باب التوبة

مقال عن باب التوبة



قال العلماء: التوبه و اجبه من جميع ذنب. فان كانت المعصيه بين العبد و بين الله تعالي لا تتعلق بحق ادمى فلها ثلاثه شروط: احدها ان يقلع عن المعصية، و الثاني ان يندم علي فعلها، و الثالث ان يعزم ان لا يعود اليها ابدا؛ فان فقد احد الثلاثه لم تصح توبته.

وان كانت المعصيه تتعلق بادمى فشروطها اربعة: هذة الثلاثه و ان يبرا من حق صاحبها. فان كانت ما لا او نحوة ردة اليه، و ان كان حد قذف و نحوة مكنة منة او طلب عفوه، و ان كانت غيبه استحلة منها. و يجب ان يتوب من كل الذنوب، فان تاب من بعضها صحت توبتة عند اهل الحق من هذا الذنب و بقي علية الباقي. و ربما تظاهرت دلائل الكتاب و السنه و اجماع الامه علي و جوب التوبة.

قال الله تعالي فسوره النور الايه 31: {وتوبوا الي الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون}.

وقال تعالي فسوره هود الايه 3: {استغفروا ربكم بعدها توبوا اليه}

وقال تعالي فسوره التحريم الايه 8: {يا ايها الذين امنوا توبوا الي الله توبه نصوحا}.

وعن ابى هريره رضى الله عنة قال سمعت رسول الله صلي الله علية و سلم يقول: (والله انى لاستغفر الله و اتوب الية فاليوم اكثر من سبعين مرة) رواة البخاري.

1- و عن الاغر بن يسار المزنى رضى الله عنة قال، قال رسول الله صلي الله علية و سلم: (يا ايها الناس توبوا الي الله و استغفروة فانى اتوب فاليوم ما ئه مرة) رواة مسلم.

2- و عن ابى حمزه انس بن ما لك الانصارى خادم رسول الله صلي الله علية و سلم رضى الله عنة قال، قال رسول الله صلي الله علية و سلم: (للة افرح بتوبه عبدة من احدكم سقط علي بعيرة و ربما اضلة فارض فلاة) متفق عليه.

وفى روايه لمسلم (للة اشد فرحا بتوبه عبدة حين يتوب الية من احدكم كان علي راحلتة بارض فلاه فانفلتت منة و عليها طعامة و شرابه، فايس منها فاتي شجره فاضطجع فظلها ربما ايس من راحلته، فبينما هو ايضا اذ هو فيها قائمه عنده، فاخذ بخطامها بعدها قال من شده الفرح: اللهم انت عبدى و انا ربك، اخطا من شده الفرح).

3- و عن ابى موسي عبدالله بن قيس الاشعرى رضى الله عنة عن النبى صلي الله علية و سلم قال: (ان الله تعالي يبسط يدة بالليل ليتوب مسيء النهار، و يبسط يدة بالنهار ليتوب مسيء الليل حتي تطلع الشمس من مغربها) رواة مسلم.

4- و عن ابى هريره رضى الله عنة قال، قال رسول الله صلي الله علية و سلم: (من تاب قبل ان تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه) رواة مسلم.

5- و عن ابى عبدالرحمن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنة عن النبى صلي الله علية و سلم قال: (ان الله عز و جل يقبل توبه العبد ما لم يغرغر) رواة الترمذى و قال حديث حسن.

6- و عن زر بن حبيش قال: اتيت صفوان بن عسال رضى الله عنة اسالة عن المسح علي الخفين فقال: ما جاء بك يا زر؟ فقلت: ابتغاء العلم. فقال: ان الملائكه تضع اجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب. فقلت: انه ربما حك فصدرى المسح علي الخفين بعد الغائط و البول، و كنت امرا من اصحاب النبى صلي الله علية و سلم فجئت اسالك هل سمعتة يذكر فذلك شيئا؟ قال: نعم كان يامرنا اذا كنا سفرا او مسافرين، ان لا ننزع خفافنا ثلاثه ايام و لياليهن الا من جنابة، لكن من غائط و بول و نوم.

فقلت: هل سمعتة يذكر فالهوي شيئا؟ قال: نعم كنا مع رسول الله صلي الله علية و سلم فسفر فبينما نحن عندة اذ ناداة اعرابى بصوت له جهوري: يا محمد. فاجابة رسول الله صلي الله علية و سلم نحوا من صوتة (هاؤم) فقلت له: و يحك! اغضض من صوتك فانك عند النبى صلي الله علية و سلم و ربما نهيت عن هذا. فقال: و الله لا اغضض. قال الاعرابي: المرء يحب القوم و لما يلحق بهم؟ قال النبى صلي الله علية و سلم: (المرء مع من احب يوم القيامة).

فما زال يحدثنا حتي ذكر بابا من المغرب مسيره عرضة او يسير الراكب فعرضة اربعين او سبعين عاما (قال سفيان احد الرواة: قبل الشام) خلقة الله تعالي يوم خلق السماوات و الارض مفتوحا للتوبه لا يغلق حتي تطلع الشمس منه… رواة الترمذى و غيرة و قال و قال حديث حسن صحيح.

7- و عن ابى سعيد سعد بن ما لك بن سنان الخدرى رضى الله عنة ان نبى الله صلي الله علية و سلم قال: (كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعه و تسعين نفسا، فسال عن اعلم اهل الارض فدل علي راهب فاتاة فقال انه قتل تسعه و تسعين نفسا فهل له من توبة؟ فقال لا، فقتلة فكمل بة ما ئة، بعدها سال عن اعلم اهل الارض فدل علي رجل عالم فقال انه قتل ما ئه نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم و من يحول بينة و بين التوبة؟ انطلق الي ارض هكذا و هكذا فان فيها اناسا يعبدون الله تعالي فاعبد الله معهم، و لا ترجع الي ارضك فانها ارض سوء.

فانطلق حتي اذا نص الطريق اتاة الموت؛ فاختصمت فية ملائكه الرحمه و ملائكه العذاب. فقالت ملائكه الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبة الي الله تعالى، و قالت ملائمه العذاب: انه لم يعمل خيرا قط، فاتاهم ملك فصوره ادمى فجعلوة بينهم – اي حكما – فقال: قيسوا ما بين الارضيين فالي ايتهما كان ادني فهو له، فقاسوا فوجدوة ادني الي الارض التي اراد، فقبضتة ملائكه الرحمة.. متفق عليه.

وفى روايه فالصحيح: فكان الي القريه الصالحه اقرب بشبر فجعل من اهلها.

وفى روايه فالصحيح: فاوحي الله تعالي الي هذة ان تباعدى و الي هذة ان تقربى و قال قيسوا ما بينهما فوجدوة الي هذة اقرب بشبر فغفر له.

وفى رواية: فناي بصدرة نحوها.

8- و عن عبدالله بن كعب بن ما لك، و كان قائد كعب رضى الله عنة من بنية حين عمي، قال سمعت كعب بن ما لك رضى الله عنة يحدث جديدة حين تخلف عن رسول الله صلي الله علية و سلم فغزوه تبوك، قال كعب: لم اتخلف عن رسول الله صلي الله علية و سلم فغزوه غزاها قط الا فغزوه تبوك غير انى ربما تخلفت فغزوه بدر، و لم يعاتب احدا تخلف عنه، انما خرج رسول الله صلي الله علية و سلم و المسلمون يريدون عير قريش حتي جمع الله تعالي بينهم و بين عدوهم علي غير ميعاد.

ولقد شهدت مع رسول الله صلي الله علية و سلم ليله العقبه حين تواثقنا علي الاسلام و ما احب ان لى فيها مشهد بدر و ان كانت بدر اذكر فالناس منها.

وكان من خبرى حين تخلفت عن رسول الله صلي الله علية و سلم فغزوه تبوك انى لم اكن قط اقوي و لا ايسر منى حين تخلفت عنة فتلك الغزوة؛ و الله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتي جمعتهما فتلك الغزوة، و لم يكن رسول الله صلي الله علية و سلم يريد غزوه الا و ري بغيرها حتي كانت تلك الغزوة، فغزاها رسول الله صلي الله علية و سلم فحر شديد، و استقبل سفرا بعيدا و مفازا، و استقبل عددا كثيرا، فجلي للمسلمين امرهم ليتاهبوا اهبه غزوهم، فاخبرهم بوجههم الذي يريد، و المسلمون مع رسول الله صلي الله علية و سلم كثير و لا يجمعهم كتاب حافظ (يريد بذلك الديوان).

قال كعب: فقل رجل يريد ان يتغيب الا ظن ان هذا سيخفي ما لم ينزل فية و حى من الله، و غزا رسول الله صلي الله علية و سلم تلك الغزوه حين طابت الثمار و الظلال فانا اليها اصعر، فتجهز رسول الله صلي الله علية و سلم و المسلمون معة و طفقت اغدو لكى اتجهز معة فارجع و لم اقض شيئا و اقول فنفسى انا قادر علي هذا اذا اردت، فلم يزل يتمادي بى حتي استمر بالناس الجد، فاصبح رسول الله صلي الله علية و سلم غاديا و المسلمون معة و لم اقض من جهازى شيئا، بعدها غدوت فرجعت و لم اقض شيئا، فلم يزل يتمادي بى حتي اسرعوا و تفارط الغزو فهممت ان ارتحل فادركهم فيا ليتنى فعلت! بعدها لم يقدر هذا لي.

فطفقت اذا خرجت فالناس بعد خروج رسول الله صلي الله علية و سلم يحزننى انى لا اري لى اسوه الا رجلا مغموصا علية فالنفاق، او رجلا ممن عذر الله تعالي من الضعفاء، و لم يذكرنى رسول الله صلي الله علية و سلم حتي بلغ تبوك؛ فقال و هو جالس فالقوم بتبوك: (ما فعل كعب بن ما لك؟) فقال رجل من بنى سلمة: يا رسول الله حبسة برداة و النظر فعطفيه! فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت! و الله يا رسول الله ما علمنا علية الا خيرا.

فسكت رسول الله صلي الله علية و سلم، فبينما هو علي هذا راي رجلا مبيضا يزول بة السراب فقال رسول الله صلي الله علية و سلم: (كن ابا خيثمة) فاذا هو ابو خيثمه الانصاري، و هو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزة المنافقون، قال كعب: فلما بلغنى ان رسول الله صلي الله علية و سلم ربما توجة قافلا من تبوك حضرنى بثي، فطفقت اتذكر الكذب و اقول بما اخرج من سخطة غدا؟ و استعين علي هذا بكل ذى راى من اهلي، فلما قيل ان رسول الله صلي الله علية و سلم ربما اظل قادما زاح عنى الباطل حتي عرفت انى لم انج منة بشيء ابدا فاجمعت صدقه.

واصبح رسول الله صلي الله علية و سلم قادما، و كان اذا قدم من سفر بدا بالمسجد فركع فية ركعتين بعدها جلس للناس، فلما فعل هذا جاءة المخلفون يعتذرون الية و يحلفون له، و كانوا بضعا و ثمانين رجلا، فقبل منهم علانيتهم و بايعهم و استغفر لهم و وكل سرائرهم الي الله تعالي حتي جئت، فلما سلمت تبسم تبسم المغضب بعدها قال (تعال) فجئت امشى حتي جلست بين يديه، فقال لي: (ما خلفك؟ الم تكن ربما ابتعت ظهرك؟).

قال قلت: يا رسول الله انى و الله لو جلست عند غيرك من اهل الدنيا لرايت انى ساخرج من سخطة بعذر، لقد اعطيت جدلا، و لكنى و الله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضي بة عنى ليوشكن الله [ان] يسخطك علي، و ان حدثتك حديث صدق تجد على فية انى لارجو فية عقبي الله عز و جل؛ و الله ما كان لى من عذر، و الله ما كنت قط اقوي و لا ايسر منى حين تخلفت عنك.

قال فقال رسول الله صلي الله علية و سلم: (اما ذلك فقد صدق فقم حتي يقضى الله فيك) و ثار رجال من بنى سلمه فاتبعونى فقالوا لي: و الله ما علمناك اذنبت ذنبا قبل هذا! لقد عجزت فان لا تكون اعتذرت الي رسول الله صلي الله علية و سلم بما اعتذر بة الية المخلفون. فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلي الله علية و سلم لك.

قال: فوالله ما زالوا يؤنبوننى حتي اردت ان ارجع الي رسول الله صلي الله علية و سلم فاكذب نفسي. بعدها قلت لهم: هل لقى ذلك معى من احد؟ قالوا: نعم لقية معك رجلان قالا ما قلت و قيل لهما كما قيل لك. قال: قلت من هما؟ قالوا: مراره بن ربيعه العمرى و هلال بن اميه الواقفي. قال فذكروا لى رجلين صالحين ربما شهدا بدرا فيهما اسوة، قال فمضيت حين ذكروهما لي.

ونهي رسول الله صلي الله علية و سلم عن كلامنا ايها الثلاثه من بين من تخلف عنه، قال فاجتنبنا الناس، او قال تغيروا لنا حتي تنكرت لى فنفسى الارض فما هى بالارض التي اعرف، فلبثنا علي هذا خمسين ليلة. فاما صاحباى فاستكانا و قعدا فبيوتهما يبكيان.

واما انا فكنت اشب القوم و اجلدهم فكنت اخرج فاشهد الصلاه و اطوف فالاسواق و لا يكلمنى احد، و اتى رسول الله صلي الله علية و سلم فاسلم علية و هو فمجلسة بعد الصلاه فاقول فنفسى هل حرك شفتية برد السلام ام لا؟ بعدها اصلى قريبا منة و اسارقة النظر فاذا اقبلت علي صلاتى نظر الى و اذا التفت نحوة اعرض عني، حتي اذا طال هذا على من جفوه المسلمين مشيت حتي تسورت جدار حائط ابى قتادة، و هو ابن عمى و احب الناس الي، فسلمت علية فوالله ما رد على السلام، فقلت له: يا ابا قتاده انشدك بالله هل تعلمنى احب الله و رسولة صلي الله علية و سلم؟ فسكت، فعدت فناشدتة فسكت، فعدت فناشدتة فقال: الله و رسولة اعلم، ففاضت عيناى و توليت حتي تسورت الجدار.

فبينما انا امشى فسوق المدينه اذا نبطى من نبط اهل الشام ممن قدم بالاكل يبيعة بالمدينه يقول: من يدل علي كعب بن ما لك؟ فطفق الناس يشيرون له الى حتي جاءنى فدفع الى كتابا من ملك غسان، و كنت كاتبا، فقراتة فاذا فيه: اما بعد فانة ربما بلغنا ان صاحبك ربما جفاك و لم يجعلك الله بدار هوان و لا مضيعة، فالحق بنا نواسك. فقلت حين قراتها: و هذة كذلك من البلاء! فتيممت فيها التنور فسجرتها، حتي اذا مضت اربعون من الخمسين و استلبث الوحى اذا رسول رسول الله صلي الله علية و سلم ياتينى فقال: ان رسول الله صلي الله علية و سلم يامرك ان تعتزل امراتك. فقلت: اطلقها ام ما ذا افعل؟ فقال: لا بل اعتزلها فلا تقربنها، و ارسل الي صاحبى بمثل ذلك.

فقلت لامراتي: الحقى باهلك فكونى عندهم حتي يقضى الله فهذا الامر، فجاءت امراه هلال بن اميه رسول الله صلي الله علية و سلم فقالت له: يا رسول الله ان هلال بن اميه شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكرة ان اخدمه؟ قال: (لا و لكن لا يقربنك) فقالت: انه و الله ما بة حركه الي شيء، و والله ما زال يبكى منذ كان من امرة ما كان الي يومة هذا.

فقال لى بعض اهلي: لو استاذنت رسول الله صلي الله علية و سلم فامراتك فقد اذن لامراه هلال بن اميه ان تخدمه؟ فقلت لا استاذن بها رسول الله صلي الله علية و سلم، و ما يدرينى ما ذا يقول رسول الله صلي الله علية و سلم اذا استاذنتة و انا رجل شاب؟ فلبثت بذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليله من حين نهى عن كلامنا، بعدها صليت صلاه الفجر صباح خمسين ليله علي ظهر بيت =من بيوتنا.

فبينا انا جالس علي الحال التي ذكر الله منا، ربما ضاقت علي نفسى و ضاقت على الارض بما رحبت، سمعت صوت صارخ اوفي علي سلع يقول باعلي صوته: يا كعب بن ما لك ابشر، فخررت ساجدا و عرفت انه ربما جاء فرج، فاذن رسول الله صلي الله علية و سلم الناس بتوبه الله عز و جل علينا حين صلي صلاه الفجر.

فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبى مبشرون، و ركض رجل الى فرسا، و سعي ساع من اسلم قبلى و اوفي علي الجبل فكان الصوت اسرع من الفرس، فلما جاءنى الذي سمعت صوتة يبشرنى نزعت له ثوبى فكسوتهما اياة ببشارته، و الله ما املك غيرهما يومئذ، و استعرت ثوبين فلبستهما و انطلقت اتامم رسول الله صلي الله علية و سلم يتلقانى الناس فوجا فوجا يهنئونى بالتوبة، و يقولون لى لتهنك توبه الله عليك، حتي دخلت المسجد فاذا رسول الله صلي الله علية و سلم جالس حولة الناس، فقام طلحه بن عبيد الله رضى الله عنة يهرول حتي صافحنى و هناني، و الله ما قام رجل من المهاجرين غيره، فكان كعب لا ينساها لطلحة.

قال كعب: فلما سلمت علي رسول الله صلي الله علية و سلم قال و هو يبرق و جهة من السرور: (ابشر بخير يوم مر عليك منذ و لدتك امك)! فقلت: امن عندك يا رسول الله ام من عند الله؟ قال: (لا بل من عند الله عز و جل) و كان رسول الله صلي الله علية و سلم اذا سر استنار و جهة حتي كان و جهة قطعه قمر، و كنا نعرف هذا منه.

فلما جلست بين يدية قلت: يا رسول الله ان من توبتى ان انخلع من ما لى صدقه الي الله و الي رسوله. فقال رسول الله صلي الله علية و سلم: (امسك عليك بعض ما لك فهو خير لك) فقلت: انى امسك سهمى الذي بخيبر، و قلت: يا رسول الله ان الله تعالي انما انجانى بالصدق و ان من توبتى ان لا اخر الا صدقا ما بقيت، فوالله ما علمت احدا من المسلمين ابلاة الله تعالي فصدق الحديث منذ ذكرت هذا لرسول الله صلي الله علية و سلم اقوى مما ابلانى الله تعالى، و الله ما تعمدت كذبه منذ قلت هذا لرسول الله صلي الله علية و سلم الي يومي ذلك و انى لارجو ان يحفظنى الله تعالي فيما بقي.

قال: فانزل الله تعالي (التوبه 117، 118، 119): {لقد تاب الله علي النبى و المهاجرين و الانصار الذين اتبعوة فساعه العسرة} حتي بلغ {انة بهم رؤوف رحيم و علي الثلاثه الذين خلفوا حتي اذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت} حتي بلغ: {اتقوا الله و كونوا مع الصادقين} قال كعب: و الله ما انعم الله على من نعمه قط بعد اذ هدانى للاسلام اعظم فنفسى من صدقى رسول الله صلي الله علية و سلم ان لا اكون كذبتة فاهلك كما هلك الذين كذبوا؛ ان الله تعالي قال للذين كذبوا حين انزل الوحى شر ما قال لاحد، فقال الله تعالي (التوبه 95، 96): {سيحلفون بالله لكم اذا انقلبتم اليهم لتعرضوا عنهم فاعرضوا عنهم؛ انهم رجس و ما واهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم، فان ترضوا عنهم فان الله لا يرضي عن القوم الفاسقين}.

قال كعب: كنا خلفنا ايها الثلاثه عن امر اولئك الذين قبل منهم رسول الله صلي الله علية و سلم حين حلفوا له فبايعهم و استغفر لهم، و ارجا رسول الله صلي الله علية و سلم امرنا حتي قضي الله تعالي فية بذلك، قال الله تعالى: {وعلي الثلاثه الذين خلفوا} و ليس الذي ذكر مما خلفنا تخلفنا عن الغزو، و انما هو تخليفة ايانا، و ارجاؤة عمن حلف له و اعتذر الية فقبل منه. متفق عليه.

وفى رواية: ان النبى صلي الله علية و سلم خرج فغزوه تبوك يوم الخميس، و كان يحب ان يظهر يوم الخميس.

وفى رواية: كان لا يقدم من سفر الا نهارا فالضحى، فاذا قدم بدا بالمسجد فصلي فية ركعتين بعدها جلس فيه.

وعن ابى نجيد – بضم النون و فتح الجيم – عمران بن الحصين الخزاعى رضى الله عنهما ان امراه من جهينه اتت رسول الله صلي الله علية و سلم و هى حبلي من الزنا فقالت: يا رسول الله اصبت حدا فاقمة علي. فدعا نبى الله صلي الله علية و سلم و ليها فقال: (اقوى اليها فاذا و ضعت فائتني) ففعل، فامر فيها نبى الله صلي الله علية و سلم فشدت عليها ثيابها بعدها امر فيها فرجمت بعدها صلي عليها.

فقال له عمر: تصلى عليها يا رسول الله و ربما زنت؟ قال: (لقد تابت توبه لو قسمت بين سبعين من اهل المدينه لوسعتهم، و هل و جدت اروع من ان جادت بنفسها للة عز و جل؟) رواة مسلم.

وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان رسول الله صلي الله علية و سلم قال: (لو ان لابن ادم و اديا من ذهب احب ان يصبح له و اديان، و لن يملا فاة الا التراب، و يتوب الله علي من تاب) متفق عليه.

وعن ابى هريره رضى الله عنة ان رسول الله صلي الله علية و سلم قال: (يضحك الله سبحانة و تعالي الي رجلين يقتل احدهما الاخر يدخلان الجنة: يقاتل ذلك فسبيل الله فيقتل، بعدها يتوب الله علي القاتل فيسلم فيستشهد) متفق عليه.


باب التوبة