تفسير سورة البروج

 



 


القول فتاويل قولة تعالي جل ثناؤة و تقدست اسماؤة : ( و السماء ذات البروج ( 1 ) و اليوم الموعود ( 2 ) و شاهد و مشهود ( 3 ) قتل اصحاب الاخدود ( 4 ) النار ذات الوقود ( 5 ) ) .

قال ابو جعفر رحمة الله : قولة : ( و السماء ذات البروج ) اقسم الله جل ثناؤة بالسماء ذات البروج .

واختلف اهل التاويل فمعني البروج فهذا الموضع ، فقال بعضهم : عنى بذلك : و السماء ذات القصور . قالوا : و البروج : القصور .

ذكر من قال هذا :

حدثنى محمد بن سعد ، قال : ثنى ابى ، قال : ثنى عمى ، قال : ثنى ابى ، عن ابية ، عن ابن عباس ( و السماء ذات البروج ) قال ابن عباس : قصور فالسماء ، قال غيرة : بل هى الكواكب .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت ابا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فقولة : ( البروج ) يزعمون انها قصور فالسماء ، و يقال : هى الكواكب .

وقال اخرون : عنى بذلك : و السماء ذات النجوم ، و قالوا : نجومها : بروجها .

ذكر من قال هذا :

حدثنى محمد بن عمرو ، قال : ثنا ابو عاصم ، قال : ثنا عيسي ، و حدثنى الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا و رقاء جميعا ، عن ابن ابى نجيح ، عن مجاهد فقول الله : ( ذات البروج ) قال : البروج : النجوم . [ ص: 332 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن ابى نجيح ( و السماء ذات البروج ) قال : النجوم .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتاده ، قولة : ( و السماء ذات البروج ) و بروجها : نجومها .

وقال اخرون : بل معني هذا : و السماء ذات الرمل و الماء .

ذكر من قال هذا :

حدثنى الحسن بن قزعه ، قال : ثنا حصين بن نمير ، عن سفيان بن حسين ، فقولة : ( و السماء ذات البروج ) قال : ذات الرمل و الماء .

واولي الاقوال فذلك بالصواب ان يقال : معني هذا : و السماء ذات منازل الشمس و القمر ، و هذا ان البروج جمع برج ، و هى منازل تتخذ عاليه عن الارض مرتفعه ، و من هذا قول الله : ( و لو كنتم فبروج مشيده ) هى منازل مرتفعه عاليه فالسماء ، و هى اثنا عشر برجا ، فمسير القمر فكل برج منها يومان و ثلث ، فذلك ثمانيه و عشرون منزلا بعدها يستسر ليلتين ، و مسير الشمس فكل برج منها شهر .

وقولة : ( و اليوم الموعود ) يقول تعالي ذكرة : و اقسم باليوم الذي و عدتة عبادى لفصل القضاء بينهم ، و هذا يوم القيامه .

وبنحو الذي قلنا فذلك قال اهل التاويل ، و جاء الخبر عن رسول الله صلي الله علية و سلم .

ذكر من قال هذا :

حدثنا ابو كريب ، قال : ثنا ابن نمير و اسحاق الرازى ، عن موسي بن عبيده ، عن ايوب بن خالد ، عن عبدالله بن رافع ، عن ابى هريره ، قال : قال رسول الله صلي الله علية و سلم : ” اليوم الموعود : يوم القيامه ” .

قال : ثنا و كيع ، عن موسي بن عبيده ، عن ايوب بن خالد ، عن عبدالله بن رافع ، عن ابى هريره ، عن النبى صلي الله علية و سلم ، مثلة .

حدثنا يعقوب ، قال : ثنا ابن عليه ، قال : ثنا يونس ، قال : انبانى عمار ، قال : قال ابو هريره : “اليوم الموعود : يوم القيامة” . قال يونس ، و ايضا الحسن . [ ص: 333 ]

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتاده ( و اليوم الموعود ) يعنى : يوم القيامه .

حدثنا ابن عبدالاعلي ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتاده ، فقولة : ( و اليوم الموعود ) قال : القيامه .

حدثنى يونس ، قال : اخبرنا ابن و هب ، قال : قال ابن زيد : ( اليوم الموعود ) يوم القيامه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن يونس بن عبيد ، عن عمار بن ابى عمار ، مولي بنى هاشم ، عن ابى هريره ( و اليوم الموعود ) يوم القيامه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن موسي بن عبيده ، عن ايوب بن خالد ، عن عبدالله بن رافع ، عن ابى هريره ، عن النبى صلي الله علية و سلم : ” اليوم الموعود : يوم القيامه ” .

حدثنا محمد بن عوف ، قال : ثنا محمد بن اسماعيل بن عياش ، قال : ثنى ابى ، قال : ثنى ضمضم بن زرعه ، عن شريح بن عبيد ، عن ابى ما لك الاشعرى ، قال : قال رسول الله صلي الله علية و سلم : ” ( اليوم الموعود ) يوم القيامة” .

وقولة : ( و شاهد و مشهود ) اختلف اهل التاويل فمعني هذا ، فقال بعضهم : معني هذا : و اقسم بشاهد ، قالوا : و هو يوم الجمعه ، و مشهود قالوا : و هو يوم عرفه .

ذكر من قال هذا :

حدثنى يعقوب قال : اخبرنا ابن عليه ، قال : اخبرنا يونس ، قال : انبانى عمار ، قال : قال ابو هريره : الشاهد : يوم الجمعه ، و المشهود : يوم عرفة; قال يونس ، و ايضا قال الحسن .

حدثنا ابن المثني ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبه ، عن ابى اسحاق ، قال : سمعت حارثه بن مضرب ، يحدث عن على رضى الله عنة انه قال فهذة الايه ( و شاهد و مشهود ) قال : يوم الجمعه ، و يوم عرفه .

حدثنى محمد بن سعد ، قال : ثنى ابى ، قال : ثنى عمى ، قال : ثنى ابى ، عن ابية ، عن ابن عباس ( و شاهد و مشهود ) قال : الشاهد يوم الجمعه ، [ ص: 334 ] و المشهود : يوم عرفة; و يقال : الشاهد : الانسان ، و المشهود : يوم القيامه .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتاده ( و شاهد و مشهود ) : يومان عظيمان من ايام الدنيا ، كنا نحدث ان الشاهد يوم الجمعه ، و المشهود يوم عرفه .

حدثنا ابن عبدالاعلي ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتاده ( و شاهد و مشهود ) قال : الشاهد : يوم الجمعه ، و المشهود : يوم عرفه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابى اسحاق ، عن الحارث ، عن على رضى الله عنة : ( و شاهد و مشهود ) قال : الشاهد يوم الجمعه ، و المشهود : يوم عرفه .

حدثنى يونس ، قال : اخبرنا ابن و هب ، قال : قال ابن زيد ، فقولة : ( و شاهد ) يوم الجمعه ، ( و مشهود ) : يوم عرفه .

حدثنا ابو كريب ، قال ثنا و كيع ، عن موسي بن عبيده ، عن ايوب بن خالد ، عن عبدالله بن رافع ، عن ابى هريره ، قال : قال رسول الله صلي الله علية و سلم : ” و شاهد : يوم الجمعه ، و مشهود : يوم عرفه ” .

حدثنا ابو كريب ، قال : ثنا ابن نمير و اسحاق الرازى ، عن موسي بن عبيده ، عن ايوب بن خالد ، عن عبدالله بن رافع ، عن ابى هريره ، قال : قال رسول الله صلي الله علية و سلم : ” المشهود : يوم عرفه ، و الشاهد : يوم الجمعه ” .

حدثنا سهل بن موسي ، قال : ثنا ابن ابى فديك ، عن ابن حرمله ، عن سعيد انه قال : قال رسول الله صلي الله علية و سلم : “ان سيد الايام يوم الجمعه ، و هو الشاهد ، و المشهود : يوم عرفه ” .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن موسي بن عبيد ، عن ايوب بن خالد ، عن عبدالله بن رافع عن ابى هريره ، عن النبى صلي الله علية و سلم قال : ” المشهود : يوم عرفه ، و الشاهد : يوم الجمعه ، فية ساعه لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير الا استجاب له ، و لا يستعيذة من شر الا اعاذة ” .

حدثنى محمد بن عوف ، قال : ثنا محمد بن اسماعيل ، قال : ثنى ابى ، قال : ثنى ضمضم بن زرعه ، عن شريح بن عبيد ، عن ابى ما لك الاشعرى ، قال : قال [ ص: 335 ] رسول الله صلي الله علية و سلم : ” ان الشاهد يوم الجمعه ، و ان المشهود يوم عرفه ، فيوم الجمعه خيره الله لنا” .

حدثنى سعيد بن الربيع الرازى ، قال : ثنا سفيان ، عن عبدالرحمن بن حرمله ، عن سعيد بن المسيب ، قال : سيد الايام يوم الجمعه ، و هو شاهد .

وقال اخرون : الشاهد : محمد ، و المشهود : يوم القيامه .

ذكر من قال هذا :

حدثنا ابو كريب ، قال : ثنا و كيع ، عن شعبه ، عن على بن زيد ، عن يوسف المكى ، عن ابن عباس قال : الشاهد : محمد ، و المشهود : يوم القيامه ، بعدها قرا ( هذا يوم مجموع له الناس و هذا يوم مشهود ) .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيره ، عن شباك ، قال : سال رجل الحسن بن على ، عن ( و شاهد و مشهود ) قال : سالت احدا قبلي؟ قال : نعم ، سالت ابن عمر و ابن الزبير ، فقالا يوم الذبح و يوم الجمعة; قال : لا و لكن الشاهد : محمد ، بعدها قرا : ( فكيف اذا جئنا من جميع امه بشهيد و جئنا بك علي هؤلاء شهيدا ) و المشهود : يوم القيامه ، بعدها قرا : ( هذا يوم مجموع له الناس و هذا يوم مشهود ) .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن ابى الضحي ، عن الحسن بن على ، قال : الشاهد : محمد ، و المشهود : يوم القيامه .

حدثنى سعيد بن الربيع ، قال : ثنا سفيان ، عن عبدالرحمن بن حرمله ، عن سعيد بن المسيب : ( و مشهود ) : يوم القيامه .

وقال اخرون : الشاهد : الانسان ، و المشهود : يوم القيامه .

ذكر من قال هذا :

حدثنى محمد بن عبيد المحاربى ، قال : ثنا اسباط ، عن عبدالملك ، عن ابن ابى نجيح ، عن مجاهد ، فقولة : ( و شاهد و مشهود ) قال : الشاهد : ابن ادم ، و المشهود : يوم القيامه .

حدثنى محمد بن عمرو ، قال : ثنا ابو عاصم ، قال : ثنا عيسي ، عن ابن ابى نجيح ، عن مجاهد ، قولة : ( و شاهد و مشهود ) قال : الانسان ، و قولة : [ ص: 336 ] ( و مشهود ) قال : يوم القيامه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن ابى نجيح ، قال : الشاهد : الانسان ، و المشهود : يوم القيامه .

حدثنى يعقوب ، قال : ثنا ابن عليه ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمه ، فقولة : ( و شاهد و مشهود ) قال : شاهد : ابن ادم ، و مشهود : يوم القيامه .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت ابا معاذ يقول : اخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فقولة : ( و شاهد ) يعنى : الانسان ( و مشهود ) يوم القيامه ، قال الله : ( و هذا يوم مشهود ) .

وقال اخرون : الشاهد : محمد ، و المشهود : يوم الجمعه .

ذكر من قال هذا :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيي بن و اضح ، قال : ثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرمه ، فقولة : ( و شاهد و مشهود ) قال : الشاهد : محمد ، و المشهود : يوم الجمعه ، فذلك قولة : ( فكيف اذا جئنا من جميع امه بشهيد و جئنا بك علي هؤلاء شهيدا ) .

وقال اخرون : الشاهد : الله ، و المشهود : يوم القيامه .

ذكر من قال هذا :

حدثنى على ، قال : ثنا ابو صالح ، قال : ثنى معاويه ، عن على ، عن ابن عباس ، فقولة : ( و شاهد ) يقول : الله ( و مشهود ) يقول : يوم القيامه .

وقال اخرون : الشاهد : يوم الاضحي ، و المشهود : يوم الجمعه .

ذكر من قال هذا :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيره ، عن شباك ، قال : سال رجل الحسن بن على ، عن ( شاهد و مشهود ) قال : سالت احدا قبلي؟ قال : نعم ، سالت ابن عمر و ابن الزبير ، فقالا : يوم الذبح ، و يوم الجمعه .

وقال اخرون : الشاهد : يوم الاضحي ، و المشهود : يوم عرفه .

ذكر من قال هذا :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن ابى نجيح ، عن [ ص: 337 ] مجاهد ، عن ابن عباس : ( و شاهد و مشهود ) قال : الشاهد : يوم عرفه ، و المشهود : يوم القيامه .

وقال اخرون : المشهود : يوم الجمعه ، و رووا هذا عن رسول الله صلي الله علية و سلم .

ذكر الروايه بذلك :

حدثنا احمد بن عبدالرحمن ، قال : ثنى عمى عبدالله بن و هب ، قال : اخبرنى عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن ابى هلال ، عن زيد بن ايمن ، عن عباده بن نسى ، عن ابى الدرداء ، قال : قال رسول الله صلي الله علية و سلم : “اكثروا على الصلاه يوم الجمعه ، فانة يوم مشهود تشهدة الملائكة” .

والصواب من القول فذلك عندنا : ان يقال : ان الله اقسم بشاهد شهد ، و مشهود شهد ، و لم يخبرنا مع اقسامة بذلك اي شاهد و اي مشهود اراد ، و جميع الذي ذكرنا ان العلماء قالوا : هو المعنى مما يستحق ان يقال له : ( شاهد و مشهود ) .

وقولة : ( قتل اصحاب الاخدود ) يقول : لعن اصحاب الاخدود . و كان بعضهم يقول : معني قولة : ( قتل اصحاب الاخدود ) خبر من الله عن النار انها قتلتهم .

وقد اختلف اهل العلم فاصحاب الاخدود ; من هم؟ فقال بعضهم : قوم كانوا اهل كتاب من بقايا المجوس .

ذكر من قال هذا :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب القمى ، عن جعفر عن ابن ابزي ، قال : لما رجع المهاجرون من بعض غزواتهم ، بلغهم نعى عمر بن الخطاب رضى الله عنة ، فقال بعضهم لبعض : اي الاحكام تجرى فالمجوس ، و انهم ليسوا باهل كتاب ، و ليسوا من مشركى العرب ، فقال على بن ابى طالب رضى الله عنة : ربما كانوا اهل كتاب ، و ربما كانت الخمر احلت لهم ، فشربها ملك من ملوكهم حتي ثمل منها ، فتناول اختة فوقع عليها ، فلما ذهب عنة السكر قال لها : و يحك ، فما المخرج مما ابتليت به؟ فقالت : اخطب الناس ، فقل : يايها الناس ان الله ربما احل نكاح الاخوات ، فقام خطيبا ، فقال : يايها الناس ان الله ربما احل نكاح الاخوات ، فقال الناس : انا نبرا [ ص: 338 ] الي الله من ذلك القول ، ما اتانا بة نبى ، و لا و جدناة فكتاب الله ، فرجع اليها نادما ، فقال لها : و يحك ، ان الناس ربما ابوا على ان يقروا بذلك ، فقالت : ابسط عليهم السياط ، ففعل ، فبسط عليهم السياط ، فابوا ان يقروا ، فرجع اليها نادما ، فقال : انهم ابوا ان يقروا ، فقالت : اخطبهم ، فان ابوا فجرد فيهم السيف ، ففعل ، فابي علية الناس ، فقال لها : ربما ابي على الناس ، فقالت : خد لهم الاخدود ، بعدها اعرض عليها اهل مملكتك ، فمن اقر و الا فاقذفة فالنار ، ففعل ، بعدها عرض عليها اهل مملكتة ، فمن لم يقر منهم قذفة فالنار ، فانزل الله فيهم : ( قتل اصحاب الاخدود النار ذات الوقود ) الي ( ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد الذي له ملك السماوات و الارض و الله علي جميع شيء شهيد ان الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ) حرقوهم ( بعدها لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم و لهم عذاب الحريق ) فلم يزالوا منذ هذا يستحلون نكاح الاخوات و البنات و الامهات .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتاده ، قولة : ( قتل اصحاب الاخدود ) قال : حدثنا ان على بن ابى طالب رضى الله عنة كان يقول : هم ناس بمزارع اليمن ، اقتتل مؤمنوها و كفارها ، فظهر مؤمنوها علي كفارها ، بعدها اقتتلوا الثانيه ، فظهر مؤمنوها علي كفارها بعدها اخذ بعضهم علي بعض عهدا و مواثيق ان لا يغدر بعضهم ببعض ، فغدر بهم الكفار فاخذوهم اخذا ، بعدها ان رجلا من المؤمنين قال لهم : هل لكم الي خير ، توقدون نارا بعدها تعرضوننا عليها ، فمن تابعكم علي دينكم فذلك الذي تشتهون ، و من لا اقتحم النار ، فاسترحتم منة ، قال : فاججوا نارا و عرضوا عليها ، فجعلوا يقتحمونها صناديدهم ، بعدها بقيت منهم عجوز كانها نكصت ، فقال لها طفل فحجرها : يا اماة امضى و لا تنافقى . قص الله عليكم نباهم و حديثهم .

حدثنا ابن عبدالاعلي ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتاده ، فقولة : ( قتل اصحاب الاخدود ) قال : يعنى القاتلين الذين قتلوهم يوم قتلوا .

حدثنى محمد بن سعد ، قال : ثنى ابى ، قال : ثنى عمى ، قال : ثنى ابى ، عن ابية ، عن ابن عباس : ( قتل اصحاب الاخدود النار ذات الوقود ) قال : هم ناس من بنى اسرائيل خدوا اخدودا فالارض ، بعدها اوقدوا بها نارا ، بعدها اقاموا علي هذا الاخدود رجالا و نساء ، فعرضوا عليها ، و زعموا انه دانيال و اصحابة .

حدثنى محمد بن عمرو ، قال : ثنا ابو عاصم ، قال : ثنا عيسى; و حدثنى [ ص: 339 ] الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا و رقاء جميعا ، عن ابن ابى نجيح ، عن مجاهد ، قولة : ( قتل اصحاب الاخدود ) قال : كان شقوق فالارض بنجران كانوا يعذبون بها الناس .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت ابا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فقولة : ( قتل اصحاب الاخدود ) يزعمون ان اصحاب الاخدود من بنى اسرائيل ، اخذوا رجالا و نساء ، فخدوا لهم اخدودا ، بعدها اوقدوا بها النيران ، فاقاموا المؤمنين عليها ، فقالوا : تكفرون او نقذفكم فالنار .

حدثنى محمد بن معمر ، قال : ثنى حرمى بن عماره ، قال : ثنا حماد بن سلمه ، قال : ثنا ثابت البنانى ، عن عبدالرحمن بن ابى ليلي ، عن صهيب ، قال : قال رسول الله صلي الله علية و سلم : “كان فيمن كان قبلكم ملك ، و كان له ساحر ، فاتي الساحر الملك فقال : ربما كبرت سنى ، و دنا اجلى ، فادفع لى غلاما اعلمة السحر ” ، قال : ” فدفع الية غلاما يعلمة السحر ” ، قال : ” فكان الغلام يختلف الي الساحر ، و كان بين الساحر و بين الملك راهب ” ، قال : ” فكان الغلام اذا مر بالراهب قعد الية فسمع من كلامة ، فاعجب بكلامة ، فكان الغلام اذا اتي الساحر ضربة و قال : ما حبسك؟ و اذا اتي اهلة قعد عند الراهب يسمع كلامة ، فاذا رجع الي اهلة ضربوة و قالوا : ما حبسك؟ فشكا هذا الي الراهب فقال له الراهب : اذا قال لك الساحر : ما حبسك؟ قل حبسنى اهلى ، و اذا قال اهلك : ما حبسك؟ فقل حبسنى الساحر . فبينما هو ايضا اذ مر فطريق و اذا دابه عظيمه فالطريق ربما حبست الناس لا تدعهم يجوزون ، فقال الغلام : الان اعلم : امر الساحر ارضي عند الله ام امر الراهب؟ قال : فاخذ حجرا ” ، قال : فقال : ” اللهم ان كان امر الراهب احب اليك من امر الساحر ، فانى ارمى بحجرى ذلك فيقتلة و يمر الناس ، قال : فرماها فقتلها ، و جاز الناس; فبلغ هذا الراهب ” ، قال : و اتاة الغلام فقال الراهب للغلام : انك خير منى ، و ان ابتليت فلا تدلن على ” ; قال : ” و كان الغلام يبرئ الاكمة و الابرص و سائر الادواء ، و كان للملك جليس ، قال : فعمى ، قال : فقيل له : ان هاهنا غلاما يبرئ الاكمة و الابرص و سائر الادواء فلو اتيته؟ قال : ” فاتخذ له هدايا ” ; قال : ” بعدها اتاة فقال : يا غلام ، ان ابراتنى فهذة الهدايا كلها لك ، فقال : ما انا بطبيب يشفيك ، و لكن الله يشفى ، فاذا امنت دعوت الله ان يشفيك ” ، قال : ” فامن [ ص: 340 ] الاعمي ، فدعا الله فشفاة ، فقعد الاعمي الي الملك كما كان يقعد ، فقال له الملك : اليس كنت اعمى؟ قال : نعم ، قال : فمن شفاك؟ قال : ربى ، قال : و لك رب غيري؟ قال : نعم ربى و ربك الله ” ، قال : ” فاخدة بالعذاب فقال : لتدلنى علي من علمك ذلك ” ، قال : ” فدل علي الغلام ، فدعا الغلام فقال : ارجع عن دينك ” ، قال : ” فابي الغلام ” ; قال : فاخذة بالعذاب ” ، قال : ” فدل علي الراهب ، فاخذ الراهب فقال : ارجع عن دينك فابي ” ، قال : ” فوضع المنشار علي هامتة فشقة حتي بلغ الارض ” ، قال : ” و اخذ الاعمي فقال : لترجعن او لاقتلنك ” ، قال : ” فابي الاعمي ، فوضع المنشار علي هامتة فشقة حتي بلغ الارض ، بعدها قال للغلام : لترجعن او لاقتلنك ” ، قال : ” فابي ” ، قال : ” فقال : اذهبوا بة حتي تبلغوا بة ذروه الجبل ، فان رجع عن دينة ، و الا فدهدهوة ، فلما بلغوا بة ذروه الجبل فوقعوا فماتوا كلهم . و جاء الغلام يتلمس حتي دخل علي الملك ، فقال : اين اصحابك؟ قال : كفانيهم الله . قال : فاذهبوا بة فاحملوة فقرقور فتوسطوا بة البحر ، فان رجع عن دينة و الا فغرقوة ” قال : ” فذهبوا بة ، فلما توسطوا بة البحر قال الغلام : اللهم اكفنيهم ، فانكفات بهم السفينه . و جاء الغلام يتلمس حتي دخل علي الملك ، فقال الملك : اين اصحابك؟ قال : دعوت الله فكفانيهم ، قال : لاقتلنك ، قال : ما انت بقاتلى حتي تصنع ما امرك ” ، قال : ” فقال الغلام للملك : اجمع الناس فصعيد و احد ، بعدها اصلبنى ، بعدها خذ سهما من كنانتى فارمنى و قل : باسم رب الغلام فانك ستقتلنى ” ، قال : ” فجمع الناس فصعيد و احد ” ، قال : ” و صلبة و اخذ سهما من كنانتة فوضعة فكبد القوس بعدها رمي ، فقال : باسم رب الغلام ، فوقع السهم فصدغ الغلام ، فوضع يدة كذا علي صدغة و ما ت الغلام ، فقال الناس : امنا برب الغلام ، فقالوا للملك : ما صنعت ‍! الذي كنت تحذر ربما و قع ، ربما امن الناس ، فامر بافواة السكك فاخذت ، و خد الاخدود و ضرم فية النيران ، و اخذهم و قال : ان رجعوا و الا فالقوهم فالنار ” ، قال : ” فكانوا يلقونهم فالنار ” ، قال : ” فجاءت امراه معها صبى لها ” ، قال : ” فلما ذهبت تقتحم و جدت حر النار ، فنكصت ” ، قال : ” فقال [ ص: 341 ] لها صبيها يا اماة امضى فانك علي الحق ، فاقتحمت فالنار” .

وقال اخرون : بل الذين احرقتهم النار هم الكفار الذين فتنوا المؤمنين .

ذكر من قال هذا :

حدثت عن عمار ، عن عبدالله بن ابى جعفر ، عن ابية ، عن الربيع بن انس ، قال : كان اصحاب الاخدود قوما مؤمنين اعتزلوا الناس فالفتره ، و ان جبارا من عبده الاوثان ارسل اليهم ، فعرض عليهم الدخول فدينة ، فابوا ، فخد اخدودا ، و اوقد فية نارا ، بعدها خيرهم بين الدخول فدينة ، و بين القائهم فالنار ، فاختاروا القاءهم فالنار ، علي الرجوع عن دينهم ، فالقوا فالنار ، فنجي الله المؤمنين الذين القوا فالنار من الحريق ، بان قبض ارواحهم قبل ان تمسهم النار ، و خرجت النار الي من علي شفير الاخدود من الكفار فاحرقتهم ، فذلك قول الله : ( فلهم عذاب جهنم ) فالاخره ( و لهم عذاب الحريق ) فالدنيا .

واختلف فموضع جواب القسم بقولة : ( و السماء ذات البروج ) فقال بعضهم : جوابة : ( ان بطش ربك لشديد )

ذكر من قال هذا :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتاده ، قال : و قع القسم هاهنا ( ان بطش ربك لشديد ) . و قال بعض نحويى البصره : موضع قسمها – و الله اعلم – علي ( قتل اصحاب الاخدود ) ، اضمر اللام كما قال : ( و الشمس و ضحاها ربما افلح من زكاها ) يريد : ان شاء الله لقد افلح من زكاها ، فالقي اللام ، و ان شئت قلت علي التقديم ، كانة قال : قتل اصحاب الاخدود ، و السماء ذات البروج .

وقال بعض نحويى الكوفه : يقال فالتفسير : ان جواب القسم فقولة : ( قتل ) كما كان قسم ( و الشمس و ضحاها ) فقولة : ( ربما افلح ) ذلك فالتفسير ، قالوا : و لم نجد العرب تدع القسم بغير لام يستقبل فيها او “لا” او “ان” او “ما” ، فان يكن هذا ايضا ، فكانة مما ترك فية الجواب ، بعدها استؤنف موضع الجواب بالخبر ، كما قيل : ” يايها الانسان ” فعديد من الكلام .

واولي الاقوال فذلك عندى بالصواب قول من قال : جواب القسم فذلك متروك ، و الخبر مستانف; لان علامه جواب القسم لا تحذفها العرب من الكلام اذا اجابتة . [ ص: 342 ]

واولي التاويلين بقولة : ( قتل اصحاب الاخدود ) : لعن اصحاب الاخدود الذين ‌‌‌‌القوا المؤمنين و المؤمنات فالاخدود .

وانما قلت : هذا اولي التاويلين بالصواب; للذى ذكرنا عن الربيع من العله ، و هو ان الله اخبر ان لهم عذاب الحريق مع عذاب جهنم ، و لو لم يكونوا احرقوا فالدنيا ، لم يكن لقولة : ( و لهم عذاب الحريق ) معني مفهوم ، مع اخبارة ان لهم عذاب جهنم; لان عذاب جهنم هو عذاب الحريق مع سائر نوعيات عذابها فالاخره ، و الاخدود : الحفره تحفر فالارض .

وقولة : ( النار ذات الوقود ) فقولة ( النار ) : رد علي الاخدود ، و لذا خفضت ، و انما جاز ردها علية و هى غيرة ، لانها كانت فية ، فكانها اذ كانت فية هو ، فجري الكلام علية لمعرفه المخاطبين بة بمعناة ، و كانة قيل : قتل اصحاب النار ذات الوقود ، و يعنى بقولة : : ( ذات الوقود ) ذات الحطب الجزل ، و هذا اذا فتحت الواو ، فاما الوقود بضم الواو ، فهو الاتقاد .

  • سورة الانشقاق بالصور كاملة
  • سورة البروج مكتوبة


تفسير سورة البروج