تغير الناس

بالصور تغير الناس

 

صورة-1

 



 




5360 – عن ابن عمر – رضى الله عنهما – قال : قال رسول الله – صلي الله علية و سلم – : ” انما الناس كالإبل المائه ، لا تكاد تجد بها راحله ” . متفق علية .

أى : بتغير الزمان علي ما هو المتبادر الموافق لمضمون اكثر احاديث الباب ، او المراد بالتغير اختلاف حالاتهم و مراتبهم فمنازلاتهم الشامله لتغير ازمنتهم ، و علية ظاهر الحديث الأول من الفصل الأول ، فتأمل .

الفصل الأول

5360 – ( عن ابن عمر قال : قال رسول الله – صلي الله علية و سلم – : ” انما الناس ” ) اي : فاختلاف حالاتهم و تغير صفاتهم ( ” كالإبل المائه ” ) قال الطيبى – رحمة الله تعالي – جل جلالة : اللام فيهما للجنس ، قال التوربشتى – رحمة الله تعالي – : الروايه فية علي الثبت كإبل ما ئه بغير الف و لام فيهما ( ” لا تكاد ” ) اي : لا تقرب ايها المخاطب خطابا عاما ( ” تجد بها ” ) اي : فما ئه من الإبل ( ” راحله ” ) اي : ناقه شابه ، قويه ، مرتاضه ، تصلح للركوب ، فايضا لا تجد فما ئه من الناس من يصلح للصحبه ، و حمل الموده و ركوب المحبه ، فيعاون صاحبة و يلين له جانبة ، و ذلك زبده كلام الشارح الأول ، و من تابعة من شراح المصابيح . و قال الخطابى : معناة ان الناس فاحكام الدين سواء لا فضل بها لشريف علي مشروف ، و لا لرفيع منهم علي و ضيع ، كإبل المائه لا يصبح بها راحله ، قال الطيبى – رحمة الله – : علي القول الأول لا تجد بها راحله صفه الإبل ، و التشبية مركب تمثيلى ، و علي الثاني هو و جة الشبة ، و بيان لمناسبه الناس للإبل ، قلت : و لا يخفي ظهور المعني الأول ، فتدبر و تأمل ، و خلاصتة : ان المرضى المنتخب من الناس الصالح للصحبه سهل الانقياد عسر و جودة ، كالنجيبه الصالحه للركوب التي لا توجد فالإبل الكثيره القويه علي الأحمال و الأسفار ، فذكر المائه للتعديد لا للتحديد ، فإن و جود العالم العامل المخلص من قبيل الكيمياء ، او من باب تسميه العنقاء ، و لذلك قال بعض العرفاء :

أتمني علي الزمان محالا ان تري ملتقاى طلعه حر

وقال الآخر :

وإذا صفا لك من زمانك و احد     فهو المراد و أين ذاك الواحد

وكان يقول بعض ارباب الحال : ذلك زمان قحط الرجال ، و روى ان سهلا التسترى خرج من مسجد و رأي خلقا كثيرا فداخلة و خارجة ، فقال : اهل لا الة الا الله كثير ، و المخلصون منهم قليل ، و ربما نبة سبحانة علي ذلك المعني فايات منها قولة تعالي : و قليل من عبادى الشكور ، و منها : الا الذين امنوا و عملوا الصالحات و قليل ما هم ، و منها قولة تعالي فو صف السابقين المقربين : ثله من الأولين و قليل من الآخرين ( متفق علية ) ، و رواة الترمذى ، و ذلك لفظ البخارى ، نقلة ميرك عن التصحيح ، و فالجامع بلفظ : انما الناس كإبل ما ئه بالتنكير . رواة احمد ، و الشيخان ، و الترمذى ، و ابن ما جة .


– و عن ابى سعيد – رضى الله عنة – قال : قال رسول الله – صلي الله علية و سلم – : ” لتتبعن سنن من قبلكم ، شبرا بشبر ، و ذراعا بذراع ، حتي لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم ” ، قيل يا رسول الله ! اليهود و النصاري ؟ قال : ” فمن ؟ ” . متفق علية .

– ( و عن ابى سعيد قال : قال رسول الله – صلي الله علية و سلم – : ( لتتبعن ” ) بتشديد التاء الثانيه و ضم العين ، اي : لتوافقن بالتبعيه ( ” سنن من قبلكم ” ) بضم السين جمع سنه ، و هى لغه الكيفية ، حسنه كانت او سيئه ، و المراد هنا كيفية اهل الأهواء و البدع التي ابتدعوها من تلقاء انفسهم بعد انبيائهم ، من تغير دينهم و تحريف كتابهم ، كما اتي علي بنى اسرائيل حذو النعل بالنعل ، و فبعض النسخ بفتح السين ، ففى المقدمه اي : طريقهم ( ” شبرا بشبر ” ) : حال [ ص: 3361 ] كيدا بيد ، و هكذا قولة : ( ” ذراعا بذراع ” ) اي : ستفعلون كفعلهم سواء بسواء ، ( ” حتي لو دخلوا ” ) اي : من قبلكم من بنى اسرائيل ( ” جحر ضب ” ) و هو من اضيق نوعيات الجحر و أخبثها ( ” تبعتموهم ” ) و لعل الحكمه فذلك انه – صلي الله تعالي علية و سلم – لما بعث لإتمام مكارم الأخلاق فاخر الأمم فيقتضى ان يصبح اهل الكمال منهم موصوفين بجميع الخصال الحميده فالأديان المتقدمه ، و من لوازم هذا ان يصبح اهل النقصان منهم فكمال المرتبه القصوي منعوتين بجميع الاثناء الذميمه الكائنه فالأمم السابقه ، و نظيرة ان بعض المشايخ ذكر انه ارتاض بجميع ما سمع رياضات ارباب الولايات ، فأعطى له كل اصناف الكرامات و خوارق العادات ، و يناسبة ما ذكرة بعض المحققين من ان التوقف لا يوجد فحق الإنسان ، فإن لم يكن فالزياده فهو فالنقصان ، و أيضا نوع بنى ادم معجون مركب من الطبع الملكى الروحانى العلوانى ، و من الطبع الحيوانى النفسانى السفلانى ، فإن كان يميل الي العلو فيصير الي الرتبه الأولي من الملا الأعلي ، و إن كان يميل الي اسفل فيسير فطريقتة من مراتب البهائم ادني ، كما اشار الية سبحانة بقولة : اولئك كالأنعام بل هم اضل و هنا ينفتح باب القضاء ، و لا خلاص الي القضاء الا بقولة : لا يسأل عما يفعل ، فتأمل ، ( قيل يا رسول الله ! اليهود و النصاري ) بالنصب اي : اتعنى بمن نتبعهم ، او بمن قبلنا سنه اليهود و النصاري ؟ ( قال ) اي : النبى – صلي الله تعالي علية و سلم – ، ( ” فمن ” ) ؟ اي ان لم اردهم فمن ( ” سواهم ” ) ؟ و المعني : انهم الغالبون المشهورون من اهل الكتاب و غيرهم مندرسون ، فإذا اطلق من قبلكم ، فهم المراد ، و كان غيرهم غير موجودين فالاعتبار عند الإطلاق ، و قال شارح : ( فمن ) استفهام اي : فمن يصبح غيرهم يعنى المتبوعين لكم هم لا غيرهم ، و قال ابن الملك : روى ( اليهود ) بالجر اي : هل نتبع سنن اليهود ، و بالرفع علي انه خبر المبتدا علي تقدير حرف الاستفهام يعنى : قبلنا هم اليهود ، انتهي . و قيل : التقدير اي : المتبوعون هم اليهود و النصاري ام غيرهم ( متفق علية ) . و رواة الحاكم عن ابن عباس و لفظة : ” لتركبن سنن من قبلكم شبرا بشبر ، و ذراعا بذراع ، حتي لو ان احدهم دخل جحر ضب لدخلتم ، و حتي لو ان احدهم جامع امرأتة بالطريق لفعلتموة ” .

– و عن مرداس الأسلمى – رضى الله عنة – قال : قال رسول الله – صلي الله علية و سلم – : ” يذهب الصالحون ، الأول فالأول ، و تبقي حفاله كحفاله الشعير او التمر ، لا يباليهم الله باله ” رواة البخارى .

– ( و عن مرداس ) بكسر الميم ( الأسلمى ) : كان من اصحاب الشجره ، يعد فالكوفيين ، روي عنة قيس بن ابى حازم حديثا و احدا ليس له غيرة ، ( قال : قال النبى ) و فنسخه صحيحه : رسول الله ( – صلي الله تعالي علية و سلم – : ” يذهب ” ) اي : يموت ( ” الصالحون الأول فالأول ” ) بالرفع بدل من ” الصالحون ” ، و بالنصب حال اي و احدا بعد و احد ، او قرنا بعد قرن ، ( ” و تبقي حفاله ” ) بضم الحاء المهمله ، و فنسخه حثاله بالثاء المثلثه بدل الفاء ، و معناهما : الرديء من الشيء ، و التنكير فحفاله للتحقير ( ” كحفاله الشعير ” ) اي : نخالتة ( ” او التمر ” ) اي : دقلة ، قال الطيبى – رحمة الله – : الفاء للتعقيب ، و لا بد من التقدير ، اي : الأول منهم ، فالأول من الباقين منهم ، و كذا ينتهى الي الحفاله كالأفضل فالأفضل ، قال القاضى : الحفاله رذاله الشيء و هكذا الحثاله ، و الفاء و الثاء يتعاقبان كثيرا ، ( ” لا يباليهم الله ” ) اي : لا يرفع لهم قدرا ، و لا يقيم لهم و زنا ( ” باله ” ) اي : مبالاه ، فيصبح محذوف الميم و الألف لكونهما من الزوائد ، كما قيل فلبيك فإنة مأخوذ من الب بالمكان : اقام بة ، و أصاب باله باليه ، كعافاة الله عافيه ، فحذفوا الياء منها تخفيفا ، يقال : ما باليتة و ما باليت بة و منة ، اي : لم اكثرت بة ، و قيل : باله بمعني حاله ، اي : لا يبالى الله حاله من احوالة ، و منة البال بمعني الحال . ( رواة البخارى ) ، و هكذا الإمام احمد .


تغير الناس