عتبة الباب

 

صورة-1

 



العتبة: دلالتها.. و دورها التاريخي

العتبه فاللغه هى اسكفه الباب، و الاسكفه هى خشبه الباب التي يوطا عليها، و علي و جة التفصيل قيل: او هى الخشبه العليا، و جميع مرقاة. و فالهندسة: العتبه هى جسم محمول علي دعامتين او اكثر. و ربما تشمل العتبه الباب العليا و السفلي من محل موطئ القدم.


بعدها ما لبث العرف ان منح هذة العتبه فاستعمالها لقصور الملوك و مداخل بيوتهم شيئا من الاحترام ازدادت اهميتة بمرور السنوات، و لم يزل البعض من قبائل العراق، الي الان، حين تريد ان تلوذ او تلجا الي زعيم او كبير من رجال القوم.. تعمد الي باب مضيفة او دارة فتشد نفسها الية و تقبل عتبته.


و يذهب التاريخ الي ان تقبيل العتبه ربما جري لاول مره علي (باب النوبي) ببغداد، و هو من ابواب دار الحكومه العباسيه منذ عام 447 ه/1055م. قال ياقوت الحموى فتعريف (الحريم) و ابوابة من دار الحكومه العباسية: بعدها باب البدرية، بعدها باب النوبى و عندة باب العتبه التي تقبلها الرسل و الملوك اذا قدموا بغداد. (1)


و ربما ذكر ان الملك الرحيم احدث امراء دوله الديلم ربما قبض علية طغرلبك السلجوقي، فخلصة منة القائم بامر الله العباسي، فلما و صل الي عتبه (باب النوبي) قبلها شكرا لله، فصار هذا سنه بعده. (2)


و بشان الاضرحه المقدسه للنبى و ائمه الهدي صلوات الله علية و عليهم و هم انوار الله، و رسل الخير، و صفوه الخلق طهاره و عفه و علما و تقي كانت ابوابهم و عتباتهم (ومنها عتبه المولي على بن موسي الرضا علية السلام) احق بمثل تلك المراسيم التي اعتبرت فيما بعد طقوسا مقدسة، فاقبل محبو اهل المنزل سلام الله عليهم و الموالون لهم علي تلك العتبات المشرفة، يولونها عنايه اكبر، و قدسيه اسمي تنبعث من اعماق قلوبهم و ايمانهم. بعدها توسعوا فعرفهم، فسموا الاضرحه كلها باسم العتبات، و اصبح اسم العتبه اكثر شمولا و اعم بمقتضي ما جري علية الاصطلاح و العرف.


بعدها اصبحت العتبات المقدسه من المقالات المهمه ذات العلاقه الصميميه بالاسلام و المسلمين، و بالثقافه العامه التي يعني فيها العلماء و الادباء و المفكرون و المؤرخون عنايه كبيرة، و هذا لما لكل عتبه من هذة العتبات و من بينها عتبه الامام الرضا صلوات الله علية من الاثر الكبير فحياة الاسلام و المسلمين، و تاريخ العرب و القوميات المسلمه الاخرى، و فالعلوم و المعارف و الاداب و الفنون.


فالعتبة.. منذ ان اصبحت (عتبة) فعرف المسلمين و اصطلاحهم، لم تزل مصدرا من مصادر التاريخ الاسلامى الواسع، اذ بفضلها و فضل مدارسها توسعت دائره الفقة الاسلامي، و بفضلها كثرت التفاسير للقران الكريم، و الشروح للاحاديث الشريفة، و توفرت النصوص الدينية، و تركزت الاسس القويمه لمعظم العلوم التي نشات فبيئات المسلمين.


و بفضل الحلقات العلميه و انشاء الحوزات الدينيه و فتح ابواب المدارسات و المباحثات داخل العتبات المقدسة.. كان احياء العلوم، و حفظ الاداب، و صيانه اللغة، و جمع اوراق التاريخ، و رصف الثقافه الاسلاميه طوال هذة القرون. حتي حوت تلك العتبات الشريفه و المشاهد المعظمه كنوزا من المخطوطات و الكتب العلميه المهمة، و صانتها عن يد الغزو المغولى و اعمال العنف التي كانت تجتاح البلدان الاسلاميه فالعصور المظلمة.


هذا.. فضلا عما كان ينصب حول هذة العتبات الكريمه من عصاره لمختلف الثمرات المعرفيه و الثقافات العلميه التي حملها المسلمون من كل اقطار الارض و هم يحجون مكه المكرمة، و يطوفون بالمدينه المنورة، و يزورون النجف الاشرف و كربلاء و الكاظميه و سامراء و مشهد الرضا علية السلام، بل و يقيم العديد منهم فهذة العتبات دارسا و باحثا، او مجاورا، ليقضى بقيه عمرة هناك.


و كان من نتائج الهجره لاجل مواصله المدارسه و البحث و التحقيق.. ان اخذت جميع عتبه من تلك العتبات المقدسه نصيبا، فترشحت عنها انهار من الاتيف و الدواوين و التراجم، و كان البناء و الريازه و الخط و فن النقش فتطور لافت و ازدهار كبير. هذا، بالاضافه الي ما انبعث من العتبات من قواعد للفلسفه الروحية، و العلوم الاخلاقية، و ما اختصت بة من اجواء عباديه تفضى الي طلب الكمال و تدعو الي السمو و الرفعه من اثناء تلاوه القران و الدعاء و الزياره و المناجاة.


ان العتبات المشرفه بتاريخها الشامخ، و ما حوتة من كنوز العلم و الفن و الادب، لم تكن جديره بالاستطلاع و اتخاذها مشهدا تاريخيا او موسوعه كبيره فحسب، و انما هى فمنتهي الضروره للعالم الاسلامى ان يتعرف علي ادوارها و اثارها فحياة الرساله و حياة الامة، فهى تعد من مفاخرها، و منة تاريخ العتبه الرضويه المقدسة.


فلابد اذن من ان ندخل اجنحتها بقلب منشرح، و عقل مستنير، و عين باصرة؛ لنري ما تنطوى علية من اصاله عميقه و سر عظيم يحوى الايمان و التقوي و العلم و العمل الصالح، و الولاء و المحبه لاهل المنزل النبوى الكريم.


عتبة الباب