فذكر انما الذكرى تنفع المؤمنين

تفسير بن كثير


يقول تعالي مسليا لنبية صلي الله علية و سلم: و كما قال لك هؤلاء المشركون، قال المكذبون الاولون لرسلهم { ايضا ما اتي الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر او مجنون} قال الله عز و جل: { اتواصوا به} ؟ اي اوصي بعضهم بعضا بهذة المقالة؟ { بل هم قوم طاغون} ، اي لكن هم قوم طغاه تشابهت قلوبهم، فقال متاخرهم كما قال متقدمهم، قال الله تعالى: { فتول عنهم} اي فاعرض عنهم يا محمد، { فما انت بملوم} يعنى لا نلومك علي ذلك، { و ذكر فان الذكري تنفع المؤمنين} اي انما تنفع فيها القلوب المؤمنة، بعدها قال جل جلاله: { و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون} اي انما خلقتهم لامرهم بعبادتي، لا لاحتياجى اليهم، و قال ابن عباس: { الا ليعبدون} اي الا ليقروا بعبادتى طوعا او كرها، و ذلك اختيار ابن جرير، و قال ابن جريج: الا ليعرفون، و قال الربيع بن انس الا للعبادة. و قولة تعالى: { ما اريد منهم من رزق و ما اريد ان يطعمون ان الله هو الرزاق ذو القوه المتين} ، عن عبدالله بن مسعود رضى الله عنة قال: اقرانى رسول الله صلي الله علية و سلم: { انى انا الرزاق ذو القوه المتين} “”اخرجة احمد و ابو داود و الترمذى و النسائي و قال الترمذي: حسن صحيح””، و معني الايه انه تبارك و تعالي خلق العباد ليعبدوة و حدة لا شريك له، فمن اطاعة جازاة اتم الجزاء، و من عصاة عذبة اشد العذاب، و اخبر انه غير محتاج اليهم، بل هم الفقراء الية فجميع احوالهم، فهو خالقهم و رازقهم، و فالحديث القدسي: (يا ابن ادم تفرغ لعبادتى املا صدرك غني و اسد فقرك، و الا تفعل ملات صدرك شغلا و لم اسد فقرك) “”اخرجة احمد و الترمذى و ابن ما جة، و قال الترمذي: حسن غريب””. و ربما و رد فبعض الكتب الالهية: يقول الله تعالى: (ابن ادم خلقتك لعبادتى فلا تلعب، و تكفلت برزقك فلا تتعب، فاطلبنى تجدني، فان و جدتنى و جدت جميع شيء، و ان فتك فاتك جميع شيء، و انا احب اليك من جميع شيء) و قولة تعالى: { فان للذين ظلموا ذنوبا} اي نصيبا من العذاب، { كذنوب اصحابهم فلا يستعجلون} هذا فانة و اقع لا محالة، { فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون} يعنى يوم القيامة. سوره الطور عن جبير بن مطعم قال: (سمعت النبى صلي الله علية و سلم يقرا فالمغرب بالطور، فما سمعت احدا اقوى صوتا او قراءه منه) “”اخرجة الشيخان من طريق ما لك””. و روي البخاري، عن ام سلمه قالت: شكوت الي رسول الله صلي الله علية و سلم انى اشتكى فقال: (طوفى من و راء الناس و انت راكبة) فطفت و رسول الله صلي الله علية و سلم يصلى الي جنب المنزل يقرا بالطور و كتاب مسطور.


تفسير الجلالين


{ و ذكر } عظ بالقران { فان الذكري تنفع المؤمنين } من علم الله تعالي انه يؤمن .


تفسير الطبري


و قولة : { و ذكر فان الذكري تنفع المؤمنين } يقول : و عظ يا محمد من ارسلت الية , فان العظه تنفع اهل الايمان بالله . كما : 24978 -حدثنا ابن حميد , قال : ثنا مهران , عن سفيان , عن ليث , عن مجاهد { و ذكر فان الذكري تنفع المؤمنين } قال : و عظهم . و قولة : { و ذكر فان الذكري تنفع المؤمنين } يقول : و عظ يا محمد من ارسلت الية , فان العظه تنفع اهل الايمان بالله . كما : 24978 -حدثنا ابن حميد , قال : ثنا مهران , عن سفيان , عن ليث , عن مجاهد { و ذكر فان الذكري تنفع المؤمنين } قال : و عظهم . ‘


تفسير القرطبي


قولة تعالي { ففروا الي الله انى لكم منة نذير مبين} لما تقدم ما جري من تكذيب اممهم لانبيائهم و اهلاكهم؛ لذا قال الله تعالي : لنبية صلي الله علية و سلم قل لهم يا محمد؛ اي قل لقومك { ففروا الي الله انى لكم منة نذير مبين} اي فروا من معاصية الي طاعته. و قال ابن عباس : فروا الي الله بالتوبه من ذنوبكم. و عنة فروا منة الية و اعملوا بطاعته. و قال محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان { ففروا الي الله} اخرجوا الي مكة. و قال الحسين بن الفضل : احترزوا من جميع شيء دون الله فمن فر الي غيرة لم يمتنع منه. و قال ابو بكر الوراق : فروا من طاعه الشيطان الي طاعه الرحمن. و قال الجنيد : الشيطان داع الي الباطل ففروا الي الله يمنعكم منه. و قال ذو النون المصرى : ففروا من الجهل الي العلم، و من الكفر الي الشكر. و قال عمرو بن عثمان : فروا من انفسكم الي ربكم. و قال كذلك : فروا الي ما سبق لكم من الله و لا تعتمدوا علي حركاتكم. و قال سهل بن عبد الله : فروا مما سوي الله الي الله. { انى لكم منة نذير مبين} اي انذركم عقابة علي الكفر و المعصية. قولة تعالي { و لا تجعلوا مع الله الها اخر} امر محمدا صلي الله علية و سلم ان يقول ذلك للناس و هو النذير. و قيل : هو خطاب من الله للخلق. { انى لكم منه} اي من محمد و سيوفة { نذير مبين} اي انذركم باسة و سيفة ان اشركتم بي؛ قالة ابن عباس. قولة تعالي { ايضا ما اتي الذين من قبلهم من رسول} ذلك تسليه للنبى صلي الله علية و سلم؛ اي كما كذبك قومك و قالوا ساحر او مجنون، كذب من قبلهم و قالوا كقولهم. و الكاف من { كذلك} يجوز ان تكون نصبا علي تقدير انذركم انذارا كانذار من الرسل الذين انذروا قومهم، او رفعا علي تقدير الامر ايضا اي كالاول. و الاول تخويف لمن عصاة من الموحدين، و الثاني لمن اشرك بة من الملحدين. و التمام علي قولة { كذلك} عن يعقوب و غيره. { اتواصوا به} اي اوصي اولهم اخرهم بالتكذيب. و تواطؤوا عليه؛ و الالف للتوبيخ و التعجب. { بل هم قوم طاغون} اي لم يوص بعضهم بعضا بل جمعهم الطغيان، و هو مجاوزه الحد فالكفر. { فتول عنهم} اي اعرض عنهم و اصفح عنهم { فما انت بملوم} عند الله لانك اديت ما عليك من تبليغ الرسالة، بعدها نسخ ذلك بقولة تعالي { و ذكر فان الذكري تنفع المؤمنين} و قيل : نسخ بايه السيف. و الاول قول الضحاك؛ لانة ربما امر بالاقبال عليهم بالموعظة. و قال مجاهد { فتول عنهم} فاعرض عنهم { فما انت بملوم} اي ليس يلومك ربك علي تقصير كان منك { و ذكر} اي بالعظه فان العظه { تنفع المؤمنين} . قتاده { و ذكر} بالقران { فان الذكرى} بة { تنفع المؤمنين} . و قيل : ذكرهم بالعقوبه و ايام الله. و خص المؤمنين؛ لانهم المنتفعون بها.


فذكر انما الذكرى تنفع المؤمنين