تفسير ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لايعقلون

 

صورة-1

 



الحمد للة الذي جعل لبنى ادم السمع و البصر و الفؤاد و وعد من شكر علي هذة الملكات باعمالها فطاعتة بالحسني و زياده ،فى دار السعاده … و توعد من صرفها فمعصيتة بالعذاب، فدار الندامه و الملامه يوم الحساب ….


الحمد للة ، و الصلاه و السلام علي نبى الرحمه الذي فتح الله بة – باذنة – اعينا عميا ،واذانا صما ، و قلوبا غلفا.. محمد عبدة و رسولة ، و علي الة الاطهار ، و صحابتة الابرار ، و جميع من اهتدي بهدية الي يوم الوقوف بين يدى الواحد القهار ، العزيز الغفار …


اما بعد ؛ فللاجابه عن ذلك السؤال : ما هى صفات من قال فيهم الله عز و جل انهم شر الدواب عندة ؟ -وهم الذين ذكرهم جل و علا فايتين من سوره الانفال ، و هما :


– قولة تعالي : ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون … ( 22 )


– و قولة تعالي : ان شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون … ( 55 )

* اقول : من اثناء تفسير الايتين يتبين الجواب.. ان شاء الله ، فلنقرا ما كتب الامام السعدى جعلة الله من و رثه الفردوس…

1 * قال تعالي : ﴿ يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله و رسولة و لا تولوا عنة و انتم تسمعون * و لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا و هم لا يسمعون * ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * و لو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم و لو اسمعهم لتولوا و هم معرضون * يا ايها الذين امنوا استجيبوا للة و للرسول اذا دعاكم لما يحييكم و اعلموا ان الله يحول بين المرء و قلبة و انه الية تحشرون * و اتقوا فتنه لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصه و اعلموا ان الله شديد العقاب * ﴾… (الانفال : 20 – 25 )

*** قال الامام السعدى رحمة الله :

– قولة تعالي : ( يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله و رسولة و لا تولوا عنة و انتم تسمعون * و لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا و هم لا يسمعون ) …لما اخبر تعالي انه مع المؤمنين ، امرهم ان يقوموا بمقتضي الايمان الذي يدركون بة معيتة ، فقال : ” يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله و رسولة ” بامتثال امرهما و تجنب نهيهما . ” و لا تولوا عنة ” اي : عن ذلك الامر الذي هو طاعه الله ، و طاعه رسولة ، ” و انتم تسمعون ” ما يتلي عليكم من كتاب الله ، و اوامرة ، و وصاياة ، و نصائحة ، فتوليكم فهذة الحال من اقبح الاحوال . ” و لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا و هم لا يسمعون ” اي : لا تكتفوا بمجرد الدعوي الخاليه ، التي لا حقيقه لها ، فانها حاله لا يرضاها الله و لا رسولة . فليس الايمان بالتمنى و التحلى ، و لكنة ما و قر فالقلوب ، و صدقتة الاعمال .


– و قولة تعالي : (ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * و لو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم و لو اسمعهم لتولوا و هم معرضون) … يقول تعالي : ” ان شر الدواب عند الله ” من لم تفد فيهم الايات و النذر ، و هم ” الصم ” عن استماع الحق ” البكم ” عن النطق بة ، ” الذين لا يعقلون ” ما ينفعهم ، و يؤثرونة علي ما يضرهم . فهؤلاء شر عند الله ، من شرار الدواب ، لان الله اعطاهم اسماعا و ابصارا و افئده ، ليستعملوها فطاعه الله ، فاستعملوها فمعاصية و عدموا بذلك الخير العديد . فانهم كانوا بصدد ان يكونوا من خيار البريه ، فابوا ذلك الطريق ، و اختاروا لانفسهم ان يكونوا من شر البريه . و السمع الذي نفاة الله عنهم ، سمع المعني المؤثر فالقلب ، و اما سمع الحجه ، فقد قامت حجه الله تعالي عليهم ، بما سمعوة من اياتة ، و انما لم يسمعهم السماع النافع ، لانة لم يعلم فيهم خيرا يصلحون بة لسماع اياتة . ” و لو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم و لو اسمعهم ” علي الفرض و التقدير ” لتولوا ” عن الطاعه ” و هم معرضون ” لا التفات لهم الي الحق ، بوجة من الوجوة . و ذلك دليل علي ان الله تعالي لا يمنع الايمان و الخير ، الا عمن لا خير فية ، و الذي لا يزكو لدية ، و لا يثمر عندة . و له الحمد تعالي و الحكمه فهذا .


– و قولة تعالي 🙁 يا ايها الذين امنوا استجيبوا للة و للرسول اذا دعاكم لما يحييكم و اعلموا ان الله يحول بين المرء و قلبة و انه الية تحشرون ) … يامر تعالي عبادة المؤمنين بما يقتضية الايمان منهم و هو : الاستجابه للة و للرسول ، اي : الانقياد لما امرا بة و المبادره الي هذا ، و الدعوه الية ، و الاجتناب لما نهيا عنة ، و الانكفاف عنة ، و النهى عنة . و قولة ” اذا دعاكم لما يحييكم ” و صف ملازم ، لكل ما دعا الله و رسولة الية ، و بيان لفائدتة و حكمتة ، فان حياة القلب و الروح بعبوديه الله تعالي ، و لزوم طاعتة ، و طاعه رسولة ، علي الدوام . بعدها حذر عن عدم الاستجابه للة و للرسول فقال : ” و اعلموا ان الله يحول بين المرء و قلبة ” فاياكم ان تردوا امر الله ، اول ما ياتيكم ، فيحال بينكم و بينة اذا اردتموة بعد هذا ، و تختلف قلوبكم فان الله يحول بين المرء و قلبة ، يقلب القلوب حيث شاء ، و يصرفها انني شاء . فليكثر العبد من قول : « يا مقلب القلوب ثبت قلبى علي دينك ، يا مصرف القلوب ، اصرف قلبى الي طاعتك » . ” و انه الية تحشرون ” اي : تجمعون ليوم لا ريب فية ، فيجازي المحسن باحسانة ، و المسيء بعصيانة ….


– و قولة تعالي 🙁 و اتقوا فتنه لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصه و اعلموا ان الله شديد العقاب )…”واتقوا فتنه لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصه ” بل تصيب فاعل الظلم و غيرة ، و هذا اذا ظهر الظلم فلم يغير ، فان عقوبتة ، تعم الفاعل و غيرة . و تتقي هذة الفتنه ، بالنهى عن المنكر ، و قمع اهل الشر و الفساد ، و ان لا يمكنوا من المعاصى و الظلم مهما امكن ….” و اعلموا ان الله شديد العقاب ” لمن تعرض لمساخطة ، و جانب رضاة .

2 *قال تعالي : ﴿ ان شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون * الذين عاهدت منهم بعدها ينقضون عهدهم فكل مره و هم لا يتقون *فاما تثقفنهم فالحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون * و اما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم علي سواء ان الله لا يحب الخائنين ﴾ (الانفال : 55 – 58 )

٭ ٭ ٭ قال الامام السعدى رحمة الله

– قولة تعالى:” ان شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون * الذين عاهدت منهم بعدها ينقضون عهدهم فكل مره و هم لا يتقون *فاما تثقفنهم فالحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون ” ” ان ” هؤلاء الذين جمعوا هذة الخصال الثلاث الكفر ، و عدم الايمان ، و الخيانة بحيث لا يثبتون علي عهد عاهدوة ، و لا قول قالوة ، هم ” شر الدواب عند الله ” فهم شر من الحمير و الكلاب و غيرها ، لان الخير معدوم منهم ، و الشر متوقع فيهم . فاذهاب هؤلاء و محقهم ، هو المتعين ، لئلا يسرى داؤهم لغيرهم و لهذا قال : ” فاما تثقفنهم فالحرب ” اي : تجدنهم فحال المحاربه ، بحيث لا يصبح لهم عهد و ميثاق . ” فشرد بهم من خلفهم ” اي : نكل بهم غيرهم ، و اوقع بهم من العقوبه ما يصيرون بة عبره لمن بعدهم ” لعلهم ” اي : من خلفهم ” يذكرون ” صنيعهم ، لئلا يصيبهم ما اصابهم . و هذة من فائدة العقوبات و الحدود ، المرتبه علي المعاصى ، انها اسباب لازدجار من لم يعمل المعاصى ، بل و زجرا لمن عملها ، ان لا يعاودها . و دل تقييد هذة العقوبه فالحرب ، ان الكافر و لو كان كثير الخيانة سريع الغدر انه اذا اعطى عهدا ، لا يجوز خيانتة و عقوبتة .


– و قولة تعالي 🙁 و اما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم علي سواء ان الله لا يحب الخائنين )… اي : و اذا كان بينك و بين قوم ، عهد و ميثاق علي ترك القتال فخفت منهم خيانة بان ظهر من قرائن احوالهم ما يدل علي خيانتهم من غير تصريح منهم بالخيانة . ” فانبذ اليهم ” عهدهم ، اي : ارمة عليهم ، و اخبرهم انه لا عهد بينك و بينهم .” علي سواء ” اي : حتي يستوى علمك و علمهم بذلك ، و لا يحل لك ان تغدرهم ، او تسعي فشيء مما منعة ، موجب العهد ، حتي تخبرهم بذلك . ” ان الله لا يحب الخائنين ” بل يبغضهم اشد البغض ، فلا بد من امر بين ، يبرئكم من الخيانة . و دلت الايه علي انه اذا و جدت الخيانة المحققه منهم لم يحتج ان ينبذ اليهم عهدهم ، لانة لم يخف منهم ، بل علم هذا ، و لعدم الفوائد و لقولة : ” علي سواء ” ، و هنا ربما كان معلوما عند الجميع غدرهم . و دل مفهومها كذلك ، انه اذا لم يخف منهم خيانة ، بان لم يوجد منهم ما يدل علي هذا ، انه لا يجوز نبذ العهد اليهم ، بل يجب الوفاء الي ان تتم مدتة …

٭ (بعد قراءه الايات و تفسيرها ، جالت فخاطرى هذة الكلمات فكتبتها )… قلت: صفات شر الدواب عند الله ، بعد ذلك البيان ، ظاهره للعيان فمجتمعاتنا التي ابتعدت عن القران و عن هدى خير العباد- الا من رحم الله – نعم ، ظاهرة…لكونها فشت و انتشرت…غطت الارض بسرعه مدهشه … – نسال الله العافيه –


– انها صفات من المقت ان توجد ف” مسلم “…لكن …موجوده و يستحيل تجاهلها اذ لا يخلو مجتمع من صم بكم لا يعقلون و من كفره منضوين تحت رايه الالحاد و خونه ينكرون يوم الميعاد … و جميع غيور علي دينة ياسف لغرق بعض بنى طينتة فاوحال هذة الصفات الذميمه الموبقه ، او بعضها …

– صم = يمتنعون عن استماع الحق ، تراهم الي الباطل يميلون و الي اللغو يركنون … لا يلقون السمع اذا تلى القران ، و ينصتون بانتباة لا يفتر متى رنت مزامير الشيطان… تنكمش اذانهم و يكثر و قرها و يزداد تجمدا كلما ذكروا بايات الله ، و يطربون للهو الحديث ، و قصائد المجون ، و ما تفوح منة ريح البدع و الشرك و الخرافات …

– بكم = يابون النطق بالحق ، تجدهم يلوون السنتهم بالقيل و القال ، و هات يا غيبه ، و خذى يا نميمه ،واقتربى يا سخرية، و ابتسم يا تنابز… و اذا قيل لهم اذكروا الله تلعثموا ، و ثقلت شفاههم ، و جف ريقهم ، و تخشبت افاعيهم فافواههم …

– لايعقلون = يؤثرون ما يضرهم علي ما ينفعهم ، يشترون الضلاله بالهدي ، و ذلك عين السفة …تلفيهم يفكرون و يخمنون و يحللون و يخططون الساعات الطوال فيما لا طائل من و رائة ، يضنيهم فدنياهم و يرديهم فاخراهم ، و متي ذكرت الدين و الضرورى من علومة اصاب ” عقولهم ” الشلل … فكبر عنها اربعا…

– الكفر = يكفرون بالله و يبدلون نعمتة كفرا … تلقاهم يتخبطون فظلمات الغى ، لا يحسون بمعيشه الضنك التي هم بها لانهم عدموا الشعور ، و لا يمر بخواطرهم الملوثه ، و لو عابرا ، اي تساؤل حول المصير..يوم تبعثر القبور… و عظ الواعظين لايفيد.. و تذكير المذكرين اياهم بالوعيد لا تهتز الية سوى اكتافهم…حركه لو نطق فيها لسان احدهم لقال :” لا ابالي”…

– الخيانة = ينبذون العهود ، و ينقضون المواثيق ، شيمتهم الغدر …سجيتهم المكر…اتخذت الخيانة فصدورهم المتعفنه عشا لها … لا يصبحون كما يمسون و لا يظلون كما يبيتون …فاقوا المكعب بوجة …واكثر .

*** ما اكثر شر الدواب !!!! … يدبون علي ارض ذللها لهم ربها الذي دحاها ، تحت سماء هو بناها … و يعصونة بالسمع و البصر و الفؤاد سرا و علانيه … ليلا و نهارا … ما من جارحه من جوارحهم الا و فيما يغضب الله تجدهم يعملونها … اهواؤهم الهتهم … و فبطونهم همتهم…….( يتمتعون و ياكلون كما تاكل الانعام )… (محمد : 12 )…(ذرهم ياكلوا و يتمتعوا و يلههم الامل فسوف يعلمون) (الحجر : 3 )… رضوا بالمتاع القليل …عما قريب يسمعون : ( اذهبتم طيباتكم فحياتكم الدنيا و استمتعتم فيها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون فالارض بغير الحق و بما كنتم تفسقون ) (الاحقاف : 20 ) …


دفنوا الوفاء فقفار بوارهم … الي جنب اختة الامانه … كلما عاهدوا غدروا ، و متي اؤتمنوا خانوا …ولا غرابه ، انهم اكله السحت … مردوا علي النفاق … و اشربوا فقلوبهم الشقاق … الاغرب هو انك تجد من يطمئن اليهم … قبلات و عناق … بعدها … موائد تئن تحت ما لذ و طاب … طعام و شراب …علي نغمات سمفونيه تعزفها شرذمه من الهلكى


تفسير ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لايعقلون