يوم يكشف عن ساق

( يوم يكشف عن ساق و يدعون الي السجود فلا يستطيعون ( 42 ) )

( خاشعه ابصارهم ترهقهم ذله و ربما كانوا يدعون الي السجود و هم سالمون ( 43 ) فذرنى و من يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ( 44 ) و املى لهم ان كيدى متين ( 45 ) ام تسالهم اجرا فهم من مغرم مثقلون ( 46 ) ام عندهم الغيب فهم يكتبون ( 47 ) )

لما ذكر تعالي ان للمتقين عندة جنات النعيم ، بين متي هذا كائن و واقع ، فقال : ( يوم يكشف عن ساق و يدعون الي السجود فلا يستطيعون ) يعنى : يوم القيامه و ما يصبح فية من الاهوال و الزلازل و البلاء و الامتحان و الامور العظام . و ربما قال البخارى ها هنا :

حدثنا ادم ، حدثنا الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن ابى هلال ، عن زيد بن اسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابى سعيد الخدرى قال : سمعت النبى – صلي الله علية و سلم – يقول : ” يكشف ربنا عن ساقة ، فيسجد له جميع مؤمن و مؤمنه ، و يبقي من كان يسجد فالدنيا رياء و سمعه ، فيذهب ليسجد فيعود ظهرة طبقا و احدا ” .

وهذا الحديث مخرج فالصحيحين و فغيرهما من طرق و له الفاظ ، و هو حديث طويل مشهور .

وقد قال عبدالله بن المبارك ، عن اسامه بن زيد ، عن عكرمه ، عن ابن عباس : ( يوم يكشف عن ساق ) [ ص: 199 ] قال : هو يوم كرب و شده . رواة ابن جرير بعدها قال :

حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن المغيره ، عن ابراهيم ، عن ابن مسعود ، – او ابن عباس الشك من ابن جرير – : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : عن امر عظيم ، كقول الشاعر :

وقامت الحرب بنا عن ساق


و قال ابن ابى نجيح ، عن مجاهد : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : شده الامر

وقال ابن عباس : هى اول ساعه تكون فيوم القيامه .

وقال ابن جريج ، عن مجاهد : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : شده الامر و جدة .

وقال على بن ابى طلحه ، عن ابن عباس قولة : ( يوم يكشف عن ساق ) هو الامر الشديد المفظع من الهول يوم القيامه .

وقال العوفى ، عن ابن عباس قولة : ( يوم يكشف عن ساق ) يقول : حين يكشف الامر و تبدو الاعمال . و كشفة دخول الاخره ، و كشف الامر عنة . و هكذا روي الضحاك ، و غيرة ، عن ابن عباس . اورد هذا كلة ابو جعفر بن جرير بعدها قال :

حدثنى ابو زيد عمر بن شبه ، حدثنا هارون بن عمر المخزومى ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا ابو سعيد روح بن جناح ، عن مولي لعمر بن عبدالعزيز ، عن ابى برده بن ابى موسي ، عن ابية ، عن النبى – صلي الله علية و سلم – قال : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : ” عن نور عظيم ، يخرون له سجدا ” .

ورواة ابو يعلي ، عن القاسم بن يحيي ، عن الوليد بن مسلم بة ، و فية رجل مبهم ، و الله اعلم .

[ ص: 200 ]

وقولة : ( خاشعه ابصارهم ترهقهم ذله ) اي : فالدار الاخره باجرامهم ، و تكبرهم فالدنيا ، فعوقبوا بنقيض ما كانوا علية . و لما دعوا الي السجود فالدنيا فامتنعوا منة مع صحتهم ، و سلامتهم ايضا عوقبوا بعدم قدرتهم علية فالاخره ، اذا تجلي الرب عز و جل ، فيسجد له المؤمنون ، لا يستطيع احد من الكافرين و لا المنافقين ان يسجد ، بل يعود ظهر احدهم طبقا و احدا ، كلما اراد احدهم ان يسجد خر لقفاة ، عكس السجود ، كما كانوا فالدنيا ، بخلاف ما علية المؤمنون .

ثم قال تعالي : ( فذرنى و من يكذب بهذا الحديث ) يعنى : القران . و ذلك تهديد شديد ، اي : دعنى و اياة منى و منة ، انا اعلم بة كيف استدرجة ، و امدة فغية و انظر ، بعدها اخذة اخذ عزيز مقتدر ؛ و لهذا قال : ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) اي : و هم لا يشعرون ، بل يعتقدون ان هذا من الله كرامه ، و هو فنفس الامر اهانه ، كما قال : ( ايحسبون انما نمدهم بة من ما ل و بنين نسارع لهم فالخيرات بل لا يشعرون ) [ المؤمنون : 55 ، 56 ] ، و قال : ( فلما نسوا ما ذكروا بة فتحنا عليهم ابواب جميع شيء حتي اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغته فاذا هم مبلسون ) [ الانعام : 44 ] . و لهذا قال ها هنا : ( و املى لهم ان كيدى متين ) اي : و اؤخرهم ، و انظرهم ، و امدهم ، و هذا من كيدى و مكرى بهم ; و لهذا قال تعالي : ( ان كيدى متين ) اي : عظيم لمن خالف امرى ، و كذب رسلى ، و اجترا علي معصيتى .

وفى الصحيحين عن رسول الله – صلي الله علية و سلم – انه قال : ” ان الله تعالي ليملى للظالم حتي اذا اخذة لم يفلتة ” . بعدها قرا : ( و ايضا اخذ ربك اذا اخذ القري و هى ظالمه ان اخذة اليم شديد ) [ هود : 102 ] .

وقولة : ( ام تسالهم اجرا فهم من مغرم مثقلون ام عندهم الغيب فهم يكتبون ) تقدم تفسيرهما فسوره ” الطور ” ، و المعني فذلك : انك يا محمد تدعوهم الي الله ، عز و جل ، بلا اجر تاخذة منهم ، بل ترجو ثواب هذا عند الله ، عز و جل ، و هم يكذبون بما جئتهم بة ، بمجرد الجهل و الكفر و العناد .

 

 

صورة-1

 




يوم يكشف عن ساق