رمزيات انت لي

 

صورة-1

 



كل ليله اقرا قصه قصيره لصغيرتى رغد قبل النوم . و هذة هى احدث ليله تباتها رغد فغرفتى بعد ثلاث سنوات من قدومها للبيت .


ثلاث سنوات من الرعايه و الدلال و المحبه اوليتها جميعا لصغيرتى ، كاى ام او اب !

انها الان فالسادسه و ربما الحقناها بالمدرسه ذلك العام و كانت فغايه السعاده !

فى جميع يوم عندما تعود تخبرنى بعشرات الحاجات التي شاهدتها او تعلمتها فالمدرسه . و فكل يوم بعد تناولها الغذاء اتولي انا تعليمها دروسها البسيطة


و ربما كانت تلميذه نجيبه !

بعد الانتهاء من الدروس تاخذ صغيرتى دفتر التلوين الخاص فيها و علبه الالوان ، و تجلس علي سريرها و تبدا بالتلوين بهدوء

تقريبا بهدوء !

” و ليد لون معى ! ”

لقد كنت شارذا و انا اتاملها و اتخيل اننى و منذ الغد لن اجد سريرها فتلك الزاويه و استمع الي ( هذيانها ) و تحدثها الي نفسها قبل النوم !

” و ليد لون معى ! ”

هذة المره انتبهت الي صوتها الحاد ، نظرت اليها و ابتسمت ! لقد كنت كثيرا ما الون معها فهذا الدفتر او غيرة ! و هى تحلق سعاده حينما تراقبنى و انا الون !

اطفال … فقط اطفال !

” حسنا ”

قلت هذا و هممت بالنهوض من علي سريرى و التوجة اليها ، و لكنها و بسرعه قفزت هى و دفترها و علبه الوانها و هبطت فوق سريرى فثانيتين !

بدات كالعاده تختار لى الصفحه التي تريد منى تلوينها و ربما كانت رسمه لفتاه صغيره تحمل حقيبه المدرسه !

” صغيرتى … لم لا تلونين هذة ؟ فهى تشبهك ! ”

قلت لها هذا ، فابتسمت و اخذت تقلب دفترها بحثا عن شيء ما ، بعدها قالت :

” لا يوجد و لد يشبهك ! سارسمك ! ”

و امسكت بالقلم و اخذت ( ترسمنى ) فاحدي الصفحات … و كم كانت الرسمه مضحكه ، و لاحظت انها رسمت خطا طويلا اسفل الانف !

” ما ذلك ؟؟ ”

” شارب ! ”

” ما ذا !؟ و لكن انا لا شارب لدى ! ”

” عندما تكبر كابى سيصبح لديك شارب طويل كذا لانك طويل ! ”

ضحكت كثيرا كما ضحكت هى الاخري !

ان طولى ربما ازداد بشكل ملحوظ فالاونه الاخيره ، و يبدو اننى ساصبح اطول من و الدى !

قمنا بعد هذا بتلوين الصورتين ( رغد الصغيره ، و و ليد ذى الشارب الطويل ) !

من كان منا يتوقع … ان هاتين الصورتين ستعيشان معنا … جميع هذا العمر …؟؟؟

عندما حل الظلام ، قمت بنقل سرير رغد و اشيائها الاخري الي غرفتها الحديثة . و كانت صغيره و مجاوره لغرفتى .

الصغيره كانت مسروره للغايه ، فقد اصبح لها غرفتها الخاصه كدانه و لم يعد بمقدور دانه ان ( تعيرها ) كما كانت تفعل دائما .

العلاقه بين هاتين الفتاتين كانت سيئه !

بالنسبه لى ، كنت حزينا بهذا الحدث … فانا ارغب فان تبقي الصغيره معى و تحت رعايتى اكثر من هذا … انها تعنى لى العديد …

انتهينا انا و امى من ترتيب الحاجات فالغرفه ، و رغد تساعدنا . قالت امى بعد هذا :

” و الان يا رغد … هاقد اصبح لديك غرفه خاصه ! اعتنى فيها جيدا ! ”

” حسنا ما ما ”

و جاء صوت دانه من مكان ما قائله :

” لكن غرفتى هى الاحلى . هذة صغيره و و حيده مثلك ”

جميعنا استدرنا نحو دانه ، و بعين الغضب . فهى لا تترك فرصه لمضايقه رغد الا و استغلتها .

” لكننى لست و حيده ، و لن اشعر بالخوف لان و ليد قريب منى ”

” لكن و ليد ليس امك و لا اباك و لا اخاك ! اذن انت و حيده ”

هذة المره و الدتى زجرت دانه بعنف و امرتها بالانصراف . لقد كانت لدى رغبه فصفع هذة الفتاه الخبيثه لكننى لم اشا ان ازيد الامر تعقيدا .


اننى ادرك ان الامور تزداد سوءا بين دانه و رغد ، و لا ادرى ان كان الوضع سيتغير حالما تكبران …

اعتقدت ان الامر ربما انتهي فو قتة ، الا انه لم ينتة …

بينما كنت غاطا فنومى ، سمعت صوتا ايقظنى من النوم بفزع …

عندما فتحت عينى رايت خيال شخص ما يقف الي جانبى … كان الظلام شديدا و كنت بين النوم و الصحوه … استيقظت فجاه و استطاعت طبله اذنى التقاط الصوت و تمييزة …

كانت رغد !

نهضت ، و انرت المصباح المجاور ، و من اثناء انارتة الخفيفه لمحت و مض دموع تسيل علي خد الصغيره …

مددت يدى و تحسست و جهها الصغير فبللتنى الدموع …

” رغد ! ما بك عزيزتى ؟ ”

قفزت رغد الي حضنى و اطلقت صرخات بكاء قويه و حزينه … اننى لم ار دموع غاليتى هذة منذ امد بعيد … فكيف لى برؤيتها بهذة الحال ؟؟

” رغد … اخبرينى ما ذا حدث ؟ هل رايت حلما مزعجا ؟؟ ”

اندفعت و هى تقول كلماتها هذة بشكل مبعثر و مضطرب … و بمراره و حزن عميقين :

” لماذا ليس لدى ام ؟


لماذا ما ت ابى ؟


هل الله لا يحبنى لذا لم يعطنى اما و لا ابا ؟


هل صحيح ان ذلك ليس بيتى ؟


اين بيتى اذن فانا اريد ان يكون لدى غرفه كبيره و رائعة كغرفه دانه ”

طوقت الصغيره بذراعى و جعلت امسح راسها و دموعها و اهدئ من حالتها

لم اكن اتخيل ان كهذة التساؤلات تدور فراس طفله صغيره فالسادسه من العمر …


بل انها لم تذكر لى شيئا كهذا من قبل رغم ثرثرتها التي لا تكاد تنتهى حين تبدا …

” صغيرتى رغد ! ما ذلك الكلام ! من قال لك هذا ؟ ”

” دانه دائما تقول ذلك … هى لا تحبنى … لا احد يحبنى ”

شعرت بالغيظ من اختى الشقيه ، فالغد سوف اوبخها بعنف . قلت محاولا تهدئه الصغيره المهمومه :

” رغد يا حلوتى … دعك من دانه فهى لا تعرف ما تقول ، سوف اوقفها عند حدها . ابى و امى هما ابوك و امك ”

قاطعتنى :

” غير صحيح ! لا ام و لا اب لدى و لا احد يحبنى ”

” ما ذا عنى انا و ليد ؟ الا احبك ؟ اعتبرينى امك و اباك و جميع شيء ”

توقفت رغد عن البكاء و نظرت الى قليلا بعدها قالت :

” و لكن ليس لديك شارب ! ”

ضحكت ! فافكار هذة الصغيره غايه فالبساطه و العفويه ! اما هى فقد ابتسمت و مسحت دموعها …

قلت :

” حين اكبر قليلا بعد فسيكون لدى شاربان طويلان كما رسمت ! ا نسيت !؟ ”

ابتسمت اكثر و قالت :

” و هل ستشترى لى بيتا كبيرا فية غرفه كبيره و رائعة تخصنى ؟ ”

ضحكت مجددا … و قلت :

” نعم طبعا ! و تصبحين انت سيده البيت ! ”

الصغيره ابتسمت برضا و عانقتنى بسرور :

” انا احبك كثيرا يا و ليد ! و حين اكبر ساخذك معى الي بيتى الجديد ! ”


~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

اللعب هو هوايه الاطفال المفضله علي الاطلاق ، و لاننى ( و ليد الكبير ) و لان دانه هى ( الطرف المعادى ) فان رغد لم تجد من تلعب معة فبيتنا ذلك غير سامر !

كثيرا ما كانا يقضيان الساعات الطوال باللهو معا ، قد كان ذلك متنفسا جيدا للصغيره .

عندما كانت رغد تسكن غرفتى ، كانت كلما بقيت فالغرفه لسبب او لاخر،اتت هى الاخري و عكفت علي دفتر تلوينها بسكون …

كنت استذكر دروسى و القى عليها نظره من حين لاخر … و كان هذا يسعدنى …

بعد ان استقلت فغرفتها ، لم اعد اراها معى …

كانت كثيرا ما تقضى الوقت الان مع سامر فاللعب !

فى احد الايام ، عدت من المدرسه ، و حين دخلت المنزل و جدت الصغيره تشاهد التلفاز …

” رغد ! لقد عدت ! ”

و فتحت ذراعى ، فهى معتاده ان تاتى لحضنى كلما عدت من المدرسه ، كانها تعبر عن شوقها و افتقادها لى …

ابتسمت الصغيره بعدها قفزت قاصده الحضور الى ، و فنفس اللحظه دخل شقيقى سامر الي نفس الغرفه و هو يقول :

” اصلحتة يا رغد ! هيا بنا ”

و بشكل فاجانى و لم اتوقعة ، استدارت الي سامر و ركضت نحوة ، و غادرا الغرفه سويا …

ذراعاى كانتا لا تزالان ملعقتين فالهواء … بانتظار الصغيره …

نظرت من حولى اتاكد من ان احدا لم ير ذلك … ربما يصبح موقفا عاديا لكننى شعرت بغيط و خيبه لحظتها … ما الذي يشغل رغد عنى ؟؟

لحقت بالاثنين ، فرايتهما يركبان دراجه سامر التي يبدو ان خللا كان ربما اصابها مؤخرا و اصلحة سامر قبل قليل …

كانت رغد فغايه السرور و هى تجلس علي مقعد خلفى ، و سامر ينطلق بدراجتة الهوائيه مسرعا …

ذهبت الي غرفتى و استلقيت علي سريرى و اخذت افكر …

مؤخرا ، ظهرت امور عده تشغل الصغيره … كالمدرسه و الواجبات المدرسيه و صديقاتها الجدد … و دفاتر تلوينها الكثيره … و اللعب مع سامر !

طردت الافكار التي استتفهتها فورا من راسى و انصرفت الي امور اخري …

انها السنه الاخيره لى فالمدرسه الاعداديه و و الدتى تعمدت ابعاد رغد عنى قدر الامكان لاتفرغ لدراستى .

رغد … رغد … رغد !

لماذا لا استطيع طردها الان من راسى ؟؟ انها طفله مزعجه لا تحب غير اللعب و العنايه فيها كانت مسؤوله كبيره و مضجره القيت علي عاتقى و ها انا حر اخيرا !

فى الواقع ، ظل التفكير بهذة الصغيره يشغلنى طوال هذا اليوم … لم استطع التركيز فالدراسه ، و قبيل غروب الشمس قررت القيام بجوله فالشارع علي الاقدام ، علنى اطرد رغد من دماغى …

الجو كان لطيفا و نسماتة عليله و ربما استمتعت بنزهتى الصغيره …

التقيت فطريقى بشخص ابغضة كثيرا ! انه عمار …

عمار ذلك هو الابن الوحيد لاحد الاثرياء ، و هو زميلى فالمدرسه ، و لد بغيض مستهتر سيئ الخلق ، معروف و مشهور بين الجميع بانحرافة و فسادة … و كان احدث شيء اتمني ان التقى بة و انا فمزاجى العكر ذلك اليوم !

” و ليد ؟ تتسكع فالشوارع عوضا عن الدراسه !؟ لسوف افضحك غدا فالمدرسه ”

قال لى ذلك و اطلق ضحكه قويه و بغيضه ، اوليتة ظهرى و ابتعدت متجاهلا اياه

قال :

” انتظر ! لم لا تات معى نلهو قليلا ؟ و اعدك بان تنجح رغم انف الجميع ! مثلى ”

استدرت الي عمار و قلت بغضب :

” حل عنى ايها البغيض ! لا يشرفنى التحدث الي شخص مثلك ! ايها المنحرف الفاسد ”

لا ادرى ما الذي دفعنى لقول هذا ، فانا لم اعتد توجية كهذا الكلام لاى كان …

و لكنى كنت مستاءا …

عمار شعر بغيظ ، و سدد نحوى لكمه قويه موجعه و تعاركنا !

منذ هذا اليوم ، و انا و هو فخصام مستمر ، هو لا يفتا يستفزنى كلما و جد الفرصه السانحه لذا ، و انا اتجاهلة حينا و اتعارك معة حينا احدث …


و الامر بيننا انتهي اسوا نهايه … كما سترون …

فى طريق عودتى للمنزل ، مررت باحدي المكتبات ، و و جدت نفسى ادخلها و افتش بين دفاتر تلوين الاطفال ، و اشترى مجموعه حديثة … من اجل رغد

اننى ساعترف ، باننى فشلت فازاحتها بعيدا عن تفكيرى هذا اليوم … لقد كانت المره الاولي التي تترك بها ذراعى ملعقين فالهواء … و تذهب بعيدا

حين و صلت الي المنزل ، كانت رغد فحديقه البيت ، مع سامر و دانه ، كانوا يراقبون العصفورين الحبيسين فالقفص ، و اللذين احضرهما و الدى قبل ايام …

كانت ضحكاتها تملا الاجواء …

كم هى جميلة هذة الطفله حين تضحك !

و كم هى مزعجه حين تبكى !

اعتقدت اننى لن اثير انتباهها فيما هى سعيده مع شقيقى و العصفورين … هممت بالدخول الي داخل البيت و سرت نحو الباب … و انا ممسك بالكيس الصغير الذي يحوى دفاتر التلوين …


” و ليد ” !


و صلنى صوتها الحاد فاستدرت للخلف ، فاذا فيها قادمه تركض نحوى فاتحه ذراعيها و مطلقه ضحكه كبيره …

فتحت ذراعى و استقبلتها فحضنى و حملتها بفرح و درت فيها حول نفسى بضع دورات …

” صغيرتى … جلبت لك شيئا تحبينة ! ”


نظرت الي الكيس بعدها انتزعتة من يدى ، و تفقدت ما بداخله

اطلقت هتاف الفرح و طوقت عنقى بقوه كادت تخنقنى !

بعدين قالت :


” لون معى ! ”


ابتسمت برضا بل بسعاده و قلت :


” امرك سيدتى ! ”


اعتقد … بل انا موقن جدا جدا … باننى اصبحت مهووسا بهذة الطفله بشكل لم اكن لاتصورة او اعمل له حسابا …

و ساجن … طبعا … فيما لو حدث لها مكروة … لا قدر الله ….

 

  • انت لي
  • رمزيات اخذت فكرة سيئة


رمزيات انت لي