دع الخلق للخالق

 

صورة-1

 



يقول احد الدعاه فمحاضره القاها: “من فضل الله تعالي ان الجنه بيد الرحمن الرحيم، و ليست بيد البشر؛ فلو كانت بيد بعضهم لما ادخل اليها الا نفسة و سبعه من جماعته، و اغلقها خلفهم”!

 

والمعني الذي يقصده: ان البشر يحكمون حسب اهوائهم، و لا ينصفون او يرحمون، فلا يتعاملون بالعدل و لا بالرحمة، الا لمن نال رضاهم، و متي غضب احدهم نزعت من قلبة الرحمة، و رفع العدل منه، فهو يجور فحكمه، و ينهال علي مغاضبة تجريحا و تقريعا، بل ربما يسومة سوء العذاب.

 

وصدق الشافعى – رحمة الله – اذ قال:

وعين الرضا عن جميع عيب كليله
ولكن عين السخط تبدى المساويا

 

فكم من المرات تغافلنا و تغاضينا عن اخطاء من نودهم و نحبهم و نحابيهم! و لكن ما ان نغضب او نسخط عليهم حتي نجلدهم بالسنتنا، و لا نرقب فيهم الا[1] و لا ذمة، و لو كانوا اقرب الناس الينا، بل و نتذكر لهم جميع صغيره و كبيرة، و لو مضت عليها سنين طوال لاجترينا الذكريات؛ لنذكرهم بمساوئهم الفائتة، و التي تجاهلناها فو قت رضانا.

 

اننا لا نجامل الا فساعه الرضا، و تغادرنا جميع تلك العبارات الطيبه و تتلاشي عند السخط، و تتحول السنتنا من الذود عمن كنا نحب رد غيبته، الي المبادره بغيبتة و ذمة و ذكرة بما يكره، و لربما نسبنا الية ما ليس فيه!

 

لماذا يحكم كثير من البشر علي غيرهم بحسب حالتهم المزاجيه و ظروفهم النفسية، فيظلمهم و يشطط فالحكم عليهم، بل و يانس بالحديث عن عيوبهم؟!

 

واول الظلم فالامر اننا نعطى لانفسنا الحق فالحكم علي الناس، دون ان يعطينا احد هذا الحق، فندع النظر فاحوالنا و الانشغال بما فانفسنا من عيوب، و ننشغل بتتبع عيوب و سوءات الاخرين.

 

اصبحت اعيننا تمارس دور الراصد المراقب المتفحص، فنضع الناس تحت المجهر، و نسلط اعيننا عليهم، و نضع لكل حركه او سكنه تفسيرا او معنى، فذلك منافق، و هذا مراء، و فلان يقصد كذا، و الاخر فعل هكذا لانة كذا… و العديد من التعليقات و الصفات نوزعها علي الناس تطوعا و اجتهادا، دون ان يطلب منا ذلك، نصبنا انفسنا منصب الرقيب العتيد، و الله تعالي لم يوكل الينا ذلك، بل و امرنا باصلاح انفسنا و ترك الانشغال بمراقبه الناس و نقدهم.

 

قال الحسن البصري: “من علامه اعراض الله تعالي عن العبد ان يجعل شغلة فيما لا يعنيه”.

 

فالواجب ان يشتغل المرء بما يعنيه، فيحفظ لسانة عن تصيد الاخطاء، و يدع الخلق للخالق.

 

قال – صلي الله علية و سلم -: ((يا معشر من امن بلسانه، و لم يدخل الايمان فقلبه، لا تغتابوا المسلمين، و لا تتبعوا عوراتهم؛ فانة من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، و من يتبع الله عورتة يفضحة فبيته))[2].

 

قال سفيان الثورى – رحمة الله -: “حرمت قيام الليل خمسه اشهر بذنب اذنبته”، رايت رجلا يبكي، فقلت فنفسي: “هذا مراء”.

 

وجد عقوبه ما قالة “فى نفسه” حرمانا من الطاعة، فما اكثر ما حرمناة باقوالنا و احكامنا الصادره علي الناس جزافا دون تورع عن ملاحقه عيوبهم و مساوئهم، و كاننا ربما كملت صفاتنا و انفسنا و تنزهنا عن العيوب.

 

والنفس النزيهه حقا هى تلك التي ترفعت عن ملاحقه الناس، و انشغلت بتهذيب ذاتها.

 

هى تلك التي تمكن منها الايمان، و استشعرت مراقبه الله لها، و انها مسؤوله يوما عما ستقول، فترفعت و تزكت عن فضول الكلام و عن الجور فالاحكام فالرضا و السخط، فلا تتكلم الا صدقا، و لا تقول الا حقا.

 

فتعدل؛ لان الله تعالي ﴿ يامر بالعدل ﴾ [النحل: 90].

وتعفو؛ لان الله تعالي يقول: ﴿ خذ العفو ﴾ [الاعراف: 199].

 

فتتناسي و تسامح، و تؤثر انتصارات الحق فالاخره علي انتصارات النفس فالدنيا.

 

تلك هى النفوس النزيهه الزكية، التي شعارها قول الله تعالى: ﴿ ربما افلح من تزكي ﴾ [الاعلى: 14].

 

صورة-2

 




دع الخلق للخالق