صورة-1
هجره رسول الله صلي الله علية و سلم و صاحبة ابى بكر الصديق رضي الله عنه
لما علم كفار قريش ان رسول الله صلي علية و سلم صارت له شيعه و انصار من غيرهم، و راوا مهاجره اصحابة الي اولئك الانصار الذين بايعوة علي المدافعه عنة حتي الموت، اجتمع رؤساهم و كبارهم فدار الندوة، و هى دار بناها قصى بن كلاب، كانوا يجتمعون بها عند ما ينزل بهم حادث مهم، اجتمعوا ليتشاوروا فيما يصنعون بالنبى صلي الله علية و سلم.
فقال قائل منهم: نحبسة مكبلا بالحديد حتي يموت، و قال اخر: نخرجة و ننفية من بلادنا، فقال احد كبرائهم: ما ذلك و لا ذاك براي؛ لانة ان حبس ظهر خبرة فياتى اصحابة و ينتزعونة من بين ايديكم، و ان نفى لم تامنوا ان يتغلب علي من يحل بحيهم من العرب؛ بحسن جديدة و حلاوه منطقة حتي يتبعوة فيسير بهم اليكم، فقال الطاغيه ابو جهل: الراى ان نختار من جميع قبيله فتي جلدا بعدها يضربة اولئك الفتيان ضربه رجل و احد؛ فيتفرق دمة فالقبائل جميعا؛ فلا يقدر بنو عبد مناف علي حرب كل القبائل.
فاعجبهم ذلك الراى و اتفقوا جميعا و عينوا الفتيان و الليله التي ارادوا تنفيذ ذلك الامر فسحرها، فاعلم الله تعالي رسولة صلي الله علية و سلم بما اجمع علية اعداؤه، و اذنة سبحانة و تعالي بالهجره الي يثرب (المدينه المنورة)، فذهب الي ابى بكر الصديق رضي الله عنة و اخبرة و اذن له ان يصحبه، و اتفقا علي اعداد الراحلتين اللتين هياهما ابو بكر الصديق لذلك، و اختارا دليلا يسلك بهما اقرب الطرق، و تواعدا علي ان يبتدئا السير فالليله التي اتفقت قريش عليها.
وفى تلك الليله امر علية الصلاه و السلام ابن عمة علي ابن ابى طالب ان ينام فمكانة و يتغطي بغطائة حتي لا يشعر احد بمبارحتة بيته. بعدها خرج صلي الله علية و سلم، و فتيان قريش متجمهرون علي باب بيتة و هو يتلو سوره (يس)، فلم يكد يصل اليهم حتي بلغ قولة تعالى: (فاغشيناهم فهم لا يبصرون)، فجعل يكررها حتي القي الله تعالي عليهم النوم و عميت ابصارهم فلم يبصروة و لم يشعروا به، و توجة الي دار ابى بكر و خرجا معا من خوخه فظهر المنزل، و توجها الي جبل ثور باسفل مكه فدخلا فغاره.
واصبحت فتيان قريش تنتظر خروجة صلي الله علية و سلم، فلما تبين لقريش ان فتيانهم انما باتوا يحرسون علي بن ابى طالب لا محمدا صلي الله علية و سلم هاجت عواطفهم، و ارتبكوا فامرهم، بعدها ارسلوا رسلهم فطلبة و البحث عنة من كل الجهات، و جعلوا لمن ياتيهم بة ما ئه ناقة، فذهبت رسلهم تقتفى اثره، و ربما و صل بعضهم الي هذا الغار الصغير الذي لو التفت فية قليلا لراي من فيه.
فحزن ابو بكر الصديق رضي الله عنة لظنة انهم ربما ادركوهما، فقال له النبى صلي الله علية و سلم: (لاتحزن ان الله معنا)، فصرف الله تعالي ابصار هؤلاء القوم و بصائرهم حتي لم يلتفت الي داخل هذا الغار احد منهم، بل جزم طاغيتهم اميه بن خلف بانة لا ممكن اختفاؤهما بة لما راوة من نسج العنكبوت و تعشيش الحمام علي بابه.
وقد اقام رسول الله صلي الله علية و سلم و صاحبة بالغار ثلاث ليال حتي ينقطع طلب القوم عنهما، و كان يبيت عندهما عبدالله بن ابى بكر بعدها يكون فالقوم و يستمع منهم الاخبار عن رسول الله و صاحبة فياتيهما جميع ليله بما سمع، و كانت اسماء فتاة ابى بكر تاتيهما بالاكل فكل ليله من هذة الليالي، و ربما امر عبدالله بن ابى بكر غلامة بان يرعي الغنم و ياتي فيها الي هذا الغار ليختفى اثرة و اثر اسماء.
وفى صبيحه الليله الثالثه من مبيت رسول الله علية و سلم و صاحبة بالغار، و هى صبيحه يوم الاثنين فالاسبوع الاول من ربيع الاول سنه الهجره (وهى سنه ثلاث و خمسين من مولدة صلي الله علية و سلم، و سنه ثلاث عشره من البعثه المحمدية) جاءهما بالراحلتين عامر بن فهيره مولي ابى بكر؛ و عبد الله بن اريقط الذي استاجراة ليدلهما علي الطريق، فركبا و اردف ابو بكر عامر بن فهيره ليخدمهما، و سلك بهما الدليل اسفل مكة، بعدها مضي بهما فطريق الساحل.
وبينما هم فالطريق اذ لحقهم سراقه بن ما لك المدلجى؛ لانة سمع فاحد مجالس قريش قائلا يقول: انى رايت اسوده بالساحل اظنها محمدا و اصحابه. فلما قرب منهم عثرت فرسة حتي سقط عنها، بعدها ركبها و سار حتي سمع قراءه النبى صلي الله علية و سلم و هو لايلتفت و ابوبكر يكثر الالتفات، فساخت قوائم فرس سراقه فالارض فسقط عنها، و لم تنهض الا بعد ان استغاث صاحبها بالنبى صلي الله علية و سلم و ربما شاهد غبارا يتصاعد كالدخان من اثار خروج قوائم فرسة من الارض، فداخلة رعب شديد و نادي بطلب الامان، فوقف رسول الله صلي الله علية و سلم و من معة حتي جاءهم و عرض عليهم الزاد و المتاع فلم يقبلا منة شيئا؛ و انما قالا له: اكتم عنا، فسالهم كتاب امن؛ فكتب له ابو بكر ما طلب بامر رسول الله صلي الله علية و سلم، و عاد سراقه من حيث اتي كاتما ما راى، و ربما اخبر ابا جهل فيما بعد، و ربما اسلم سراقه يوم فتح مكه و حسن اسلامه.
واستمر رسول الله و صاحبة فطريقهما حتي و صلا قباء، من ضواحى المدينة، فيوم الاثنين من ربيع الاول، فنزل فيها رسول الله صلي الله علية و سلم علي بنى عمرو بن عوف و نزل ابو بكر رضي الله عنة بالسنح (محله بالمدينه ايضا) علي خارجه بن زيد، و مكث رسول الله صلي الله علية و سلم بقباء ليالى؛ انشا بها مسجدا، هو الموصوف فالقران الكريم بانة اسس علي التقوي من اول يوم، و صلي فية علية الصلاه و السلام بمن معة من المهاجرين و الانصار، و ربما ادركة صلي الله علية و سلم بقباء علي بن ابى طالب رضي الله عنة بعد ان اقام بمكه بعدة بضعه ايام ليؤدي ما كان عندة من الودائع الي اربابها.
،،،،،،،،،