن ينزل علي ما قبل الحجاب ، لان الايات الداله علي و جوب الحجاب للمراه كانت متاخره فالسنه السادسه من الهجره ، و كان النساء قبل هذا لا يجب عليهن ستر و جوههن و ايديهن ، فكل النصوص التي ظاهرها جواز الكشف عند الاجانب محموله علي ما قبل نزول الحجاب .

ولكن ربما ترد احاديث بها ما يدل علي انها بعد الحجاب ، فهذة هى التي تحتاج الي جواب ك: حديث المراه الخثعميه التي جاءت تسال النبى صلي الله علية و سلم و كان الفضل بن العباس رديفا له فحجه الوداع ، فجعل الفضل ينظر اليها و تنظر الية فجعل النبى صلي الله علية و سلم يصرف و جة الفضل الي الشق الاخر(46) ، فقد استدل بهذا من يري ان المراه يجوز لها كشف الوجة ، و ذلك الحديث بلا شك من الاحاديث المتشابهه التي بها احتمال الجواز و احتمال عدم الجواز . اما احتمال الجواز فظاهر ، و اما احتمال عدم الدلاله علي الجواز فاننا نقول : هذة المراه محرمه ، و المشروع فحق المحرمه ان يصبح و جهها مكشوفا ، و لا نعلم ان احد من الناس ينظر اليها سوي النبى صلي الله علية و سلم و الفضل بن العباس ، فاما النبى صلي الله علية و سلم فان الحافظ بن حجر رحمة الله ذكر ان النبى صلي الله علية و سلم يجوز له من النظر الي المراه او الخلوه فيها ما لا يجوز لغيرة . كما جاز له ان يتزوج المراه بدون مهر ، و بدون و لى ، و ان يتزوج اكثر من اربع ، و الله عز و جل ، ربما فسح له بعض الشى فهذة الامور ، لانة اكمل الناس عفه ، و لا ممكن ان يرد علي النبى صلي الله علية و سلم ما يرد علي غيرة من الناس من احتمال ما لا ينبغى ان يصبح فحق ذوى المروءه .

وعلي ذلك فان القاعده عند اهل العلم انه اذا و جد الاحتمال بطل الاستدلال ، فيصبح ذلك الحديث من المتشابة ، و الواجب علينا فالنصوص المتشابهه ان نردها الي النصوص المحكمه الداله دلاله و اضحه علي انه لا يجوز للمراه ان تكشف و جهها عند غير الزوج و المحارم ، و ان كشف المراه و جهها من سبب الفتنه و الشر ، و الامر كما تعلمون ظاهر الان فالبلاد التي رخص للنساء بها بكشف الوجوة ، فهل اقتصرت النساء اللاتى رخص لهن بكشف الوجوة علي الوجة ؟ الجواب لا ، بل كشفن الوجة و الراس و الرقبه و النحر و الذراع و الساق و الصدر احيانا ، و عجز هؤلاء ان يمنعوا نساءهم مما يعترفون بانة منكر و محرم ، و اذا فتح باب الشر للناس فثق انك اذا فتحت مصراعا فسوف يصبح ابوابا كثيره ، و اذا فتحت ادني شى فسيتسع حتي لا يستطيع الراقع ان يرقعة ، فالنصوص الشرعيه و المعقولات العقليه كلها تدل علي و جوب ستر المراه و جهها .

وانى لاعجب من قوم يقولون : انه يجب علي المراه ان تستر قدمها ، و يجوز ان تكشف كفيها ، فايهما اولي بالستر ؟ اليس الكفان لان رقه الكف و حسن اصابع المراه و اناملها فاليدين اشد جاذبيه من هذا فالرجلين .

واعجب كذلك من قوم يقولون : انه يجب علي المراه ان تستر قدميها ، و يجوز ان تكشف عن و جهها ، فايهما اولي بالستر؟هل من المعقول ان نقول:ان الشريعه الاسلاميه الكامله التي جاءت من لدن حكيم خبير توجب علي المراه ان تستر القدم ، و تبيح لها ان تكشف الوجة ؟

الجواب : ابدا ذلك خلاف الحكمه ، لان تعلق الرجال بالوجوة اكثر بعديد من تعلقهم بالاقدام ، ما اظن احدا يقول للخطيب الذي اوصاة ان يخطب له امراه : يا اخى ، ابحث عن قدميها اهى رائعة او غير رائعة ، و يترك الوجة فهذا مستحيل ، بل اول ما يوصية بة هو البحث عن الوجة ، كيف الشفتان ، كيف العينان؟وهكذا اما ان يبحث عن القدم و يدع الوجه، فهذا مستحيل، فاذن محل الفتنه هو الوجة .

وكلمه ( عوره ) لا تعنى انه كالفرج يستحى من اخراجة او من كشفة ، و انما المعني انه يجب ان يستر ، لانة يعور المراه بالفتنه بالتعلق فيها .

وانى لاعجب من قوم يقولون : انه لا يجوز للمراه ان تظهر ثلاث شعرات او اقل من شعر راسها ، بعدها يقولون : يجوز ان تظهر الحواجب الرقيقه الرائعة و الاهداب الظليله السوداء و لا ما نع من اظهارها ؟ بعدها ليت الامر يقتصر علي اخراج ذلك الجمال و هذة الزينه ، بل فالوقت الحاضر يجمل بشتي نوعيات الميك اب من احمر و غيرة .

انا اعتقد ان اي انسان يعرف مواضع الفتن و رغبات الرجال لا يمكنة اطلاقا ان يبيح كشف الوجة مع و جوب ستر القدمين ، و ينسب هذا الي شريعه هى اكمل الشرائع و احكمها .

ولهذا رايت لبعض المتاخرين القول بان علماء المسلمين اتفقوا علي و جوب ستر الوجة لعظم الفتنه ، كما ذكرة صاحب نيل الاوطار عن ابن رسلان قال : لان الناس الان عندهم ضعف ايمان ، و النساء عند كثير منهم عدم العفاف ، فكان الواجب ان يستر ذلك الوجة حتي لو قلنا باباحتة ، فان حال المسلمين اليوم تقتضى القول بوجوب سترة ، لان المباح اذا كان و سيله الي محرم صار محرما تحريم الوسائل .

وانى لاعجب كذلك من دعاه السفور باقلامهم و ما يدعون الية اليوم و كانة امر و اجب تركة الناس ، فكيف نسوغ لانفسنا ان ندعو الية و نحن نري عواقبة الوخيمه ؟

والانسان يجب علية ان يتقى الله قبل ان يتكلم بما يقتضية النظر ، و هذة من المسائل التي تفوت كثيرا من طلبه العلم ، يصبح عند الانسان علم نظرى ، و يحكم بما يقتضية ذلك العلم النظرى دون ان يراعى احوال الناس و نتائج القول .

وكان عمر رضي الله عنة احيانا يمنع شى اباحة الشارع جلبا للمصلحه ، و كان الطلاق فعهد النبى صلي الله علية و سلم و فعهد ابى بكر و سنتين من خلافه عمر طلاق الثلاث و احده ، اي ان الرجل اذا طلق زوجتة ثلاثا بكلمه و احده جعلوا هذا و احده ، او بعبارات متعاقبات علي ما اختار شيخ الاسلام ابن تميمه و هو الراجح ، فان ذلك الطلاق يعتبر و احده ، لكن لما كثر ذلك فالناس ، قال امير المؤمنين عمر : ان الناس ربما تعجلوا فامر كانت لهم فية اناه ، فلو امضيناة عليهم ، فامضاة عليهم ، و منعهم من مراجعه الزوجات لانهم تعجلوا ذلك الامر و تعجلة حرام .

اقول : حتي لو قلنا باباحه كشف الوجة ، فان الامانه العلميه و الرعايه المبنيه علي الامانه تقتضى الا نقول بجوازة فهذا العصر الذي كثرت فية الفتن ، و ان نمنعة من باب تحريم الوسائل ، مع ان الذي يتبين من الادله من كتاب الله و سنه رسولة صلي الله علية و سلم ان كشف الوجة محرم بالدليل الشرعى و الدليل النظرى ،وان تحريم كشفة اولي من تحريم كشف القدم او الساق او نحو هذا .

 

 


فتاوى النكاح لابن عثيمين