بحث حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

بحث عن حياة الرسول ، بحث علمي كامل جاهز عن الرسول صلي الله علية و سلم من نشاتة حتي بعثته

حياة الرسول ( ص ) من مولدة الي مبعثة و وفاته


تمهيد


يحيط بحياة الرسول صلي الله علية و سلم فمكه كثير من الغموض خاصه قبل بعثتة , لان الاضواء لم تسلط عليه الا بعدين بوجة خاص , فروايات المؤرخين عن الرسول بعد الهجره تكاد تكون متفقه فتفاصيلها و اشخاصها و زمانها و مكانها , هذا لانه اصبح الشخصيه الاولي فالمجتمع الاسلامى فضلا عن انه صاحب الرساله الاسلاميه التي اخرجت المجتمع الجاهلى من الظلمات الي النور .


اما حياتة قبل البعثه فكانت ضمن التاريخ الجاهلى و محمد بها لم يكن اشهر الشخصيات فمكه , و قد اهتم الناس بحياة عبدالمطلب و ابي سفيان و الوليد بن المغيره اكثر من اهتمامهم بحياة محمد , و المتصفح لكتب التاريخ الاسلامى عن حياة محمد صلي الله علية و سلم قبلا البعثه لا يجدها فيها معلومات كافيه تتبع تاريخ حياتة عاما بعد عام كما فعلت بعد الهجره , و انما هى روايات تسلط الضوء علي احداث محدودات طوال اربعين سنه اكثرها مرتبط بتاريخ مكه العام, و لايخص محمد منها الا القليل – و ليت ذلك الضوء المسلط ضوءا ساطعا بل شابتة بعض غيوم الوهم و الخيال – اذ حاول المؤرخين المسلمون ان يملاوا ذلك الفراغ فتاريخ الرسول الكريم فنسجوا كثيرا من القصص و الروايات نسبوها الية قبل بعثتة و حاولوا ان يبرهنوا فيها علي احقيتة صلي الله علية و سلم بالرساله , فحين ان رسالتة غنيه عن برهان بشرى لانها منحه الهيه , و فات هؤلاء المؤرخين ان اهل مكه الذين عاصروا محمد و عايشوة عن قرب لم يعرفوا له هذة البراهين و لم يستدلوا فيها علي صحه رسالته، بل و قفوا موقف العداء و و صفوا محمد صلي الله علية و سلم بالكذب و السحر و الجنون , كما فاتهم ان حياة محمد قبل البعثه تختلف عن حياتة بعدين , فمحمد قبل البعثه يصدر عن نفس بشريه صافيه و انسانيه مثاليه جمعت جميع صفات الكمال الانسانى , تحوطها العنايه الالهيه لتمنعها من الوقوع فالرذائل البشريه و لتصل فيها الي الكمال البشرى المطلق , اما حياتة بعد البعثه فلا ينطق عن الهوي ان هو الا و حى يوحي علمة شديد القوي .


و علي ايه حال فعلي الرغم من محاوله المؤرخين كتابه تاريخ الرسول صلي الله علية و سلم قبل البعثه الا انه ما زالت هنالك فجوات كبيره فهذة الفتره لم يذكر احد عنها شيئا .


مولده صلي الله علية و سلم


و لما اتمت امنه حملها علي خير ما ينبغى و لدت محمد صلي الله علية و سلم و كان حملها و ميلادة طبيعيين ليس بها ما يروي من اقاصيص تدور حول ما رات فالحمل و ليله الميلاد , و خلت المصادر التاريخيه الصحيحه كابن هاشم و الطبرى و المسعودي و ابن الاثير من كهذة الاقاصيص , لما ذكر ابن هشام و احده منها لم يكن مصدقا لها و قال (ويزعمون فيما يتحدث الناس و الله اعلم) و تتارجح روايات المؤرخين فتحديد مولدة صلي الله علية و سلم و هل و لد يوم الثاني او الثامن او الثاني عشر و هل كان فشهر صفراو ربيع الاول و هل و لد ليلا او نهارا , و صيفا ام ربيعا و هل كان فعام الفيل ام قبلة ام بعدة .


و المشهور انه و لد ففجر يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الاول عام الفيل و يري الباحثون ان عام الفيل غير معروف علي و جة التحديد هل كان فعام 522م او 563م او570 او 571م فبحثوا عن تاريخ ثابت محقق ممكن علي اساسة تحديد مولد الرسول صلي الله علية و سلم فوجدوا ان اول تاريخ تحقيقة هو تاريخ الهجره فسنه 622م و علي ذلك ممكن التوفيق بين راى المؤرخين و راى الباحثين بان رسول الله صلي الله علية و سلم و لد يوم الاثنين التاسع ربيع الاول فالعام الثالث و الخمسين قبل هجرتة .


رضاعته صلي الله علية و سلم


و كانت عاده اشراف مكه ان يعهدوا باطفالهم الي نساء الباديه ليقمن علي رضاعتهم , لان الباديه اصلح لنمو اجسام الاطفال و ابعد عن امراض الحضر التي كثير ما تصيب اجسامهم فضلا عن اتقان اللغه العربيه و تعود النطق بالفصحي منذ نعومة اظفارهم. و كان مقدار العنايه و الرعايه بالطفل يختلف من قبيله لاخري لذلك حرص اشراف مكه علي ان يصبح اطفالهم عند اكثر هذة القبائل عنايه , و رعايه و كانت اشهر قبيله فهذا الامر هى قبيله بني سعد .


و لم تقف شهره بني سعد علي امر العنايه و الرعايه بالطفل فقط , بل حازت الشهره فان لغتها كانت عربيه خالصه لم تشبها شائبه فضلا عما اشتهرت بة من اخلاق كريمه طيبه لذلك حرص عبدالمطلب علي ان يصبح محمد فبنى سعد فلما جاءت حليمه السعديه لتاخذة و احست ذلك الحرص طمعت فجزل العطاء فتمنعت فاخذة فلما اجزل لها اخذتة و كان رسول الله صلي الله علية و سلم يفخر برضاعتة فبني سعد فيقول : انا اعربكم انا قرشى و استرضعت فبني سعد بن بكر .


و يذكر المؤرخون ان محمد عرض علي كل المرضعات اللاتى و فدن علي مكه فابين ياخذنة ليتمة و فقره , و انهن كن يطمعن فابناء الاغنياء و ان حليمه ما عادت الية الا لانها لم تجد طفلا غيرة و ذلك غير صحيح فمحمد لم يكن فقيرا فهو فكفاله جده عبدالمطلب سيد مكه و كبيرها , و مثلة من يطمع فعطائة و ربما ذكرت المصادر ان جيش ابرهة فحملتة علي الكعبه ربما حاز ما ئتين من الابل لعبد المطلب , كما انه فدي ابنه عبدالله بمائه من الابل , و ذبح مجموعه كبيره منها فزواجة لا يصد عنها انسان و لا حيوان , و يذكر اليعقوبي ان عبدالمطلب عند موتة لف فحلتين من حلل اليمن قيمتها الف مثقال من الذهب فمن كان هذا حالة ايعقل ان يصبح فقيرا تترك المرضعات و لدة ؟ هذا فضلا عن ارضاع الاطفال فالباديه عاده اشرف مكه و اغنيائها , اما الفقير فكانت جميع ام ترضع طفلها .


قضي محمد صلي الله علية و سلم فحضانه و رعايه (حليمه فتاة ابي ذؤيب السعدية) و زوجها (الحارث بن عبدالعزى) اربع او خمس سنوات بعدها حدث ما جعلها تعجل بارجاعة الي امة فمكه اذا اخبرها ابنها الصغير ان رجلين اخذا محمدا فشقا صدرة و استخرجا قلبة و اخذا منة علقة سوداء بعدها غسلا القلب و اعاداة الي ما كان علية , و ربما اختلف المؤرخين فحقيقه شق الصدر هل هو حسى ام معنوى ؟ و لكن لعلة يشير الي الحصانات التي اضفاها الله علي محمد صلي الله علية و سلم فحصنتة ضد مساوئ الطبيعه الانسانيه و مفاتن الحياة الارضيه .


و فاه امه و جده و كفاله عمه له صلي الله علية و سلم


و ظل محمد فرعايه امة و كفاله جدة حتي بلغ السادسه , فذهب بة امة لزياره قبر زوجها فيثرب و قدر لها ان تموت فطريق عودتها و تدفن فالابواء (علي الطريق بين يثرب و مكه ) و يكون محمد بعدين يتيما , و يكفلة جدة عبدالمطلب فيحبة حبا شديدا عوضة عن حنان امة و عطف ابية فكان يوضع لعبد المطلب فراش فظل الكعبه لا يجلس علية احد من ابنائة الا محمدا فكان يجلسة معة و يمسح ظهرة بيدة , و لكن القدر لم يمهل جدة طويلا فمات بعد سنتين, فكفلة عمة ابو طالب فاحبة حبا شديدا و اخذا يتعهدة بعنايه و رعايتة , و لم تقتصر حمايتة له قبل البعثه بل امتدت الي ما بعدين فكان عونا للدعوه الاسلاميه و ظهرا لصاحبها علي الرغم من انه لم يسلم .


اشتغالة صلي الله علية و سلم برعى الغنم


و لما شب محمد و اصبح فتي اراد ان يعمل و ياكل من عمل يدة , فاشتغل برعى الغنم لاعمامة و لغيرهم مقابل اجر ياخذة منهم , و يذهب البعض الي ان حرفه الرعى و قياده الاغنام علمت الرسول صلي الله علية و سلم رعايه المسلمين و قياده الامه بعد بعثتة و ذلك و لا شك مبالغه كبيره فان كثيرا غيرة من الرعاه لم يصبحوا قوادا و لا ساسه كما ان العديد من القواد و الساسه لم يعرفوا عن حرفه الرعى شيئا , و هنالك فرق كبير بين سياسه الحيوان و الانسان , لكن ممكن القول ان حرفه الرعى لما كانت تتم فالصحراء حيث الفضاء المتناهى و السماء الصافيه و النجوم المتلالئه فالليل , و الشمس المشرقه فالصباح و ذلك النظام البديع فحركه الكون استرعي جميع هذا انتباة محمد فاخذ يتامل و يتفكر و يتدبر فالكون العجيب .


اشتغالة صلي الله علية و سلم بالتجارة


و زاول محمد مهنه التجاره و هو فالثانيه عشره من عمره (وقيل فالتاسعة) و انتهز فرصه خروج عمة ابي طالب بتجاره الي الشام فخرج معة و فالطريق قابلهما راهب مسيحى راي فمحمد علامات النبوه فنصح عمة ان يعود بة الي مكه مخافه ان يعرفة الروم و يقتلوة .


و علي الرغم من ذكر المؤرخين لقصه الراهب بحيرا الا انه لا ممكن تصديقها بسهولة, لان محمد صلي الله علية و سلم نفسة لم يكن يعرف انه نبى الا بعد اخبرة جبريل بذلك فالغار , و جميع ما يعرفة رجال الدين اليهودى و المسيحى عن الرساله المحمديه زمانها لا شخص صاحبها, و ربما افادت هذة الرحله محمدا كثيرا, فعودتة الصبر و تحمل المشاقه و فتحت عينيه علي اقوام و مجتمعات تختلف كثيرا عن قومة و مجتمعه , و مر فالطريق الذهاب و العوده علي اطلال مدن عرف انها ديار ثمود و مدين و وادى القري و سمع عن اخبارهم العديد .


و لم تنقطع صله محمد بالتجاره بعد عودتة من الشام بل كان يتاجر بالسواق مكه او بالاسواق القريبه منها كسوق عكاظ و مجنة و ذى المجاز لكنة لم يجعل التجاره جميع همة و اكتفي منها بما يوفر له حياة متزنه سعيده و كان كلما تقدم بة العمر ازداد تفكيرا و تاملا و قضي العديد من و قتة يتدبر ذلك الكون العجيب .


حرب الفجار


و شارك محمد مكه الدفاع عن مدينتهم فحرب الفجار بين قريش و هوازن و التي استمر اربع سنوات كان عمر محمد فبدايتها خمسه عاما و سببها ان النعمان بن المنذر اراد يعين قائدا لقافله تجاريه من الحيره الي سوق عكاظ فعرض جميع من البراض الكتانى و عروه الهوازني نفسة فاختار النعمان عروه فقتلة البراض, و سمعت قريش و هي من كنانه الخبر و ادركت ان (هوازن) قبيله عروه لابد انها ستثار لرجلها .


و وقع القتال بين الفريقين و كان فالاشهر الحرم و تراجعت قريش حتي دخلت الحرم فوعدتهم هوازن الحرب فالعالم القادم و ظلت هذة الحرب تجدد طوال اربع سنوات فانعقاد سوق عكاظ , بعدها انتهت بالصلح بين الفريقين علي ان تدفع قريش ديه من يزيد عن قتلاها لهوازن فكانوا عشرين رجلا و سميت هذة الحرب بحرب الفجار لانها و قعت فالاشهر الحرم و هو الفجار الرابع فتاريخ مكه .


و يروي عن رسول الله صلي الله علية و سلم انه قال فحرب الفجار:كنت انبل علي اعمامى (اى اجمع نبل عدوهم اذا رموهم بها)وقال فحديث اخر:قد حضرتها (حرب الفجار)مع عمومتى و رميت بها باسهم و ما احب انني لم اكن فعلت .


و لذا اختلف المؤرخين فطريقة مشاركه الرسول صلي الله علية و سلم , و هل بجمع النبل؟ام بالرمي؟و يبدوا ان الرسول صلي الله علية و سلم ما رس العملين, فان الحرب استمرت اربعه اعوام , كان عمر الرسول فبدايتها خمسه عشر عاما و هي لا تمكنة من الرمى فساهم بجمع النبل , و فنهايتها كان علي ابواب العشرين ربيعا فتمكن ان يساهم يرمي النبل .


حلف الفضول


و كما شارك محمد صلي الله علية و سلم قومة فالحرب شاركهم كذلك فالسلم فشهد معهم حلف الفضول و لقد تحدث رسول الله صلي الله علية و سلم عنة بعد بعثتة فقال (لقد شهدت مع عمومتى حلفا فدار عبدالله بن جدعان ما احب ان لى بة حمر النعم و لو دعيت بة فالاسلام لاجبت .


و اسباب ذلك الحلف ان قريشا رات ما اصبح علية حالها من ضعف و تفكك ادي الي تطاول القبائل العربيه عليها و مهاجمتها فديارها فالاشهر الحرم , بعد ان كانت مرهوبه الجانب قويه السلطان و رات كذلك ما جرتة عليها حرب الفجار من قتل لرجالها و افناء لثروتها, فقام الزبير بن عبدالمطلب يدعو الي حلف يجمع بة شان قريش و يوحد صفوفها فاجابتة كل بطون قريش و تحالفوا علي الا يجدوا بمكه مظلوما من اهلها او من غيرهم من سائر الناس الا قاموا معة حتي ترد علية مظلمتة .


و اسباب تسميتة بحلف الفضول انه كان احياء لحلف احدث سابق فالجاهليه دعا الية ثلاثه اسمهم مشتق من الفضل فسموا الحلف بالفضول .


زواجة بخديجة


و يبدو علي الرغم من تجاره محمد المحدوده الا انه اكتسب بها شهره كبيره لامانتة و شرفه المشهود له بهما فمجتمعه و من بعدها كان العديد من تجار مكه يعرضون علية العمل لهم فتجارتهم مقابل اجر اكبر من اقرانة .


و كانت خديجه فتاة خويلد احد اشرف مكه و من اكبر تجارها تستاجر الرجال ليتاجروا بما لها فاسواق الشام و الحبشه مقابل اجر لهم , و لما سمعت عن شهره محمد تمنت ان يصبح احد رجالها –وكان يومها فالخامسه و العشرين من عمره–فعرضت عليه ان يظهر لها فتجاره الي الشام علي ان تدفع له اجر رجلين فقبل محمد و خرج فتجارتها و معة غلامها ميسره و ابتاع و اشتري و عادت تجارتة رابحه باكثر مما كانت تتوقع خديجة, و اثني خادمها علي محمد ثناء مستطابا .


و بنظره متانيه فامر هذة الرحله يتضح انه علية السلام لم تكن هذة اول رحله الي الشام بعد رحلتة مع عمة ابي طالب , فخبرتة بالطريق و المسالك المؤديه الي الشام , و ايضا خبرتة بكيفية البيع و الشراء التي عليها اهل الشام , و شراؤة السلع من الشام يروج بيعها فمكه جميع هذا يعطينا الحق فان نقول ان محمدا ربما قام باكثر من رحله الي الشام قبل رحله خديجه اكتسب بها جميع هذة الخبره و المهاره و للاسف لم تسعفنا المصادر التاريخيه بشيء من هذا .


و كانت خديجه فذلك الوقت ارملا بلا زوج و ربما عرض العديد من اشراف مكه الزواج منها فلم تقبل لانهم يطمعون فثرواتها , و لكنها سمعت عن محمد صلي الله علية و سلم من حلو الشمائل و رائع الصفات و ما اغبطها و تاكدت من هذا بعد ان عمل لها فتجارتها و رات عن قرب من صفاتة اكثر مما سمعت و لم يك الا رد الطرف حتي انقلبت غبطتها حبا جعلها تفكر فان تتخذة زوجا , و سرعان ما ظهرت الفكره الي حيز التنفيذ فعرضت علية الزواج بواسطه احدي صديقاتها فوافق و تزوج فيها و فقا للعادات المتبعه فزواج الشرفاء من اهل مكه حيث تبدا بخطبه من اهل العريس يوضحون بها رغبه ابنهم فالزواج من العروس و يسمون المهر فيرد اهل العروس بخطبه اخري يوافقون بها و يباركون الزواج .


و تزوج رسول الله صلي الله علية و سلم خديجه فولدت له اولادة كلهم ما عدا ابراهيم فانة من ما ريا القبطيه و لدت له من الذكور القاسم و بة كان يكني و عبد الله و هو الملقب بالطيب و الطاهر و قيل ان الطيب و الطاهر اسمان لولدين اخرين و لكن الاول هو الاشهر كما و لدت له من الاناث زينب و رقيه و ام كلثوم و فاطمه .


و المشهور عند المؤرخين ان محمدا صلي الله علية و سلم تزوج خديجه و عمره خمسه و عشرين عاما و عمرها اربعين عاما, و لكن ابن عباس يروي انها تزوجت الرسول و عمرها ثمانيه و عشرين فكانت اكبر من الرسول بقليل, و ذلك الروايه لها ما يؤيدها من تاريخ ام المؤمنين رضي الله عنها فالمعروف انها انجبت عبدالله بعد البعثه النبويه و لذلك لقب بالطاهر الطيب , و لما كانت البعثه النبويه بعد زواجها بخمسه عشر عاما فعلي روايه الاربعين يستلزم ان يصبح عمرها عند انجابة اكثر من خمس و خمسين سنه , و كيف تنجب سيده فذلك السن, لذا كانت راويه ابن عباس اقرب الي الصحه خلافا لما علية كثير من المؤرخين و اذا صح ما جاء فاليعقوبي من ان الرسول تزوج و عندة ثلاثون سنه و حاولنا عقد مقارنه بينة و بين روايه ابن عباس لا تضح لنا ان الرسول الله صلي الله علية و سلم كان و قت زواجة اكبر من خديجه بعامين و علي ايه حال فقد كان زواجها مباركا و موفقا للغايه فقد و جد محمد فخديجه سكنا و سندا و رفيقا و وجدت خديجه فمحمد زوجا بارا كريما فوقفت بجانبة تؤازرة و تناصرة مما جعلة يثنى عليها دائما بالخير و لم يتزوج عليها طوال حياتها .


و يقفز المؤرخين قفزه زمنيه و اسعه امتدت عشر سنوات من عمر الرسول من الخامسه و العشرين الي الخامسه و الثلاثين, لم يذكروا عنة بها شيئا و ان كان من المسلم بة انه لم ينقطع عن مخالطه اهل مكه و الاخذ معهم بنصيب الحياة العامه و ساعدتة ثروه زوجتة فتامين حياتة و من بعدها و جد و قتا اوسع للتفكير و التامل و التدبير , و كانى بخديجه و ربما عرفت فية ذلك الرغبه فهيات له ما يساعد عليها .


بناء الكعبة


و يروي المؤرخون ان محمدا صلي الله علية و سلم و هو فالخامسه و الثلاثين شارك قومة بناء الكعبه فلقد ارادت قريش ان تهدم الكعبه و تعيد بناءها من جديد و قسمت العمل بين كل قبائلها فكان شق الباب لبني مناف و زهره و ظهر الكعبه لبني جمح و بني سهم , و شق الحجر لبني عبدالدار و بني اسد و بني عدي , و ما بين الركن الاسود و اليمانى لبني مخزوم و قبائل من قريش انضموا اليهم .


و ترددت قريش فهدم الكعبه لانها خشيت ان يصيبهم اذي من الله , فاقدم الوليد ابن المغيره و هدم بعضا منها , و انتظر القوم حتي الصباح لينظروا ما الله فاعل بالوليد فلما اصبح علي خير, قدموا يهدمون الكعبه بعدها قامت القبائل بنقل الحجاره من جبال مكه و شارك علية السلام فحمل هذة الحجاره بعدها بدات جميع جماعه فبناء ما اسند اليها فلما ارتفع البناء مقدار قامه رجل و جاء و قت و ضع الحجر الاسود فمكانه تنازعت القبائل جمعيها شرف و ضعة و اشتد الخلاف بينهم و تحالفت بني الدار و بني عدي ان يحولوا بين اي قبيله و ذلك الشرف العظيم و جاءوا بحفنه مملوءه دما و و ضعوا ايديهم بها توكيدا لايمانهم و من بعدها سموا بلعقة الدم و باتت قريش علي اهليه و توقف البناء خمسه ايام .


و يري المؤرخون ان ابا اميه بن المغيره و كان من قريش لما راي ما و صلت اليه حال القبائل خشي ان ينفرط عقدها فاشار عليهم بان يحكموا بينهم اول من يدخل عليهم فكان محمد علية السلام فقالوا رضينا بالامين حكما و اخبروة الخبر ففرد ثوبا و اخذ الحجر و وضعة و طلب من رؤساء القبائل ان ياخذ جميع منهم بطرف من اطراف الثواب فرفعوة جميعا حتي اذا بلع موضعة و ضعه بيدة بعدها بني علية و كانى لا اميل الي تصديق الروايه فالامر ربما استحر بين القبائل و اصبح شبح الحرب الاهليه قائمه فهل يعقل ان يجعل عقلاء مكه مصيرها فيد اول داخل عليهم و ربما يصبح ذلك الداخل سفيها او معتوها فيقع ما لا تحمد عقباة فضلا عن ان الروايه تخرج محمدا و كانة لا يعرف شيء عن ذلك النزاع و اخبروة الخبر و هو الذي حمل معهم حجارتها و شاركهم بنائها .


و لكني اصدق ان قريشا لما اشتدت الازمه و وصلت الامور الي ما و صلت الية من خلاف كان لابد من البحث عن شخص يعبر فيها الازمه و يجتاز فيها الخلاف احلي ما يميزة العقل و الحكمه لا السن و المال فهما لا ينفعان فمثل ذلك النوع من الازمات فلم يجدوا بين اظهرهم اعقل و لا احكم من محمد صلي الله علية و سلم فاحتكموا الية و كان الحكم السابق و علي ايه حال فان ذلك الحل كان مثاليا و علي الرغم من سهولتة و يسرة فقد كان فذا عبقريا ارضي كل الاطراف المتصارعه و جعل القبائل علي قدم المساواه فنيل شرف و ضع الحجر و انتهي الصراع الي السلام و التفاهم و انحلت مشكله خطيره كادت ان تؤدي باهل مكه .


و مما تجدر ملاحظتة ان احتكام اهل مكه الي محمد صلي الله علية و سلم يدل علي انه لم يكن شخصا عاديا فمجتمع مكه و انما كان انسان عظيما يستعان براية و قت الشده و اهتدائة الي ذلك الحل يدل علي ذكاء نادر و سرعه بديهه كما انه لفت الية انظار العرب قاطبه فهو و ان كان الصراع داخليا بين قبائل مكه الا ان الحدث ارتبط بالكعبه التي اليها كل العرب .


و كذا نجد ان محمد صلي الله علية و سلم ربما شارك قومة حياتهم العاديه و عاش فمكه عيشه الشرفاء المهذبين و اجتمعت له جميع الصفات الانسانيه النبيله و بلغ فيها مرتبه الكمال و عرفة قومة بالصادق الامين و كانت عنايه الله تكلؤة و ترعاة و تحوطة من افزار الجاهليه و تناي بة بعيدا عن مساوى البشر و اليك بعض الامثله .


ذهب و هو طفل صغير يرعي الغنم لسماع الغناء فحفل عرس فضرب الله علي اذنة فغلب علية النوم فنام حتي الصباح و لما اراد ان يعاود الكره عاودة النوم كذلك فلم يعد الي مثلها ابدا .


و يقول الرسول صلي الله علية و سلم: لقد رايتنى فغلمان قريش ننقل حجاره لبعض ما يلعب بة الغلمان كلنا ربما تعري و اخذ ازارة فجعلة علي رقبتة يحمل علية الحجاره فانا لاقبل معهم و ادبر اذ لكمنى لاكم ما اراة لكمه و جيعه بعدها قال شد عليك ازارك فاخذتة و شددتة بعدها جعلت احمل الحجاره علي رقبتى و ازارى علي من بين اصحابى ايضا شملتة عنايه الله و رعايتة و نات بة بعيدا عن جميع ما يعيب شخصة .


اشترك و هو كبير مع قومة فحمل الاحجار لبناء الكعبه و كان القوم يجعلون ازرهم علي عواتقهم لتقيهم الحجاره و كان علية السلام يحملها و هو لابس ازارة فاشار علية العباس ان يجعل ازارة علي عاتقه ليحمية فلما هم ان يفعل و قع مغشيا علية فما رؤى بعد هذا عريانا .


و كان علية السلام يذهب الي الكعبه و يطوف فيها و لكنة لم يسجد ابدا لصنم و كان يعيب علي قريش عبادتها لحجاره لا تنفع و لا تضر و يقيمون لها الاحتفالات و يذبحون لها لقرابين .


و كان لقريش صنما يسمي “بوانه” له احتفالات جميع عام و كان اعمام الرسول و عماتة يشتركون فالاحتفال و طلب ابو طالب من محمد ان يشاركهم حفلهم فرفض فغضب منة و غضبت منة عماتة و اخذن يزين له ضروره المشاركه و ما زالوا بة حتي ذهب معهم و غاب محمد عنهم برهه بعدها عاد مفزوعا كان بة مس من الشيطان فسالتة عماتة عما بة فقال انني كلما دنوت من صنم منها تخيل لى رجل ابيض الثياب يصيح بى ابتعد يا محمد لا تمسنة و لم يعد بعدين لعيد لهم .


و لهذا كان محمد عازفا عما فية قومة من ضلال و احب منذ صغرة حياة التامل و التفكير و التدبير فكان يخلو لنفسة فدارة حينا و يظهر الي الخلاء احيانا و كلما زادت بة السن ازداد بعدا عن الناس و امعانا فالتفكير لذا التمس له غار فجبل حراء و اصبح من عادتة ان يظهر الية جميع عام معة طعامة و شرابة ليقضى فية بعض ايام شهر رمضان سابحا فتاملة غارقا فتفكيرة و طالت تاملات محمد فالغار و طال تفكيرة فخالق الارض السماء و اضاءت نفسة من طول النظره و اعمال الفكره و كانت تزدحم الافكار فراسه فيسير فالصحراء ساعات بعدها يعود الي خلوتة و ربما صفت نفسة و انجلي ذهنة .

 


بحث حياة الرسول صلى الله عليه وسلم