بحث صلاح الدين الايوبى

الملك الناصر ابو المظفر صلاح الدين و الدنيا يوسف بن ايوب بن شاذى بن مروان بن يعقوب الدوينى التكريتي (532 – 589 ة / 1138 – 1193 م)، المشهور بلقب صلاح الدين الأيوبي قائد عسكرى اسس الدوله الأيوبيه التي و حدت مصر و الشام و الحجاز و تهامه و اليمن فظل الرايه العباسية، بعد ان قضي علي الخلافه الفاطميه التي استمرت 262 سنة.[1] قاد صلاح الدين عده حملات و معارك ضد الفرنجه و غيرهم من الصليبيين الأوروبيين فسبيل استعاده الأراضى المقدسه التي كان الصليبيون ربما استولوا عليها فاواخر القرن الحادى عشر، و ربما تمكن فنهايه المطاف من استعاده معظم اراضى فلسطين و لبنان بما بها مدينه القدس، بعد ان هزم جيش بيت =المقدس هزيمه منكره فمعركه حطين.

كان صلاح الدين مسلما متصوفا [2] اتبع المذهب السنى و الكيفية القادرية،[3] و بعض العلماء كالمقريزي، و بعض المؤرخين المتأخرين قالوا: انه كان اشعريا، و إنة كان يصحب علماء الصوفيه الأشاعره لأخذ الرأى و المشورة، و أظهر العقيده الأشعرية.[4] يشتهر صلاح الدين بتسامحة و معاملتة الإنسانيه لأعدائه، لذلك فهو من اكثر الأشخاص تقديرا و احتراما فالعالمين الشرقى الإسلامى و الأوروبى المسيحي، حيث كتب المؤرخون الصليبيون عن بسالتة فعدد من المواقف، ابرزها عند حصارة لقلعه الكرك فمؤاب، و كنتيجه لهذا حظى صلاح الدين باحترام خصومة لا سيما ملك انكلترا ريتشارد الأول “قلب الأسد”، و بدلا من ان يتحول لشخص مكروة فاوروبا الغربية، استحال رمزا من رموز الفروسيه و الشجاعة، و ورد ذكرة فعدد من القصص و الأشعار الإنگليزيه و الفرنسيه العائده لتلك الحقبة.

نسبة و نشأته

رسم لساحه مدينه دوين (بالأرمنية: Դվին)، البلد الأم لبنى ايوب، فارمينيا اثناء القرون الوسطى.

ولد صلاح الدين فتكريت فالعراق عام 532 ه/1138م فليله مغادره و الدة نجم الدين ايوب قلعه تكريت حينما كان و اليا عليها، و يرجع نسب الأيوبيين الي ايوب بن شاذى بن مروان من اهل مدينه دوين فارمينيا،[5] و ربما اختلف المؤرخون فنسب العائله الأيوبيه حيث اورد ابن الأثير فتاريخة ان ايوب بن شاذى بن مروان يرجع الي الأكراد الرواديه و هم فخذ من الهذبانية،[5] و يذكر احمد بن خلكان ما نصه: «قال لى رجل فقية عارف بما يقول، و هو من اهل دوين، ان علي باب دوين قريه يقال لها “أجدانقان” و كل اهلها اكراد روادية، و كان شاذى ربما اخذ و لدية اسد الدين شيركوة و نجم الدين ايوب و خرج بهما الي بغداد و من هنالك نزلوا تكريت، و ما ت شاذى فيها و علي قبرة قبه داخل البلد»،[6] بينما يرفض بعض ملوك الأيوبيين ذلك النسب و قالوا: «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد و تزوجنا منهم”.»[7] الأيوبيون نفسهم اختلفوا فنسبهم فالملك المعز اسماعيل الأيوبى صاحب اليمن ارجع نسب بنى ايوب الي بنى اميه و حين بلغ هذا الملك العادل سيف الدين ابى بكر بن ايوب قال: “كذب اسماعيل ما نحن من بنى اميه اصلا”،[7] اما الأيوبيون ملوك دمشق فقد اثبتوا نسبهم الي بنى مره بن عوف من بطون غطفان و ربما احضر ذلك النسب علي المعظم عيسي بن احمد صاحب دمشق و أسمعة ابنة الملك الناصر صلاح الدين داود.[7]

وقد شرح الحسن بن داود الأيوبى فكتابة “الفائدة الجليه فالفرائد الناصرية”[8] ما قيل عن نسب اجدادة و قطع انهم ليسوا اكرادا، بل نزلوا عندهم فنسبوا اليهم. و قال: “ولم ار احدا ممن ادركتة من مشايخ بيتنا يعترف بهذا النسب”.

كما ان الحسن بن داود ربما رجح فكتابة صحه شجره النسب التي و ضعها الحسن بن غريب، و التي بها نسبه العائله الي ايوب بن شاذى بن مروان بن ابى على محمد بن عنتره بن الحسن بن على بن احمد بن ابى على بن عبدالعزيز بن هدبه بن الحصين بن الحارث بن سنان بن عمرو بن مره بن عوف بن اسامه بن بيهس بن الحارث بن عوف بن ابى حارثه بن مره بن نشبه بن غيظ بن مره بن عوف بن لؤى بن غالب بن فهر بن ما لك بن قريش .

وكان نجم الدين و الد صلاح الدين ربما انتقل الي بعلبك حيث اصبح و اليا عليها لمدة سبع سنوات و انتقل الي دمشق، و قضي صلاح الدين طفولتة فدمشق حيث امضي فتره شبابة فبلاط الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى امير دمشق.[9] ان المصادر حول حياة صلاح الدين اثناء هذة الفتره قليله و مبعثرة، لكن من المعروف انه عشق دمشق عشقا شديدا، و تلقي علومة فيها، و برع فدراساته، حتي قال عنة بعض معاصرية انه كان عالما بالهندسه الإقليديه و الرياضيات المجسطيه و علوم الحساب و الشريعه الإسلامية،[10] و تنص بعض المصادر ان صلاح الدين كان اكثر شغفا بالعلوم الدينيه و الفقة الإسلامى من العلوم العسكريه اثناء ايام دراسته.[11] و بالإضافه الي ذلك، كان صلاح الدين ملما بعلم الأنساب و السير الذاتيه و تاريخ العرب و الشعر، فحفظ ديوان الحماسه لأبى تمام عن ظهر قلب، كذلك احب الخيول العربيه المطهمة، و عرف انقي سلالاتها دما.[10]

بدايته

كانت الدوله العباسيه ربما تجزأت الي عده دويلات بحلول الوقت الذي ظهر فية صلاح الدين، فاواسط القرن الثاني عشر، فكان الفاطميون يحكمون مصر و يدعون لخلفائهم علي منابر المساجد و لا يعترفون بخلافه بغداد، و كان الصليبيون يحتلون الشاطئ الشرقى للبحر المتوسط من اسيا الصغري الي شبة جزيره سيناء، و الأتابكه يسيطرون علي شمال العراق و سوريا الداخلية.[12]

بالصور بحث صلاح الدين الايوبى

 

صورة-2

 



خط سير جيش الشام من دمشق الي مصر و معاركة مع الفاطميين و الصليبيين.

لمع نجم صلاح الدين فسماء المعارك و القياده العسكريه عندما اقبل الوزير الفاطمى شاور بن مجير السعدى الي الشام فارا من مصر، و هربا من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار المنذرى اللخمى الملقب فارس المسلمين لما استولي علي الدوله المصريه و قهرة و أخذ مكانة فالوزاره و قتل و لدة الأكبر طيء بن شاور، مستغيثا بالملك نور الدين زنكى فدمشق و هذا فشهر رمضان سنه 558 ة و دخل دمشق ف23 من ذى القعده من السنه نفسها، فوجة نور الدين معة اسد الدين شيركوة بن شاذى فجماعه من عسكرة كان صلاح الدين، ابن السته و العشرين ربيعا،[13] فجملتهم فخدمه عمة و خدمه جيش الشام و هو كارة للسفر معهم،[6] و كان لنور الدين فارسال ذلك الجيش هدفان؛ قضاء حق شاور لكونة قصده، و أنة اراد استعلام احوال مصر فإنة كان يبلغة انها ضعيفه من جهه الجند و أحوالها فغايه الاختلال فقصد الكشف عن حقيقه ذلك.[6] و كان نور الدين كثير الاعتماد علي شيركوة لشجاعتة و معرفتة و أمانتة فانتدبة لذلك، و جعل اسد الدين شيركوة ابن اخية صلاح الدين مقدم عسكرة و شاور معهم فخرجوا من دمشق علي رأس الجيش فجمادي الأولي سنه 559 ة و دخلوا مصر و سيطروا عليها و استولوا علي الأمر فرجب من السنه نفسها،[6][14] و من المعروف ان صلاح الدين لم يلعب دورا كبيرا اثناء هذة الحمله الأولى، بل اقتصر دورة علي مهمات ثانوية.[15]

ولما و صل اسد الدين و شاور الي الديار المصريه و استولوا عليها و قتلوا الوزير ضرغام و حصل لشاور مقصودة و عاد الي منصبة و تمهدت قواعدة و استمرت اموره، غدر بأسد الدين شيركوة و استنجد بالفرنجه علية فحاصروة فبلبيس ثلاثه اشهر،[16] و كان اسد الدين ربما شاهد البلاد و عرف احوالها، و لكن تحت ضغط من هجمات مملكه القدس الصليبيه و الحملات المتتاليه علي مصر بالإضافه الي قله عدد الجنود الشاميه اجبر علي الانسحاب من البلاد.[17] و بلغ الي علم نور الدين فدمشق و ايضا اسد الدين مكاتبه الوزير شاور للفرنجه و ما تقرر بينهم فخافا علي مصر ان يملكوها و يملكوا بطريقها كل البلاد هنالك فتجهز اسد الدين فقياده الجيش و خرج من دمشق و أنفذ معة نور الدين العساكر و صلاح الدين فخدمه عمة اسد الدين، و كان و صول اسد الدين الي البلاد مقارنا لوصول الفرنجه اليها، فاتفقوا مع الفاطميين عليه، فاشتبكوا فاول معركه كبيره فصحراء الجيزة، و فتلك المعركه لعب صلاح الدين دورا كبيرا، حيث كان جيش المصريين و الفرنجه يفوق جيش الشام عددا، فرأي شيركوة ان يجعل صلاح الدين علي القلب لاعتقادة بأن الفرنجه سيحملون علي القلب ظنا منهم ان شيركوة سيصبح فالقلب، و تولي شيركوة قياده الميمنه مع شجعان من جيشه، و سلمت قياده الميسره الي جمع من القاده الكرد. عند بدايه المعركة، حمل الصليبيون علي القلب، الذين تقهقروا بانتظام امام ذلك الهجوم، ليطوقهم بعد هذا شيركوة و جنودة فصوره من صور تكتيك الكماشة.[18] يري بعض المؤرخين الغربيين ان و عوره الأرض و كثافه الرمال و ثقل الجياد الأوروبيه و الجنود الفرنجه المدرعين، اسهمت فجعلت الآيه تنقلب عليهم، فهزمهم جيش الشام، و استطاع صلاح الدين اسر احد قاده الجيش الصليبى عندما هاجم جناحه، و هو صاحب قيسارية.[19]

بالصور بحث صلاح الدين الايوبى

 

صورة-3

 



معركه الإسكندرية.

بعد ذلك الانتصار، توجة اسد الدين الي مدينه الإسكندريه المعروفه بكرهها لشاور، و فتحت له ابوابها.[18][20] سرعان ما اعاد عمورى الأول ملك بيت =المقدس، و شاور ترتيب الجيش، و علي الرغم من الخسائر الكبيره التي لحقت بهما فكان لا يزال جيشهما اكثر عددا من جيش اسد الدين،[20] و ضربوا حصارا قاسيا علي الإسكندرية. بدأت ملامح المجاعه تلوح فالأفق فقرر اسد الدين التسلل مع حاميه الي خارج الإسكندريه و استخلف صلاح الدين عليها،[21] متوجها الي مصر العليا املا بأن تلحق بة جيوش عمورى الا ان شاور اشار بأهميه الإسكندرية،[22] ليستمر الحصار عليها. تري المصادر الصليبيه ان اسد الدين تسلل من الإسكندريه لما ساءت الأمور فيها، و أنة ارسل فالتفاوض علي ان يظهر كلا الجيشين من مصر، و علي الا يعاقب اهالى الإسكندريه للدعم الذي قدموه.[22][23] كان من اهم سبب موافقه عمورى علي هذة الصفقه اغاره نور الدين زنكى علي اماره طرابلس، مما ادي الي خوف عمورى الأول علي اراضية فالشام.[24] فحين تري المصادر العربيه ان اسد الدين افترق عن صلاح الدين مباشره بعد الدخول الي الإسكندرية، و راح يغير علي صعيد مصر. حين اشتد الحصار علي الإسكندريه تحرك نحوها، فلقفة الصليبيون فالصلح و وافق علي هذا علي ان يظهر جيشا الفرنجه و الشام من مصر.[18][25] ليخرج جيش الشام من مصر ف29 شوال سنه 562 ه، الموافق فية 18 اغسطس سنه 1167م.[22]

عاد اسد الدين من دمشق الي مصر مره ثالثة، و كان اسباب هذا ان الإفرنج جمعوا فارسهم و راجلهم و خرجوا يريدون مصر نظرا لتخلف شاور عن دفع الإتاوه الي الحاميه الصليبيه الموجوده فمصر، اضافه الي و جود شائعات تفيد بأن الكامل بن شاور تقدم للزواج من اخت صلاح الدين.[26] فلما بلغ هذا اسد الدين و نور الدين فالشام لم يسعهما الصبر فسارعا الي مصر، اما نور الدين فبالمال و الجيش و لم يمكنة المسير بنفسة للتصدى لأى محاوله من قبل الإفرنج، و أما اسد الدين فبنفسة و ما له و إخوتة و أهلة و رجاله، و سار الجيش. و كان شاور لما احس بخروج الإفرنج الي مصر، سير الي اسد الدين فدمشق يستصرخة و يستنجدة فخرج مسرعا و كان و صولة الي مصر فشهر ربيع الأول سنه 564 ه، و لما علم الملك عمورى الأول بوصول اسد الدين علي رأس الجيش من دمشق الي مصر قرر مباغتتة عند السويس، لكن اسد الدين ادرك هذا فاتجة نحو الجنوب متجاوزا الصليبيين. فما كان من عمورى الا الجلاء عن ارض مصر ف2 يناير سنه 1169م، ليدخل اسد الدين القاهره ف7 ربيع الآخر سنه 564 ه، الموافق فية 8 يناير سنه 1169م، و أقام اسد الدين فيها يتردد الية شاور فالأحيان و كان و عدهم بمال فمقابل ما خسروة من النفقه فلم يوصل اليهم شيئا، و علم اسد الدين ان شاور يلعب بة تاره و بالإفرنج اخرى، و تحقق انه لا سبيل الي الاستيلاء علي البلاد مع بقاء شاور فأجمع رأية علي القبض علية اذا خرج اليه، و ف17 ربيع الآخر، الموافق فية 18 يناير، القى القبض علي شاور و أصدر الخليفه الفاطمي، العاضد لدين الله، امرا بقتلة و عين اسد الدين كوزير.[26][27]

تأسيس الدوله فمصر

تولى الوزاره و إسقاط الدوله الفاطمية

كانت مصر قبل قدوم صلاح الدين مقر الدوله الفاطمية، و لم يكن للخليفه الفاطمى بحلول هذا الوقت سوي الدعاء علي المنابر، و كانت الأمور كلها بيد الوزراء، و كان و زير الدوله هو صاحب الأمر و النهي،[28] لذلك اصبح اسد الدين شيركوة هو الرجل الأول فالبلاد، و دام علي ذلك الحال و صلاح الدين يباشر الأمور مقررا لها لمكان كفايتة و درايتة و حسن رأية و سياستة طيله شهرين من الزمن،[29] عندما توفى اسد الدين، اسند الخليفه الفاطمى الوزاره لصلاح الدين.[27][30] يذكر المؤرخون، و فمقدمتهم عماد الدين الأصفهاني، انه بعد و فاه شيركوة و انقضاء لمدة الحداد، طالب الزنكيون، امراء دمشق، طالبوا الخليفه الفاطمى بل ضغطوا علية حتي يجعل صلاح الدين و زيرا له، و ربما قبل الخليفه هذا علي الرغم من المنافسه الحاده التي كانت الدويلات الإسلاميه تشهدها فتلك الفتره من الزمن، للسيطره علي الأراضى العربية، لشده ضعف الدوله الفاطميه و قوه الزنكيين و شعبيتهم، و شعبيه صلاح الدين نفسة بين الناس و أمراء الشام، بعد ما اظهرة من حسن القياده و التدبير فالمعارك.[31] علي الرغم من ذلك التأييد، لم يمر تولى صلاح الدين و زاره مصر بسلام، فقد تعرض بعد بضعه اشهر من تولية لمحاوله اغتيال من قبل بعض الجنود و الأمراء الفاطميين، و تبين ان المحرض الرئيسى علي ذلك كان مؤتمن الخليفه الفاطمى و كان خصيا بقصر العاضد لدين الله، و كان ذلك الخصى يتطلع الي الحكم فية و التقدم علي من يحويه[27] فقبض علية و أعدم، فحاك ارباب المصالح مؤامره اخرى، حيث ملأوا صدور 50,000 جندى من فوج الزنوج بالحقد و الكره، و ثاروا حميه علي الوزير الجديد فالقاهرة، لكنة استطاع ان يقمعهم و يكسر شوكتهم، و كانت تلك احدث انتفاضه ضد صلاح الدين تقع فالمدينة.[27][32]

بعد سقوط مصر فايدى الزنكيين، ارسل الملك عمورى رسلة لإرسال حمله صليبيه حديثة شارحا خطوره الأمر و التغير فميزان القوي فالمنطقة، فاستجاب البابا اسكندر الثالث و بعث رسائل الي ملوك اوروبا، لكنها لم تجد اذنا صاغية.[33] فحين نجح الرسول المرسل الي القسطنطينيه بسبب ادراك الإمبراطور عمانوئيل كومنينوس اختلال توازن القوي فالمنطقة. فعرض تعاون الأسطول الإمبراطورى مع حمله عمورى الأول، الذي و جد الفرصه مناسبه بسبب انشغال الملك نور الدين زنكى فمشاكلة الداخلية، اضافه الي و فاه اسد الدين شيركوة و تعيين صلاح الدين خلفا له و الذي كان الملك عمورى يراة شخصا غير محنك.[34]

بالصور بحث صلاح الدين الايوبى

حصار دمياط من قبل الأسطول الصليبى و البيزنطي.

استعد صلاح الدين بشكل جيد، فقد استطاع التخلص من حرس قصر الخليفه الفاطمى العاضد لدين الله و استبدالة بحرس موالين له.[35] و كان هذا لتأخر الحمله الصليبيه ثلاث اشهر منذ انطلاقها ف13 شوال سنه 564 ه، الموافق فية 10 يوليو سنه 1169م، بسبب عدم حماسه الأمراء و البارونات الصليبيبن للمعركه بعد المعارك الأخيره التي هزموا فيها،[34] استهل الصليبيون حملتهم بحصار مدينه دمياط ف1 صفر سنه 565 ه، الموافق فية 25 اكتوبر سنه 1169م، فأرسل صلاح الدين قواتة بقياده شهاب الدين محمود و ابن اخية تقى الدين عمر، و أرسل الي نور الدين زنكى يشكو ما هم فية من المخافه و يقول: «إن تأخرت عن دمياط ملكها الإفرنج، و إن سرت اليها خلفنى المصريون فاهلها بالشر، و خرجوا من طاعتي، و ساروا فاثري، و الفرنج امامي؛ فلا يبقي لنا باقية»،[36] و قال نور الدين فذلك: «إنى لأستحى من الله ان ابتسم و المسلمون محاصرون بالفرنج».[37] فسار نور الدين الي الإمارات الصليبيه فبلاد الشام و قام بشن الغارات علي حصون الصليبيبن ليخفف الضغط عن مصر.[38] و قامت حاميه دمياط بدور اساسى فالدفاع عن المدينه و ألقت سلسله ضخمه عبر النهر، منعت و صول سفن الروم اليها، و هطلت امطار غزيره حولت المعسكر الصليبى الي مستنقع فتهيؤا للعوده و غادروا دمياط بعد حصار دام خمسين يوما، بعد ان احرقوا كل ادوات الحصار. و عندما ابحر الأسطول البيزنطي، هبت عاصفه عنيفة، لم يتمكن البحاره – الذين كادوا ان يهلكوا جوعا – من السيطره علي سفنهم فغرق معظمهم.[39]

لاحق صلاح الدين و جيشة فلول الجيش الصليبى المنسحب شمالا حتي اشتبك معهم فمدينه دير البلح سنه 1170م،[40] فخرج الملك عمورى الأول و حاميتة من فرسان الهيكل من مدينه غزه لقتال صلاح الدين، لكن الأخير استطاع تفادى الجيش الصليبى و حول مسيرتة الي غزه نفسها حيث دمر البلده التي بناها الصليبيون خارج اسوار المدينة.[41] تفيد بعض الوثائق انه اثناء هذة الفترة، قام صلاح الدين بفتح قلعه ايلات التي بناها الصليبيون علي جزيره صغيره فخليج العقبه ف10 ربيع الآخر 566 ه،[42] علي الرغم من انها لم تمثل تهديدا للبحريه الإسلامية، الا ان فرسانها كانوا يتعرضون فبعض الأحيان للسفن و القوارب التجاريه الصغيرة.[40]

بعد ذلك الانتصار، ثبت الزنكيون اقدامهم فمصر، و أصبح من الواضح ان الدوله الفاطميه تلفظ انفاسها الأخيرة، فأرسل نور الدين الي صلاح الدين طالبا اياة بإيقاف الدعاء الي الخليفه الفاطمى و الدعاء الي الخليفه العباسى فمساجد مصر. لم يرغب صلاح الدين من الامتثال لهذا الأمر خوفا من النفوذ الشيعى فمصر، و أخذ يراوغ فتأخير الأمر، الا ان نور الدين هدد صلاح الدين بالحضور شخصيا الي القاهرة. فاتخذ صلاح الدين الإجراءات الشرطيه اللازمة، لكن لم يتجرا احد علي القيام بذلك، الي ان جاء شيخ سنى من الموصل زائر و قام فالمسجد الأزهر و خطب للخليفه العباسى المستضيء بأمر الله فاول جمعه من سنه 567 ه، الموافق فشهر سبتمبر من سنه 1171م، لتحذو القاهره كلها حذوه، فالوقت الذي كان فية العاضد لدين الله علي فراش الموت مريضا،[43] و لم يلبث العاضد طويلا حتي فارق الحياة، فأصبح صلاح الدين الدين الحاكم الفعلى فمصر، ليس لأحد بها كلمه سواه، و نقل اسرتة و والدة نجم الدين اليها ليكونوا له اعوانا مخلصين، و بهذا زالت الدوله الفاطميه تماما بعد ان استمرت 262 سنة.[44]

سلطان مصر

 

صورة-4

 



الجامع الأزهر، اسسة الفاطميون كمدرسه لنشر الدعوه الإسماعيليه و حولة صلاح الدين الأيوبى الي مدرسه للسنه بعد تولية مصر عام 1171م، و قضاءة علي الدوله الفاطميه و النفوذ الشيعى فالبلاد.

أخذ صلاح الدين يقوى مركزة فمصر بعد زوال الدوله الفاطمية، و يسعي من اجل الاستقلال بها، فعمل علي كسب محبه المصريين، و أسند مناصب الدوله الي انصارة و أقربائه،[44] و عزل قضاه الشيعه و استبدلهم بقضاه شافعيون،[42] و ألغي مجالس الدعوه و أزال اصول المذهب الشيعى الإسماعيلي.[45] بعدها ابطل الأذان بحى علي خير العمل محمد و على خير البشر،[45] و أمر فيوم الجمعه العاشر من ذى الحجه سنه 565 ه، الموافقه سنه 1169م، بأن يذكر فخطبه الجمعه الخلفاء الراشدون جميعا: ابو بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابى طالب،[46] كما اسس مدرستين كبيرتين فالفسطاط هما المدرسه الناصرية، و المدرسه الكامليه حتي يثبت مذهب اهل السنه فالبلاد، و كانت هاتان المدرستان تلقنا علوم الشريعه و فق المذهبين المالكى و الشافعي.[47]

 

صور-5

 



رسم “صلاح الدين ملك مصر”، من مخطوطه كتابيه تعود للقرن الخامس عشر.

وتخوف نور الدين زنكى من تزايد قوه تابعة صلاح الدين، و كانت العلاقه بينهما علي فتور اصلا منذ ان تولي صلاح الدين الحكم فمصر. بدا ذلك التوتر فالعلاقه يخرج عندما تأخر صلاح الدين فالخطبه للخليفه العباسى فبغداد، حتي هددة نور الدين بالمسير اليه، و ظهر كذلك عندما ارسل صلاح الدين يطلب من نور الدين ان يرسل الية اخوتة فلم يجبة الي هذا و قال: “أخاف ان يخالف احد منهم عليك فتفسد البلاد”.[6] و ازداد الخلاف بينهما فسنه 567 ه، الموافقه سنه 1172م، حتي اصبح و حشة، و هذا عندما اتفقا علي حصار قلعتى الكرك و مدينه الشوبك فصحراء الأردن، و رجع صلاح الدين الي مصر، قبل ان يلتقى بنور الدين،[48] خوفا من ان يعزلة الأخير عن مصر، و أن تؤدى السيطره علي القلعتين الي فتح الطريق امام نور الدين الي القاهرة، فانسحب صلاح الدين متذرعا بالأوضاع الخطيره فمصر، فعظم الأمر علي نور الدين، حتي قرر المسير الي مصر. لما علم صلاح الدين بذلك جمع مقربية و شاورهم بالأمر فمنهم من نصح بمقاتله نور الدين الا ان و الدة و خالة منعوة من هذا و طالبة و الدة بإرسال رسائل الاعتذار و التبرير لنور الدين،[49][50] لكن نور الدين لم يقتنع بأى من تلك التبريرات، و عزم علي تسيير حمله الي مصر لخلع صلاح الدين فاقرب فرصه متاحة.[51]

وفى صيف سنه 1172م، و ردت انباء تفيد بأن جيشا من النوبيين ترافقة عناصر ارمنيه ربما بلغ حدود مصر و يحضر لحصار اسوان، فطلب اميرها المعونه العسكريه من صلاح الدين، فأرسل الية تعزيزات بقياده شقيقة الأكبر، توران شاه، ارغمت النوبيين علي الانسحاب. عاد الجيش النوبى الي مصر فسنه 1173م، لكنة رد علي اعقابة فهذة المره ايضا، بل تعقبة الجيش الأيوبى حتي بلاد النوبة، و فتح بلده قصر ابريم.[52] و فذلك الوقت، كان نور الدين زنكى لم يتخذ اي خطوه عسكريه تجاة صلاح الدين بعد، لكنة طالبة بإعاده مبلغ 200,000 دينار كان نور الدين ربما خصصة لتمويل حمله اسد الدين شيركوة التي نجحت ففتح البلاد و القضاء علي النفوذ الصليبى و الفاطمى فيها، فدفع صلاح الدين 60,000 دينار، و أرفقها بحمل من اروع البضائع و بعض الجواهر، اضافه لحصان عربى اصيل، و فيل، و اعتبر هذا و فاء للدين. استغل صلاح الدين فرصه مرورة فالأراضى الشاميه الصليبيه لتوصيل الأموال و الهدايا الي دمشق، و أغار علي بعض معاقل البدو فالصحراء ليحرم الصليبيين من فرصه الاستعانه بمتقفى الأثر او ادلاء محليين يرشدونهم فحال قرروا مهاجمه مصر او الأراضى الإسلاميه المجاوره لهم،[53] و جري بينة و بين الإفرنج عده و قعات. و فخلال و جود صلاح الدين فالشام، اصيب و الدة نجم الدين ايوب بحادث خلال امتطائة جواده، و توفى ف27 ذى الحجه 568 ه،[52] بعد ايام قليله قبل و صول صلاح الدين الي مصر.[54] و فسنه 1174م، الموافقه سنه 569 ه، بلغ صلاح الدين ان رجلا باليمن استولي عليها، و ملك حصونها يسمي عبدالنبى بن مهدي، و لما تبين له قوه جيشة و كثره جنوده، سير صلاح الدين اخاة شمس الدوله توران شاة الي اليمن، فقتل ابن مهدي، و أخذ البلاد منه،[55] عندئذ اعلنت الحجاز انضمامها الي مصر ايضا.[44]

أخذ نور الدين زنكى يجمع جيشا ضخما فربيع سنه 1174م، فمحاوله لخلع صلاح الدين فمصر علي ما يبدو، فأرسل رسلا الي الموصل و ديار بكر و الجزيره الفراتيه يحثون الرجال و يدعونهم للجهاد، غير ان تلك الحمله لم يكتب لها ان تتم، اذ و قع نور الدين فاوائل شوال من سنه 569 ه، الموافقه فشهر ما يو من سنه 1174م بالذبحه الصدريه و بقى علي فراش المرض احد عشر يوما ليتوفي ف11 شوال سنه 569 ه، الموافق فية 15 ما يو سنه 1174م، و هو فالتاسعه و الخمسين من عمره،[56] و بوفاه نور الدين، استحال صلاح الدين سيد مصر الأوحد بشكل فعلي، حيث استقل عن جميع تبعيه سياسية، و يقال انه اقسم انذاك ان يكون سيفا مسلولا علي اعدائة و أعداء الإسلام،[57] و أصبح هو رأس اقوي سلاله حاكمه دينيه فذلك العهد، هى السلاله الأيوبية، لذلك جرت عاده المؤرخين علي تسميه المناطق التي خضعت لسلطانة و سلطان تابعية بالدوله الأيوبية.

ضم الشام

فتح دمشق



قلعه دمشق، دخلها صلاح الدين بعد 4 ايام من و صولة المدينة، بعد ان استنجد بة اهلها و أميرها لإنقاذهم من امير حلب.

كان نور الدين زنكى ربما استخلف و لدة الملك الصالح اسماعيل ذى الأحد عشر ربيعا، اميرا علي دمشق، و بعد ان توفى نور الدين كان امام صلاح الدين خياران احلاهما مر:[57] اما ان يهاجم الممالك الصليبيه من مصر و يتركها مفتوحه و عرضه لهجمات بحريه اوروبيه و بيزنطية، او ان ينتظر حتي يستنجد بة الملك الصالح خصوصا و أنة ما زال صبيا لا يستقل بالأمر و لا ينهض بأعباء الملك، ايضا كان امام صلاح الدين خيار حاسم، و هو ان يدخل دمشق و يسيطر عليها و يتولي شؤون البلاد بنفسه، و يحضرها لقتال الصليبيين، غير انه تردد فاتيان الخيار الأخير، بما انه ربما ينظر الية حينها انه ربما شق عصا الطاعه و نكر المعروف و الاحترام المتبادل و الثقه التي منحة اياها نور الدين زنكى عندما و لاة قياده الجيوش بعد و فاه اسد الدين شيركوه، و ساعدة علي تمكين منصبة فمصر، و عندها ربما لا ينظر الية الجنود و الناس انه جدير بقياده جيش المسلمين. لذلك فضل صلاح الدين انتظار دعوه من الملك الصالح، او ان ينذرة بنفسة من احتمال تصاعد الخطر الصليبى علي دمشق.[58]

واختلفت الأحوال بالشام، فنقل الصالح اسماعيل الي حلب و عين سعد الدوله كمشتكين، امير المدينه و كبير قدامي الجنود الزنكيين، و صيا علية حتي يبلغ اشده، و سرعان ما طمع كمشتكين بتوسيع رقعه نفوذة حتي تشمل باقى مدن الشام الداخليه و الجزيره الفراتية، و قرر فتح دمشق، فراسل امير المدينة، شمس الدين بن المقدم سيف الدين غازى بن قطب الدين مودود امير الموصل و ابن عم الملك الصالح اسماعيل، طالبا منة التدخل للمساعدة، لكنة رفض، فكاتب شمس الدين بن المقدم صلاح الدين،[59][60] فتجهز من مصر فجيش كثيف و ترك فيها من يحفظها و قصد دمشق مظهرا انه يتولي مصالح الملك الصالح. تكون جيش صلاح الدين من 700 خيال، عبر بهم الكرك و صولا الي بصرى، و فخلال الطريق انضمت الي الجيش جموع من الكرد و العرب من امراء و أحرار و بدو “سماهم فو جوههم” كما و رد علي لسان صلاح الدين.[61] دخل الجيش دمشق فشهر ربيع الأول من عام 570 ه، الموافق فية شهر نوفمبر من سنه 1174م، و أول ما دخل صلاح الدين كان دار ابية و هى الدار المعروفه بالشريف العقيقي، و اجتمع الناس الية و فرحوا بة و أنفق فذلك اليوم ما لا جليلا و أظهر السرور بالدمشقيين، و صعد القلعه و تسلمها من نائب القلعه الطواشى جمال الدين ريحان بعد 4 ايام من و صوله.[59]

فتوحات الشام الداخلية



رسم افرنجى من سنه 1337م يخرج الجيش الأيوبي.

استناب صلاح الدين اخاة سيف الإسلام طغتكين علي دمشق قبل انطلاقة لضم باقى مدن الشام الداخليه التي استحالت مستقله عن اي تبعيه بحكم الأمر الواقع بعد و فاه نور الدين زنكي، فغنم حماه بسهولة، و عدل عن حصار مدينه حمص لمناعه اسوارها،[62] بعدها حول انظارة نحو حلب و هاجمها بعد ان رفض اميرها “كمشتكين” الخضوع،[63] و خرج الصالح اسماعيل الي الناس و جعل يخاطبهم و يحثهم الا يسلموا المدينه الي جيش غاز، و ربما قال احد المؤرخين الأيوبيين ان عبارات الصالح اسماعيل امام الناس كانت “كأثر سحر ساحر” علي السكان.[64]

راسل كمشتكين شيخ الحشاشين المدعو رشيد الدين سنان، الذي كان علي خلاف مع صلاح الدين و يمقتة مقتا شديدا بعد ان اسقط الدوله الفاطمية، و اتفق معة علي ان يقتل صلاح الدين فقلب معسكره،[65] فأرسل كتيبه مكونه من ثلاثه عشر حشاشا استطاعت التغلغل فالمعسكر و التوجة نحو خيمه صلاح الدين، الا ان امرهم انفضح قبل ان يشرعوا بالهجوم، فقتل احدهم علي يد احد القادة، و صرع الباقون خلال محاولتهم الهرب.[64][66]

وفى خلال ذلك، تحرك ريموند الثالث صاحب طرابلس لمهاجمه حمص، و حشد جيشة بالقرب من النهر الكبير الجنوبي، علي الحدود اللبنانيه السوريه الشماليه حاليا، لكنة سرعان ما تراجع عن تحقيق هدفه، لما بلغة ان صلاح الدين ربما ارسل فرقه عسكريه كبيره مجهزه بالعتاد اللازم لتنضم الي حاميه المدينة.[60][67] و فغضون ذلك الوقت كان اعداء صلاح الدين فالشام و الجزيره الفراتيه يطلقون حملات مضاده له و يهجونة كلما سنحت الفرصة، فقالوا انه نسى اصله، فهو ليس سوي خادم للملك العادل نور الدين زنكي، بل خادم ناكر للمعروف لا يؤتمن علي شيء، خان سيدة و مولاة و نفي و لدة من بلاد ابية الي بلاد اخرى، و جعل يحاصرها بعد ذلك. فرد صلاح الدين علي تلك الحملات الشرسه قائلا انه لم يحاصر حلب و لم يحضر الي الشام منذ البدايه الا لحمايه دار الإسلام و المسلمين من الجيوش الصليبية، و ليستعيد ما سلب من الأراضى المقدسة، و إن هذة مهمه لا ممكن ان يتولاها صبى لم يبلغ اشدة بعد، و يسهل التلاعب بة من قبل اصحاب النفوس الخبيثة. و ليطمئن الناس اكثر، سار صلاح الدين علي رأس جيشة الي حماه ليقاتل فرقه صليبيه ارسلت لفتح المدينة، الا ان الصليبيين انسحبوا قبل اللقاء بعد ان بلغهم حجم الجيش الأيوبي،[67] فدخل صلاح الدين المدينه بسهولة، و تسلم قلعتها فشهر ما رس من سنه 1175م، بعد مقاومه عنيفه من حاميتها.[68]

بعد هذة الأحداث، علم سيف الدين غازى بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكى صاحب الموصل ان صلاح الدين ربما استفحل امرة و عظم شأنه، و خاف ان غفل عنة استحوذ علي البلاد و استقرت قدمة فالملك و تعدي الأمر اليه، فأنفذ عسكرا و افرا و جيشا عظيما و قدم علية اخاة عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود و ساروا يريدون لقاءة ليردوة عن البلاد،[6] فلما بلغ صلاح الدين هذا فك الحصار عن حلب فمستهل رجب من السنه عائدا الي حماه استعدادا للقائهم. و عندما و صل عز الدين مسعود الي حلب، انضم الي جيشة عسكر ابن عمة الملك الصالح اسماعيل بن نور الدين، و خرجوا فجمع عظيم، فلما عرف صلاح الدين بمسيرهم سار حتي و افاهم علي قرون حماه و راسلهم و راسلوة و اجتهد ان يصالحوة فما صالحوه، و رأوا ان ضرب المصاف معة قد نالوا بة غرضهم،[6] و التقي الجمعان عند قرون حماه بقرب نهر العاصي، و وقعت بينهما معركه عظيمه هزم بها الزنكيون علي يد صلاح الدين، و أسرت جماعه منهم، و هذا فالتاسع عشر من شهر رمضان من سنه 570 ه،[60] الموافقه ف23 ابريل من سنه 1175 م، بعدها سار صلاح الدين عقيب انتصارة و نزل علي حلب مره اخرى، فصالحة الزنكيون علي اخذ معره النعمان و كفر طاب و بارين.[69]



نقش لصلاح الدين علي درهم يعود لقرابه سنه 1190م.

أعلن صلاح الدين نفسة ملكا علي البلاد التي افتتحها بعد انتصارة علي الزنكيين، و خطب له ائمه المساجد يوم الجمعه باسم “الملك الناصر”، و ضربت الدنانير الذهبيه فالقاهره باسمه، و عضد ملكة بالزواج من ارمله نور الدين زنكى المدعوه عصمه الدين خاتون. و سرعان ما اصبحت سياده صلاح الدين علي البلاد سياده مشحلوه عندما اسند الخليفه العباسى فبغداد الية السلطه علي مصر و المغرب الأدني و النوبه و الحجاز و تهامه و فلسطين و سوريا الوسطى،[44] و خلع علية لقب “سلطان مصر و الشام”.[70]

استمرت الحرب بين الأيوبيين و الزنكيين علي الرغم من انتصار صلاح الدين فحماة، و حدثت الموقعه الأخيره بينهما فصيف سنه 1176م. كان صلاح الدين ربما احضر جيوشة من مصر استعدادا للقاء الحاسم، و قام سيف الدين غازى بن قطب الدين مودود بتجنيد الرجال فالمناطق التي ما زال يسيطر عليها، فديار بكر و قري و بلدات الجزيره الفراتية.[71] عبر الأيوبيون نهر العاصى متجهين شمالا حتي و صلوا تل السلطان علي بعد 24 كيلومترا (15 ميلا) من حلب، حيث قابلوا الجيش الزنكي، فاشتبك الجيشان فمعركه ضارية، و استطاع الزنكيون دحر ميسره الجيش الأيوبي، فاندفع صلاح الدين بنفسة تجاة حراس سيف الدين غازى و أعمل فيهم السيف، فتشجع الأيوبيون و اندفعوا يمزقون صفوف الجيش الزنكي، فذعر الزنكيون و أخذوا يتقهقرون تاركين فساحه المعركه العديد من القتلى،[72] كاد سيف الدين ان يصبح من ضمنهم. قتل فالمعركه الكثير من ضباط الجيش الزنكى و أسر بعضهم الآخر، و غنم الأيوبيون معسكر الزنكيين بما فية من خيام و أمتعه و خيول و أسلحة، و عامل صلاح الدين الأسري معامله كريمة، فمنحهم هدايا و أطلق سراحهم، بعدها و زع غنائم المعركه كلها علي جنوده، و لم يحتفظ بشيء لنفسه.[73]

سار صلاح الدين بعد انتصارة ليعاود حصار مدينه حلب، و فخلال سيرة فتح الجيش الأيوبى حصن بزاعه و حصن منبج،[74] و من بعدها توجة غربا لإخضاع حصن اعزاز، و عندما ضرب الجيش الحصار علي الحصن، اقتحم بعض الحشاشين المندسين المعسكر و استطاع احدهم الوصول الي خيمه صلاح الدين و ضربة بسكين علي رأسه، فحمتة الخوذه غير ان السكين مرت علي خدة و جرحتة جرحا هينا، و استطاع امساك الحشاش، فصارعة الأخير ارضا و حاول نحره، لكن صلاح الدين تمكن منه، و أعانة علية و علي رفاقة الجنود الأيوبيون و أقاربة و قتلوهم جميعا.[72] كان لمحاوله الاغتيال هذة اثر كبير علي صلاح الدين، فقد عزم علي القضاء علي كمشتكين امير حلب،[75] الذي سبق و تواطا مع الحشاشين لقتل صلاح الدين، و أصبح شديد الحذر لا يقابل الا من يعرفه. يقول ابو شامه المقدسى فكتابة الروضتين فاخبار الدولتين:

   

صلاح الدين الأيوبي

لما فتح السلطان حصن بزاعه و منبج ايقن من هم تحت سلطتهم بخروج ما فايديهم من المعاقل، و القلاع و نصبوا الحبائل للسلطان. فكاتبوا سنانا صاحب الحشيشيه مره ثانية، و رغبوة بالأموال و المواعيد، و حملوة علي البتاع فأرسل، لعنة الله، جماعه من اصحابة فجاءوا بزى الأجناد، و دخلوا بين المقاتله و باشروا الحرب و أبلوا بها اقوى البلاء، و امتزجوا بأصحاب السلطان لعلهم يجدون فرصه ينتهزونها. فبينما السلطان يوما جالس فخيمة، و الحرب قائمه و السلطان مشغول بالنظر الي القتال، اذ و ثب علية احد الحشيشيه و ضربة بسكينه علي رأسه، و كان محترزا خائفا من الحشيشية، لا يترع الزرديه عن بدنة و لا صفائح الحديد عن رأسه؛ فلم تصنع ضربه الحشيشى شيئا لمكان صفائح الحديد و أحس الحشيشى بصفائح الحديد علي رأس السلطان فسبح يدة بالسكينه الي خد السلطان فجرحة و جري الدم علي و جهه؛ فتتعتع السلطان بذلك.ولما رأي الحشيشى هذا هجم علي السلطان و جذب رأسه، و وضعة علي الأرض و ركبة لينحره؛ و كان من حول السلطان ربما ادركهم دهشه اخذت عقولهم. و حضر فذلك الوقت سيف الدين يازكوج، و قيل انه كان حاضرا، فاخترط سيف و ضرب الحشيشى فقتله. و جاء احدث من الحشيشيه كذلك يقصد السلطان، فاعترضة الأمير داود بن منكلان الكردى و ضربة بالسيف، و سبق الحشيشى الي ابن منكلان فجرحة فجبهته، و قتلة ابن منكلان، و ما ت ابن منكلان من ضربه الحشيشى بعد ايام. و جاء احدث من الباطنيه فحصل فسهم الأمير على بن ابى الفوارس فهجم علي الباطني، و دخل الباطنى فية ليضربة فأخذة على تحت ابطه، و بقيت يد الباطنى من و رائة لا يتمكن من ضربه، فصاح علي: “اقتلوة و اقتلونى معه”، فجاء ناصر الدين محمد بن شيركوة فطعن بطن الباطنى بسيفه، و ما زال يخضخضة فية حتي سقط ميتا و نجا ابن ابى الفوارس. و خرج احدث من الحشيشيه منهزما، فلقية الأثير شهاب الدين محمود، خال السلطان فتنكب الباطنى عن طريق شهاب الدين فقصدة اصحابة و قطعوة بالسيوف.

وأما السلطان فإنة ركب من و قتة الي سرادقة و دمة علي خدة سائل، و أخذ من هذا الوقت فالاحتراس و الاحتراز، و ضرب حول سرادقة مثال الخركاه، و نصب له فو سط سرادقة برجا من الخشب كان يجلس فية و ينام، و لا يدخل علية الا من يعرفه، و بطلت الحرب فذلك اليوم، و خاف الناس علي السلطان. و اضطرب العسكر و خاف الناس بعضهم من بعض، فألجأت الي ركوب السلطان ليشاهدة الناس، فركب حتي سكن العسكر.[76]

   

صلاح الدين الأيوبي

بعد ان تم النصر و افتتح حصن اعزاز فذى الحجه من سنه 571 ه، حول صلاح الدين انظارة ناحيه حلب و ضرب الحصار عليها كى يقتص من الأمير كمشتكين، فقاومتة الحاميه مقاومه شديده مره اخرى، ففشل فاقتحام المدينة، غير انه تمكن من فرض هدنه علي كمشتكين و الملك الصالح اسماعيل و أبرم حلفا معهما،[74] و جاء فنص الهدنه ان يحتفظ الزنكيون بمدينه حلب مقابل اعترافهم بسلطان صلاح الدين علي كامل الأراضى التي اخضعها، و سرعان ما اعترف امراء ما ردين و جوارها بسياده صلاح الدين و بملكة علي الشام. و عندما انتهت الهدنه ارسل الملك الصالح شقيقتة الصغري الخاتون فتاة نور الدين الي صلاح الدين مطالبه اياة بإعاده حصن اعزاز الي الزنكيين، فاستجاب لطلبها و رافقها بنفسة حتي بوابه حلب محمله بهدايا كثيرة.[75]

الحمله علي الحشاشين



قلعه مصياف، احدي معاقل الحشاشين، حاصرها صلاح الدين شهر اغسطس عام 1176م، و لم يتمكن من اقتحامها.

بعد ان تحالف صلاح الدين مع الزنكيين و أبرم معاهده سلام مع مملكه بيت =المقدس، لم يبق له من خطر يهدد دولتة الا طائفه الحشاشين بقياده شيخ الجبل رشيد الدين سنان بن سليمان بن محمود، كانت هذة الطائفه تتبع كيفية الاغتيال المنظم للتخلص من اعدائها و منافسيها. و كان الحشاشون يمتنعون فسلسله من القلاع و الحصون فعدد من المواقع المشرفه الشاهقه فجبال النصيرية، و لما عزم صلاح الدين علي اباده طائفتهم و كسر شوكتهم، ارسل بعض الفرق العسكريه الي جبالهم، و أعاد ما تبقي من جنود الي مصر، و تولي صلاح الدين قياده الجيش بنفسه، و ضرب الحصار علي كل قلاع الحشاشين اثناء شهر اغسطس من عام 1176م، لكنة لم يتمكن من فتح اي منها، ففك الحصار و انسحب بجيشة مدمرا جميع المعاقل غير الحصينه التابعه لتلك الطائفه خلال سيره.[77] بينما ذكر ابن كثير و ابن الأثير ان صلاح الدين حاصر حصنهم مصياف و قتل منهم و سبي بعدها شفع فيهم خالة شهاب الدين محمود بن يكش، فقبل شفاعتة فصالح الحشاشين، بعدها كر راجعا الي دمشق.[78][79] غير ان بعض المخطوطات العائده لرشيد الدين سنان نصت علي ان صلاح الدين انسحب خوفا علي حياته، و إنة كان ينثر الرماد و غبار الطبشور حول خيمتة ليلا عندما حاصر قلعه مصياف، ليعرف ما اذا كان الحشاشون يأتون ليلا بالقرب منه، و جعل جميع حارس من حراسة يحمل سراجا مضيئا.[80]

أما بالنسبه لروايه صلاح الدين نفسه، فقد قال بها ان حراسة لاحظوا لمعان معدن علي احدي تلال مصياف ذات ليلة، و من بعدها اختفي بين خيم الجنود، و أفاد صلاح الدين انه استيقظ من نومة ليري شخصا يظهر من الخيمة، و كانت المصابيح بها ربما بعثرت و بقرب سريرة عثر علي كعك مرقق، و هى العلامه المميزه للحشاشين، و فاعلي الخيمه و جد رساله ملعقه بخنجر مسموم كتب بها تهديد له ان لم يغادر الجبال فسوف يقتل. عندئذ صاح صلاح الدين ان سنانا كان فخيمتة و غادرها، و ربما جعلتة هذة التجربه يدرك عجزة قتال الحشاشين و إفنائهم بسرعة، فطلب من جنودة ان يراسلوهم كى يبرم حلفا معهم،[80] فيصبح بهذا ربما حقق انتصارا اخر، الا و هو حرمان الصليبيين من حليف مهم.[81]

العوده الي مصر و الغزوات ففلسطين



إعاده تصميم لباب البرقية، احدي بوابات سور القاهره القديم الذي اعاد صلاح الدين بناءه.



قلعه الجبل بالقاهره الشهيره باسم قلعه صلاح الدين.

انسحب صلاح الدين من جبال النصيريه بعد ان لم يتمكن من فتح قلاعها عائدا الي دمشق، بعدها سرح جنودة الشوام و جعلهم يعودون الي منازلهم للراحه و الاستعداد للحروب القادمة، بعدها رحل عن المدينه برفقه حراسة فقط قاصدا مصر، فوصل القاهره بعد حوالى شهر. كان علي صلاح الدين تنظيم كثير من الأمور فالديار المصريه بعد ان غاب عنها حوالى سنتين قضاها فمعارك متواصله فالشام، و فمقدمه هذة الأمور تحصين القاهره و إعاده بناء اقسامها المهدمة، فأقدم علي اصلاح اسوارها و إمداد المزيد منها، ايضا شرع فبناء قلعه القاهره سنه 573 ه،[81] التي عرفت فيما بعد بقلعه صلاح الدين و التي اشرف علي بنائها بهاء الدين قراقوش،[82] و بئر يوسف البالغ من العمق 85 مترا (280 قدما). و من اعمال صلاح الدين الأخري بناء جسر ضخم فالجيزه ليشكل احدي خطوط الدفاع الأوليه ضد غزو مغربى محتمل.[83]

بقى صلاح الدين فالقاهره يشرف علي الأعمال العمرانيه فيها، فبني الي جانب المبانى العسكريه بضعه مدارس لنشر العلم، و تابع اداره البلاد الداخليه بنفسه، و اهتم بالمؤسسات الاجتماعيه التي تساعد الناس و تخفف عنهم عناء الحياة، و تعهد بالإنفاق علي الفقراء و الغرباء الذين يلجؤون للمساجد للعيش فيها، و جعل من مسجد احمد بن طولون فالقاهره مأوي للغرباء الذين يأتون الي مصر من بلاد المغرب.[84] يقول ابن المقفع:

   

صلاح الدين الأيوبي

إن الملك صلاح الدين عامل رعيتة فبلاد مصر بخير يعجز الواصف عن و صفة و أرسي العدل و أحسن الي المصريين و أزال مظالم كثيره علي الناس و أمر بإبطال الملاهى فبلاد مصر و أبطل جميع منكر شرير و أقام حدود شريعه الإسلام. و كان يجلس للحكم بين الناس فينصف المظلوم من الظالم و يصبح فمجلسة مجموعة من الفقهاء و مشاهير الدوله للنظر فالقضايا بين الناس و العمل بما توجبة احكام الشريعه و الحق و العدل.[85]
   

صلاح الدين الأيوبي

وفى شهر جمادي الآخر سنه 573 ه، الموافق فية نوفمبر من سنه 1177م، اغار الصليبيون علي ضواحى دمشق، فاعتبر صلاح الدين ان الهدنه مع مملكه بيت =المقدس ربما نقضت و انتهي امرها، فجمع الرجال و سار الي فلسطين ليغير علي بعض المواقع الصليبية، فما كان من الصليبيون الا ان ارسلوا جزء كبيرا من جيشهم الي مدينه حارم شمال حلب ليحولوا انتباة الأيوبيين الي تلك الأنحاء، لكن صلاح الدين استمر بغزاتة علي بعض المواقع الثانويه ففلسطين بعد ان فرغت من الرجال الذين ارسلوا مع الجيش الصليبى شمالا بعدها توجة الي عسقلان،[83] التي قال انها “عروس الشام”، بعد ان رأي ان الوضع مؤات لهكذا تحرك. يقول المؤرخ الصليبى و ليم الصورى ان الجيش الأيوبى تكون من 26,000 جندي، 8,000 منهم كانوا يشكلون النخبة، و 18,000 كانوا ارقاء زنوج من السودان. و اصل صلاح الدين يغزو المواقع الصليبيه الثانويه الواحد تلو الآخر، فهاجم الرمله و اللد، و بلغ بوابات القدس.[86]

الحرب و الهدنه مع بلدوين الرابع



معركه تل الجزر، بريشه شارلز فيليپ لاريڤيير.

تحرك ملك بيت =المقدس الشاب بلدوين الرابع بن عمورى “الأبرص”، خلال و جود صلاح الدين علي مشارف القدس، و سار بجمع من فرسان الهيكل من مدينه غزه و دخل عسقلان. و وصلت هذة الأنباء الي صلاح الدين فعاد بقسم من جيشة الي ضواحى المدينة، لكنة تردد فمهاجمه الصليبيين علي الرغم من التفوق العددى للأيوبيين، و هذا لوجود عدد من القاده المهره المخضرمين فصفوفهم، و كان لهذا التردد فالهجوم اثرة الكبير، اذ قام الصليبيون تحت قياده الملك بلدوين و أرناط ال شاتيون صاحب الكرك بهجوم مفاجئ بتاريخ 25 نوفمبر من سنه 1177م، و أخذوا الأيوبيين علي حين غره و هزموهم فتل الجزر بالقرب من الرملة، و ربما حاول صلاح الدين تنظيم صفوف الجيش و حشد الجنود مجددا، لكنهم تشتتوا، و صرع فالمعركه كل حراسه، فرأي الانسحاب الي مصر و إنقاذ ما تبقي من العساكر[87][88]

استعد صلاح الدين لمنازله الصليبيين مجددا بعد عودتة الي مصر، فجمع الجنود و العتاد اللازم، و لم تثبط عزيمتة رغم الهزيمه التي لحقت بة ففلسطين، بل زادتة اصرارا علي القتال. و فربيع سنه 1178م، نزل الجيش الأيوبى بقرب حمص، و حصلت بضعه مناوشات بينة و بين الجيش الصليبي، و فشهر ربيع الأول سنه 574 ه، الموافق فية شهر اغسطس سنه 1178م، هاجمت فرق صليبيه اخري مدينه حماه و القري المجاوره و قتلت بعض السكان، لكنها هزمت علي يد حاميه المدينه و أسر كثير من افرادها، و اقتيدوا الي صلاح الدين الذي امر بإعدامهم كونهم “عاثوا فسادا فارض المؤمنين”.[89] امضي صلاح الدين بقيه العام فالشام دون اي يخوض معارك اخرى،[88] لكن الحال لم يدم طويلا علي ذلك النحو، فقد و صلت صلاح الدين انباء مقلقه من جواسيسة تقول بأن الصليبيين يخططون لشن حمله عسكريه علي سوريا الوسطى، فأمر ابن اخية عز الدين فروخ شاة بن شاهنشاة بن نجم الدين ايوب، بأن يقف علي الجبهه الدمشقيه و معة الف من الجنود استعدادا لضبط اي هجوم، و ألا يلتحم مع الصليبيين فقتال، و إن حصل و تقدموا الي المدينة، فعلية الانسحاب و إضاءه المنارات المنصوبه علي التلال المحيطه حتي يعلم صلاح الدين بمجيئهم فيلاقيهم بنفسه. و فشهر ذى القعده سنه 574 ه، الموافق فية شهر ابريل من عام 1179م، تقدم الصليبيون بقياده الملك بلدوين نحو دمشق متوقعين مقاومه ضعيفة، و شرعوا فمهاجمه القري و الرعاه فمرتفعات الجولان، فتصدت لهم فرقه عسكريه ايوبيه بقياده فروخ شاه، بعدها انسحبت من امامهم، فتعقبوها حتي جنوب شرق القنيطره حيث كان الجيش الأيوبى منتظرا، فوقعت معركه كان النصر بها لصالح الأيوبيين.[89] قام صلاح الدين بتعزيز قواتة بعد ذلك النصر، فطلب من اخاة الأصغر الملك العادل سيف الدين ابو بكر، ان يرسل الية 1,500 فارس من مصر لينضموا الي الجيش فالشام.[90][91]



بقايا حصن مخاضه الأحزان الذي بناة بلدوين الرابع و استولي علية صلاح الدين.



موقع معركه حصن يعقوب بين الأيوبيين و الصليبيين.

بحلول صيف عام 1179م، كان بلدوين الرابع ربما اقام حصنا حدوديا سماة المؤرخون المسلمون “حصن مخاضه الأحزان” علي الطريق المؤديه الي دمشق ليؤمنها، و عزم علي بناء جسر فوق نهر الأردن هو “معبر يعقوب” (يعرف اليوم باسم جسر فتيات يعقوب) ليصل الأراضى الصليبيه بسهل بانياس الذي يفصل بين الإمارات الصليبيه و الأراضى الإسلامية. اعترض صلاح الدين علي ذلك المشروع و اعتبرة عملا عدوانيا تجاة المسلمين، و عرض علي بلدوين 100,000 قطعه ذهبيه مقابل تخلية عن ذلك المشروع، لكن الأخير رفض التسوية، فعزم صلاح الدين علي مهاجمه الحصن الحدودى و تدميره، بعدها سار بجيشة و جعل مركزة بانياس. هرع الصليبيون للقاء المسلمين بعد تلك الخطوة، لكن جيشهم تشتت، حيث تلكا المشاه فالخلف، و استمر صلاح الدين يستدرجهم بعيدا حتي ما ان تبين له ان الفرصه سانحه و إن الجيش الصليبى منهك، انقض عليهم و اشتبك الجيشان فمعركه طاحنه انتصر بها المسلمون، و أسر كثير منكبيرة الفرسان الصليبيين، بعدها تحرك صلاح الدين صوب الحصن و ضرب الحصار عليه، بعدها دخلة فاتحا ف26 ربيع الأول سنه 575 ه، الموافق فية 30 اغسطس من سنه 1179م.[92][93]

وفى ربيع سنه 1180م، و بينما كان صلاح الدين فصفد يحضر لغزو بيت =المقدس، راسلة الملك بلدوين يعرض فوافق، و الواقع ان القحط فذلك العام كان دافعا اساسيا لكلا الرجلين ليتوقفا عن القتال، حيث ذبلت المحاصيل و لم ينضج منها الا القليل، فقلت مؤن الجيشين الصليبى و الأيوبي، و أصبح يتعذر علي اي منهما ضرب حصار علي قلعه او مدينه تابعه للآخر، دون المجازفه بحدوث مجاعه فصفوف الجند. رفض ريموند الثالث صاحب طرابلس الالتزام بالهدنه فبادئ الأمر و أصر علي القتال، لكنة سرعان ما رضخ للمعاهده بعد ان اغار الجيش الأيوبى علي امارتة فشهر ما يو، و ظهر الأسطول الإسلامى بالقرب من مرفا طرطوس مهددا بالهجوم.[94]

القضايا المحلية

كان صلاح الدين ربما حاول التقرب من امير حصن كيفا المدعو نور الدين محمد الأرتقيوني، عندما عرض التوسط بينة و بين عز الدين قلج ارسلان بن مسعود، سلطان سلاجقه الروم، لإنهاء خلاف قائم، حيث كان الأخير ربما طالب نور الدين بإعاده بعض الأراضى التي حصل عليها كهديه زفاف بعد زواجة من ابنته، بعدها تبين انه يسيء معاملتها و أن هدفة من هذا الزواج لم يكن سوي السيطره علي مزيد من المناطق فحسب، و ربما قبل نور الدين و ساطه السلطان الأيوبى بينما رفضها قلج ارسلان. و فشهر يونيو من سنه 1180م، استقبل صلاح الدين الأمير نور الدين محمد و أخاة ابو بكر فمحاوله لكسب الود و توطيد العلاقات مع الأرتقيون تمهيدا لأى مجابهه يحتمل و قوعها بين الأيوبيين و أمراء الموصل و الأناضول و الملوك الصليبيين، و أرفق كلا الأميرين بهدايا قيل بأن قيمتها تخطت 100,000 دينار.[95] بعد ذلك اللقاء، راسل السلطان قلج ارسلان صلاح الدين معلنا قبولة الوساطه و دخولة فالحلف الأيوبى الأرتقيوني، فابتهج صلاح الدين لهذا الخبر لما تضمنة من بشائر اعاده توحيد الأراضى الإسلامية، لكن فرحة سرعان ما تحول الي غضب عارم، عندما و صلتة رساله من ارسلان يقول بها ان نور الدين عاد ليسيء معامله زوجتة ابنه سلطان ال سلجوق، فهدد صلاح الدين بالمسير الي ملطيه عاصمه نور الدين ليؤدبة بنفسة و لينهى الخلاف القائم بين حاكمين مسلمين فو قت كان المسلمون فية بأشد الحاجه لأن يتوحدوا،[95] و فو اقع الأمر فإن صلاح الدين لم يرغب بالمسير الي نور الدين محمد، هذا انه تحالف معة و لم يعد يستطيع ان ينقض ذلك الحلف، و فالوقت نفسة كان للسلطان قلج ارسلان كامل الحق فالخوف علي ابنتة و الدفاع عنها و منع استغلالها لغايات سياسية، فجاء خطاب صلاح الدين حادا فسبيل اخافه نور الدين و حثة علي الخضوع. و لما تبين لنور الدين محمد انه لا يقدر علي الجيش الأيوبي، خضع لأوامر صلاح الدين و عز الدين قلج ارسلان، و وافق علي ان يرسل امرأتة الي ابيها طيله سنه من الزمن، خصوصا بعد ان جاء فرساله بعثها الية صلاح الدين، انه ان خرق ذلك الاتفاق فسوف ينقض صلاح الدين الاتفاقيه بينهما.[95]



رسم لتمثيل يعود لصلاح الدين من القرن الخامس عشر.

عاد صلاح الدين الي القاهره بدايه عام 1181م و ترك فروخ شاة ليتولي شؤون الشام خلال غيابه؛ يقول ابو شامه المقدسى ان صلاح الدين كان ينوى تمضيه شهر رمضان فمصر هذا العام، و من بعدها يذهب للحج فمكة، لكن لأسباب غير و اضحه عدل عن حج المنزل الحرام، و شوهد فشهر يونيو و هو يتفقد ضفاف النيل. و فتلك الفتره حدثت بينة و بين البدو بعض الإشكالات، اذ اتهم بعضهم بالإتجار مع الصليبيين، فصادر محاصيلهم و أرغمهم علي مغادره شرق مصر و السكن فغربها، و استولي علي ثلثى الأراضى التابعه للإقطاعيين منهم و أعطاها لإقطاعيى الفيوم ليعوضهم عن اراضيهم الخاصه التي هدف ان يجعلها ملكا عاما للدولة، كما حول بعض السفن الحربيه علي قراصنه الأنهار من البدو الذين كانوا يغيرون علي المزارع و القري المجاوره للنيل و فروعه.[96]

فى صيف سنه 1181م، قاد اخو صلاح الدين سيف الإسلام ظهير الدين طغتكين بن ايوب،[97] ففرقه عسكريه لاعتقال نائب توران شاة فبلده زبيد باليمن، حطان بن كامل بن منقذ الكنانى الكلبي، لاختلاس العوائد الماليه للبلده التي يتولي امورها، غير ان صلاح الدين قال انه ليس هنالك من دليل يفيد بصحه ما قيل، و أمر بإطلاق سراحة مقابل 80,000 دينار له شخصيا و مبالغ اخري لإخوته.[98] كان اعتقال حطان الكنانى الكلبى المثير للجدل نتاج استياء بعض المقربين من صلاح الدين من اداره بلاد اليمن بعد ان غادرها توران شاه؛ فعلي الرغم من ان نائبوة استمروا يرسلون خراج البلاد، الا ان السلطه الأيوبيه علي اليمن اخذت تضعف بعض الشيء، حيث برز صراع علي السياده بين عز الدين عثمان صاحب عدن و صاحب زبيد، مما جعل صلاح الدين يقول انها تكلف الدوله الأيوبيه مصاريف كبيره و لا تعود عليها بالفائدة المرجوه و المتوقعة.[99]

توسع الدولة

فتح اطراف بلاد ما بين النهرين



رسم لصلاح الدين الأيوبي.

توفى سيف الدين غازى بن قطب الدين مودود ف3 صفر سنه 576 ه، الموافق فية 28 يونيو من سنه 1180م،[100] و خلفة شقيقة عز الدين فاماره الموصل.[101] ف25 رجب سنه 577 ه، الموافق فية 4 ديسمبر سنه 1181م، توفى الملك الصالح بن نور الدين زنكى فحلب. قبل و فاته، لما يئس من نفسة استدعي الأمراء فحلفهم لابن عمة عز الدين مسعود بن قطب الدين صاحب الموصل، لقوه سلطانة و تمكنه، ليمنعها من صلاح الدين.[102] رحب بعز الدين فحلب، و لكن تملكة لحلب و الموصل كان امرا يفوق قدراته، لذلك تنازل عن حلب لأخية عماد الدين زنكي، فمقابل سنجار و الخابور و الرقه و نصيبين و سروج و غير هذا من البلاد. لم يحاول صلاح الدين استغلال تلك الظروف احتراما للمعاهده التي عقدها فالسابق مع الزنكيين.[103]

وفى 5 محرم سنه 578 ه، الموافق فية 11 ما يو سنه 1182م، غادر صلاح الدين الأيوبى القاهره مع نص الجيش الأيوبى المصرى و الكثير من المتطوعين الي الشام. و عندما علم ان القوات الصليبيه احتشدت علي الحدود لاعتراضه، غير كيفية عبر سيناء الي ايلة، و هنالك لم يلق صلاح الدين اي مقاومه من قوات بلدوين.[104] و عندما و صل الي دمشق فيونيو، اغار عز الدين فروخ شاة علي بلاد طبرية، و احتل دبوريه و حابس جلدق، و هو احد الحصون ذات الأهميه الكبيره للصليبيين.[105] فيوليو، ارسل صلاح الدين فروخ شاة لمهاجمه كوكب الهوا. و فاغسطس، شن الأيوبيون هجوما بريا و بحريا للاستيلاء علي بيروت؛ و قاد صلاح الدين جيشة فسهل البقاع، و لما بدا لصلاح الدين ان الهجوم ربما يفشل، فضل ايقاف هجومة و التركيز علي مهمتة نحو فبلاد ما بين النهرين.[106]

دعا مظفر الدين كوكبرى بن زين الدين على بن بكتكين و هو احد امراء حران، صلاح الدين لاحتلال بلاد الجزيرة، الواقعه شمال بلاد ما بين النهرين.[105] و مع انتهاء الهدنه بينة و بين الزنكيين رسميا فجمادي الأول سنه 578 ه، الموافق فية شهر سبتمبر من عام 1182م،[107] و قبل سيرة الي بلاد الجزيرة، كان التوتر ربما ازداد بين الحكام الزنكيين فالمنطقة، نظرا لعدم رغبتهم فدفع الجزيه لصاحب الموصل.[108] و قبل عبورة الفرات، حاصر صلاح الدين حلب مدة ثلاثه ايام، بمجرد ان انتهت الهدنة.[107] و ما ان و صل الي قلعه البيره قرب نهر الفرات، حتي انضم الية كوكبرى و نور الدين صاحب حصن كيفا، و استولت القوات المشتركه علي مدن الجزيره الواحده تلو الأخرى، فسقطت الرها تلتها سورج بعدها الرقه و قرقيسيه و نصيبين.[107] كانت الرقه نقطه عبور هامه و التي كانت فيد قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، الذي سبق و خسر منبج امام قوات صلاح الدين الأيوبى عام 1176م. لما رأي قطب الدين كبر حجم جيش صلاح الدين، لم يقدم علي ابداء اي مقاومه و استسلم علي ان يحتفظ بممتلكاته. اثار صلاح الدين الأيوبى اعجاب اهالى المدينه بعدما امر بإلغاء عدد من الضرائب، حيث قال “إن شر الحكام هم من يسمنون و شعوبهم جياع”. من الرقة، غزا ما كسين و دورين و عرابان و الخابور، و التي خضعت جميعها له.[105][109]

ثم توجة صلاح الدين لغزو نصيبين التي سلمت دون مقاومة. كانت نصيبين بلده متوسطه الحجم، ليست ذات اهميه كبيرة، لكنها كانت تقع فموقع استراتيجى بين ما ردين و الموصل و يسهل الوصول اليها من ديار بكر.[110] فخضم هذة الانتصارات، و ردت صلاح الدين اخبار تقول ان الصليبيين اغاروا علي قري دمشق. فأجاب «دعهم.. ففى الوقت الذي يهدمون فية القرى، نستولى نحن علي المدن؛ و عندما نعود، سيتعين علينا جمع المزيد من القوه لمحاربتهم».[107] و فالوقت نفسه، فحلب، داهم اميرها الزنكى مدن صلاح الدين فالشمال و الشرق، كباليس و منبج و سورج و بوزيع و القرضين، كما دمر قلعتة فبلده اعزاز لكى لا يستعملها الأيوبيون ان استطاعوا الاستيلاء عليها.[110]

ضم حلب

بعد الموصل اهتم صلاح الدين بضم حلب، فأرسل شقيقة تاج الملوك بورى لاحتلال تل خالد، الواقعه علي بعد 130 كيلومتر شمال شرق الموصل، و جهز لحصارها، الا ان حاكم تل خالد استسلم مع و صول صلاح الدين نفسة ف17 ما يو قبل ضرب الحصار. بعد تل خالد، قام جيش صلاح الدين الأيوبى بالتوجة شمالا الي عينتاب لاحتلالها، و من بعدها العوده سريعا لمسافه 60 كم فاتجاة حلب. و ف21 ما يو، عسكر صلاح الدين خارج حلب، و تمركز بنفسة شرق قلعه حلب، كما طوقت قواتة ضاحيه بناقسه فالشمال الشرقى و باب جنان فالغرب، و تمركز باقى رجالة بالقرب من المدينة، علي امل فتحها فاقل و قت ممكن.[111]



قلعه حلب، دخلها صلاح الدين ف12 يونيو من عام 1183م.

لم يقاوم عماد الدين زنكى بن قطب الدين مودود لفتره طويلة، حيث لم يكن يحظ بشعبيه بين رعاياه، و لرغبتة فالعوده الي سنجار المدينه التي كان يحكمها سابقا. عقدت مفاوضات بغرض تبادل الأراضي، علي ان يسلم زنكى حلب الي صلاح الدين الأيوبى فمقابل استعاده سيطرتة علي سنجار و نصيبين و الرقه و سروج، و أن تحارب قوات زنكى الي جانب جيش صلاح الدين. و بحلول 18 صفر 579 ة / 12 يونيو 1183 م، اصبحت حلب فايدى الأيوبيين.[112][113] لم يعلم اهل حلب بتلك المفاوضات، لذلك فوجئوا حين رأوا رايه صلاح الدين الأيوبى مرفوعه فوق قلعه حلب. عندئذ، عرض اميران احدهما عز الدين جردق الصديق القديم لصلاح الدين خدماتهما علي صلاح الدين، الذي رحب بذلك. استبدل صلاح الدين القضاء الحنفى بالقضاء الشافعي، مع و عد بعدم التدخل فالقياده الدينيه للمدينة. و علي الرغم من حاجه صلاح الدين للمال، الا انه سمح لزنكى بالمغادره بكل ما استطاع حملة من خزائن قلعه المدينة، و بيع المتبقى لصلاح الدين نفسه.[114]

علي الرغم من ترددة فيما مضي فاتمام عمليه المبادلة، الا انه كان و اثقا من نجاحة لتيقنة من ان حلب هى “الباب الذي سيفتح له الأراضي” و أن “هذة المدينه هى عين الشام و قلعتها بؤبؤها”.[115] بالنسبه لصلاح الدين الأيوبي، كان الاستيلاء علي المدينه يمثل له نهايه اكثر من ثمانى سنوات من الانتظار، فقد قال لفروخ شاة “نحن لا نملك الا الانتظار، و حلب ستكون لنا.” فمن و جهه نظره، انه باستيلائة علي حلب سيستطيع الآن تهديد الساحل الصليبى كله.[116]

بعد ان قضي ليله و احده فقلعه حلب، سار صلاح الدين الي حارم بالقرب من انطاكيه الإماره الصليبية. كانت حارم تحت حكم “سرخك” احد المماليك صغيرة الشأن، الذي قدم صلاح الدين الأيوبى له عرضا بمدينه بصري و أراض فدمشق فمقابل حارم، و لكن عندما طلب سرخك الحصول علي المزيد، ارغمتة حاميه البلده علي الخروج،[113][116] حيث تم القاء القبض علية من قبل تقى الدين نائب صلاح الدين الأيوبى بعد مزاعم بأنة كان يخطط للتنازل عن حارم الي بوهمند الثالث امير انطاكية. بعد استسلام حارم، شرع صلاح الدين الأيوبى فترتيب دفاعات المدينه استعدادا للصليبيين، و أوفد الي الخليفه و أتباعة فاليمن و بعلبك بأنة سيهاجم الأرمينيين. و قبل ان يهم بالتحرك، كان لا بد من تسويه بعض التفاصيل الإدارية، فقد و افق صلاح الدين الأيوبى علي هدنه مع بوهمند فمقابل رد اسري مسلمين كان يحتجزهم، بعدها و لي علم الدين سليمان بن جندر،[113] و هو الأمير الذي انضم الي صلاح الدين فحلب، اداره اعزاز، كما و لي سيف الدين اليزقوج، مملوك عمة اسد الدين شيركوة السابق الذي انقذة من محاوله اغتيال فاعزاز، اداره حلب.[117]

حربة من اجل الموصل

مع اقتراب صلاح الدين من الموصل، كان علية تبرير مسأله الاستيلاء علي تلك المدينه الكبيرة.[118] استغاث زنكيو الموصل بالخليفه العباسى الناصر لدين الله فبغداد الذي كان و زيرة يفضلهم، فأرسل الناصر بدر البدر، و هو شخصيه اسلاميه رفيعه المستوى، للتوسط بين الجانبين. و صل صلاح الدين الي المدينه ف10 نوفمبر سنه 1182م، و لم يقبل عز الدين شروطة لأنة اعتبرها خدعه كبيرة، و علي الفور ضرب صلاح الدين حصارا علي المدينه المحصنه جيدا.[119]



“صلاح الدين المظفر”، رسم من القرن التاسع عشر.

بعد عده مناوشات طفيفه و المأزق الذي و قع فية امام الخليفة، قرر صلاح الدين الأيوبى ان يجد كيفية للانسحاب من الحصار دون ان يلحق هذا ضررا بسمعته، لذلك قرر ان يهاجم سنجار التي يحكمها شرف الدين امير اميران هندوا شقيق عز الدين، مع ترك قوه لمواصله الحصار، فسقطت سنجار بعد حصار دام 15 يوما ف3 رمضان سنه 578 ه، الموافق فية 30 ديسمبر سنه 1182م.[105][120] لم يلتزم قاده و جنود صلاح الدين بانضباطهم و نهبوا المدينة، و تمكن صلاح الدين بنفسة من حمايه حاكم المدينه و ضباطة بإرسالهم الي الموصل. و بعد ان ترك حاميه فسنجار، انتظر حتي يجمع جندة من حلب و ما ردين و أرمينيا لمواجهه عز الدين.[121] توجة صلاح الدين بجيشة للقاء قواتة فحران فشهر ذى القعده من سنه 578 ه، الموافق فية شهر فبراير من عام 1183م، و عندما علم عز الدين بقدوم جيش صلاح الدين، ارسل رسلة فطلب السلام، و فرق قواته.

وفى 6 ذى القعده سنه 578 ه، الموافق فية 2 ما رس سنه 1183م، كتب العادل من مصر الي صلاح الدين الأيوبى بأن الصليبيين ربما طعنوا قلب الإسلام، فقد ارسل صاحب الكرك ارناط ال شاتيون، سفنا من خليج العقبه لمداهمه البلدات و القري قباله ساحل البحر الأحمر، و علي الرغم من ان تلك المحاوله لم تكن هادفه لفرض النفوذ الصليبى علي البحر او للتحكم فطرق التجارة، و كانت مجرد قرصنة،[122] كتب عماد الدين بأن الغاره كانت مقلقه للمسلمين لأنهم لم يكونوا معتادين علي الهجمات عبر البحر، و أضاف ابن الأثير بأن السكان لم يعهدوا فرنجيا قط لا تاجرا و لا محاربا.[105]

وقال ابن جبير بأن سته عشر سفن للمسلمين احرقها الصليبيون الذين استولوا علي سفينه حجاج و قافله فعيذاب. كما ذكر كذلك انهم كانوا ينوون مهاجمه المدينه المنوره و نهب قبر النبى محمد. و أضاف المقريزى الي ان شائعات انتشرت تزعم بأنهم كانوا سينقلون جثمان النبى محمد الي الأراضى الصليبية، لجعل المسلمين يحجون اليها. و لحسن حظ صلاح الدين الأيوبي، كان العادل ربما نقل السفن الحربيه من الفسطاط و الإسكندريه الي البحر الأحمر تحت قياده حسام الدين لؤلؤ قائد الأسطول المصري، فبدا بمهاجمه القوات التي هاجمت ايله و هزمها، بعدها سار لقتال من هاجموا عيذاب، فأدركهم فساحل الحوراء(أملج) و دمر معظم سفنهم، فنزلوا الي البر محاولين الفرار فهزمهم شر هزيمة.[105][123] امر صلاح الدين بقتل الأسري الصليبيين البالغ عددهم 170 مقاتل فعدد من مدن المسلمين.[124]



الدوله الأيوبيه و الدول المجاوره عند نهايه حمله صلاح الدين علي امارات الشام و بلاد ما بين النهرين.

من و جهه نظر صلاح الدين، كانت الحرب ضد الموصل تسير علي ما يرام، لكنة لم ينجح بعد فتحقيق اهدافة و بدا جيشة يتناقص؛ فقد عاد تقى الدين برجالة الي حماة، و غادر ناصر الدين محمد بن شيركوة بقواته. شجع هذا عز الدين و حلفائة علي الهجوم. فجمع قواتة فحرضم الواقعه علي بعد 140 كيلومتر من حران. و فبدايه ابريل، و دون ان ينتظر ناصر الدين، بدا صلاح الدين و تقى الدين تقدمهم ضد قوات عز الدين، متوجهين شرقا الي رأس العين دون ان يلقوا مقاومة.[125] و بحلول نهايه ابريل، و بعد ثلاثه ايام من القتال، استولي الأيوبيون علي امد. سلم المدينه نور الدين محمد بن قرة ارسلان بخزائنها التي فيها 80,000 شمعة، و برج كامل مملوء بالسهام و 1,040,000 كتاب. و فمقابل اعادتة حاكما للمدينة، اقسم نور الدين الولاء لصلاح الدين الأيوبي،[126] و اعدا اياة بمساعدتة فكل حملاتة فالحرب ضد الصليبيين و إصلاح الأضرار التي لحقت بالمدينة. و بسقوط امد، قرر حاكم ما ردين التحالف مع صلاح الدين الأيوبي، و هو ما اضعف تحالف عز الدين.[127]

حاول صلاح الدين الحصول علي دعم الخليفه الناصر ضد عز الدين من اثناء ارسال رساله للخليفه يطالبة بها بمرسوم يعطية الحق فتملك الموصل و الأراضى التابعه لها. حاول صلاح الدين الأيوبى اقناع الخليفه معللا طلبة بأنة فالوقت الذي فتح مصر و اليمن و أعادها تحت رايه العباسيين، كان الزنكيون فالموصل يؤيدون صراحه السلاجقه (منافسى الخلافة)، و لم يخضعوا للخليفه الا و قت حاجتهم اليه. و اتهم كذلك قوات عز الدين بعرقله الجهاد ضد الصليبيين، مشيرا الي انهم “لا ينوون القتال فقط، بل و يمنعون الذين يستطيعون ذلك”. كما قال صلاح الدين الأيوبى بأنة انما جاء الي الشام لقتال الصليبيين و إنهاء بدعه الحشاشين و وضع حد لتخاذل المسلمين. كما و عد انه اذا اعطيت له الموصل، فسيستولى علي القدس و القسطنطينيه و الكرج و أراضى الموحدين فالمغرب، حتي تصبح كلمه الله هى العليا و تطهر الخلافه العباسيه العالم و تتحول الكنائس الي مساجد. و أكد صلاح الدين ان جميع ذلك من الممكن ان يحدث بمشيئه الله، و بدلا من طلب الدعم المالى او العسكرى من الخليفة، قال انه سيغزو اراضى تكريت و داقوق و خوزستان و جزيره كيش و عمان، و سيعطيها للخليفة.[128]

الحروب ضد الصليبيين

بعد ان نجح صلاح الدين فان يجمع مصر و سوريا و الحجاز و تهامه و العراق فدوله دينيه موحده قويه تحيط بمملكه بيت =المقدس و الإمارات الصليبيه من الشمال و الشرق و الجنوب، و اطمأن الي و حدتها و تماسكها، انتقل الي تحقيق القسم الثاني من مخططة السياسي، و هو محاربه الصليبيين و طردهم من البلاد،[44] و جاءتة الفرصه حين تعرض ارناط ال شاتيون صاحب الكرك لقافله غزيره الأموال كثيره الرجال فأخذهم عن اخرهم و نهب اموالهم و دوابهم و سلاحهم، فأرسل الية صلاح الدين يلومة و يقبح فعلة و غدرة و يتوعدة ان لم يطلق الأسري و الأموال، فلما رفض ارسل صلاح الدين، الذي كان انئذ فدمشق، الي كل الأطراف باستدعاء العساكر لحرب ارناط، و توجة بنفسة الي بصرى، و منها الي الأردن و نزل بثغر الأقحوان.[129]

فى 9 جمادي الآخره سنه 579 ه، الموافق فية 29 سبتمبر سنه 1183م، عبر صلاح الدين نهر الأردن لمهاجمه بيسان التي و جدها خاوية. و فاليوم الاتي، اضرمت قواتة النار فالبلدة،[113] و ساروا غربا، ليعترضوا تعزيزات الصليبيين من حصنى الكرك و الشوبك علي طول طريق نابلس و أسروا عددا منهم. و فتلك الأثناء، كانت قوه الصليبيين الرئيسيه بقياده غى ال لوزنيان، قرين ملكه القدس سيبيلا اخت بلدوين، ربما تحركت من صفوريه الي العفولة. ارسل صلاح الدين الأيوبى 500 مقاتل لمناوشه قوات الصليبيين، و سار بنفسة الي عين جالوت. و عندما تقدمت القوات الصليبية، و التي كانت اكبر قوه جمعتها المملكه من مواردها الخاصة، و لكنها كانت لا تزال اقل من قوات المسلمين، تراجع الأيوبيون بشكل غير متوقع الي عين جالوت. رغم و جود بضع الغارات الأيوبية، بما فذلك الهجمات علي زرعين و الطيبه و جبل طابور، لم يشارك الصليبيون بكامل قواتهم فمعركه العفولة، التي قاد بها صلاح الدين رجالة عبر النهر منسحبا ببطء.[117]

ومع ذلك، اثارت المزيد من الهجمات الصليبيه غضب صلاح الدين الأيوبي. فقد استمر ارناط ال شاتيون يهاجم القوافل التجاريه العائده للمسلمين و طرق الحج بأسطول فالبحر الأحمر، و هو الممر المائى الذي كان من اللازم لصلاح الدين بقائة مفتوحا. و ردا علي ذلك، بني صلاح الدين اسطولا من 30 سفينه لمهاجمه بيروت فعام 1182م. هدد رينالد بمهاجمه مدن المسلمين المقدسه مكه و المدينه المنورة، و هو ما رد علية صلاح الدين بمحاصره الكرك قلعه ارناط الحصينه مرتين، عامى 1183 و 1184، فرد رينالد بنهب قافله حجيج عام 1185، و وفقا لمؤرخ القرن الثالث عشر الإفرنجى و ليم الصوري، فقد قبض ارناط علي اخت صلاح الدين فتلك الغاره علي القافلة،[130] و هو ما لم تثبتة المصادر المعاصرة، سواء الإسلاميه او الأوروبية، و ذكرت بدلا من هذا ان ارناط هاجم القافلة، و أن جند صلاح الدين حموا شقيقتة و ابنها حتي و صلوا دون اي ضرر.

بعد ان استعصي حصن الكرك المنيع علي صلاح الدين ادار و جهة و جهه اخري و عاود مهاجمه عز الدين مسعود بن مودود الزنكى فنواحى الموصل التي كان ربما بدأت جهودة فضمها سنه 1182م، الا ان تحالف عز الدين مع حاكم اذربيجان و مملكه جبال، و الذي ارسل جنودة عبر جبال زاغروس عام 1185م، جعل صلاح الدين يتردد فهجومه. و حينما علم المدافعون عن الموصل، بأن تعزيزات فطريقها اليهم، ارتفعت معنوياتهم و زادوا من جهودهم، و ربما تزامن هذا مع مرض صلاح الدين، لذلك ففى شهر ما رس من سنه 1186م، تم التوقيع علي معاهده سلام.[131]

معركه حطين



غى ال لوزينيان، ملك بيت =المقدس (1186–1192)، شهد عهدة القصير معركه حطين و استرجاع المسلمين للقدس.

كان المرض ربما اشتد علي ملك بيت =المقدس بلدوين الرابع، فسنه 1185م و ما لبث ان توفى فذلك العام بعد ان سمي ابن شقيقتة بلدوين الخامس خلفا له، لكن الأخير ما لبث ان توفى اثناء سنة، فتولت العرش و الدتة سيبيلا، التي ما لبثت ان توجت زوجها الثاني غى ال لوزينيان ملكا، و كان الأخير ربما خطط له ان يصبح و صى العرش بعد بلدوين الرابع، لكن تحالفة مع ارناط و خرقهما للهدنه مع صلاح الدين و مهاجمتهما لقوافل المسلمين التجاريه و قوافل الحجاج، الأمر الذي جعل صلاح الدين يحاصر الكرك، جعلت بلدوين الرابع يعدل عن تسميتة خلفا له بعد مماته.[44] و عندما تولي غى عرش بيت =المقدس ظهرت الانشقاقات بين الصليبين و توسعت، فلم يكن عدد من الأمراء راضيا عن توليه، و من هؤلاء ريموند الثالث “القمص” صاحب طرابلس، الذي دفعة غيظة الي مراسله صلاح الدين[132] و مصادقتة و اتفق معة الا يحاربة و لا يرفع علية سيف، فقال له: «أننى املك طبريا انزل عليها و أستولى عليها و أنا اتركها لك فتقوي فيها علي الفرنجه و تضعف قلوبهم». فذهب صلاح الدين و نزل قريبا من طبريا فسلمها له صاحب طرابلس، و سمع ملك الفرنجه المتوج حديثا ما حدث، فحشد العامه فالبلاد مع عساكر الساحل و سار للقاء صلاح الدين، و انضم الية صاحب طرابلس ليتستر علي فعله.[133]



معركه حطين بين الصليبيين و المسلمين.



صلاح الدين يعدم ارناط صاحب الكرك بيده.

فى يوم السبت 25 ربيع الآخر سنه 583 ه، الموافق فية 5 يوليو سنه 1187م، نزل الصليبيون قرون حطين،[129] و كان صلاح الدين ربما سبقهم الي هنالك و تمركز جيشة فالمنطقه العليا منها حيث نبع المياه، و كانت تجهيزات الفرنجه الحربيه الثقيله هى اسباب تأخرهم فالوصول، و لما حصل و وصلوا الي الموقع كانوا هالكين من العطش لدرجه انهم شربوا الخمر بدلا من الماء فسكر منهم الكثير، و هاجموا جيش صلاح الدين فقتل من الفريقين عدد من الجنود، و كان الصليبيون متحمسين فالبدايه للحصول علي الماء فهزموا المسلمين فاول النهار و لكن دارت الدوائر فاخر النهار، فإنقض الأيوبيون علي الجيش الصليبى و مزقوا صفوفه، و استمرت المعركه ساعات طويلة، و ما ان انقشع غبارها حتي تبين مدي الكارثه التي لحقت بالصليبيين، فقد خسروا زهره شباب جنودهم، و قتل الكثير من الفرسان و الضباط المخضرمين، و وقع الملك غى ال لوزينيان و أخوة و أرناط صاحب الكرك و غيرهم منكبيرة الصليبيين بالأسر.[6][134] اما ريموند الثالث صاحب طرابلس، فقد تظاهر بالهجوم علي المسلمين، فمر بين صفوفهم و ذهب و لم يرجع كأنة انهزم، و اتجة الي مدينه صور و مكث بها.

بعد ذلك النصر جلس صلاح الدين فخيمته، و أمر بإحضار الملك غى و أخوة و أرناط، فلما مثلوا امامة قدم للملك شربه من جلاب و ثلج، فشربها و كان علي اشد حال من العطش، بعدها ناولها لأرناط، فقال صلاح الدين للترجمان: «إنما ناولتك، و لم اذن لك ان تسقيه، ذلك لا عهد له عندي»،[135] و هذا كون العاده السائده كانت انه لو شرب الأسير او طعام من ما ل من اسره امن، و كان صلاح الدين ربما نذر انه لو ظفر بأرناط قتلة بعد ان قتل من المسلمين خلقا كثيرا.[6] بعد هذا امر صلاح الدين بإحضار بعض الاكل للملك غي، و ما ان انتهي حتي امر بإحضار ارناط، و أوقفة بين يدية بعدها قال له: «نعم انا انوب عن رسول الله فالانتصار لأمته»،[135] و دعاة الي اعتناق الإسلام، فرفض و قال ما يتضمن الاستخفاف بالنبى محمد، فسل صلاح الدين سيفة و دق عنق ارناط، و أمسكة الجنود و أخرجوا جثتة و رموها علي باب الخيمة، و رآة الملك غى يتخبط فدمائة و يلفظ انفاسة الأخيره فخاف و شحب لونة معتقدا انه لاحق به،[134] فاستحضرة صلاح الدين و طيب قلبة و قال له:

   

صلاح الدين الأيوبي

أنا احدثك حديث الأمراء، لا تخاف يا ملك فلن تموت اليوم، بل تحيا و لو بقى فقومك بقيه كنت املكك عليهم و أساعدك بمالى و رجالي طول ايام حياتك. ان اسباب ما فعلتة بة ان الكرك كانت طريق التجار و المسافرين فكان يعتدي علي القوافل بظلم و عنف، و كان ملوك المسلمين نور الدين و غيرة يطلبون الصلح معة ليخففوا ضررة علي المسلمين، فكان يوافقهم مره و لا يعتدى علي التجار و ألف مره يعتدي. فلما تملكت و حكمت البلاد ارسلت له و هاديتة بمال كثير و خلع.. فحلف لرسولى انه لن يؤذى المسلمين و سيترك التجار بلا ضرر و يمهد لهم الطريق و لن يعتدى اي و احد من اصحابة عليهم، و بعد الصلح بثلاثه ايام عبرت قافله قاصده دمشق فساقها بجمالها و رجالها و أموالها و ذهب فيها الي الكرك فأسر رجالها و أخذ الأموال فلما عرفت بأمر نقوضة العهد كتمت الغيظ و نذرت للة اننى متي ظفرت بة اذبحة و اقطع رقبته، فلا تلومنى يا ملك.[136]
   

صلاح الدين الأيوبي



صلاح الدين و غى ال لوزينيان بعد معركه حطين.

ثم استدعي خادمة و سألة ان يحضر شراب فجاء بة فأخذة بيدة و شرب منة و ناولة للملك فشربة و أعطي له و لأصحابة خيمه و جعل عليها حراسا لحراستة و احتفظ به، و أرسلة الي دمشق اسيرا، يرافقة القاضى ابن ابى عصرون، حتي تنتهى الحرب و تفتتح القدس، و أرسل معة كذلك صليب الصلبوت، و هو الصليب الأعظم عند الصليبيين و الذي قيل بأن فية قطعه من الخشبه التي صلب عليها المسيح، و كان يغلف بالذهب و اللآلئ و الجواهر النفسية، و كان يتقدم الجيش الصليبى علي الدوام، و حملوة معهم يوم حطين، و أودع فقلعه دمشق عند و صوله.[137]

تحرير الساحل الشامي



حصار الأيوبيين لمدينه يافا.

رأي صلاح الدين الا يتوجة مباشره لفتح القدس بعد انتصار حطين، و إنما رأي انه من الأسلم ان يسير لفتح مدن الساحل و من بعدها الهجوم علي القدس، فرحل طالبا عكا و كان نزولة عليها يوم الأربعاء، و قاتل الصليبيين فيها بكره يوم الخميس مستهل جمادي الأولي سنه 583 ه، فأخذها و أنقذ من كان فيها من اسري المسلمين، و كانوا اكثر من 4 الاف شخص،[6][135] و استولي علي ما بها من الأموال و الذخائر و البضائع كونها كانت المرفا التجارى الرئيسى للصليبيين و نافذتهم علي و طنهم الأم فاوروبا. بعدها تفرقت الجنود الأيوبيه فالساحل يأخذون الحصون و القلاع و الأماكن المنيعة، ففتحوا نابلس و حيفا و الناصره و قيساريه و صفورية[138] بعد ان خلا معظمها من الرجال اما لمصرعهم علي ارض المعركه او لوقوعهم فالأسر او لهربهم من امام الجيش الأيوبى بعد ان قل عددهم.[6] و لما استقرت قواعد عكا، قسم صلاح الدين اموالها بين اهلها، و أبقي بعض القاده الصليبيين فالأسر و أطلق سراح بعض الجنود، بعدها سار يطلب قلعه تبنين، فوصلها يوم الأحد ف11 جمادي الأولي من نفس السنة، فنصب عليها المناجيق و ضيق عليها الحصار، و قاومت حاميتها مقاومه عنيفه قبل ان تستسلم و يدخلها الجيش الأيوبي، بعدها ارتحل بعد هذا قاصدا صيدا و تسلمها فاليوم الاتي لوصوله.[6][138]

وفى خلال توجة صلاح الدين لفتح بيروت فسنه 1187م، لقية الأمير جمال الدين حجى التنوخى فبلده خلده و سار معة لحصار المدينة، فضرب الإثنان عليها الحصار و دخلوها بعد 7 ايام، و كافا صلاح الدين الأمير التنوخى علي و لائة له و ثبتة علي اقطاعات ابائة و أجدادة و زاد عليها حتي شملت منطقه الغرب كلها، الممتده من جنوبى بيروت حتي اعالى جبل لبنان، و ايضا فعل مع الأمراء الشهابيين فسهل البقاع، فقد كان هؤلاء يقاتلون الصليبيين طيله فتره من الزمن انتهت باستيلائهم علي حاصبيا و ما حولها، فسر صلاح الدين بذلك و ولي الأمير منقذ الشهابى علي البلاد التي فتحها.[44] و فخلال حصار صلاح الدين لبيروت، كانت فرقه عسكريه ايوبيه ربما استرجعت جبيل من ايدى الصليبيين، و لما فرغ من ذلك الجانب رأي ان قصدة عسقلان اولي لأن حصارها و فتحها ايسر من حصار صور، فأتي عسقلان و تسلم فكيفية اليها مواقع كثيره كالرمله و الدراوم، و أقام فعسقلان المناجيق و قاتلها قتالا شديدا حتي استسلمت حاميتها، و أقام عليها الي ان تسلم اصحابة غزه و بيت =جبرين و النطرون بغير قتال، و كذا كان صلاح الدين ربما استرجع اغلب ساحل الشام، و لم يصمد فو جهة غير مدينتى طرابلس و صور و قسما من اماره انطاكية.[139]

فتح القدس



صلاح الدين و ربما ضرب الحصار علي القدس.

ظل صلاح الدين فعسقلان حتي نظم ادارتها و سلمها الي احد مماليكة و اسمة علم الدين قيصر، و أعطاة و لايه عسقلان و القطاع الذي حولها و رحل منها و توجة الي القدس لفتحها، و وصلها يوم الخميس ف11 رجب سنه 583 ه، الموافق فية 20 سبتمبر سنه 1187م، من جهه عين سلوان حتي يصبح الماء قريب من جيشة و أمر جندة بمحاصره المدينه فهيئه دائرية، و صلي المسلمين علي الجبل الذي حولها يوم الجمعة، و زحفوا للقتال بعد الصلاة، و لم يكن فالمدينه المقدسه قوه كبيره لحمايتها من الهجوم الأيوبي، حيث لم يزيد عدد الجنود عن 1400 جندي، اما الباقون فكانوا من الفقراء و الأهالى الذين لا خبره لديهم فالقتال و كان باليان بن بارزان فارس من فرسان الفرنجه الكبار يسكن مدينه القدس و يتولي شؤونها منذ ان غادرها الملك غي، و كان باليان ذلك هو صاحب مدينه الرملة،[138][140] و قاد القتال فذلك اليوم و انضم الية الكهنه و الشمامسة، و كان ما هرا فاداره القتال و توجية المقاتلين امام قوات صلاح الدين، و كان خوفة الأكبر ان يقتل المسلمين جميع مسيحيى القدس عند دخولهم كما فعل الصليبيون عندما فتحوا المدينه قبل ما يزيد عن قرن من الزمن، فحث السكان ان يدافعوا عن حياتهم و مقدساتهم حتي الرمق الأخير، و عندما ارسل له صلاح الدين ان يسلم المدينه و يطلب الأمان لم يفعل، و أصر علي القتال و استمر فالحرب مدة 14 يوما.[139]

ولما رأي صلاح الدين ان الحرب ستكون شديده و لم يقدر علي احتلال مدينه القدس، احضر يوسف البطيط، و هو رجل مسيحى ارثوذكسى مقدسي، انتقل الي مدينه دمشق و سكن بها و كان له معرفه بأمراء مسلمين و فرنجة، و كان ممن يعرفهم صلاح الدين، و كان يعرف ايضا ابوة و عمة اسد الدين شيركوة و هم بدمشق فخدمه نور الدين زنكى قبل ان يحكموا مصر،[139] و لما ملك صلاح الدين مصر و حكمها، جاء اليهم ليعمل معهم فاستخدمة الملك العادل ابو بكر اخو صلاح الدين و أعطاة عطايا، و سكنا فقصر الخليفه فقاعه باب الذهب فالقصر الشرقى بالقاهرة، و استعملة صلاح الدين لمراسله الفرنجة، و كان يعرف احوال البلاد و أهلها كما كان يعرفكبيرة فرسان تلك البلاد، فطلب منة ان يتفق مع المسيحيين الأرثوذكس من عرب و روم يوعدهم بالخير و العفو عنهم اذا لم يساعدوا الفرنجه فالقتال و أن يسلموا المدينه لصلاح الدين من الجهه التي يسكنون فيها فالقدس فيهلكوا الفرنجة،[139] الذين رفض صلاح الدين ان يعفى عنهم بحال فتح المدينة، حتي هدد باليان بقتل الرهائن المسلمين، و الذين يقدر عددهم بأربعه الآف مسلم، و تدمير الأماكن الإسلاميه المقدسة، اي قبه الصخره و المسجد القبلي، الذان يشكلان المسجد الأقصى، اذا لم يعف صلاح الدين عنهم.[141]



باليان بن بارزان صاحب الرمله و نابلس و حامى القدس، يسلم المدينه للسلطان صلاح الدين الأيوبي.



السكان الفرنجه بين يدى صلاح الدين بعد استرجاعة للقدس.

استشار صلاح الدين الأيوبى مجلسة و قبل هذة الشروط، علي ان يتم دفع فديه علي جميع من بها مقدارها عشره دنانير من جميع رجل و خمسة دنانير من جميع امرأه و دينارين عن جميع صبى و جميع بنوته لم يبلغ سن الرشد، فمن ادي ما علية فالمهله التي قدرها اربعين يوما، صار حرا.[138] بعدها سمح صلاح الدين بعد ان انقضت المهله لمن لم يستطع الدفع منهم بالمغادره دون فدية،[142][143] و لكن تم بيع معظم المقاتله منهم عبيدا.[144] دخل صلاح الدين المدينه فليله المعراج يوم 27 رجب سنه 583 ه، الموافق فية 2 اكتوبر سنه 1187م، و سمح لليهود بالعوده للمدينة،[145] و هو ما دفع سكان عسقلان من اليهود لاستيطان القدس.[146] و أغلق صلاح الدين كنيسه القيامه بوجة الفرنجه بعد فتح المدينة، و أمر بترميم المحراب العمرى القديم و حمل منبر مليح من حلب كان الملك نور الدين محمود بن زنكى ربما امر بصنعة ليوضع فالمسجد الأقصي متي فتح بيت =المقدس، فأمر صلاح الدين بحملة من حلب و نصب بالمسجد الأقصى،[138] و أزيل ما هنالك من اثار مسيحيه منها الصليب الذي رفعة الإفرنج علي قبه المسجد، و غسلت الصخره المقدسه بعده احمال ماء و رد و بخرت و فرشت و رتب فالمسجد من يقوم بوظائفة و جعلت بة مدرسه للفقهاء الشافعية، بعدها اعاد صلاح الدين فتح الكنيسه و قرر علي من يرد اليها من الفرنج ضريبه يؤديها.[139]

وقد ابتهج المسلمون ابتهاجا عظيما بعوده القدس الي ربوع الأراضى الإسلاميه و الخلافه العباسية، و حضر ناس كثيرون ليسلموا علي السلطان و من هؤلاء الرشيد ابو محمد عبدالرحمن بن بدر بن الحسن بن مفرج النابلسي، الشاعر المشهور، فأنشد صلاح الدين قصيده طويله من ما ئه بيت =يمدحة و يهنئة بالفتح،[6] و مما جاء فالقصيدة:

هذا الذي كانت الآمال تنتظر فليوف للة اقوام بما نذر
هذا الفتوح الذي جاء الزمان به إليك من هفوات الدهر يعتذر
تجل علياة عن دح يحيط به وصف و إن نظم المداح او نثروا
لقد فتحت عصيا من ثغورهم لولاك ما هد من اركانها حجر

حصار صور و عكا



حصار صور من قبل الجيش الأيوبى سنه 1187.

كان معظم امراء الفرنجه و فرسانها يذهبون الي المدن الحصينه التي ما زالت فايديهم كانطاكيه و صور، و كانت الأخيره يحكمها ملك من ملوك اوروبا هو كونراد مركيز مونفيراتو، و يقول البعض انه رومى ابن اخت امبراطور القسطنطينية.[139] و كانت صور اكثر اهميه من الناحيه الإستراتيجيه من القدس، لذلك كان من المتوقع ان يقوم صلاح الدين بفتحها اولا، لكنة فضل استرجاع المدينه المقدسه اولا ليرفع من معنويات المسلمين قبل التوجة لحصار المدينه المحصنة. و قبل حصار صور توجة صلاح الدين بجيشه الي قلعه صفد و حاصرها سبعه شهور، و لما نفذ الاكل و جاعت الحاميه اضطروا ان يسلموا القلعه له و طلب الأمان، و عندما غادرها جنود الفرنجه و فرسانهم ذهبوا الي صور و كانت جميع قلعه او حصن او مدينه تطلب الأمان و يسلمونها الي صلاح الدين، كان الفرنجه يغادرونها الي صور فقويت بوجود فرسان الفرنجه فيها، فصمدت فو جة صلاح الدين سنه كاملة، اضف الي هذا ان المركيز ظل يقوى و يحمى و يدبر احتياجات المدينه طيله ايام الحصار، حتي دب اليأس الي فؤاد السلطان، ففك الحصار عنها مؤجلا تحقيق الفتح الي فرصه قادمة. و فسنه 1188م اطلق صلاح الدين سراح الملك غى ال لوزينيان و أعادة الي زوجتة سيبيلا، فذهبا ليعيشا فطرابلس، بعدها توجها الي انطاكية، قبل ان يقررا الذهاب الي صور، لكن كونراد رفض السماح لهما بالدخول الي المدينه كونة لم يعترف بشرعيه ملكيه غي.[139]



حصار عكا.

وبعد ان انصرف صلاح الدين عن صفد و اصل فتح المدن و القلاع ففتح جبله و اللاذقيه و حصون صهيون و بكاس و الشغر و سرمينيه و برزيه و درب ساك و الكرك و كوكب، كما سعي بوهمند الثالث صاحب انطاكيه لمهادنه صلاح الدين مدة ثمانيه اشهر، فقبل صلاح الدين هذا علي ان يطلق بوهمند من عندة من اسري المسلمين.[147] لما ضجت صور بمن لجا اليها من الفرنجة، قام بعض رهبانهم و قسسهم بشحن الفرنجه للثأر لفقدان بيت =المقدس، فرأوا ان يهاجموا عكا، فجمعوا قواتهم و ضربوا عليها حصارا بريا بحريا ف15 رجب 585 ة الموافق 28 اغسطس 1189م.[148] استنجدت حاميه المدينه بصلاح الدين فأرسل الي عمالة و حلفاؤة يطالبهم بالاسراع الي نجده المدينة، فوافاة عسكر الموصل و آمد و سنجار و غيرها من بلاد الجزيره و حران و الرها، كما و افاة اخاة الملك العادل ابى بكر بن ايوب فجند مصر و الأسطول المصرى بقياده حسام الدين لؤلؤ، فدارت بين الفريقين معارك عظيمه لم يكتب بها الغلبه لأى من الفريقين.[148]

الحمله الصليبيه الثالثة



السلطنه الأيوبيه بعد استرجاع بيت =المقدس و ساحل الشام، و عند و صول الحمله الصليبيه الثالثة.

كانت معركه حطين و فتح القدس سببين رئيسيين لخروج الحمله الصليبيه الثالثة، حيث حث البابا غريغورى الثامن ملوك اوروبا علي شن حمله صليبيه حديثة لاستعاده بيت =المقدس، فكان اول من لبي النداء الإمبراطور الألمانى فريدريش بربروسا الإمبراطور الرومانى المقدس الذي سار بجيشة برا عبر المجر و رومانيا حتي بلغ القسطنطينية، و التي كان امبراطورها اسحق الثاني ربما تحالف سرا مع صلاح الدين، الا يسمح احدهما لأى قوات بتهديد اراضى الآخر، الا انه لم يقوي علي منع قوات فريدريش لكثره عددهم، لكنة لم يسمح بتزويدهم بالمؤن. راسل فريدريش ابناء سلطان سلاجقه الروم قلج ارسلان الثاني و ربما كانوا ربما حجروا علي ابيهم، للمرور من اثناء اراضيهم، فسمحوا له، و أرسل قلج ارسلان الثاني يعتذر لصلاح الدين علي عدم قدرتة علي منع الألمان من المرور من اراضيه، فبلغت الرسل صلاح الدين و هو يحاصر عكا.[149]

رغم ذلك، فقد فشلت حمله فريدريش فالوصول الي الشرق، لطول المسافه و حلول الشتاء علي الجيش المرتحل و مقاومه بعض امراء المناطق التي مرت فيها الحمله للجيش الغازى و قله المؤن، خاصه بعد امتناع اسحق الثاني امبراطور الروم عن امدادهم بالمؤن، اضافه الي غرق فريدريش بربروسا نفسة فاحد الأنهار بالقرب من انطاكية، و الخلافات التي تبعت و فاتة علي من يخلفه، و ربما اثارت انباء فشل حمله بربروسا الغبطه فالمعسكر المسلم المدافع عن عكا.[149]



“إعدام السراسنة”، رسم يخرج الملك ريتشارد الأول “قلب الأسد” و هو يعدم السجناء المسلمين بعد استرجاعة مدينه عكا.

لم تتوقف الحمله عند ذلك، بل تصدي لتلك الحمله كذلك ملكان من اكبر ملوك اوروبا فذلك الوقت هما ريتشارد الأول “قلب الأسد” ملك انگلترا و فيليپ اغسطس ملك فرنسا، اللذان مولاها بفرض ضريبه خاصه عرفت بعشور صلاح الدين (بالإنگليزية: Saladin tithe؛ و بالفرنسية: Dîme saladine) فانگلترا و أجزاء من فرنسا، و انضما الي حصار عكا، التي سقطت فعام 587 ه، الموافق لعام 1191م، امام القوات التي يقودها ريتشارد، و أعدم بها ثلاثه الاف سجين مسلم منهم نساء و أطفال.[150][151] رد صلاح الدين بقتل جميع الفرنجه الذين اسرهم بين 28 اغسطس و 10 سبتمبر، و ربما كتب بهاء الدين بن شداد “وبينما كنا هنالك احضروا اثنين من الفرنجه الذين تم اسرهم الي السلطان صلاح الدين، و علي الفور امر بقطع رؤوسهم.”[152] و ف15 شعبان سنه 587 ه، الموافق فية 7 سبتمبر سنه 1191م، اشتبكت جيوش صلاح الدين مع جيوش الصليبيين بقياده ريتشارد قلب الأسد فمعركه ارسوف التي انهزم بها صلاح الدين،[153] الا ان الصليبيين لم يتمكنوا من التوغل فالداخل و بقوا علي الساحل، و بقيت الحرب سجال بين الفريقين، و فشلت جميع محاولات الفرنجه لغزو القدس.

لجا الفريقان بعد هذا الي الصلح، و عقدت هدنه ف20 شعبان سنه 588 ه، الموافق فية 1 سبتمبر سنه 1192م، مدة ثلاث سنوات و ثمانيه اشهر تبدا من ذاك التاريخ، بعد ان اجهدت الحرب الفريقين، التي بموجبها تنحصر مملكه بيت =المقدس الصليبيه فشريط ساجمل ما بين يافا و صور، و تظل القدس فايدى المسلمين مع السماح للمسيحيين بالحج اليها.[154] و مع ذلك، كانت علاقه صلاح الدين مع ريتشارد يسودها الاحترام المتبادل و الشهامه بعيدا عن التنافس العسكري، فعندما اصيب ريتشارد بالحمى، عرض صلاح الدين الأيوبى علية خدمات طبيبة الشخصي، و أرسل الية فاكهه مثلجة. و فارسوف، عندما فقد ريتشارد جواده، ارسل الية صلاح الدين الأيوبى اثنين محله. كما عرض ريتشارد علي صلاح الدين فلسطين موحده للمسيحيين الأوروبيون و المسلمين عن طريق تزويج اخت ريتشارد الأول بأخو صلاح الدين و أن تكون القدس هديه زفافهما، علي ان يصبح ما فتحة المسلمون تحت حكم العادل و ما بيد الفرنجه تحت حكم اخت ريتشارد، الا ان الأمر لم يتم.[153] الا ان الرجلين لم يلتقيا ابدا و جها لوجة و كان التواصل بينهما بالكتابه او بالرسل.

ولما تم الصلح سار صلاح الدين الي بيت =المقدس و حصن اسوارها، و أدخل كنيسه صهيون داخل اسوارها، و بني بها مدرسه و رباطا للخيل و بيمارستان، و غير هذا من المصالح، و قضي بالمدينه شهر رمضان من سنه 588 ه، بعدها تركها ف5 شوال متوجها الي دمشق حيث قضي احدث ايامه.[154]

وفاته



قبر صلاح الدين فدمشق.

كانت المواجهه مع الملك ريتشارد و معاهده الرمله احدث اعمال صلاح الدين، اذ انه بعد و قت قصير من رحيل ريتشارد، مرض صلاح الدين بالحمي الصفراويه يوم السبت ف20 فبراير سنه 1193م، الموافق فية 16 صفر سنه 589 ه، و أصابة ارق فلم ينم الليل الا قليلا، و أخذ المرض يشتد و يزيد، حتي قال طبيبة الخاص، ان اجل السلطان اصبح قاب قوسين او ادنى، و استمر المرض يشتد حتي انتهي الي غايه الضعف، و بعد تسعه ايام حدثت له غشيه و امتنع من تناول المشروب، و لما كان اليوم العاشر حقن دفعتين، و حصل له من الحقن بعض الراحة، لكنة عاد و اشتد علية المرض حتي يأس الأطباء من حاله.[6] توفى صلاح الدين فجر يوم الأربعاء ف4 ما رس سنه 1193م، الموافق فية 27 صفر سنه 589 ه، فأفجع موتة المسلمين عموما و الدمشقيين خصوصا، و بكاة الكثيرون عند تشييعة و قيل ان العاقل حتي كان ليخيل له ان الدنيا كلها تصيح صوتا و احدا من شده البكاء، و غشى الناس ما شغلهم عن الصلاه عليه، و تأسف الناس علية حتي الفرنج لما كان من صدق و فائه،[155] و دفن بعد صلاه عصر هذا اليوم فالمدرسه العزيزيه قرب المسجد الأموى فدمشق، الي جوار الملك نور الدين زنكي، و عندما فتحت خزانتة الشخصيه لم يكن بها ما يكفى من المال لجنازته، فلم يكن بها سوي سبعه و أربعين درهما ناصريا و دينارا و احدا ذهبا، و لم يخلف ملكا و لا دارا، اذ كان ربما انفق معظم ما له فالصدقات.[156]

فى ساعه موته، كتب القاضى الفاضل، قاضى دمشق، الي و لدة الملك الظاهر صاحب حلب رساله قال فيها: «﴿لقد كان لكم فرسول الله اسوه حسنة﴾۞﴿إن زلزله الساعه شيء عظيم﴾ كتبت الي مولانا الملك الظاهر اقوى الله عزاءه، و جبر مصابه، و جعل فية الخلف من السلف فالساعه المذكوره و ربما زلزل المسلمون زلزالا شديدا، و ربما حضرت الدموع المحاجر، و بلغت القلوب الحناجر، و ربما و دعت اباك و مخدومى و داعا لا تلاقى بعدة و قبلت و جهة عنى و عنك، و أسلمتة الي الله و حدة مغلوب الحيلة، ضعيف القوة، راضيا عن الله، و لا حول و لا قوه الا بالله. و بالباب من الجنود المجندة، و الأسلحه المعمده ما لم يدفع البلاء، و لا ما يرد القضاء، تدمع العين، و يخشع القلب، و لا نقول الا ما يرضى الرب، و أنا بك يا يوسف لمحزونون. و أما الوصايا، فما تحتاج اليها، و الأراء، فقد شغلنى المصاب عنها، و أما لائح الأمر، فإنة ان و قع اتفاق، فما عدمتم الا شخصة الكريم، و إن كان غير ذلك، فالمصائب المستقبله اهونها موته، و هو الهول العظيم و السلام».[155]



مقام صلاح الدين.

وكان ڤيلهلم الثاني امبراطور المانيا عندما زار دمشق توجة الي مدفن صلاح الدين و وضع باقه زهور جنائزيه علي قبرة عليها نقش معناة “ملك بلا خوف و لا ملامة، علم خصومة الفروسيه الحقيقية”،[157] كما اهدي نعشا رخاميا للضريح الا ان جثمان صلاح الدين لم ينقل اليه، و بقى فالنعش الخشبي، و هذا لأن الإسلام يحرم نبش القبور و إخراج الأموات لأغراض غير شرعيه و يصنف هذا انتهاكا لحرمه القبر، لهذا بقى النعش الهديه فالضريح خاويا الي اليوم.

الدوله الأيوبيه بعد صلاح الدين

قسم صلاح الدين دولتة قبل و فاتة بين اولادة و أفراد من عائلته، فجعل اماره دمشق لابنة الأفضل نور الدين علي، و هو اكبر اولاده، و أوصي له بالسلطنة، و جعل الديار المصريه لولدة العزيز عثمان، و إماره حلب لولدة الظاهر غازى غياث الدين، و ترك الكرك و الشوبك و بلاد جعبر و بلدانا كثيره قاطع الفرات لأخية العادل، و حماه لابن اخية محمد بن تقى الدين عمر، و حمص و الرحبه و غيرها لحفيد عمة شيركوه، اسد الدين شيركوة بن ناصر، و اليمن بمعاقلة و مخاليفة فقبضه السلطان ظهير الدين سيف الإسلام طغتكين بن ايوب اخى صلاح الدين.[129] و لم يلبث الخلاف ان دب بين اولاد صلاح الدين، مما جعل عمهم العادل يعزلهم و يقوم بتوحيد المنزل الأيوبى تحت رايته. و كما فعل صلاح الدين من قبل، فعل اخوة الملك العادل، فقسم اراضى دولتة بين ابنائة و هو علي قيد الحياة، و لكن هؤلاء الإخوه لم يكونوا علي و فاق بعد و فاه ابيهم، فكانوا يحاربون بعضهم بعضا، بالرغم من ان الصليبيين كانوا يفيدون من ذلك الخلاف، و بعدهم جاء اولادهم، فلم يكونوا خيرا من ابائهم فصلاتهم فيما بينهم و بين ابناء عمهم، و لكن و احدا منهم استطاع ان يلمع فظلام ذلك الخلاف، هذا هو “الصالح ايوب”، حفيد الملك العادل، الذي اعاد توحيد دوله صلاح الدين تحت سلطانه. و لما ما ت الصالح ايوب تولي ابنة توران شاة السلطنة، لكن مماليكة ائتمروا بة و قتلوه، بعدها نصبوا زوجه ابية “شجره الدر” سلطانه عليهم، و بهذا زالت الدوله الأيوبيه فمصر و قامت مكانها دوله المماليك.[158]

أسرته

وفقا لعماد الدين الأصفهاني، فقد انجب صلاح الدين الأيوبى خمسه ابناء قبل مغادرتة مصر فعام 1174م. ابنة الأكبر الأفضل و لد فعام 1170م و أنجبت له زوجتة شمسه التي اصطحبها معة الي الشام و لدة عثمان، و لد فعام 1172م فمصر، بعدها انجبت طفلا احدث فعام 1177م. بينما ذكر ابو العباس القلقشندي، ان و لدة الثاني عشر و لد فما يو سنه 1178م، بينما ذكر الأصفهاني، ان ذلك الطفل كان ابن صلاح الدين السابع. كما و لد له مسعود فعام 1175م و يعقوب فعام 1176م، و ذلك الأخير من زوجتة شمسة. تزوج صلاح الدين من ارمله نور الدين زنكى عصمه الدين خاتون فسبتمبر سنه 1176م، و انجبت له احدي زوجاتة غازى و داود فعامى 1173م و 1178م علي التوالي، و أنجبت له اخري اسحق فعام 1174م و ولدا احدث فشهر يوليو من سنه 1182م.[159]

صلاح الدين فالتراث

فى الوعى العربي



شعار مصر الحالى هو العقاب الذي اكتشف فقلعه صلاح الدين بالقاهرة، و هو ما تطلق علية الحكومه المصريه “النسر المصري”

بالرغم من ان الدوله التي اسساها صلاح الدين لم تدم طويلا من بعدة الا ان صلاح الدين يعد فالوعى العربى الإسلامى محرر القدس، و مع تصاعد مشاعر القوميه العربيه فالقرن العشرين، و لا سيما فو جود الصراع العربى الإسرائيلي، اكتسبت بطوله صلاح الدين و قيادتة اهميه جديدة، فقد كان فتحريرة للقدس من الصليبيين مصدر الهام لمعارضه العرب فالعصر الحديث للصهيونية. كما استلهمت شخصيتة فالملاحم و الأشعار و حتي مناهج التربيه الوطنيه فالدول العربية، كما الفت عشرات الكتب عن سيرته، و تناولتها المسرحيات و التمثيليات و الأعمال الدرامية. لا يزال صلاح الدين يضرب بة المثل كقائد مسلم مثالى و اجة اعداءة بحسم ليحرر اراضى المسلمين، دون تفريط فالشهامه و الأخلاق الرفيعة.

علاوه علي ذلك، كان ينظر الي و حده العالم العربى تحت رايه صلاح الدين رمزا مثاليا للوحده الحديثة التي سعي اليها القوميون العرب، بقياده جمال عبدالناصر. لهذا السبب، اصبح نسر صلاح الدين رمزا لدوله ما بعد الملكيه فمصر،[160] و اعتمد لاحقا كشعار لعدد من الدول العربيه الأخري كالعراق و فلسطين و اليمن و سوريا. بل ان هنالك محافظه فالعراق سميت علي اسمه، اضافه الي جامعه صلاح الدين فاربيل اكبر مدن كردستان العراق.

يوجد عدد قليل من المبانى منذ عهد صلاح الدين ما زالت باقيه فالمدن الحديثة. فقد كان صلاح الدين الأيوبى اول من حصن قلعه القاهره (1175-1183) مدخلا هذا الطراز المعمارى العسكرى الي مصر الذي لم تعرف قبلة سوي القصبات الشمال افريقية، و نموذج احدث علية و ان كان اصغر قلعه الجندى فسيناء، و التي تشرف علي طريق القوافل الذي يربط مصر بالشرق الأدنى. فتلك القلعة، عثر فريق اثار فرنسى عام 1909م، علي عدد من الغرف المقببه الكبيره المنحوته فالصخر، فيها بقايا متاجر و صهاريج مياه.[161]

ايضا يطلق بعض المسلمين علي اولادهم الذكور اسم “صلاح الدين” تيمنا بهذا القائد، علي الرغم من ان ذلك الاسم كان لقبا للسلطان الأيوبى خلع علية بعد اسقاطة الدوله الفاطميه و قتالة الصليبيين.

فى الوعى الأوروبي

بالرغم من كون صلاح الدين خصما للأوروبيين، فإنة ظل فالوعى الأوروبى نموذجا للفارس الشهم الذي تتجسد فية اخلاق الفروسيه بالمفهوم الأوروبي، حتي انه توجد ملحمه شعبيه شعريه من القرن الرابع عشر تصف اعمالة البطولية. فعلي الرغم من المذبحه التي قام فيها الصليبيون عندما احتلوا القدس فعام 1099م، فقد عفا صلاح الدين و سمح للمسيحيين الغربيين بالمغادره مع بقايا الجيش المسيحى المنهزم، طالما انهم كانوا قادرين علي دفع الفديه التي فرضها عليهم. كما عومل الأرثوذكس (ومنهم مسيحيون عرب) معامله اروع لأنهم عاده ما كانوا يعارضون الغزو الأوروبى الصليبي.

بالرغم من الاختلاف فالعقيده فإن القواد المسيحيين امتدحوا صلاح الدين، خصوصا ريتشارد قلب الأسد، الذي يروي انه قال عنة انه امير عظيم و أنة بلا شك اعظم و أقوي قائد فالعالم الإسلامي؛[162] كما يروي ان صلاح الدين رد بأنة لم يكن هنالك قائد مسيحى اشرف من ريتشارد. و بعد معاهده الرملة، تبادل صلاح الدين و ريتشارد الهدايا كرمز للاحترام المتبادل، و لكنهما لم يلتقيا قط و جها لوجه.



رسم اوروبى من القرن الثالث عشر يخرج ريتشارد الأول “قلب الأسد” و صلاح الدين فمبارزة.

قال عنة المؤرخون الأوروبيون انه “من الحق ان كرمة و ورعة و بعدة عن التعصب؛ تلك الليبراليه و النزاهه التي كانت النموذج الذي الهم مؤرخينا القدماء؛ هى ما اكسبة احتراما فسوريا الإفرنجيه لا يقل عن الذي له فارض الإسلام.”[157]

وعلي النقيض، و وفقا لبعض المصادر، فاثناء الحرب العالميه الأولى، اعلن القائد البريطانى ادموند النبى بفخر ان “اليوم انتهت الحروب الصليبية” رافعا سيفة نحو تمثال لصلاح الدين الأيوبى بعد الاستيلاء علي دمشق، و هى العباره التي لازمت النبى طوال حياته، و هو ما احتج علية بشده ضد من يصفون غزوة لفلسطين عام 1917م بالحمله الصليبية. و فعام 1933م، ذكر النبى ان اهميه القدس تكمن فاهميتها الاستراتيجية، و لم يكن هنالك دوافع اسلاميه لتلك الحملة.[163] كما احتفلت الصحافه البريطانيه كذلك باحتلال الشام برسم هزلى لريتشارد قلب الأسد و هو ينظر الي القدس و كتب تحتها عباره “أخيرا، تحقق حلمي”.[164] و بعد ان دخل الفريق اول الفرنسى هنرى غورو المدينه فشهر يوليو من عام 1920م، ركل قبر صلاح الدين الأيوبى و هو يصيح “استيقظ يا صلاح الدين، ربما عدنا تواجدى هنا يكرس انتصار الصليب علي الهلال”.[165]

مما يروي عنه

ذكر بهاء الدين الأصفهاني، انه فشهر ابريل من سنه 1191م، كانت امرأه من الفرنجه ربما سرق منها طفلها الذي يبلغ من العمر ثلاث شهور، و بيع فالسوق، فنصحها الفرنجه بالتظلم لصلاح الدين الأيوبى نفسه، فأمر صلاح الدين باستعاده الطفل من ما له الخاص لأمه، و أعادها الي مخيمها.[166]

صلاح الدين فالإعلام و الأدب

الإعلام



غسان مسعود بدور صلاح الدين ففيلم مملكه السماء.

ظهرت شخصيه صلاح الدين فعدد من الأفلام السينمائيه و المسلسلات التلفزيونية، و فاغلب الأحيان ادي الأدوار ممثلون عرب من سوريا او مصر، اما ابرز الأعمال الفنيه المرئيه التي تناولت شخصيه صلاح الدين: الناصر صلاح الدين، و هو فيلم يعود لسنه 1963م من اخراج يوسف شاهين، و بطوله الممثل المصرى احمد مظهر، الذي ادي دور صلاح الدين، و مسلسل صلاح الدين الأيوبى من بطوله الممثل السورى جمال سليمان. اما ابرز الأعمال الفنيه السينمائيه التي تناولت شخصيه صلاح الدين، فكان فيلم مملكه السماء (بالإنگليزية: Kingdom of Heaven) للمخرج البريطانى السير ريدلى سكوت، و فية ادي الممثل السورى غسان مسعود دور صلاح الدين، و ربما استقبل ذلك الفيلم بالترحيب فالعالمين العربى و الإسلامي، و قال رواد دور السينما انه يقدم شيءا مختلفا عن الصوره النمطيه للعرب و المسلمين فافلام هوليوود بوصفهم ارهابيين، ايضا اثنى علي اداء غسان مسعود لدور القائد التاريخي، و علي نصف و إخراج ريدلى سكوت، الذي صور صلاح الدين بأمانه شديده و أظهر جوانب الفروسيه فشخصه، و الاحترام المتبادل بينة و بين بلدوين الرابع ملك بيت =المقدس، و ربما قال بعض النقاد ان غسان مسعود كان سيترك انطباعا اروع اذا ما اعطاة سكوت مساحه اكبر “فقد رأينا لمحات من بطولته، و هذا لا يلبى جميع الطموحات، و لكن لا نستطيع ان نطلب من ريدلى سكوت ان يقدم جميع شيء، حسبة انه قدم صوره فيها قدر من التوازن”.[167]

الأدب

أثارت روايه طارق على “كتاب صلاح الدين الأيوبي”،[168] الاهتمام بصلاح الدين و العالم الذي عاش فيه. كما ان الشاعر دانتى اليغييرى مؤلف الكوميديا الإلهيه ربما و ضعة فالمطهر مع عدد من الشخصيات التي عدها كافره – و فق معتقدة المسيحى الكاثوليكى – لكنها فنظرة شخصيات صالحه و ساميه اخلاقيا (وضع دانتى الرسول محمد فالمطهر كذلك). كما ان صلاح الدين يصور بشكل مقبول فروايه و التر سكوت “التعويذة” (بالإنگليزية: The Talisman) المكتوبه سنه 1825م.

  • الحصار مسلسل بحث عن صلاح الدين
  • هل زار صلاح الدين الأيوبي ريتشارد عندما أصيب بالحمي


بحث صلاح الدين الايوبى