سورة لبقرة كاملة

تفسير سوره البقره كامله ..



الم (1)

هذة الحروف و غيرها من الحروف المقطعه فاوائل السور بها اشاره الي اعجاز القران; فقد و قع بة تحدى المشركين, فعجزوا عن معارضته, و هو مركب من هذة الحروف التي تتكون منها لغه العرب. فدل عجز العرب عن التاليان بمثلة -مع انهم افصح الناس- علي ان القران و حى من الله.

ذلك الكتاب لا ريب فية هدي للمتقين (2)

ذلك القران هو الكتاب العظيم الذي لا شك انه من عند الله, فلا يصح ان يرتاب فية احد لوضوحه, ينتفع بة المتقون بالعلم النافع و العمل الصالح و هم الذين يخافون الله, و يتبعون احكامه.

الذين يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلاه و مما رزقناهم ينفقون (3)

وهم الذين يصدقون بالغيب الذي لا تدركة حواسهم و لا عقولهم و حدها; لانة لا يعرف الا بوحى الله الي رسله, كالايمان بالملائكة, و الجنة, و النار, و غير هذا مما اخبر الله بة او اخبر بة رسوله، (والايمان: كلمه جامعه للاقرار بالله و ملائكتة و كتبة و رسلة و اليوم الاخر و القدر خيرة و شره، و تصديق الاقرار بالقول و العمل بالقلب و اللسان و الجوارح) و هم مع تصديقهم بالغيب يحافظون علي اداء الصلاه فمواقيتها اداء صحيحا و فق ما شرع الله لنبية محمد صلي الله علية و سلم, و مما اعطيناهم من المال يظهرون صدقه اموالهم الواجبه و المستحبة.

والذين يؤمنون بما انزل اليك و ما انزل من قبلك و بالاخره هم يوقنون (4)

والذين يصدقون بما انزل اليك ايها الرسول من القران, و بما انزل اليك من الحكمة, و هى السنة, و بكل ما انزل من قبلك علي الرسل من كتب, كالتوراه و الانجيل و غيرهما, و يصدقون بدار الحياة بعد الموت و ما بها من الحساب و الجزاء، تصديقا بقلوبهم يخرج علي السنتهم و جوارحهم و خص يوم الاخرة; لان الايمان بة من اعظم البواعث علي فعل الطاعات, و تجنب المحرمات, و محاسبه النفس.

اولئك علي هدي من ربهم و اولئك هم المفلحون (5)

اصحاب هذة الصفات يسيرون علي نور من ربهم و بتوفيق من خالقهم و هاديهم, و هم الفائزون الذين ادركوا ما طلبوا, و نجوا من شر ما منة هربوا.

ان الذين كفروا سواء عليهم ءانذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون (6)

ان الذين جحدوا ما انزل اليك من ربك استكبارا و طغيانا, لن يقع منهم الايمان, سواء اخوفتهم و حذرتهم من عذاب الله, ام تركت ذلك؛ لاصرارهم علي باطلهم.

ختم الله علي قلوبهم و علي سمعهم و علي ابصارهم غشاوه و لهم عذاب عظيم (7)

طبع الله علي قلوب هؤلاء و علي سمعهم, و جعل علي ابصارهم غطاء; بسبب كفرهم و عنادهم من بعد ما تبين لهم الحق, فلم يوفقهم للهدى, و لهم عذاب شديد فنار جهنم.

ومن الناس من يقول امنا بالله و باليوم الاخر و ما هم بمؤمنين (8)

ومن الناس فريق يتردد متحيرا بين المؤمنين و الكافرين, و هم المنافقون الذين يقولون بالسنتهم: صدقنا بالله و باليوم الاخر, و هم فباطنهم كاذبون لم يؤمنوا.

يخادعون الله و الذين امنوا و ما يخدعون الا انفسهم و ما يشعرون (9)

يعتقدون بجهلهم انهم يخادعون الله و الذين امنوا باظهارهم الايمان و اضمارهم الكفر, و ما يخدعون الا انفسهم; لان عاقبه خداعهم تعود عليهم. و من فرط جهلهم لا يحسون بذلك; لفساد قلوبهم.

فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا و لهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون (10)

فى قلوبهم شك و فساد فابتلوا بالمعاصى الموجبه لعقوبتهم, فزادهم الله شكا, و لهم عقوبه موجعه بسبب كذبهم و نفاقهم.

واذا قيل لهم لا تفسدوا فالارض قالوا انما نحن مصلحون (11)

واذا نصحوا ليكفوا عن الافساد فالارض بالكفر و المعاصي, و افشاء اسرار المؤمنين, و موالاه الكافرين, قالوا كذبا و جدالا انما نحن اهل الاصلاح.

الا انهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون (12)

ان ذلك الذي يفعلونة و يزعمون انه اصلاح هو عين الفساد, لكنهم بسبب جهلهم و عنادهم لا يحسون.

واذا قيل لهم امنوا كما امن الناس قالوا انؤمن كما امن السفهاء الا انهم هم السفهاء و لكن لا يعلمون (13)

واذا قيل للمنافقين: امنوا -مثل ايمان الصحابة، و هو الايمان بالقلب و اللسان و الجوارح-, جادلوا و قالوا: انصدق كتصديق ضعاف العقل و الراي, فنكون نحن و هم فالسفة سواء؟ فرد الله عليهم بان السفة مقصور عليهم, و هم لا يعلمون ان ما هم فية هو الضلال و الخسران.

واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا و اذا خلوا الي شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون (14)

هؤلاء المنافقون اذا قابلوا المؤمنين قالوا: صدقنا بالاسلام مثلكم, و اذا انصرفوا و ذهبوا الي زعمائهم الكفره المتمردين علي الله اكدوا لهم انهم علي مله الكفر لم يتركوها, و انما كانوا يستخفون بالمؤمنين, و يسخرون منهم.

الله يستهزئ بهم و يمدهم فطغيانهم يعمهون (15)

الله يستهزئ بهم و يمهلهم; ليزدادوا ضلالا و حيره و ترددا, و يجازيهم علي استهزائهم بالمؤمنين.

اولئك الذين اشتروا الضلاله بالهدي فما ربحت تجارتهم و ما كانوا مهتدين (16)

اولئك المنافقون باعوا انفسهم فصفقه خاسرة, فاخذوا الكفر, و تركوا الايمان, فما كسبوا شيئا, بل خسروا الهداية. و ذلك هو الخسران المبين.

مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما اضاءت ما حولة ذهب الله بنورهم و تركهم فظلمات لا يبصرون (17)

حال المنافقين الذين امنوا -ظاهرا لا باطنا- برساله محمد صلي الله علية و سلم, بعدها كفروا, فصاروا يتخبطون فظلمات ضلالهم و هم لا يشعرون, و لا امل لهم فالخروج منها, تشبة حال جماعه فليله مظلمة, و اوقد احدهم نارا عظيمه للدفء و الاضاءة, فلما سطعت النار و انارت ما حوله, انطفات و اعتمت, فصار اصحابها فظلمات لا يرون شيئا, و لا يهتدون الي طريق و لا مخرج.

صم بكم عمى فهم لا يرجعون (18)

هم صم عن سماع الحق سماع تدبر, بكم عن النطق به, عمى عن ابصار نور الهداية; لذا لا يستطيعون الرجوع الي الايمان الذي تركوه, و استعاضوا عنة بالضلال.

او كصيب من السماء فية ظلمات و رعد و برق يجعلون اصابعهم فاذانهم من الصواعق حذر الموت و الله محيط بالكافرين (19)

او تشبة حال فريق احدث من المنافقين يخرج لهم الحق تارة, و يشكون فية تاره اخرى, حال جماعه يمشون فالعراء, فينصب عليهم مطر شديد, تصاحبة ظلمات بعضها فوق بعض, مع قصف الرعد, و لمعان البرق, و الصواعق المحرقة, التي تجعلهم من شده الهول يضعون اصابعهم فاذانهم; خوفا من الهلاك. و الله تعالي محيط بالكافرين لا يفوتونة و لا يعجزونه.

يكاد البرق يخطف ابصارهم كلما اضاء لهم مشوا فية و اذا اظلم عليهم قاموا و لو شاء الله لذهب بسمعهم و ابصارهم ان الله علي جميع شيء قدير (20)

يقارب البرق -من شده لمعانه- ان يسلب ابصارهم, و مع هذا فكلما اضاء لهم مشوا فضوئه, و اذا ذهب اظلم الطريق عليهم فيقفون فاماكنهم. و لولا امهال الله لهم لسلب سمعهم و ابصارهم, و هو قادر علي هذا فكل و قت, انه علي جميع شيء قدير.

يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم و الذين من قبلكم لعلكم تتقون (21)

نداء من الله للبشر جميعا: ان اعبدوا الله الذي رباكم بنعمه, و خافوة و لا تخالفوا دينه; فقد اوجدكم من العدم, و اوجد الذين من قبلكم; لتكونوا من المتقين الذين رضى الله عنهم و رضوا عنه.

الذى جعل لكم الارض فراشا و السماء بناء و انزل من السماء ماء فاخرج بة من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا للة اندادا و انتم تعلمون (22)

ربكم الذي جعل لكم الارض بساطا; لتسهل حياتكم عليها, و السماء محكمه البناء, و انزل المطر من السحاب فاخرج لكم بة من الوان الثمرات و نوعيات النبات رزقا لكم, فلا تجعلوا للة نظراء فالعبادة, و انتم تعلمون تفردة بالخلق و الرزق, و استحقاقة العبودية.

.

وان كنتم فريب مما نزلنا علي عبدنا فاتوا بسوره من مثلة و ادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين (23)

وان كنتم -ايها الكافرون المعاندون- فشك من القران الذي نزلناة علي عبدنا محمد صلي الله علية و سلم, و تزعمون انه ليس من عند الله, فهاتوا سوره تماثل سوره من القران, و استعينوا بمن تقدرون علية من اعوانكم, ان كنتم صادقين فدعواكم

فان لم تفعلوا و لن تفعلوا فاتقوا النار التي و قودها الناس و الحجاره اعدت للكافرين (24)

فان عجزتم الان -وستعجزون مستقبلا لا محالة- فاتقوا النار بالايمان بالنبى صلي الله علية و سلم و طاعه الله تعالى. هذة النار التي حطبها الناس و الحجارة, اعدت للكافرين بالله و رسله

وبشر الذين امنوا و عملوا الصالحات ان لهم جنات تجرى من تحتها الانهار كلما رزقوا منها من ثمره رزقا قالوا ذلك الذي رزقنا من قبل و اتوا بة متشابها و لهم بها ازواج مطهره و هم بها خالدون (25)

واخبر -ايها الرسول- اهل الايمان و العمل الصالح خبرا يملؤهم سرورا, بان لهم فالاخره حدائق عجيبة, تجرى الانهار تحت قصورها العاليه و اشجارها الظليلة. كلما رزقهم الله بها نوعا من الفاكهه اللذيذه قالوا: ربما رزقنا الله ذلك النوع من قبل, فاذا ذاقوة و جدوة شيئا جديدا فطعمة و لذته, و ان تشابة مع سابقة فاللون و المنظر و الاسم. و لهم فالجنات زوجات مطهرات من جميع الوان الدنس الحسى كالبول و الحيض, و المعنوى كالكذب و سوء الخلق. و هم فالجنه و نعيمها دائمون, لا يموتون بها و لا يظهرون منها.

ان الله لا يستحيى ان يضرب مثلا ما بعوضه فما فوقها فاما الذين امنوا فيعلمون انه الحق من ربهم و اما الذين كفروا فيقولون ما ذا اراد الله بهذا مثلا يضل بة كثيرا و يهدى بة كثيرا و ما يضل بة الا الفاسقين (26)

ان الله تعالي لا يستحيى من الحق ان يذكر شيئا ما , قل او كثر, و لو كان تمثيلا باصغر شيء, كالبعوضه و الذباب و نحو ذلك, مما ضربة الله مثلا لعجز جميع ما يعبد من دون الله. فاما المؤمنون فيعلمون حكمه الله فالتمثيل بالصغير و الكبير من خلقه, و اما الكفار فيسخرون و يقولون: ما مراد الله من ضرب المثل بهذة الحشرات الحقيرة؟ و يجيبهم الله بان المراد هو الاختبار, و تمييز المؤمن من الكافر; لذا يصرف الله بهذا المثل ناسا كثيرين عن الحق لسخريتهم منه, و يوفق بة غيرهم الي مزيد من الايمان و الهداية. و الله تعالي لا يظلم احدا; لانة لا يصرف عن الحق الا الخارجين عن طاعته.

الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقة و يقطعون ما امر الله بة ان يوصل و يفسدون فالارض اولئك هم الخاسرون (27)

الذين ينكثون عهد الله الذي اخذة عليهم بالتوحيد و الطاعة, و ربما اكدة بارسال الرسل, و انزال الكتب, و يخالفون دين الله كقطع الارحام و نشر الفساد فالارض, اولئك هم الخاسرون فالدنيا و الاخرة.

كيف تكفرون بالله و كنتم امواتا فاحياكم بعدها يميتكم بعدها يحييكم بعدها الية ترجعون (28)

كيف تنكرون -ايها المشركون- و حدانيه الله تعالى, و تشركون بة غيرة فالعباده مع البرهان القاطع عليها فانفسكم؟ فلقد كنتم امواتا فاوجدكم و نفخ فيكم الحياة, بعدها يميتكم بعد انقضاء اجالكم التي حددها لكم, بعدها يعيدكم احياء يوم البعث, بعدها الية ترجعون للحساب و الجزاء.

هو الذي خلق لكم ما فالارض جميعا بعدها استوي الي السماء فسواهن سبع سماوات و هو بكل شيء عليم (29)

الله و حدة الذي خلق لاجلكم جميع ما فالارض من النعم التي تنتفعون بها, بعدها قصد الي خلق السموات, فسواهن سبع سموات, و هو بكل شيء عليم. فعلمة -سبحانه- محيط بجميع ما خلق

واذ قال ربك للملائكه انى جاعل فالارض خليفه قالوا اتجعل بها من يفسد بها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك قال انى اعلم ما لا تعلمون (30)

واذكر -ايها الرسول- للناس حين قال ربك للملائكة: انى جاعل فالارض قوما يخلف بعضهم بعضا لعمارتها. قالت: يا ربنا علمنا و ارشدنا ما الحكمه فخلق هؤلاء, مع ان من شانهم الافساد فالارض و اراقه الدماء ظلما و عدوانا و نحن طوع امرك, ننزهك التنزية اللائق بحمدك و جلالك، و نمجدك بكل صفات الكمال و الجلال؟ قال الله لهم: انى اعلم ما لا تعلمون من الحكمه البالغه فخلقهم

وعلم ادم الاسماء كلها بعدها عرضهم علي الملائكه فقال انبئونى باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين (31)

وبيانا لفضل ادم علية السلام علمة الله اسماء الحاجات كلها, بعدها عرض مسمياتها علي الملائكه قائلا لهم: اخبرونى باسماء هؤلاء الموجودات, ان كنتم صادقين فانكم اولي بالاستخلاف فالارض منهم

قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم (32)

قالت الملائكة: ننزهك يا ربنا, ليس لنا علم الا ما علمتنا اياه. انك انت و حدك العليم بشئون خلقك, الحكيم فتدبيرك.

قال يا ادم انبئهم باسمائهم فلما انباهم باسمائهم قال الم اقل لكم انى اعلم غيب السموات و الارض و اعلم ما تبدون و ما كنتم تكتمون (33)

قال الله: يا ادم اخبرهم باسماء هذة الحاجات التي عجزوا عن معرفتها. فلما اخبرهم ادم بها, قال الله للملائكة: لقد اخبرتكم انى اعلم ما خفى عنكم فالسموات و الارض, و اعلم ما تخرجونة و ما تخفونه.

واذ قلنا للملائكه اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابي و استكبر و كان من الكافرين (34)

واذكر -ايها الرسول- للناس تكريم الله لادم حين قال سبحانة للملائكة: اسجدوا لادم اكراما له و اظهارا لفضله, فاطاعوا جميعا الا ابليس امتنع عن السجود تكبرا و حسدا, فصار من الجاحدين بالله, العاصين لامره.

وقلنا يا ادم اسكن انت و زوجك الجنه و كلا منها رغدا حيث شئتما و لا تقربا هذة الشجره و لا تقربا هذة الشجره فتكونا من الظالمين (35)

وقال الله: يا ادم اسكن انت و زوجك حواء الجنة, و تمتعا بثمارها تمتعا هنيئا و اسعا فاى مكان تشاءان فيها, و لا تقربا هذة الشجره حتي لا تقعا فالمعصية, فتصيرا من المتجاوزين امر الله.

فازلهما الشيطان عنها فاخرجهما مما كانا فية و قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو و لكم فالارض مستقر و متاع الي حين (36)

فاوقعهما الشيطان فالخطيئة: بان و سوس لهما حتي اكلا من الشجرة, فتسبب فاخراجهما من الجنه و نعيمها. و قال الله لهم: اهبطوا الي الارض, يعادى بعضكم بعضا -اى ادم و حواء و الشيطان- و لكم فالارض استقرار و اقامة, و انتفاع بما بها الي و قت انتهاء اجالكم.

فتلقي ادم من ربة عبارات فتاب علية انه هو التواب الرحيم (37)

فتلقي ادم بالقبول كلمات, الهمة الله اياها توبه و استغفارا, و هى قولة تعالى: (ربنا ظلمنا انفسنا و ان لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين) فتاب الله عليه, و غفر له ذنبة انه تعالي هو التواب لمن تاب من عباده, الرحيم بهم

قلنا اهبطوا منها جميعا فاما ياتينكم منى هدي فمن تبع هداى فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون (38)

قال الله لهم: اهبطوا من الجنه جميعا, و سياتيكم انتم و ذرياتكم المتعاقبه ما فية هدايتكم الي الحق. فمن عمل فيها فلا خوف عليهم فيما يستقبلونة من امر الاخره و لا هم يحزنون علي ما فاتهم من امور الدنيا

والذين كفروا و كذبوا باياتنا اولئك اصحاب النار هم بها خالدون (39)

والذين جحدوا و كذبوا باياتنا المتلوه و دلائل توحيدنا, اولئك الذين يلازمون النار, هم بها خالدون, لا يظهرون منها.

يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتى التي انعمت عليكم و اوفوا بعهدى اوف بعهدكم و اياى فارهبون (40)

يا ذريه يعقوب اذكروا نعمى الكثيره عليكم, و اشكروا لي, و اتموا و صيتى لكم: بان تؤمنوا بكتبى و رسلى جميعا, و تعملوا بشرائعي. فان فعلتم هذا اتمم لكم ما و عدتكم بة من الرحمه فالدنيا, و النجاه فالاخرة. و اياى -وحدي- فخافوني, و احذروا نقمتى ان نقضتم العهد, و كفرتم بي

وامنوا بما انزلت مصدقا لما معكم و لا تكونوا اول كافر بة و لا تشتروا باياتى ثمنا قليلا و اياى فاتقون (41)

وامنوا- يا بنى اسرائيل- بالقران الذي انزلتة علي محمد نبى الله و رسوله, موافقا لما تعلمونة من صحيح التوراة, و لا تكونوا اول فريق من اهل الكتاب يكفر به, و لا تستبدلوا باياتى ثمنا قليلا من حطام الدنيا الزائل, و اياى و حدى فاعملوا بطاعتى و اتركوا معصيتي.

ولا تلبسوا الحق بالباطل و تكتموا الحق و انتم تعلمون (42)

ولا تخلطوا الحق الذي بينتة لكم بالباطل الذي افتريتموه, و احذروا كتمان الحق الصريح من صفه نبى الله و رسولة محمد صلي الله علية و سلم التي فكتبكم, و انتم تجدونها مكتوبه عندكم، فيما تعلمون من الكتب التي بايديكم.

واقيموا الصلاه و اتوا الزكاه و اركعوا مع الراكعين (43)

وادخلوا فدين الاسلام: بان تقيموا الصلاه علي الوجة الصحيح, كما جاء فيها نبى الله و رسولة محمد صلي الله علية و سلم, و تؤدوا الزكاه المفروضه علي الوجة المشروع, و تكونوا مع الراكعين من امتة صلي الله علية و سلم.

اتامرون الناس بالبر و تنسون انفسكم و انتم تتلون الكتاب افلا تعقلون (44)

ما اقبح حالكم و حال علمائكم حين تامرون الناس بعمل الخيرات, و تتركون انفسكم, فلا تامرونها بالخير العظيم, و هو الاسلام, و انتم تقرءون التوراة, التي بها صفات محمد صلي الله علية و سلم, و وجوب الايمان به!! افلا تستخدمون عقولكم استعمالا صحيحا

واستعينوا بالصبر و الصلاه و انها لكبيره الا علي الخاشعين (45) الذين يظنون انهم ملاقو ربهم و انهم الية راجعون (46)

واستعينوا فكل اموركم بالصبر بجميع نوعياته, و ايضا الصلاة. و انها لشاقه الا علي الخاشعين الذين يخشون الله و يرجون ما عنده, و يوقنون انهم ملاقو ربهم جل و علا بعد الموت, و انهم الية راجعون يوم القيامه للحساب و الجزاء.

يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتى التي انعمت عليكم و انى فضلتكم علي العالمين (47)

يا ذريه يعقوب تذكروا نعمى الكثيره عليكم, و اشكروا لى عليها, و تذكروا انى فضلتكم علي عالمى زمانكم بكثره الانبياء, و الكتب البيته كالتوراه و الانجيل

واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا و لا يقبل منها شفاعه و لا يؤخذ منها عدل و لا هم ينصرون (48)

وخافوا يوم القيامة, يوم لا يغنى احد عن احد شيئا, و لا يقبل الله شفاعه فالكافرين, و لا يقبل منهم فدية, و لو كانت اموال الارض جميعا, و لا يملك احد فهذا اليوم ان يتقدم لنصرتهم و انقاذهم من العذاب.

واذ نجيناكم من ال فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون ابناءكم و يستحيون نساءكم و فذلكم بلاء من ربكم عظيم (49)

واذكروا نعمتنا عليكم حين انقذناكم من بطش فرعون و اتباعه, و هم يذيقونكم اشد العذاب, فيكثرون من ذبح ابنائكم, و ترك بناتكم للخدمه و الامتهان. و فذلك اختبار لكم من ربكم, و فانجائكم منة نعمه عظيمة, تستوجب شكر الله تعالي فكل عصوركم و اجيالكم

واذ فرقنا بكم البحر فانجيناكم و اغرقنا ال فرعون و انتم تنظرون (50)

واذكروا نعمتنا عليكم, حين فصلنا بسببكم البحر, و جعلنا فية طرقا يابسة, فعبرتم, و انقذناكم من فرعون و جنوده, و من الهلاك فالماء. فلما دخل فرعون و جنودة طرقكم اهلكناهم فالماء امام اعينكم

واذ و اعدنا موسي اربعين ليله بعدها اتخذتم العجل من بعدة و انتم ظالمون (51)

واذكروا نعمتنا عليكم: حين و اعدنا موسي اربعين ليله لانزال التوراه هدايه و نورا لكم, فاذا بكم تنتهزون فرصه غيابة هذة المده القليلة, و تجعلون العجل الذي صنعتموة بايديكم معبودا لكم من دون الله – و ذلك اشنع الكفر بالله- و انتم ظالمون باتخاذكم العجل الها.

ثم عفونا عنكم من بعد هذا لعلكم تشكرون (52)

ثم تجاوزنا عن هذة الفعله المنكرة, و قبلنا توبتكم بعد عوده موسى; رجاء ان تشكروا الله علي نعمة و افضاله, و لا تتمادوا فالكفر و الطغيان.

واذ اتينا موسي الكتاب و الفرقان لعلكم تهتدون (53)

واذكروا نعمتنا عليكم حين اعطينا موسي الكتاب الفارق بين الحق و الباطل -وهو التوراة-; لكى تهتدوا من الضلالة

واذ قال موسي لقومة يا قوم انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا الي بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم انه هو التواب الرحيم (54)

واذكروا نعمتنا عليكم حين قال موسي لقومه: انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل الها, فتوبوا الي خالقكم: بان يقتل بعضكم بعضا, و ذلك خير لكم عند خالقكم من الخلود الابدى فالنار, فامتثلتم ذلك, فمن الله عليكم بقبول توبتكم. انه تعالي هو التواب لمن تاب من عباده, الرحيم بهم.

واذ قلتم يا موسي لن نؤمن لك حتي نري الله جهره فاخذتكم الصاعقه و انتم تنظرون (55)

واذكروا اذ قلتم: يا موسي لن نصدقك فان الكلام الذي نسمعة منك هو كلام الله, حتي نري الله عيانا, فنزلت نار من السماء رايتموها باعينكم, فقتلتكم بسبب ذنوبكم, و جراتكم علي الله تعالى.

ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون (56)

ثم احييناكم من بعد موتكم بالصاعقة; لتشكروا نعمه الله عليكم, فهذا الموت عقوبه لهم, بعدها بعثهم الله لاستيفاء اجالهم.

وظللنا عليكم الغمام و انزلنا عليكم المن و السلوي كلوا من طيبات ما رزقناكم و ما ظلمونا و لكن كانوا انفسهم يظلمون (57)

واذكروا نعمتنا عليكم حين كنتم تتيهون فالارض; اذ جعلنا السحاب مظللا عليكم من حر الشمس, و انزلنا عليكم المن, و هو شيء يشبة الصمغ طعمة كالعسل, و انزلنا عليكم السلوي و هو طير يشبة السمانى, و قلنا لكم: كلوا من طيبات ما رزقناكم, و لا تخالفوا دينكم, فلم تمتثلوا. و ما ظلمونا بكفران النعم, و لكن كانوا انفسهم يظلمون; لان عاقبه الظلم عائده عليهم

واذ قلنا ادخلوا هذة القريه فكلوا منها حيث شئتم رغدا و ادخلوا الباب سجدا و قولوا حطه نغفر لكم خطاياكم و سنزيد المحسنين (58)

واذكروا نعمتنا عليكم حين قلنا: ادخلوا مدينه “بيت المقدس” فكلوا من طيباتها فاى مكان منها اكلا هنيئا, و كونوا فدخولكم خاضعين لله, ذليلين له, و قولوا: ربنا ضع عنا ذنوبنا, نستجب لكم و نعف و نسترها عليكم, و سنزيد المحسنين باعمالهم خيرا و ثوابا

فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فانزلنا علي الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون (59)

فبدل الجائرون الضالون من بنى اسرائيل قول الله, و حرفوا القول و الفعل جميعا, اذ دخلوا يزحفون علي استاههم و قالوا: حبه فشعرة, و استهزءوا بدين الله. فانزل الله عليهم عذابا من السماء; بسبب تمردهم و خروجهم عن طاعه الله.

واذ استسقي موسي لقومة فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منة اثنتا عشره عينا ربما علم جميع اناس مشربهم كلوا و اشربوا من رزق الله و لا تعثوا فالارض مفسدين (60)

واذكروا نعمتنا عليكم -وانتم عطاش فالتيه- حين دعانا موسي -بضراعة- ان نسقى قومه, فقلنا: اضرب بعصاك الحجر, فضرب, فانفجرت منة اثنتا عشره عينا, بعدد القبائل, مع اعلام جميع قبيله بالعين الخاصه فيها حتي لا يتنازعوا. و قلنا لهم: كلوا و اشربوا من رزق الله, و لا تسعوا فالارض مفسدين.

واذ قلتم يا موسي لن نصبر علي اكل و احد فادع لنا ربك يظهر لنا مما تنبت الارض يظهر لنا مما تنبت الارض من بقلها و قثائها و فومها و عدسها و بصلها قال اتستبدلون الذي هو ادني بالذى هو خير اهبطوا مصرا فان لكم ما سالتم و ضربت عليهم الذله و المسكنه و باءوا بغضب من الله هذا بانهم كانوا يكفرون بايات الله و يقتلون النبيين بغير الحق هذا بما عصوا و كانوا يعتدون (61)

واذكروا حين انزلنا عليكم الاكل الحلو, و الطير الشهي, فبطرتم النعمه كعادتكم, و اصابكم الضيق و الملل, فقلتم: يا موسي لن نصبر علي اكل ثابت لا يتغير مع الايام, فادع لنا ربك يظهر لنا من نبات الارض طعاما من البقول و الخضر, و القثاء و الحبوب التي تؤكل, و العدس, و البصل. قال موسي -مستنكرا عليهم-: اتطلبون هذة الاطعمة =التي هى اقل قدرا, و تتركون ذلك الرزق النافع الذي اختارة الله لكم؟ اهبطوا من هذة الباديه الي اي مدينة, تجدوا ما اشتهيتم كثيرا فالحقول و الاسواق. و لما هبطوا تبين لهم انهم يقدمون اختيارهم -فى جميع موطن- علي اختيار الله, و يؤثرون شهواتهم علي ما اختارة الله لهم; لذا لزمتهم صفه الذل و فقر النفوس, و انصرفوا و رجعوا بغضب من الله; لاعراضهم عن دين الله, و لانهم كانوا يكفرون بايات الله و يقتلون النبيين ظلما و عدوانا; و هذا بسبب عصيانهم و تجاوزهم حدود ربهم.

ان الذين امنوا و الذين هادوا و النصاري و الصابئين من امن بالله و اليوم الاخر و عمل صالحا و عمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون (62)

ان المؤمنين من هذة الامة, الذين صدقوا بالله و رسله, و عملوا بشرعه, و الذين كانوا قبل بعثه محمد صلي الله علية و سلم من الامم السالفه من اليهود, و النصارى, و الصابئين- و هم قوم باقون علي فطرتهم, و لا دين مقرر لهم يتبعونه- هؤلاء جميعا اذا صدقوا بالله تصديقا صحيحا خالصا, و بيوم البعث و الجزاء, و عملوا عملا مرضيا عند الله, فثوابهم ثابت لهم عند ربهم, و لا خوف عليهم فيما يستقبلونة من امر الاخرة، و لا هم يحزنون علي ما فاتهم من امور الدنيا. و اما بعد بعثه محمد صلي الله علية و سلم خاتما للنبيين و المرسلين الي الناس كافة, فلا يقبل الله من احد دينا غير ما جاء به, و هو الاسلام.

واذ اخذنا ميثاقكم و رفعنا فوقكم الطور خذوا ما اتيناكم بقوه و اذكروا ما فية لعلكم تتقون (63)

واذكروا -يا بنى اسرائيل- حين اخذنا العهد المؤكد منكم بالايمان بالله و افرادة بالعبادة, و رفعنا جبل الطور فوقكم, و قلنا لكم: خذوا الكتاب الذي اعطيناكم بجد و اجتهاد و احفظوه, و الا اطبقنا عليكم الجبل، و لا تنسوا التوراه قولا و عملا كى تتقونى و تخافوا عقابي.

ثم توليتم من بعد هذا فلولا فضل الله عليكم و رحمتة لكنتم من الخاسرين (64)

ثم خالفتم و عصيتم مره اخرى, بعد اخذ الميثاق و رفع الجبل كشانكم دائما. فلولا فضل الله عليكم و رحمتة بالتوبة, و التجاوز عن خطاياكم, لصرتم من الخاسرين فالدنيا و الاخرة.

ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم فالسبت فقلنا لهم كونوا قرده خاسئين (65)

ولقد علمتم -يا معشر اليهود- ما حل من الباس باسلافكم من اهل القريه التي عصت الله، فيما اخذة عليهم من تعظيم السبت، فاحتالوا لاصطياد السمك فيوم السبت ، بوضع الشباك و حفر البرك، بعدها اصطادوا السمك يوم الاحد حيله الي المحرم، فلما فعلوا ذلك، مسخهم الله قرده منبوذين.

فجعلناها نكالا لما بين يديها و ما خلفها و موعظه للمتقين (66)

فجعلنا هذة القريه عبره لمن بحضرتها من القرى, يبلغهم خبرها و ما حل بها, و عبره لمن يعمل بعدين كتلك الذنوب, و جعلناها تذكره للصالحين; ليعلموا انهم علي الحق, فيثبتوا عليه.

واذ قال موسي لقومة ان الله يامركم ان تذبحوا بقره قالوا اتتخذنا هزوا قال اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين (67)

واذكروا يا بنى اسرائيل جنايه اسلافكم, و كثره تعنتهم و جدالهم لموسي علية الصلاه و السلام, حين قال لهم: ان الله يامركم ان تذبحوا بقرة, فقالوا -مستكبرين-: اتجعلنا موضعا للسخريه و الاستخفاف؟ فرد عليهم موسي بقوله: استجير بالله ان اكون من المستهزئين.

قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هى قال انه يقول انها بقره لا فارض و لا بكر عوان بين هذا فافعلوا ما تؤمرون (68)

قالوا: ادع لنا ربك يوضح لنا صفه هذة البقرة, فاجابهم: ان الله يقول لكم: صفتها الا تكون مسنه هرمة, و لا صغيره فتية, و انما هى متوسطه بينهما, فسارعوا الي امتثال امر ربكم.

قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال انه يقول انها بقره صفراء فاقع لونها تسر الناظرين (69)

فعادوا الي جدالهم قائلين: ادع لنا ربك يوضح لنا لونها. قال: انه يقول: انها بقره صفراء شديده الصفرة, تسر من ينظر اليها.

قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هى ان البقر تشابة علينا و انا ان شاء الله لمهتدون (70)

قال بنو اسرائيل لموسى: ادع لنا ربك يوضح لنا صفات اخري غير ما سبق; لان البقر -بهذة الصفات- كثير فاشتبة علينا ما ذا نختار؟ و اننا -ان شاء الله- لمهتدون الي البقره المامور بذبحها.

قال انه يقول انها بقره لا ذلول تثير الارض و لا تسقى الحرث مسلمه لا شيه بها قالوا الان جئت بالحق فذبحوها و ما كادوا يفعلون (71)

قال لهم موسى: ان الله يقول: انها بقره غير مذلله للعمل فحراثه الارض للزراعة, و غير معده للسقى من الساقية, و خاليه من العيوب جميعها, و ليس بها علامه من لون غير لون جلدها. قالوا: الان جئت بحقيقه و صف البقرة, فاضطروا الي ذبحها بعد طول المراوغة, و ربما قاربوا الا يفعلوا هذا لعنادهم. و كذا شددوا فشدد الله عليهم

واذ قتلتم نفسا فاداراتم بها و الله مخرج ما كنتم تكتمون (72)

واذكروا اذ قتلتم نفسا فتنازعتم بشانها, جميع يدفع عن نفسة تهمه القتل, و الله مخرج ما كنتم تخفون من قتل القتيل.

فقلنا اضربوة ببعضها ايضا يحى الله الموتي و يريكم اياتة لعلكم تعقلون (73)

فقلنا: اضربوا القتيل بجزء من هذة البقره المذبوحة, فان الله سيبعثة حيا, و يخبركم عن قاتله. فضربوة ببعضها فاحياة الله و اخبر بقاتله. ايضا يحيى الله الموتي يوم القيامة, و يريكم- يا بنى اسرائيل- معجزاتة الداله علي كمال قدرتة تعالى; لكى تتفكروا بعقولكم, فتمتنعوا عن معاصيه.

ثم قست قلوبكم من بعد هذا فهى كالحجاره او اشد قسوه و ان من الحجاره لما يتفجر منة الانهار و ان منها لما يشقق فيخرج منة الماء و ان منها لما يهبط من خشيه الله و ما الله بغافل عما تعملون (74)

ولكنكم لم تنتفعوا بذلك; اذ بعد جميع هذة المعجزات الخارقه اشتدت قلوبكم و غلظت, فلم ينفذ اليها خير, و لم تلن امام الايات الباهره التي اريتكموها, حتي صارت قلوبكم كالحجاره الصماء, بل هى اشد منها غلظة; لان من الحجاره ما يتسع و ينفرج حتي تنصب منة المياة صبا, فتصير انهارا جارية, و من الحجاره ما يتصدع فينشق, فتخرج منة العيون و الينابيع, و من الحجاره ما يسقط من اعالى الجبال من خشيه الله تعالي و تعظيمه. و ما الله بغافل عما تعملون.

افتطمعون ان يؤمنوا لكم و ربما كان فريق منهم يسمعون كلام الله بعدها يحرفونة من بعد ما عقلوة و هم يعلمون (75)

ايها المسلمون انسيتم افعال بنى اسرائيل, فطمعت نفوسكم ان يصدق اليهود بدينكم؟ و ربما كان علماؤهم يسمعون كلام الله من التوراة, بعدها يحرفونة بصرفة الي غير معناة الصحيح بعد ما عقلوا حقيقته, او بتحريف الفاظه, و هم يعلمون انهم يحرفون كلام رب العالمين عمدا و كذبا

واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا و اذا خلا بعضهم الي بعض قالوا اتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم بة عند ربكم افلا تعقلون (76)

هؤلاء اليهود اذا لقوا الذين امنوا قالوا بلسانهم: امنا بدينكم و رسولكم المبشر بة فالتوراة, و اذا خلا بعض هؤلاء المنافقين من اليهود الي بعض قالوا فانكار: اتحدثون المؤمنين بما بين الله لكم فالتوراه من امر محمد; لتكون لهم الحجه عليكم عند ربكم يوم القيامة؟ افلا تفقهون فتحذروا؟

اولا يعلمون ان الله يعلم ما يسرون و ما يعلنون (77)

ايفعلون جميع هذة الجرائم, و لا يعلمون ان الله يعلم كل ما يخفونة و ما يخرجونه؟

ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب الا امانى و ان هم الا يظنون (78)

ومن اليهود جماعه يجهلون القراءه و الكتابة, و لا يعلمون التوراه و ما بها من صفات نبى الله و رسولة محمد صلي الله علية و سلم, و ما عندهم من هذا الا اكاذيب و ظنون فاسدة.

فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم بعدها يقولون ذلك من عند الله ليشتروا بة ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت ايديهم و ويل لهم مما يكسبون (79)

فهلاك و وعيد شديد لاحبار السوء من اليهود الذين يكتبون الكتاب بايديهم, بعدها يقولون: ذلك من عند الله و هو مخالف لما انزل الله علي نبية موسي علية الصلاه و السلام; لياخذوا فمقابل ذلك عرض الدنيا. فلهم عقوبه مهلكه بسبب كتابتهم ذلك الباطل بايديهم, و لهم عقوبه مهلكه بسبب ما ياخذونة فالمقابل من المال الحرام, كالرشوه و غيرها.

وقالوا لن تمسنا النار الا اياما معدوده قل ااتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهدة ام تقولون علي الله ما لا تعلمون (80)

وقال بنو اسرائيل: لن تصيبنا النار فالاخره الا اياما قليله العدد. قل لهم -ايها الرسول مبطلا دعواهم-: اعندكم عهد من الله بهذا, فان الله لا يخلف عهده؟ بل انكم تقولون علي الله ما لا تعلمون بافترائكم الكذب.

بلي من كسب سيئه و احاطت بة خطيئتة فاولئك اصحاب النار هم بها خالدون (81)

فحكم الله ثابت: ان من ارتكب الاثام حتي جرتة الي الكفر, و استولت علية ذنوبة من كل جوانبة و ذلك لا يصبح الا فيمن اشرك بالله, فالمشركون و الكفار هم الذين يلازمون نار جهنم ملازمه دائمه لا تنقطع.

والذين امنوا و عملوا الصالحات اولئك اصحاب الجنه هم بها خالدون (82)

وحكم الله الثابت فمقابل هذا: ان الذين صدقوا بالله و رسلة تصديقا خالصا, و عملوا الاعمال المتفقه مع شريعه الله التي اوحاها الي رسله, هؤلاء يلازمون الجنه فالاخره ملازمه دائمه لا تنقطع.

واذ اخذنا ميثاق بنى اسرائيل لا تعبدون الا الله و بالوالدين احسانا و ذى القربي و اليتامي و المساكين و قولوا للناس حسنا و اقيموا الصلاه و اتوا الزكاه بعدها توليتم الا قليلا منكم و انتم معرضون (83)

واذكروا يا بنى اسرائيل حين اخذنا عليكم عهدا مؤكدا: بان تعبدوا الله و حدة لا شريك له, و ان تحسنوا للوالدين, و للاقربين, و للاولاد الذين ما ت اباؤهم و هم دون بلوغ الحلم, و للمساكين, و ان تقولوا للناس اطيب الكلام, مع اداء الصلاه و ايتاء الزكاة, بعدها اعرضتم و نقضتم العهد -الا قليلا منكم ثبت عليه- و انتم مستمرون فاعراضكم.

واذ اخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم و لا تظهرون انفسكم من دياركم بعدها اقررتم و انتم تشهدون (84)

واذكروا -يا بنى اسرائيل- حين اخذنا عليكم عهدا مؤكدا فالتوراة: يحرم سفك بعضكم دم بعض, و اخراج بعضكم بعضا من دياركم, بعدها اعترفتم بذلك, و انتم تشهدون علي صحته.

ثم انتم هؤلاء تقتلون انفسكم و تظهرون فريقا منكم من ديارهم تتظاهرون عليهم بالاثم و العدوان و ان ياتوكم اساري تفادوهم و هو محرم عليكم اخراجهم افتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل هذا منكم الا خزى فالحياة الدنيا و يوم القيامه يردون الي اشد العذاب و ما الله بغافل عما تعملون (85)

ثم انتم يا هؤلاء يقتل بعضكم بعضا, و يظهر بعضكم بعضا من ديارهم, و يتقوي جميع فريق منكم علي اخوانة بالاعداء بغيا و عدوانا. و ان ياتوكم اساري فيد الاعداء سعيتم فتحريرهم من الاسر, بدفع الفدية, مع انه محرم عليكم اخراجهم من ديارهم. ما اقبح ما تفعلون حين تؤمنون ببعض احكام التوراه و تكفرون ببعضها! فليس جزاء من يفعل هذا منكم الا ذلا و فضيحه فالدنيا. و يوم القيامه يردهم الله الي افظع العذاب فالنار. و ما الله بغافل عما تعملون.

اولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاخره فلا يخفف عنهم العذاب و لا هم ينصرون (86)

اولئك هم الذين اثروا الحياة الدنيا علي الاخرة, فلا يخفف عنهم العذاب, و ليس لهم ناصر ينصرهم من عذاب الله.

ولقد اتينا موسي الكتاب و قفينا من بعدة بالرسل و اتينا عيسي ابن مريم البينات و ايدناة بروح القدس افكلما جاءكم رسول بما لا تهوي انفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم و فريقا تقتلون (87)

ولقد اعطينا موسي التوراة, و اتبعناة برسل من بنى اسرائيل, و اعطينا عيسي ابن مريم المعجزات الواضحات, و قويناة بجبريل علية السلام. افكلما جاءكم رسول بوحى من عند الله لا يوافق اهواءكم, استعليتم عليه, فكذبتم فريقا و تقتلون فريقا؟

وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون (88)

وقال بنو اسرائيل لنبى الله و رسولة محمد صلي الله علية و سلم: قلوبنا مغطاة, لا ينفذ اليها قولك. و ليس الامر كما ادعوا, بل قلوبهم ملعونة, مطبوع عليها, و هم مطرودون من رحمه الله بسبب جحودهم, فلا يؤمنون الا ايمانا قليلا لا ينفعهم.

ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم و كانوا من قبل يستفتحون علي الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا بة فلعنه الله علي الكافرين (89)

وحين جاءهم القران من عند الله مصدقا لما معهم من التوراه جحدوه, و انكروا نبوه محمد صلي الله علية و سلم, و كانوا قبل بعثتة يستنصرون بة علي مشركى العرب, و يقولون: قرب مبعث نبى احدث الزمان, و سنتبعة و نقاتلكم معه. فلما جاءهم الرسول الذي عرفوا صفاتة و صدقة كفروا بة و كذبوه. فلعنه الله علي جميع من كفر بنبى الله و رسولة محمد صلي الله علية و سلم, و كتابة الذي اوحاة الله اليه.

بئسما اشتروا بة انفسهم ان يكفروا بما انزل الله بغيا ان ينزل الله من فضلة ان ينزل الله من فضلة علي من يشاء من عبادة فباءوا بغضب علي غضب و للكافرين عذاب مهين (90)

قبح ما اختارة بنو اسرائيل لانفسهم; اذ استبدلوا الكفر بالايمان ظلما و حسدا لانزال الله من فضلة القران علي نبى الله و رسولة محمد صلي الله علية و سلم, فرجعوا بغضب من الله عليهم بسبب جحودهم بالنبى محمد صلي الله علية و سلم, بعد غضبة عليهم بسبب تحريفهم التوراة. و للجاحدين نبوه محمد صلي الله علية و سلم عذاب يذلهم و يخزيهم.

واذا قيل لهم امنوا بما انزل الله قالوا نؤمن بما انزل علينا و يكفرون بما و راءة و هو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون انبياء الله من قبل ان كنتم مؤمنين (91)

واذا قال بعض المسلمين لليهود: صدقوا بما انزل الله من القران, قالوا: نحن نصدق بما انزل الله علي انبيائنا, و يجحدون ما انزل الله بعد ذلك, و هو الحق مصدقا لما معهم. فلو كانوا يؤمنون بكتبهم حقا لامنوا بالقران الذي صدقها. قل لهم -يا محمد-: ان كنتم مؤمنين بما انزل الله عليكم, فلماذا قتلتم انبياء الله من قبل؟

ولقد جاءكم موسي بالبينات بعدها اتخذتم العجل من بعدة و انتم ظالمون (92)

ولقد جاءكم نبى الله موسي بالمعجزات الواضحات الداله علي صدقه, كالطوفان و الجراد و القمل و الضفادع, و غير هذا مما ذكرة الله فالقران العظيم, و مع هذا اتخذتم العجل معبودا, بعد ذهاب موسي الي ميقات ربه, و انتم متجاوزون حدود الله.

واذ اخذنا ميثاقكم و رفعنا فوقكم الطور خذوا ما اتيناكم بقوه و اسمعوا قالوا سمعنا و عصينا و اشربوا فقلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يامركم بة ايمانكم ان كنتم مؤمنين (93)

واذكروا حين اخذنا عليكم عهدا مؤكدا بقبول ما جاءكم بة موسي من التوراة, فنقضتم العهد, فرفعنا جبل الطور فوق رؤوسكم, و قلنا لكم: خذوا ما اتيناكم بجد, و اسمعوا و اطيعوا, و الا اسقطنا الجبل عليكم, فقلتم: سمعنا قولك و عصينا امرك; لان عباده العجل ربما امتزجت بقلوبكم بسبب تماديكم فالكفر. قل لهم -ايها الرسول-: قبح ما يامركم بة ايمانكم من الكفر و الضلال, ان كنتم مصدقين بما انزل الله عليكم.

قل ان كانت لكم الدار الاخره عند الله خالصه من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين (94)

قل -ايها الرسول- لليهود الذين يدعون ان الجنه خاصه بهم; لزعمهم انهم اولياء الله من دون الناس, و انهم ابناؤة و احباؤه: ان كان الامر ايضا فادعوا علي الكاذبين منكم او من غيركم بالموت, ان كنتم صادقين فدعواكم هذه.

ولن يتمنوة ابدا بما قدمت ايديهم و الله عليم بالظالمين (95)

ولن يفعلوا هذا ابدا; لما يعرفونة من صدق النبى محمد صلي الله علية و سلم و من كذبهم و افترائهم, و بسبب ما ارتكبوة من الكفر و العصيان, المؤديين الي حرمانهم من الجنه و دخول النار. و الله تعالي عليم بالظالمين من عباده, و سيجازيهم علي ذلك.

ولتجدنهم احرص الناس علي حياة و من الذين اشركوا يود احدهم لو يعمر الف سنه و ما هو بمزحزحة من العذاب ان يعمر و الله بصير بما يعملون (96)

ولتعلمن -ايها الرسول- ان اليهود اشد الناس رغبه فطول الحياة ايا كانت هذة الحياة من الذله و المهانة, بل تزيد رغبتهم فطول الحياة علي رغبات المشركين. يتمني اليهودى ان يعيش الف سنة, و لا يبعدة ذلك العمر الطويل ان حصل من عذاب الله. و الله تعالي لا يخفي علية شيء من اعمالهم و سيجازيهم عليها بما يستحقون من العذاب.

قل من كان عدوا لجبريل فانة نزلة علي قلبك باذن الله مصدقا لما بين يدية و هدي و بشري للمؤمنين (97)

قل-ايها الرسول- لليهود حين قالوا: ان جبريل هو عدونا من الملائكة: من كان عدوا لجبريل فانة نزل القران علي قلبك باذن الله تعالي مصدقا لما سبقة من كتب الله, و هاديا الي الحق, و مبشرا للمصدقين بة بكل خير فالدنيا و الاخرة.

من كان عدوا للة و ملائكتة و رسلة و جبريل و ميكال فان الله عدو للكافرين (98)

من عادي الله و ملائكته، و رسلة من الملائكه او البشر، و بخاصه الملكان جبريل و ميكال؛ لان اليهود زعموا ان جبريل عدوهم، و ميكال و ليهم ، فاعلمهم الله انه من عادي و احدا منهما فقد عادي الاخر، و عادي الله ايضا، فان الله عدو للجاحدين ما انزل علي رسولة محمد صلي الله علية و سلم.

ولقد انزلنا اليك ايات بينات و ما يكفر فيها الا الفاسقون (99)

ولقد انزلنا اليك-ايها الرسول- ايات بينات و اضحات تدل علي انك رسول من الله صدقا و حقا، و ما ينكر تلك الايات الا الخارجون عن دين الله.

اوكلما عاهدوا عهدا نبذة فريق منهم بل اكثرهم لا يؤمنون (100)

ما اقبح حال بنى اسرائيل فنقضهم للعهود!! فكلما عاهدوا عهدا طرح هذا العهد فريق منهم, و نقضوه, فتراهم يبرمون العهد اليوم و ينقضونة غدا, بل اكثرهم لا يصدقون بما جاء بة نبى الله و رسولة محمد صلي الله علية و سلم.

ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين اوتوا الكتاب كتاب الله و راء ظهورهم كانهم لا يعلمون (101)

ولما جاءهم محمد رسول الله صلي الله علية و سلم بالقران الموافق لما معهم من التوراه طرح فريق منهم كتاب الله, و جعلوة و راء ظهورهم, شانهم شان الجهال الذين لا يعلمون حقيقته

واتبعوا ما تتلو الشياطين علي ملك سليمان و ما كفر سليمان و لكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر و ما انزل علي الملكين ببابل هاروت و ما روت و ما يعلمان من احد حتي يقولا انما نحن فتنه فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون بة بين المرء و زوجة و ما هم بضارين بة من احد الا باذن الله و يتعلمون ما يضرهم و لا ينفعهم و لقد علموا لمن اشتراة ما له فالاخره من خلاق و لبئس ما شروا بة انفسهم لو كانوا يعلمون (102)

واتبع اليهود ما تحدث الشياطين بة السحره علي عهد ملك سليمان بن داود. و ما كفر سليمان و ما تعلم السحر, و لكن الشياطين هم الذين كفروا بالله حين علموا الناس السحر; افسادا لدينهم. و ايضا اتبع اليهود السحر الذي انزل علي الملكين هاروت و ما روت, بارض “بابل” ف“العراق”; امتحانا و ابتلاء من الله لعباده, و ما يعلم الملكان من احد حتي ينصحاة و يحذراة من تعلم السحر, و يقولا له: لا تكفر بتعلم السحر و طاعه الشياطين. فيتعلم الناس من الملكين ما يحدثون بة الكراهيه بين الزوجين حتي يتفرقا. و لا يستطيع السحره ان يضروا بة احدا الا باذن الله و قضائه. و ما يتعلم السحره الا شرا يضرهم و لا ينفعهم, و ربما نقلتة الشياطين الي اليهود, فشاع فيهم حتي فضلوة علي كتاب الله. و لقد علم اليهود ان من اختار السحر و ترك الحق ما له فالاخره من نصيب فالخير. و لبئس ما باعوا بة انفسهم من السحر و الكفر عوضا عن الايمان و متابعه الرسول, لو كان لهم علم يثمر العمل بما و عظوا.

ولو انهم امنوا و اتقوا لمثوبه من عند الله خير لو كانوا يعلمون (103)

ولو ان اليهود امنوا و خافوا الله لايقنوا ان ثواب الله خير لهم من السحر و مما اكتسبوة به, لو كانوا يعلمون ما يحصل بالايمان و التقوي من الثواب و الجزاء علما حقيقيا لامنوا.

يا ايها الذين امنوا لا تقولوا راعنا و قولوا انظرنا و اسمعوا و للكافرين عذاب اليم (104)

يا ايها الذين امنوا لا تقولوا للرسول محمد صلي الله علية و سلم: راعنا, اي: راعنا سمعك، فافهم عنا و افهمنا; لان اليهود كانوا يقولونها للنبى صلي الله علية و سلم يلوون السنتهم بها, يقصدون سبة و نسبتة الي الرعونة, و قولوا- ايها المؤمنون- بدلا منها: انظرنا, اي انظر الينا و تعهدنا, و هى تؤدى المعني المطلوب نفسة و اسمعوا ما يتلي عليكم من كتاب ربكم و افهموه. و للجاحدين عذاب موجع.

ما يود الذين كفروا من اهل الكتاب و لا المشركين ان ينزل عليكم من خير من ربكم و الله يختص برحمتة من يشاء و الله ذو الفضل العظيم (105)

ما يحب الكفار من اهل الكتاب و المشركين ان ينزل عليكم ادني خير من ربكم قرانا او علما, او نصرا او بشارة. و الله يختص برحمتة من يشاء من عبادة بالنبوه و الرسالة. و الله ذو العطاء العديد الواسع.

ما ننسخ من ايه او ننسها نات بخير منها او مثلها الم تعلم ان الله علي جميع شيء قدير (106)

ما نبدل من ايه او نزلها من القلوب و الاذهان نات بانفع لكم منها, او نات بمثلها فالتكليف و الثواب, و لكل حكمة. الم تعلم -ايها النبي- انت و امتك ان الله قادر لا يعجزة شيء؟

الم تعلم ان الله له ملك السموات و الارض و ما لكم من دون الله من و لى و لا نصير (107)

اما علمت -ايها النبي- انت و امتك ان الله تعالي هو المالك المتصرف فالسموات و الارض؟ يفعل ما يشاء, و يحكم ما يريد, و يامر عبادة و ينهاهم كيفما شاء, و عليهم الطاعه و القبول. و ليعلم من عصي ان ليس لاحد من دون الله من و لى يتولاهم, و لا نصير يمنعهم من عذاب الله.

ام تريدون ان تسالوا رسولكم كما سئل موسي من قبل و من يتبدل الكفر بالايمان فقد ضل سواء السبيل (108)

بل اتريدون- ايها الناس- ان تطلبوا من رسولكم محمد صلي الله علية و سلم حاجات بقصد العناد و المكابرة, كما طلب ايضا من موسى. علموا ان من يختر الكفر و يترك الايمان فقد خرج عن صراط الله المستقيم الي الجهل و الضلال.

ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا و اصفحوا حتي ياتى الله بامرة ان الله علي جميع شيء قدير (109)

تمني كثير من اهل الكتاب ان يرجعوكم بعد ايمانكم كفارا كما كنتم من قبل تعبدون الاصنام; بسبب الحقد الذي امتلات بة نفوسهم من بعد ما تبين لهم صدق نبى الله و رسولة محمد صلي الله علية و سلم فيما جاء به, فتجاوزوا عما كان منهم من اساءه و خطا, و اصفحوا عن جهلهم, حتي ياتى الله بحكمة فيهم بقتالهم (وقد جاء و وقع), و سيعاقبهم لسوء افعالهم. ان الله علي جميع شيء قدير لا يعجزة شيء.

واقيموا الصلاه و اتوا الزكاه و ما تقدموا لانفسكم من خير تجدوة عند الله ان الله بما تعملون بصير (110)

واشتغلوا -ايها المؤمنون- باداء الصلاه علي و جهها الصحيح, و اعطاء الزكاه المفروضة. و اعلموا ان جميع خير تقدمونة لانفسكم تجدون ثوابة عند الله فالاخرة. انه تعالي بصير بكل اعمالكم, و سيجازيكم عليها.

وقالوا لن يدخل الجنه الا من كان هودا او نصاري تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين (111)

ادعي جميع من اليهود و النصاري ان الجنه خاصه بطائفتة لا يدخلها غيرهم, تلك اوهامهم الفاسدة. قل لهم -ايها الرسول-: احضروا دليلكم علي صحه ما تدعون ان كنتم صادقين فدعواكم.

بلي من اسلم و جهة للة و هو محسن فلة اجرة عند ربة و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون (112)

ليس الامر كما زعموا ان الجنه تختص بطائفه دون غيرها, و انما يدخل الجنه من اخلص للة و حدة لا شريك له, و هو متبع للرسول محمد صلي الله علية و سلم فكل اقوالة و اعماله. فمن فعل هذا فلة ثواب عملة عند ربة فالاخرة, و هو دخول الجنة, و هم لا يخافون فيما يستقبلونة من امر الاخرة, و لا هم يحزنون علي ما فاتهم من حظوظ الدنيا.

وقالت اليهود ليست النصاري علي شيء و قالت النصاري ليست اليهود علي شيء و هم يتلون الكتاب ايضا قال الذين لا يعلمون كقولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامه فيما كانوا فية يختلفون (113)

وقالت اليهود: ليست النصاري علي شيء من الدين الصحيح, و ايضا قالت النصاري فاليهود و هم يقرؤون التوراه و الانجيل, و فيهما و جوب الايمان بالانبياء جميعا. ايضا قال الذين لا يعلمون من مشركى العرب و غيرهم كقولهم, اي قالوا لكل ذى دين: لست علي شيء, فالله يفصل بينهم يوم القيامه فيما اختلفوا فية من امر الدين, و يجازى كلا بعمله.

ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر بها اسمة و سعي فخرابها اولئك ما كان لهم ان يدخلوها الا خائفين لهم فالدنيا خزى و لهم فالاخره عذاب عظيم (114)

لا احد اظلم من الذين منعوا ذكر الله فالمساجد من اقام الصلاة, و تلاوه القران, و نحو ذلك, و جدوا فتخريبها بالهدم او الاغلاق, او بمنع المؤمنين منها. اولئك الظالمون ما كان ينبغى لهم ان يدخلوا المساجد الا علي خوف و وجل من العقوبة, لهم بذلك صغيرة و فضيحه فالدنيا, و لهم فالاخره عذاب شديد.

وللة المشرق و المغرب فاينما تولوا فثم و جة الله ان الله و اسع عليم (115)

وللة جهتا شروق الشمس و غروبها و ما بينهما, فهو ما لك الارض كلها. فاى جهه توجهتم اليها فالصلاه بامر الله لكم فانكم مبتغون و جهه, لم تظهروا عن ملكة و طاعته. ان الله و اسع الرحمه بعباده, عليم بافعالهم, لا يغيب عنة منها شيء

وقالوا اتخذ الله و لدا سبحانة بل له ما فالسموات و الارض جميع له قانتون (116)

وقالت اليهود و النصاري و المشركون: اتخذ الله لنفسة و لدا, تنزة الله -سبحانه- عن ذلك القول الباطل, بل جميع من فالسموات و الارض ملكة و عبيده, و هم جميعا خاضعون له, مسخرون تحت تدبيره

بديع السموات و الارض و اذا قضي امرا فانما يقول له كن فيصبح (117)

والله تعالي هو خالق السموات و الارض علي غير مثال سبق. و اذا قدر امرا و اراد كونة فانما يقول له: “كن” فيكون.

وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله او تاتينا ايه ايضا قال الذين من قبلهم كقولهم تشابهت قلوبهم ربما بينا الايات لقوم يوقنون (118)

وقال الجهله من اهل الكتاب و غيرهم لنبى الله و رسولة محمد صلي الله علية و سلم علي سبيل العناد: هلا يكلمنا الله مباشره ليخبرنا انك رسوله, او تاتينا معجزه من الله تدل علي صدقك. و كهذا القول قالتة الامم من قبل لرسلها عنادا و مكابرة; بسبب تشابة قلوب السابقين و اللاحقين فالكفر و الضلال, ربما اوضحنا الايات للذين يصدقون تصديقا جازما؛ لكونهم مؤمنين بالله تعالى، متبعين ما شرعة لهم.

انا ارسلناك بالحق بشيرا و نذيرا و لا تسال عن اصحاب الجحيم (119)

انا ارسلناك -ايها الرسول- بالدين الحق المؤيد بالحجج و المعجزات, فبلغة للناس مع تبشير المؤمنين بخيرى الدنيا و الاخرة, و تخويف المعاندين بما ينتظرهم من عذاب الله, و لست -بعد البلاغ- مسئولا عن كفر من كفر بك; فانهم يدخلون النار يوم القيامة، و لا يظهرون منها.

ولن ترضي عنك اليهود و لا النصاري حتي تتبع ملتهم قل ان هدي الله هو الهدي و لئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من و لى و لا نصير (120)

ولن ترضي عنك -ايها الرسول- اليهود و لا النصاري الا اذا تركت دينك و اتبعت دينهم. قل لهم: ان دين الاسلام هو الدين الصحيح. و لئن اتبعت اهواء هؤلاء بعد الذي جاءك من الوحى ما لك عند الله من و لى ينفعك, و لا نصير ينصرك. ذلك موجة الي الامه عامه و ان كان خطابا للنبى صلي الله علية و سلم.

الذين اتيناهم الكتاب يتلونة حق تلاوتة اولئك يؤمنون بة و من يكفر بة فاولئك هم الخاسرون (121)

الذين اعطيناهم الكتاب من اليهود و النصارى, يقرؤونة القراءه الصحيحة, و يتبعونة حق الاتباع, و يؤمنون بما جاء فية من الايمان برسل الله, و منهم خاتمهم نبينا و رسولنا محمد صلي الله علية و سلم, و لا يحرفون و لا يبدلون ما جاء فيه. هؤلاء هم الذين يؤمنون بالنبى محمد صلي الله علية و سلم و بما انزل عليه, و اما الذين بدلوا بعض الكتاب و كتموا بعضه, فهؤلاء كفار بنبى الله محمد صلي الله علية و سلم و بما انزل عليه, و من يكفر بة فاولئك هم اشد الناس خسرانا عند الله

يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتى التي انعمت عليكم و انى فضلتكم علي العالمين (122)

يا ذريه يعقوب اذكروا نعمى الكثيره عليكم, و انى فضلتكم علي عالمى زمانكم بكثره انبيائكم, و ما انزل عليهم من الكتب.

واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا و لا يقبل منها عدل و لا تنفعها شفاعه و لا هم ينصرون (123)

وخافوا اهوال يوم الحساب اذ لا تغنى نفس عن نفس شيئا, و لا يقبل الله منها فديه تنجيها من العذاب, و لا تنفعها و ساطة, و لا احد ينصرها.

واذ ابتلي ابراهيم ربة بعبارات فاتمهن قال انى جاعلك للناس اماما قال و من ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين (124)

واذكر-ايها النبي- حين اختبر الله ابراهيم بما شرع له من تكاليف, فاداها و قام فيها خير قيام. قال الله له: انى جاعلك قدوه للناس. قال ابراهيم: رب اجعل بعض نسلى ائمه فضلا منك, فاجابة الله سبحانة انه لا تحصل للظالمين الامامه فالدين.

واذ جعلنا المنزل مثابه للناس و امنا و اتخذوا من مقام ابراهيم مصلي و عهدنا الي ابراهيم و اسماعيل ان طهرا بيتى للطائفين و العاكفين و الركع السجود (125)

واذكر -ايها النبي- حين جعلنا الكعبه مرجعا للناس, ياتونه, بعدها يرجعون الي اهليهم, بعدها يعودون اليه, و مجمعا لهم فالحج و العمره و الطواف و الصلاة, و امنا لهم, لا يغير عليهم عدو فيه. و قلنا: اتخذوا من مقام ابراهيم مكانا للصلاه فيه, و هو الحجر الذي و قف علية ابراهيم عند بنائة الكعبة. و اوحينا الي ابراهيم و ابنة اسماعيل: ان طهرا بيتى من جميع رجس و دنس; للمتعبدين فية بالطواف حول الكعبة, او الاعتكاف فالمسجد, و الصلاه فيه.

واذ قال ابراهيم رب اجعل ذلك بلدا امنا و ارزق اهلة من الثمرات من امن منهم بالله و اليوم الاخر قال و من كفر فامتعة قليلا بعدها اضطرة الي عذاب النار و بئس المصير (126)

واذكر -ايها النبي- حين قال ابراهيم داعيا: رب اجعل “مكة” بلدا امنا من الخوف, و ارزق اهلة من نوعيات الثمرات, و خص بهذا الرزق من امن منهم بالله و اليوم الاخر. قال الله: و من كفر منهم فارزقة فالدنيا و امتعة متاعا قليلا بعدها الجئة مرغما الي عذاب النار. و بئس المرجع و المقام ذلك المصير.

واذ يرفع ابراهيم القواعد من المنزل و اسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم (127)

واذكر -ايها النبي- حين رفع ابراهيم و اسماعيل اسس الكعبة, و هما يدعوان الله فخشوع: ربنا تقبل منا صالح اعمالنا و دعاءنا, انك انت السميع لاقوال عبادك, العليم باحوالهم.

ربنا و اجعلنا مسلمين لك و من ذريتنا امه مسلمه لك و ارنا مناسكنا و تب علينا انك انت التواب الرحيم (128)

ربنا و اجعلنا ثابتين علي الاسلام, منقادين لاحكامك, و اجعل من ذريتنا امه منقاده لك, بالايمان, و بصرنا بمعالم عبادتنا لك, و تجاوز عن ذنوبنا. انك انت كثير التوبه و الرحمه لعبادك.

ربنا و ابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياتك و يعلمهم الكتاب و الحكمه و يزكيهم انك انت العزيز الحكيم (129)

ربنا و ابعث فهذة الامه رسولا من ذريه اسماعيل يتلو عليهم اياتك و يعلمهم القران و السنة, و يطهرهم من الشرك و سوء الاخلاق. انك انت العزيز الذي لا يمتنع علية شيء, الحكيم الذي يضع الحاجات فمواضعها.

ومن يرغب عن مله ابراهيم الا من سفة نفسة و لقد اصطفيناة فالدنيا و انه فالاخره لمن الصالحين (130)

ولا احد يعرض عن دين ابراهيم -وهو الاسلام- الا سفية جاهل, و لقد اخترنا ابراهيم فالدنيا نبيا و رسولا و انه فالاخره لمن الصالحين الذين لهم اعلي الدرجات.

اذ قال له ربة اسلم قال اسلمت لرب العالمين (131)

وسبب ذلك الاختيار مسارعتة للاسلام دون تردد, حين قال له ربه: اخلص نفسك للة منقادا له. فاستجاب ابراهيم و قال: اسلمت لرب العالمين اخلاصا و توحيدا و محبه و انابة.

ووصي فيها ابراهيم بنية و يعقوب يا بنى ان الله اصطفي لكم الدين فلا تموتن الا و انتم مسلمون (132)

وحث ابراهيم و يعقوب ابناءهما علي الثبات علي الاسلام قائلين: يا ابناءنا ان الله اختار لكم ذلك الدين- و هو دين الاسلام الذي جاء بة محمد صلي الله علية و سلم- فلا تفارقوة ايام حياتكم, و لا ياتكم الموت الا و انتم عليه.

ام كنتم شهداء اذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنية ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد الهك و الة ابائك ابراهيم و اسماعيل و اسحق الها و احدا و نحن له مسلمون (133)

اكنتم ايها اليهود حاضرين حين جاء الموت يعقوب, اذ جمع ابناءة و سالهم ما تعبدون من بعد موتي؟ قالوا: نعبد الهك و الة ابائك ابراهيم و اسماعيل و اسحاق الها و احدا, و نحن له منقادون خاضعون.

تلك امه ربما خلت لها ما كسبت و لكم ما كسبتم و لا تسالون عما كانوا يعملون (134)

تلك امه من اسلافكم ربما مضت, لهم اعمالهم, و لكم اعمالكم, و لا تسالون عن اعمالهم, و هم لا يسالون عن اعمالكم, و جميع سيجازي بما فعله, لا يؤاخذ احد بذنب احد, و لا ينفع احدا الا ايمانة و تقواه.

وقالوا كونوا هودا او نصاري تهتدوا قل بل مله ابراهيم حنيفا و ما كان من المشركين (135)

وقالت اليهود لامه محمد صلي الله علية و سلم: ادخلوا فدين اليهوديه تجدوا الهداية, و قالت النصاري لهم كذلك. قل لهم -ايها الرسول-: بل الهدايه ان نتبع- جميعا- مله ابراهيم, الذي ما ل عن جميع دين باطل الي دين الحق, و ما كان من المشركين بالله تعالى.

قولوا امنا بالله و ما انزل الينا و ما انزل الي ابراهيم و اسماعيل و اسحق و يعقوب و الاسباط و ما اوتى موسي و عيسي و ما اوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم و نحن له مسلمون (136)

قولوا -ايها المؤمنون- لهؤلاء اليهود و النصارى: صدقنا بالله الواحد المعبود بحق, و بما انزل الينا من القران الذي اوحاة الله الي نبية و رسولة محمد صلي الله علية و سلم, و ما انزل من الصحف الي ابراهيم و ابنية اسماعيل و اسحاق, و الي يعقوب و الاسباط -وهم الانبياء من و لد يعقوب الذين كانوا فقبائل بنى اسرائيل الاثنتى عشرة- و ما اعطى موسي من التوراة, و عيسي من الانجيل, و ما اعطى الانبياء جميعا من و حى ربهم, لا نفرق بين احد منهم فالايمان, و نحن خاضعون للة بالطاعه و العبادة.

فان امنوا بمثل ما امنتم بة فقد اهتدوا و ان تولوا فانما هم فشقاق فسيكفيكهم الله و هو السميع العليم (137)

فان امن الكفار من اليهود و النصاري و غيرهم بمثل الذي امنتم به, مما جاء بة الرسول, فقد اهتدوا الي الحق, و ان اعرضوا فانما هم فخلاف شديد, فسيكفيك الله -ايها الرسول- شرهم و ينصرك عليهم, و هو السميع لاقوالكم, العليم باحوالكم.

صبغه الله و من اقوى من الله صبغه و نحن له عابدون (138)

الزموا دين الله الذي فطركم عليه, فليس هنالك اقوى من فطره الله التي فطر الناس عليها, فالزموها و قولوا نحن خاضعون مطيعون لربنا فاتباعنا مله ابراهيم.

قل اتحاجوننا فالله و هو ربنا و ربكم و لنا اعمالنا و لكم اعمالكم و نحن له مخلصون (139)

قل -ايها الرسول لاهل الكتاب-: اتجادلوننا فتوحيد الله و الاخلاص له, و هو رب العالمين جميعا, لا يختص بقوم دون قوم, و لنا اعمالنا و لكم اعمالكم, و نحن للة مخلصو العباده و الطاعه لا نشرك بة شيئا, و لا نعبد احدا غيره.

ام تقولون ان ابراهيم و اسماعيل و اسحق و يعقوب و الاسباط كانوا هودا او نصاري قل اانتم اعلم ام الله و من اظلم ممن كتم شهاده عندة من الله و ما الله بغافل عما تعملون (140)

بل اتقولون مجادلين فالله: ان ابراهيم و اسماعيل و اسحاق و يعقوب و الاسباط- و هم الانبياء الذين كانوا فقبائل بنى اسرائيل الاثنتى عشره من و لد يعقوب- كانوا علي دين اليهود او النصارى؟ و ذلك كذب; فقد بعثوا و ما توا قبل نزول التوراه و الانجيل. قل لهم -ايها الرسول-: اانتم اعلم بدينهم ام الله تعالى؟ و ربما اخبر فالقران بانهم كانوا حنفاء مسلمين, و لا احد اظلم منكم حين تخفون شهاده ثابته عندكم من الله تعالى, و تدعون خلافها افتراء علي الله. و ما الله بغافل عن شيء من اعمالكم, بل هو محص لها و مجازيكم عليها.

تلك امه ربما خلت لها ما كسبت و لكم ما كسبتم و لا تسالون عما كانوا يعملون (141)

تلك امه من اسلافكم ربما مضت, لهم اعمالهم و لكم اعمالكم, و لا تسالون عن اعمالهم, و هم لا يسالون عن اعمالكم. و فالايه قطع للتعلق بالمخلوقين, و عدم الاغترار بالانتساب اليهم, و ان العبره بالايمان بالله و عبادتة و حده, و اتباع رسله, و ان من كفر برسول منهم فقد كفر بسائر الرسل.

الجزء الثاني:

سيقول السفهاء من الناس ما و لاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل للة المشرق و المغرب يهدى من يشاء الي صراط مستقيم (142)

سيقول الجهال و ضعاف العقول من اليهود و امثالهم, فسخريه و اعتراض: ما الذي صرف هؤلاء المسلمين عن قبلتهم التي كانوا يصلون الي جهتها اول الاسلام; (وهى “بيت المقدس”) قل لهم -ايها الرسول-: المشرق و المغرب و ما بينهما ملك لله, فليست جهه من الجهات خارجه عن ملكه, يهدى من يشاء من عبادة الي طريق الهدايه القويم. و فهذا اشعار بان الشان كلة للة فامتثال اوامره, فحيثما و جهنا توجهنا.

وايضا جعلناكم امه و سطا لتكونوا شهداء علي الناس و يصبح الرسول عليكم شهيدا و ما جعلنا القبله التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبية و ان كانت لكبيره الا علي الذين هدي الله و ما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرءوف رحيم (143)

وكما هديناكم -ايها المسلمون- الي الطريق الصحيح فالدين, جعلناكم امه خيارا عدولا لتشهدوا علي الامم فالاخره ان رسلهم بلغتهم رسالات ربهم, و يصبح الرسول فالاخره ايضا شهيدا عليكم انه بلغكم رساله ربه. و ما جعلنا -ايها الرسول- قبله “بيت المقدس” التي كنت عليها, بعدها صرفناك عنها الي الكعبه ب “مكة”, الا ليظهر ما علمناة فالازل؛ علما يتعلق بة الثواب و العقاب لنميز من يتبعك و يطيعك و يستقبل معك حيث توجهت, و من هو ضعيف الايمان فينقلب مرتدا عن دينة لشكة و نفاقه. و ان هذة الحال التي هى تحول المسلم فصلاتة من استقبال بيت =المقدس الي استقبال الكعبه لثقيله شاقه الا علي الذين هداهم و من عليهم بالايمان و التقوي و ما كان الله ليضيع ايمانكم بة و اتباعكم لرسوله, و يبطل صلاتكم الي القبله السابقة. انه سبحانة و تعالي بالناس لرءوف رحيم.

قد نري تقلب و جهك فالسماء فلنولينك قبله ترضاها فول و جهك شطر المسجد الحرام و حيث ما كنتم فولوا و جوهكم شطرة و ان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم و ما الله بغافل عما يعملون (144)

قد نري تحول و جهك -ايها الرسول- فجهه السماء, مره بعد مرة; انتظارا لنزول الوحى اليك فشان القبلة, فلنصرفنك عن “بيت المقدس” الي قبله تحبها و ترضاها, و هى و جهه المسجد الحرام ب “مكة”, فول و جهك اليها. و فاى مكان كنتم -ايها المسلمون- و اردتم الصلاه فتوجهوا نحو المسجد الحرام. و ان الذين اعطاهم الله علم الكتاب من اليهود و النصاري ليعلمون ان تحويلك الي الكعبه هو الحق الثابت فكتبهم. و ما الله بغافل عما يعمل هؤلاء المعترضون المشككون, و سيجازيهم علي ذلك

ولئن اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل ايه ما تبعوا قبلتك و ما انت بتابع قبلتهم و ما بعضهم بتابع قبله بعض و لئن اتبعت اهواءهم من بعد ما جاءك من العلم انك اذا لمن الظالمين (145)

ولئن جئت -ايها الرسول- الذين اعطوا التوراه و الانجيل بكل حجه و برهان علي ان توجهك الي الكعبه فالصلاه هو الحق من عند الله, ما تبعوا قبلتك عنادا و استكبارا, و ما انت بتابع قبلتهم مره اخرى, و ما بعضهم بتابع قبله بعض. و لئن اتبعت اهواءهم فشان القبله و غيرها بعد ما جاءك من العلم بانك علي الحق و هم علي الباطل, انك حينئذ لمن الظالمين لانفسهم. و ذلك خطاب لجميع الامه و هو تهديد و وعيد لمن يتبع اهواء المخالفين لشريعه الاسلام.

الذين اتيناهم الكتاب يعرفونة كما يعرفون ابناءهم و ان فريقا منهم ليكتمون الحق و هم يعلمون (146)

الذين اعطيناهم التوراه و الانجيل من احبار اليهود و علماء النصاري يعرفون ان محمدا صلي الله علية و سلم رسول الله باوصافة المذكوره فكتبهم, كمعرفتهم بابنائهم. و ان فريقا منهم ليكتمون الحق و هم يعلمون صدقه, و ثبوت اوصافه.

الحق من ربك فلا تكونن من الممترين (147)

الذى انزل اليك -ايها النبي- هو الحق من ربك, فلا تكونن من الشاكين فيه. و هذ و ان كان خطابا للرسول صلي الله علية و سلم فهو موجة للامة.

ولكل و جهه هو موليها فاستبقوا الخيرات اين ما تكونوا يات بكم الله جميعا ان الله علي جميع شيء قدير (148)

ولكل امه من الامم قبله يتوجة اليها جميع و احد منها فصلاته, فبادروا – ايها المؤمنون- متسابقين الي فعل الاعمال الصالحه التي شرعها الله لكم فدين الاسلام. و سيجمعكم الله جميعا يوم القيامه من اي موضع كنتم فيه. ان الله علي جميع شيء قدير.

ومن حيث خرجت فول و جهك شطر المسجد الحرام و انه للحق من ربك و ما الله بغافل عما تعملون (149)

ومن اي مكان خرجت -ايها النبي- مسافرا, و اردت الصلاة, فوجة و جهك نحو المسجد الحرام. و ان توجهك الية لهو الحق الثابت من ربك. و ما الله بغافل عما تعملونه, و سيجازيكم علي ذلك.

ومن حيث خرجت فول و جهك شطر المسجد الحرام و حيث ما كنتم فولوا و جوهكم شطرة لئلا يصبح للناس عليكم حجه الا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم و اخشونى و لاتم نعمتى عليكم و لعلكم تهتدون (150)

ومن اي مكان خرجت -ايها النبي- فتوجة الي المسجد الحرام, و حيثما كنتم -ايها المسلمون-, باى قطر من اقطار الارض فولوا و جوهكم نحو المسجد الحرام; لكى لا يصبح للناس المخالفين لكم احتجاج عليكم بالمخاصمه و المجادلة, بعد ذلك التوجة اليه, الا اهل الظلم و العناد منهم, فسيظلون علي جدالهم, فلا تخافوهم و خافونى بامتثال امري, و تجنب نهيي; و لكى اتم نعمتى عليكم باختيار اكمل الشرائع لكم, و لعلكم تهتدون الي الحق و الصواب.

كما ارسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم اياتنا و يزكيكم و يعلمكم الكتاب و الحكمه و يعلمكم ما لم تكونوا تعلمون (151)

كما انعمنا عليكم باستقبال الكعبه ارسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم الايات المبينه للحق من الباطل, و يطهركم من دنس الشرك و سوء الاخلاق, و يعلمكم الكتاب و السنه و احكام الشريعة, و يعلمكم من اخبار الانبياء, و قصص الامم السابقه ما كنتم تجهلونه.

فاذكرونى اذكركم و اشكروا لى و لا تكفرون (152)

امر تعالي المؤمنين بذكره، و وعد علية اروع الجزاء، و هو الثناء فالملا الاعلي علي من ذكره, و خصونى -ايها المؤمنون- بالشكر قولا و عملا و لا تجحدوا نعمى عليكم.

يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر و الصلاه ان الله مع الصابرين (153)

يا ايها المؤمنون اطلبوا العون من الله فكل اموركم: بالصبر علي النوائب و المصائب, و ترك المعاصى و الذنوب, و الصبر علي الطاعات و القربات, و الصلاه التي تطمئن فيها النفس, و تنهي عن الفحشاء و المنكر. ان الله مع الصابرين بعونة و توفيقة و تسديده. و فالاية: اثبات معيه الله الخاصه بالمؤمنين, المقتضيه لما سلف ذكره; اما المعيه العامة, المقتضيه للعلم و الاحاطه فهى لجميع الخلق.

ولا تقولوا لمن يقتل فسبيل الله اموات بل احياء و لكن لا تشعرون (154)

ولا تقولوا -ايها المؤمنون- فيمن يقتلون مجاهدين فسبيل الله: هم اموات, بل هم احياء حياة خاصه بهم فقبورهم, لا يعلم كيفيتها الا الله – تعالى-, و لكنكم لا تحسون بها. و فهذا دليل علي نعيم القبر.

ولنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الاموال و الانفس و الثمرات و بشر الصابرين (155)

ولنختبرنكم بشيء يسير من الخوف، و من الجوع, و بنقص من الاموال بتعسر الحصول عليها, او ذهابها, و من الانفس: بالموت او الشهاده فسبيل الله, و بنقص من ثمرات النخيل و الاعناب و الحبوب, بقله ناتجها او فسادها. و بشر -ايها النبي- الصابرين علي ذلك و امثالة بما يفرحهم و يسرهم من حسن العاقبه فالدنيا و الاخرة.

الذين اذا اصابتهم مصيبه قالوا انا للة و انا الية راجعون (156)

من صفه هؤلاء الصابرين انهم اذا اصابهم شيء يكرهونة قالوا: انا عبيد مملوكون لله, مدبرون بامرة و تصريفه, يفعل بنا ما يشاء, و انا الية راجعون بالموت, بعدها بالبعث للحساب و الجزاء.

اولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمه و اولئك هم المهتدون (157)

اولئك الصابرون لهم ثناء من ربهم و رحمه عظيمه منة سبحانه, و اولئك هم المهتدون الي الرشاد.

ان الصفا و المروه من شعائر الله فمن حج المنزل او اعتمر فلا جناح علية ان يطوف بهما و من تطوع خيرا فان الله شاكر عليم (158)

ان الصفا و المروة- و هما جبلان صغيران قرب الكعبه من جهه الشرق- من معالم دين الله الظاهره التي تعبد الله عبادة بالسعى بينهما. فمن قصد الكعبه حاجا او معتمرا, فلا اثم علية و لا حرج فان يسعي بينهما, بل يجب علية ذلك, و من فعل الطاعات طواعيه من نفسة مخلصا فيها للة تعالى, فان الله تعالي شاكر يثيب علي القليل بالكثير, عليم باعمال عبادة فلا بضيعها, و لا يبخس احدا مثقال ذرة.

ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات و الهدي من بعد ما بيناة للناس فالكتاب اولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون (159)

ان الذين يخفون ما انزلنا من الايات الواضحات الداله علي نبوه محمد صلي الله علية و سلم و ما جاء به, و هم احبار اليهود و علماء النصاري و غيرهم ممن يكتم ما انزل الله من بعد ما اظهرناة للناس فالتوراه و الانجيل, اولئك يطردهم الله من رحمته, و يدعو عليهم باللعنه كل الخليقة.

الا الذين تابوا و اصلحوا و بينوا فاولئك اتوب عليهم و انا التواب الرحيم (160)

الا الذين رجعوا مستغفرين الله من خطاياهم, و اصلحوا ما افسدوه, و بينوا ما كتموه, فاولئك اقبل توبتهم و اجازيهم بالمغفرة, و انا التواب علي من تاب من عبادي, الرحيم بهم; اذ و فقتهم للتوبه و قبلتها منهم.

ان الذين كفروا و ما توا و هم كفار اولئك عليهم لعنه الله و الملائكه و الناس اجمعين (161)

ان الذين جحدوا الايمان و كتموا الحق, و استمروا علي هذا حتي ما توا, اولئك عليهم لعنه الله و الملائكه و الناس اجمعين بالطرد من رحمته.

خالدين بها لا يخفف عنهم العذاب و لا هم ينظرون (162)

دائمين فاللعنه و النار, لا يخفف عنهم العذاب, و لا هم يمهلون بمعذره يعتذرون بها.

والهكم الة و احد لا الة الا هو الرحمن الرحيم (163)

والهكم -ايها الناس- الة و احد متفرد فذاتة و اسمائة و صفاتة و افعالة و عبوديه خلقة له, لا معبود بحق الا هو, الرحمن المتصف بالرحمه فذاتة و افعالة لجميع الخلق, الرحيم بالمؤمنين.

ان فخلق السموات و الارض و اختلاف الليل و النهار و الفلك التي تجرى فالبحر بما ينفع الناس و ما انزل الله من السماء من ماء فاحيا بة الارض بعد موتها و بث بها من جميع دابه و تصريف الرياح و السحاب المسخر بين السماء و الارض لايات لقوم يعقلون (164)

ان فخلق السموات بارتفاعها و اتساعها, و الارض بجبالها و سهولها و بحارها, و فاختلاف الليل و النهار من الطول و القصر, و الظلمه و النور, و تعاقبهما بان يخلف جميع منهما الاخر, و فالسفن الجاريه فالبحار, التي تحمل ما ينفع الناس, و ما انزل الله من السماء من ماء المطر, فاحيا بة الارض, فصارت مخضره ذات بهجه بعد ان كانت يابسه لا نبات فيها, و ما نشرة الله بها من جميع ما دب علي و جة الارض, و ما انعم بة عليكم من تقليب الرياح و توجيهها, و السحاب المسير بين السماء و الارض -ان فكل الدلائل السابقه لايات علي و حدانيه الله, و جليل نعمه, لقوم يعقلون مواضع الحجج, و يفهمون ادلتة سبحانة علي و حدانيته, و استحقاقة و حدة للعبادة.

ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله و الذين امنوا اشد حبا للة و لو يري الذين ظلموا اذ يرون العذاب ان القوه للة جميعا و ان الله شديد العذاب (165)

ومع هذة البراهين القاطعه يتخذ فريق من الناس من دون الله اصناما و اوثانا و اولياء يجعلونهم نظراء للة تعالى, و يعطونهم من المحبه و التعظيم و الطاعة, ما لا يليق الا بالله و حده. و المؤمنون اعظم حبا للة من حب هؤلاء الكفار للة و لالهتهم; لان المؤمنين اخلصوا المحبه كلها لله, و اولئك اشركوا فالمحبة. و لو يعلم الذين ظلموا انفسهم بالشرك فالحياة الدنيا, حين يشاهدون عذاب الاخرة, ان الله هو المتفرد بالقوه جميعا, و ان الله شديد العذاب, لما اتخذوا من دون الله الهه يعبدونهم من دونه, و يتقربون بهم اليه.

اذ تبرا الذين اتبعوا من الذين اتبعوا و راوا العذاب و تقطعت بهم الاسباب (166)

عند معاينتهم عذاب الاخره يتبرا الرؤساء المتبوعون ممن اتبعهم علي الشرك, و تنقطع بينهم جميع الصلات التي ارتبطوا فيها فالدنيا: من القرابة, و الاتباع, و الدين, و غير ذلك.

وقال الذين اتبعوا لو ان لنا كره فنتبرا منهم كما تبرءوا منا ايضا يريهم الله اعمالهم حسرات عليهم و ما هم بخارجين من النار (167)

وقال التابعون: يا ليت لنا عوده الي الدنيا, فنعلن براءتنا من هؤلاء الرؤساء, كما اعلنوا براءتهم منا. و كما اراهم الله شده عذابة يوم القيامه يريهم اعمالهم الباطله ندامات عليهم, و ليسوا بخارجين من النار ابدا.

يا ايها الناس كلوا مما فالارض حلالا طيبا و لا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين (168) انما يامركم بالسوء و الفحشاء و ان تقولوا علي الله ما لا تعلمون (169)

يا ايها الناس كلوا من رزق الله الذي اباحة لكم فالارض, و هو الطاهر غير النجس, النافع غير الضار, و لا تتبعوا طرق الشيطان فالتحليل و التحريم, و البدع و المعاصي. انه عدو لكم ظاهر العداوه انما يامركم الشيطان بكل ذنب قبيح يسوءكم, و بكل معصيه بالغه القبح, و بان تفتروا علي الله الكذب من تحريم الحلال و غيرة بدون علم.

واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما الفينا علية اباءنا اولو كان اباؤهم لا يعقلون شيئا و لا يهتدون (170)

واذا قال المؤمنون ناصحين اهل الضلال: اتبعوا ما انزل الله من القران و الهدى, اصروا علي تقليد اسلافهم المشركين قائلين: لا نتبع دينكم, بل نتبع ما و جدنا علية اباءنا. ايتبعون اباءهم و لو كانوا لا يعقلون عن الله شيئا, و لا يدركون رشدا؟

ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء و نداء صم بكم عمى فهم لا يعقلون (171)

وصفه الذين كفروا و داعيهم الي الهدي و الايمان كصفه الراعى الذي يصيح بالبهائم و يزجرها, و هى لا تفهم معانى كلامه, و انما تسمع النداء و دوى الصوت فقط. هؤلاء الكفار صم سدوا اسماعهم عن الحق, بكم اخرسوا السنتهم عن النطق به, عمى لا تري اعينهم براهينة الباهرة, فهم لا يعملون عقولهم فيما ينفعهم

يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم و اشكروا للة ان كنتم اياة تعبدون (172)

يا ايها المؤمنون كلوا من الاطعمة =المستلذه الحلال التي رزقناكم, و لا تكونوا كالكفار الذين يحرمون الطيبات, و يستحلون الخبائث, و اشكروا للة نعمة العظيمه عليكم بقلوبكم و السنتكم و جوارحكم, ان كنتم حقا منقادين لامره, سامعين مطيعين له, تعبدونة و حدة لا شريك له.

انما حرم عليكم الميته و الدم و لحم الخنزير و ما اهل بة لغير الله فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا اثم علية ان الله غفور رحيم (173)

انما حرم الله عليكم ما يضركم كالميته التي لم تذبح بكيفية شرعية, و الدم المسفوح, و لحم الخنزير, و الذبائح التي ذبحت لغير الله. و من فضل الله عليكم و تيسيرة انه اباح لكم طعام هذة المحرمات عند الضرورة. فمن الجاتة الضروره الي طعام شيء منها, غير ظالم فاكلة فوق حاجته, و لا متجاوز حدود الله فيما ابيح له, فلا ذنب علية فذلك. ان الله غفور لعباده, رحيم بهم.

ان الذين يكتمون ما انزل الله من الكتاب و يشترون بة ثمنا قليلا اولئك ما ياكلون فبطونهم الا النار و لا يكلمهم الله يوم القيامه و لا يزكيهم و لهم عذاب اليم (174)

ان الذين يخفون ما انزل الله فكتبة من صفه محمد صلي الله علية و سلم و غير هذا من الحق, و يحرصون علي اخذ عوض قليل من عرض الحياة الدنيا مقابل ذلك الاخفاء, هؤلاء ما ياكلون فمقابله كتمان الحق الا نار جهنم تتاجج فبطونهم, و لا يكلمهم الله يوم القيامه لغضبة و سخطة عليهم, و لا يطهرهم من دنس ذنوبهم و كفرهم, و لهم عذاب موجع.

اولئك الذين اشتروا الضلاله بالهدي و العذاب بالمغفره فما اصبرهم علي النار (175)

اولئك المتصفون بهذة الصفات استبدلوا الضلاله بالهدي و عذاب الله بمغفرته, فما اشد جراءتهم علي النار بعملهم اعمال اهل النار!! يعجب الله من اقدامهم علي ذلك, فاعجبوا -ايها الناس- من جراءتهم, و من صبرهم علي النار و مكثهم فيها. و ذلك علي و جة الاستهانه بهم, و الاستخفاف بامرهم.

ذلك بان الله نزل الكتاب بالحق و ان الذين اختلفوا فالكتاب لفى شقاق بعيد (176)

ذلك العذاب الذي استحقوة بسبب ان الله تعالي نزل كتبة علي رسلة مشتمله علي الحق المبين, فكفروا به. و ان الذين اختلفوا فالكتاب فامنوا ببعضة و كفروا ببعضه, لفى منازعه و مفارقه بعيده عن الرشد و الصواب.

ليس البر ان تولوا و جوهكم قبل المشرق و المغرب و لكن البر من امن بالله و اليوم الاخر و الملائكه و الكتاب و النبيين و اتي المال علي حبة ذوى القربي و اليتامي و المساكين و ابن السبيل و السائلين و فالرقاب و اقام الصلاه و اتي الزكاه و الموفون بعهدهم اذا عاهدوا و الصابرين فالباساء و الضراء و حين الباس اولئك الذين صدقوا و اولئك هم المتقون (177)

ليس الخير عند الله- تعالى- فالتوجة فالصلاه الي جهه المشرق و المغرب ان لم يكن عن امر الله و شرعه, و انما الخير جميع الخير هو ايمان من امن بالله و صدق بة معبودا و حدة لا شريك له, و امن بيوم البعث و الجزاء, و بالملائكه جميعا, و بالكتب البيته كافة, و بجميع النبيين من غير تفريق, و اعطي المال تطوعا -مع شده حبه- ذوى القربى, و اليتامي المحتاجين الذين ما ت اباؤهم و هم دون سن البلوغ, و المساكين الذين ارهقهم الفقر, و المسافرين المحتاجين الذين بعدوا عن اهلهم و ما لهم, و السائلين الذين اضطروا الي السؤال لشده حاجتهم, و انفق فتحرير الرقيق و الاسرى, و اقام الصلاة, و ادي الزكاه المفروضة, و الذين يوفون بالعهود, و من صبر فحال فقرة و مرضه, و فشده القتال. اولئك المتصفون بهذة الصفات هم الذين صدقوا فايمانهم, و اولئك هم الذين اتقوا عقاب الله فتجنبوا معاصيه.

يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص فالقتلي الحر بالحر و العبد بالعبد و الانثي بالانثي فمن عفى له من اخية شيء فاتباع بالمعروف و اداء الية باحسان هذا تخفيف من ربكم و رحمه فمن اعتدي بعد هذا فلة عذاب اليم (178)

يا ايها الذين صدقوا الله و رسولة و عملوا بشرعة فرض الله عليكم ان تقتصوا من القاتل عمدا بقتله, بشرط المساواه و المماثلة: يقتل الحر بمثله, و العبد بمثله, و الانثي بمثلها. فمن سامحة و لى المقتول بالعفو عن الاقتصاص منة و الاكتفاء باخذ الديه -وهى قدر ما لى محدد يدفعة الجانى مقابل العفو عنه- فليلتزم الطرفان بحسن الخلق, فيطالب الولى بالديه من غير عنف, و يدفع القاتل الية حقة باحسان, من غير تاخير و لا نقص. هذا العفو مع اخذ الديه تخفيف من ربكم و رحمه بكم; لما فية من التسهيل و الانتفاع. فمن قتل القاتل بعد العفو عنة و اخذ الديه فلة عذاب اليم بقتلة قصاصا فالدنيا, او بالنار فالاخرة.

ولكم فالقصاص حياة يا اولى الالباب لعلكم تتقون (179)

ولكم فتشريع القصاص و تنفيذة حياة امنه -يا اصحاب العقول السليمة-; رجاء تقوي الله و خشيتة بطاعتة دائما.

كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصيه للوالدين و الاقربين بالمعروف حقا علي المتقين (180)

فرض الله عليكم اذا حضر احدكم علامات الموت و مقدماتة -ان ترك ما لا- الوصيه بجزء من ما له للوالدين و الاقربين مع مراعاه العدل; فلا يدع الفقير و يوصى للغني, و لا يتجاوز الثلث, و هذا حق ثابت يعمل بة اهل التقوي الذين يخافون الله. و كان ذلك قبل نزول ايات المواريث التي حدد الله بها نصيب جميع و ارث.

فمن بدلة بعدما سمعة فانما اثمة علي الذين يبدلونة ان الله سميع عليم (181)

فمن غير و صيه الميت بعدما سمعها منة قبل موته, فانما الذنب علي من غير و بدل. ان الله سميع لوصيتكم و اقوالكم, عليم بما تخفية صدوركم من الميل الي الحق و العدل او الجور و الحيف, و سيجازيكم علي ذلك.

فمن خاف من موص جنفا او اثما فاصلح بينهم فلا اثم علية ان الله غفور رحيم (182)

فمن علم من موص ميلا عن الحق فو صيتة علي سبيل الخطا او العمد, فنصح الموصى و قت الوصيه بما هو الاعدل، فان لم يحصل له هذا فاصلح بين الاطراف بتغيير الوصية; لتوافق الشريعة, فلا ذنب علية فهذا الاصلاح. ان الله غفور لعباده, رحيم بهم.

يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون (183)

يا ايها الذين صدقوا الله و رسولة و عملوا بشرعه, فرض الله عليكم الصيام كما فرضة علي الامم قبلكم; لعلكم تتقون ربكم, فتجعلون بينكم و بين المعاصى و قايه بطاعتة و عبادتة و حده.

اياما معدودات فمن كان منكم مريضا او علي سفر فعده من ايام احدث و علي الذين يطيقونة فديه اكل مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له و ان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون (184)

فرض الله عليكم صيام ايام معلومه العدد و هى ايام شهر رمضان. فمن كان منكم مريضا يشق علية الصوم, او مسافرا فلة ان يفطر, و علية صيام عدد من ايام احدث بقدر التي افطر فيها. و علي الذين يتكلفون الصيام و يشق عليهم مشقه غير محتمله كالشيخ الكبير, و المريض الذي لا يرجي شفاؤه, فديه عن جميع يوم يفطره, و هى اكل مسكين, فمن زاد فقدر الفديه تبرعا منة فهو خير له, و صيامكم خير لكم -مع تحمل المشقة- من اعطاء الفدية, ان كنتم تعلمون الفضل العظيم للصوم عند الله تعالى.

شهر رمضان الذي انزل فية القران هدي للناس و بينات من الهدي و الفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمة و من كان مريضا او علي سفر فعده من ايام احدث يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر و لتكملوا العده و لتكبروا الله علي ما هداكم و لعلكم تشكرون (185)

شهر رمضان الذي ابتدا الله فية انزال القران فليله القدر; هدايه للناس الي الحق, فية اوضح الدلائل علي هدي الله, و علي الفارق بين الحق و الباطل. فمن حضر منكم الشهر و كان صحيحا مقيما فليصم نهاره. و يرخص للمريض و المسافر فالفطر, بعدها يقضيان عدد تلك الايام. يريد الله تعالي بكم اليسر و السهوله فشرائعه, و لا يريد بكم العسر و المشقة, و لتكملوا عده الصيام شهرا, و لتختموا الصيام بتكبير الله فعيد الفطر, و لتعظموة علي هدايتة لكم, و لكى تشكروا له علي ما انعم بة عليكم من الهدايه و التوفيق و التيسير.

واذا سالك عبادى عنى فانى قريب اجيب دعوه الداعى اذا دعانى فليستجيبوا لى و ليؤمنوا بى لعلهم يرشدون (186)

واذا سالك -ايها النبي- عبادى عنى فقل لهم: انى قريب منهم, اجيب دعوه الداعى اذا دعاني, فليطيعونى فيما امرتهم بة و نهيتهم عنه, و ليؤمنوا بي, لعلهم يهتدون الي مصالح دينهم و دنياهم. و فهذة الايه اخبار منة سبحانة عن قربة من عباده, القرب اللائق بجلاله.

احل لكم ليله الصيام الرفث الي نسائكم هن لباس لكم و انتم لباس لهن علم الله انكم كنتم تختانون انفسكم فتاب عليكم و عفا عنكم فالان باشروهن و ابتغوا ما كتب الله لكم و كلوا و اشربوا حتي يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر بعدها اتموا الصيام الي الليل و لا تباشروهن و انتم عاكفون فالمساجد تلك حدود الله فلا تقربوها ايضا يبين الله اياتة للناس لعلهم يتقون (187)

اباح الله لكم فليالى شهر رمضان جماع نسائكم, هن ستر و حفظ لكم, و انتم ستر و حفظ لهن. علم الله انكم كنتم تخونون انفسكم; بمخالفه ما حرمة الله عليكم من مجامعه النساء بعد العشاء فليالى الصيام -وكان هذا فاول الاسلام-, فتاب الله عليكم و وسع لكم فالامر, فالان جامعوهن, و اطلبوا ما قدرة الله لكم من الاولاد, و كلوا و اشربوا حتي يتبين ضياء الصباح من سواد الليل، بظهور الفجر الصادق, بعدها اتموا الصيام بالامساك عن المفطرات الي دخول الليل بغروب الشمس. و لا تجامعوا نساءكم او تتعاطوا ما يفضى الي جماعهن اذا كنتم معتكفين فالمساجد; لان ذلك يفسد الاعتكاف (وهو الاقامه فالمسجد لمدة معلومه بنيه التقرب الي الله تعالى). تلك الاحكام التي شرعها الله لكم هى حدودة الفاصله بين الحلال و الحرام, فلا تقربوها حتي لا تقعوا فالحرام. بمثل ذلك البيان الواضح يبين الله اياتة و احكامة للناس; كى يتقوة و يخشوه.

ولا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل و تدلوا فيها الي الحكام لتاكلوا فريقا من اموال الناس بالاثم و انتم تعلمون (188)

ولا ياكل بعضكم ما ل بعض بسبب باطل كاليمين الكاذبة, و الغصب, و السرقة, و الرشوة, و الربا و نحو ذلك, و لا تلقوا بالحجج الباطله الي الحكام; لتاكلوا عن طريق التخاصم اموال طائفه من الناس بالباطل, و انتم تعلمون تحريم هذا عليكم.

يسالونك عن الاهله قل هى مواقيت للناس و الحج و ليس البر بان تاتوا البيوت من ظهورها و لكن البر من اتقي و اتوا البيوت من ابوابها و اتقوا الله لعلكم تفلحون (189)

يسالك اصحابك -ايها النبي-: عن الاهله و تغير احوالها, قل لهم: جعل الله الاهله علامات يعرف فيها الناس اوقات عباداتهم المحدده بوقت كالصيام و الحج, و معاملاتهم. و ليس الخير ما تعودتم علية فالجاهليه و اول الاسلام من دخول البيوت من ظهورها حين تحرمون بالحج او العمرة, ظانين ان هذا قربه الي الله, و لكن الخير هو فعل من اتقي الله و اجتنب المعاصي, و ادخلوا البيوت من ابوابها عند احرامكم بالحج او العمرة, و اخشوا الله تعالي فكل اموركم, لتفوزوا بكل ما تحبون من خيرى الدنيا و الاخرة.

وقاتلوا فسبيل الله الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين (190)

وقاتلوا -ايها المؤمنون- لنصره دين الله الذين يقاتلونكم, و لا ترتكبوا المناهى من المثلة، و الغلول، و قتل من لا يحل قتلة من النساء و الصبيان و الشيوخ، و من فحكمهم. ان الله لا يحب الذين يجاوزون حدوده, فيستحلون ما حرم الله و رسوله.

واقتلوهم حيث ثقفتموهم و اخرجوهم من حيث اخرجوكم و الفتنه اشد من القتل و لا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتي يقاتلوكم فية فان قاتلوكم فاقتلوهم ايضا جزاء الكافرين (191)

واقتلوا الذين يقاتلونكم من المشركين حيث و جدتموهم, و اخرجوهم من المكان الذي اخرجوكم منة و هو “مكة”. و الفتنه -وهى الكفر و الشرك و الصد عن الاسلام- اشد من قتلكم اياهم. و لا تبدؤوهم بالقتال عند المسجد الحرام تعظيما لحرماتة حتي يبدؤوكم بالقتال فيه, فان قاتلوكم فالمسجد الحرام فاقتلوهم فيه. ايضا الجزاء الرادع يصبح جزاء الكافرين.

فان انتهوا فان الله غفور رحيم (192)

فان تركوا ما هم فية من الكفر و قتالكم عند المسجد الحرام, و دخلوا فالايمان, فان الله غفور لعباده, رحيم بهم.

وقاتلوهم حتي لا تكون فتنه و يصبح الدين للة فان انتهوا فلا عدوان الا علي الظالمين (193)

واستمروا- ايها المؤمنون- فقتال المشركين المعتدين, حتي لا تكون فتنه للمسلمين عن دينهم و لا شرك بالله, و يبقي الدين للة و حدة خالصا لا يعبد معة غيره. فان كفوا عن الكفر و القتال فكفوا عنهم; فالعقوبه لا تكون الا علي المستمرين علي كفرهم و عدوانهم.

الشهر الحرام بالشهر الحرام و الحرمات قصاص فمن اعتدي عليكم فاعتدوا علية بمثل ما اعتدي عليكم و اتقوا الله و اعلموا ان الله مع المتقين (194)

قتالكم -ايها المؤمنون- للمشركين فالشهر الذي حرم الله القتال فية هو جزاء لقتالهم لكم فالشهر الحرام. و الذي يعتدى علي ما حرم الله من المكان و الزمان, يعاقب بمثل فعله, و من جنس عمله. فمن اعتدي عليكم بالقتال او غيرة فانزلوا بة عقوبه مماثله لجنايته, و لا حرج عليكم فذلك; لانهم هم البادئون بالعدوان, و خافوا الله فلا تتجاوزوا المماثله فالعقوبة, و اعلموا ان الله مع الذين يتقونة و يطيعونة باداء فرائضة و اجتناب محارمه.

وانفقوا فسبيل الله و لا تلقوا بايديكم الي التهلكه و احسنوا ان الله يحب المحسنين (195)

واستمروا- ايها المؤمنون- فانفاق الاموال لنصره دين الله تعالى, و الجهاد فسبيله, و لا توقعوا انفسكم فالمهالك بترك الجهاد فسبيل الله, و عدم الانفاق فيه, و احسنوا فالانفاق و الطاعة, و اجعلوا عملكم كلة خالصا لوجة الله تعالى. ان الله يحب اهل الاخلاص و الاحسان.

واتموا الحج و العمره للة فان احصرتم فما استيسر من الهدى و لا تحلقوا رءوسكم حتي يبلغ الهدى محلة فمن كان منكم مريضا او بة اذي من راسة ففديه من صيام او صدقه او نسك فاذا امنتم فمن تمتع بالعمره الي الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثه ايام فالحج و سبعه اذا رجعتم تلك عشره كامله هذا لمن لم يكن اهلة حاضرى المسجد الحرام و اتقوا الله و اعلموا ان الله شديد العقاب (196)

وادوا الحج و العمره تامين, خالصين لوجة الله تعالى. فان منعكم عن الذهاب لاتمامهما بعد الاحرام بهما ما نع كالعدو و المرض, فالواجب عليكم ذبح ما تيسر لكم من الابل او البقر او الغنم تقربا الي الله تعالى; لكى تظهروا من احرامكم بحلق شعر الراس او تقصيره, و لا تحلقوا رؤوسكم اذا كنتم محصرين حتي ينحر المحصر هدية فالموضع الذي حصر فية بعدها يحل من احرامه, كما نحر النبى صلي الله علية و سلم ف“الحديبية” بعدها حلق راسه, و غير المحصر لا ينحر الهدى الا فالحرم, الذي هو محلة فيوم العيد, اليوم العاشر و ما بعدة من ايام التشريق. فمن كان منكم مريضا, او بة اذي من راسة يحتاج معة الي الحلق -وهو محرم- حلق, و علية فدية: بان يصوم ثلاثه ايام, او يتصدق علي سته مساكين لكل مسكين نص صاع من طعام, او يذبح شاه لفقراء الحرم. فاذا كنتم فامن و صحة: فمن استمتع بالعمره الي الحج و هذا باستباحه ما حرم علية بسبب الاحرام بعد انتهاء عمرته, فعلية ذبح ما تيسر من الهدي, فمن لم يجد هديا يذبحة فعلية صيام ثلاثه ايام فاشهر الحج, و سبعه اذا فرغتم من اعمال الحج و رجعتم الي اهليكم, تلك عشره كامله لا بد من صيامها. هذا الهدى و ما ترتب علية من الصيام لمن لم يكن اهلة من ساكنى ارض الحرم, و خافوا الله تعالي و حافظوا علي امتثال اوامرة و تجنب نواهيه, و اعلموا ان الله شديد العقاب لمن خالف امره, و ارتكب ما عنة زجر.

الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث و لا فسوق و لا جدال فالحج و ما تفعلوا من خير يعلمة الله و تزودوا فان خير الزاد التقوي و اتقونى يا اولى الالباب (197)

وقت الحج اشهر معلومات, و هي: شوال, و ذو القعدة, و عشر من ذى الحجة. فمن اوجب الحج علي نفسة فيهن بالاحرام, فيحرم علية الجماع و مقدماتة القوليه و الفعلية, و يحرم علية الخروج عن طاعه الله تعالي بفعل المعاصي, و الجدال فالحج الذي يؤدى الي الغضب و الكراهية. و ما تفعلوا من خير يعلمة الله, فيجازى كلا علي عمله. و خذوا لانفسكم زادا من الاكل و الشراب لسفر الحج, و زادا من صالح الاعمال للدار الاخرة, فان خير الزاد تقوي الله, و خافونى يا اصحاب العقول السليمة

ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم فاذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام و اذكروة كما هداكم و ان كنتم من قبلة لمن الضالين (198)

ليس عليكم حرج فان تطلبوا رزقا من ربكم بالربح من التجاره فايام الحج. فاذا دفعتم بعد غروب الشمس راجعين من “عرفات” -وهى المكان الذي يقف فية الحجاج يوم التاسع من ذى الحجة- فاذكروا الله بالتسبيح و التلبيه و الدعاء عند المشعر الحرام -“المزدلفة”-, و اذكروا الله علي الوجة الصحيح الذي هداكم اليه, و لقد كنتم من قبل ذلك الهدي فضلال لا تعرفون معة الحق.

ثم افيضوا من حيث افاض الناس و استغفروا الله ان الله غفور رحيم (199)

وليكن اندفاعكم من “عرفات” التي افاض منها ابراهيم علية السلام مخالفين بذلك من لا يقف فيها من اهل الجاهلية, و اسالوا الله ان يغفر لكم ذنوبكم. ان الله غفور لعبادة المستغفرين التائبين, رحيم بهم.

فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم اباءكم او اشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا اتنا فالدنيا و ما له فالاخره من خلاق (200)

فاذا اتممتم عبادتكم, و فرغتم من اعمال الحج, فاكثروا من ذكر الله و الثناء عليه, كذكركم مفاخر ابائكم و اعظم من ذلك. فمن الناس فريق يجعل همة الدنيا فقط, فيدعو قائلا ربنا اتنا فالدنيا صحة, و ما لا و اولادا, و هؤلاء ليس لهم فالاخره حظ و لا نصيب; لرغبتهم عنها و قصر همهم علي الدنيا.

ومنهم من يقول ربنا اتنا فالدنيا حسنه و فالاخره حسنه و قنا عذاب النار (201)

ومن الناس فريق مؤمن يقول فدعائه: ربنا اتنا فالدنيا عافيه و رزقا و علما نافعا, و عملا صالحا, و غير هذا من امور الدين و الدنيا, و فالاخره الجنة, و اصرف عنا عذاب النار. و ذلك الدعاء من اجمع الادعية, و لهذا كان اكثر دعاء النبى صلي الله علية و سلم, كما ثبت فالصحيحين.

اولئك لهم نصيب مما كسبوا و الله سريع الحساب (202)

اولئك الداعون بهذا الدعاء لهم ثواب عظيم بسبب ما كسبوة من الاعمال الصالحة. و الله سريع الحساب, محص اعمال عباده, و مجازيهم بها.

واذكروا الله فايام معدودات فمن تعجل فيومين فلا اثم علية و من تاخر فلا اثم علية لمن اتقي و اتقوا الله و اعلموا انكم الية تحشرون (203)

واذكروا الله تسبيحا و تكبيرا فايام قلائل, و هى ايام التشريق: الحادى عشر و الثاني عشر و الثالث عشر من شهر ذى الحجة. فمن اراد التعجل و خرج من “منى” قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر بعد رمى الجمار فلا ذنب عليه, و من تاخر بان بات ب “منى” حتي يرمى الجمار فاليوم الثالث عشر فلا ذنب عليه, لمن اتقي الله فحجه. و التاخر افضل; لانة تزود فالعباده و اقتداء بفعل النبى صلي الله علية و سلم. و خافوا الله- ايها المسلمون- و راقبوة فكل اعمالكم, و اعلموا انكم الية و حدة تحشرون بعد موتكم للحساب و الجزاء.

ومن الناس من يعجبك قولة فالحياة الدنيا و يشهد الله علي ما فقلبة و هو الد الخصام (204)

وبعض الناس من المنافقين يعجبك -ايها الرسول- كلامة الفصيح الذي يريد بة حظا من حظوظ الدنيا لا الاخرة, و يحلف مستشهدا بالله علي ما فقلبة من محبه الاسلام, و فهذا غايه الجراه علي الله, و هو شديد العداوه و الخصومه للاسلام و المسلمين.

واذا تولي سعي فالارض ليفسد بها و يهلك الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد (205)

واذا خرج من عندك ايها الرسول, جد و نشط فالارض ليفسد فيها, و يتلف زروع الناس, و يقتل ما شيتهم. و الله لا يحب الفساد.

واذا قيل له اتق الله اخذتة العزه بالاثم فحسبة جهنم و لبئس المهاد (206)

واذا نصح هذا المنافق المفسد, و قيل له: اتق الله و احذر عقابه, و كف عن الفساد فالارض, لم يقبل النصيحة, بل يحملة الكبر و حميه الجاهليه علي مزيد من الاثام, فحسبة جهنم و كافيتة عذابا, و لبئس الفراش هي.

ومن الناس من يشرى نفسة ابتغاء مرضاه الله و الله رءوف بالعباد (207)

وبعض الناس يبيع نفسة طلبا لرضا الله عنه, بالجهاد فسبيله, و التزام طاعته. و الله رءوف بالعباد, يرحم عبادة المؤمنين رحمه و اسعه فعاجلهم و اجلهم, فيجازبهم اقوى الجزاء.

يا ايها الذين امنوا ادخلوا فالسلم كافه و لا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين (208)

يا ايها الذين امنوا بالله ربا و بمحمد نبيا و رسولا و بالاسلام دينا, ادخلوا فجميع شرائع الاسلام, عاملين بجميع احكامه, و لا تتركوا منها شيئا, و لا تتبعوا طرق الشيطان فيما يدعوكم الية من المعاصي. انه لكم عدو ظاهر العداوه فاحذروه.

فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا ان الله عزيز حكيم (209)

فان انحرفتم عن طريق الحق, من بعد ما جاءتكم الحجج الواضحه من القران و السنة, فاعلموا ان الله عزيز فملكة لا يفوتة شيء, حكيم فامرة و نهيه, يضع جميع شيء فموضعة المناسب له.

هل ينظرون الا ان ياتيهم الله فظلل من الغمام و الملائكه و قضى الامر و الي الله ترجع الامور (210)

ما ينتظر هؤلاء المعاندون الكافرون بعد قيام الادله البينه الا ان ياتيهم الله عز و جل علي الوجة اللائق بة سبحانة فظلل من السحاب يوم القيامة; ليفصل بينهم بالقضاء العادل, و ان تاتى الملائكة, و حينئذ يقضى الله تعالي فيهم قضاءه. و الية و حدة ترجع امور الخلائق جميعها.

سل بنى اسرائيل كم اتيناهم من ايه بينه و من يبدل نعمه الله من بعد ما جاءتة فان الله شديد العقاب (211)

سل -ايها الرسول- بنى اسرائيل المعاندين لك: كم اعطيناهم من ايات و اضحات فكتبهم تهديهم الي الحق, فكفروا فيها كلها, و اعرضوا عنها, و حرفوها عن مواضعها. و من يبدل نعمه الله -وهى دينه- و يكفر فيها من بعد معرفتها, و قيام الحجه علية بها, فان الله تعالي شديد العقاب له.

زين للذين كفروا الحياة الدنيا و يسخرون من الذين امنوا و الذين اتقوا فوقهم يوم القيامه و الله يرزق من يشاء بغير حساب (212)

حسن للذين جحدوا و حدانيه الله الحياة الدنيا و ما بها من الشهوات و الملذات, و هم يستهزئون بالمؤمنين. و هؤلاء الذين يخشون ربهم فوق كل الكفار يوم القيامة; حيث يدخلهم الله اعلي درجات الجنة, و ينزل الكافرين اسفل دركات النار. و الله يرزق من يشاء من خلقة بغير حساب.

كان الناس امه و احده فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و انزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فية و ما اختلف فية الا الذين اوتوة من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدي الله الذين امنوا لما اختلفوا فية من الحق باذنة و الله يهدى من يشاء الي صراط مستقيم (213)

كان الناس جماعه و احدة, متفقين علي الايمان بالله بعدها اختلفوا فدينهم, فبعث الله النبيين دعاه لدين الله, مبشرين من اطاع الله بالجنة, و محذرين من كفر بة و عصاة النار, و انزل معهم الكتب السماويه بالحق الذي اشتملت عليه; ليحكموا بما بها بين الناس فيما اختلفوا فيه, و ما اختلف فامر محمد صلي الله علية و سلم و كتابة ظلما و حسدا الا الذين اعطاهم الله التوراة, و عرفوا ما بها من الحجج و الاحكام, فوفق الله المؤمنين بفضلة الي تمييز الحق من الباطل, و معرفه ما اختلفوا فيه. و الله يوفق من يشاء من عبادة الي طريق مستقيم.

ام حسبتم ان تدخلوا الجنه و لما ياتكم كالذين خلوا من قبلكم مستهم الباساء و الضراء و زلزلوا حتي يقول الرسول و الذين امنوا معة متي نصر الله الا ان نصر الله قريب (214)

بل اظننتم -ايها المؤمنون- ان تدخلوا الجنة, و لما يصبكم من الابتلاء كما اصاب المؤمنين الذين مضوا من قبلكم: من الفقر و الامراض و الخوف و الرعب, و زلزلوا بانواع المخاوف, حتي قال رسولهم و المؤمنون معة -علي سبيل الاستعجال للنصر من الله تعالى-: متي نصر الله؟ الا ان نصر الله قريب من المؤمنين.

يسالونك ما ذا ينفقون قل ما انفقتم من خير فللوالدين و الاقربين و اليتامي و المساكين و ابن السبيل و ما تفعلوا من خير فان الله بة عليم (215)

يسلك اصحابك -ايها النبي- اي شيء ينفقون من اصناف اموالهم تقربا الي الله تعالى, و علي من ينفقون؟ قل لهم: انفقوا اي خير يتيسر لكم من اصناف المال الحلال الطيب, و اجعلوا نفقتكم للوالدين, و الاقربين من اهلكم و ذوى ارحامكم, و اليتامى, و الفقراء, و المسافر المحتاج الذي بعد عن اهلة و ما له. و ما تفعلوا من خير فان الله تعالي بة عليم.

كتب عليكم القتال و هو كرة لكم و عسي ان تكرهوا شيئا و هو خير لكم و عسي ان تحبوا شيئا و هو شر لكم و الله يعلم و انتم لا تعلمون (216)

فرض الله عليكم -ايها المؤمنون- قتال الكفار, و القتال مكروة لكم من جهه الطبع; لمشقتة و كثره مخاطره, و ربما تكرهون شيئا و هو فحقيقتة خير لكم, و ربما تحبون شيئا لما فية من الراحه او اللذه العاجلة, و هو شر لكم. و الله تعالي يعلم ما هو خير لكم, و انتم لا تعلمون ذلك. فبادروا الي الجهاد فسبيله.

يسالونك عن الشهر الحرام قتال فية قل قتال فية كبير و صد عن سبيل الله و كفر بة و المسجد الحرام و اخراج اهلة منة اكبر عند الله و الفتنه اكبر من القتل و لا يزالون يقاتلونكم حتي يردوكم عن دينكم ان استطاعوا و من يرتدد منكم عن دينة فيمت و هو كافر فاولئك حبطت اعمالهم فالدنيا و الاخره و اولئك اصحاب النار هم بها خالدون (217)

يسالك المشركون -ايها الرسول- عن الشهر الحرام: هل يحل فية القتال؟ قل لهم: القتال فالشهر الحرام عظيم عند الله استحلالة و سفك الدماء فيه, و منعكم الناس من دخول الاسلام بالتعذيب و التخويف, و جحودكم بالله و برسولة و بدينه, و منع المسلمين من دخول المسجد الحرام, و اخراج النبى و المهاجرين منة و هم اهلة و اولياؤه, هذا اكبر ذنبا, و اعظم جرما عند الله من القتال فالشهر الحرام. و الشرك الذي انتم فية اكبر و اشد من القتل فالشهر الحرام. و هؤلاء الكفار لم يرتدعوا عن جرائمهم, بل هم مستمرون عليها, و لا يزالون يقاتلونكم حتي يردوكم عن الاسلام الي الكفر ان استطاعوا تحقيق ذلك. و من اطاعهم منكم -ايها المسلمون- و ارتد عن دينة فمات علي الكفر, فقد ذهب عملة فالدنيا و الاخرة, و صار من الملازمين لنار جهنم لا يظهر منها ابدا.

ان الذين امنوا و الذين هاجروا و جاهدوا فسبيل الله اولئك يرجون رحمه الله و الله غفور رحيم (218)

ان الذين صدقوا بالله و رسولة و عملوا بشرعة و الذين تركوا ديارهم, و جاهدوا فسبيل الله, اولئك يطمعون ففضل الله و ثوابه. و الله غفور لذنوب عبادة المؤمنين, رحيم بهم رحمه و اسعة.

يسالونك عن الخمر و الميسر قل فيهما اثم كبير و منافع للناس و اثمهما اكبر من نفعهما و يسالونك ما ذا ينفقون قل العفو ايضا يبين الله لكم الايات لعلكم تتفكرون (219) فالدنيا و الاخره و يسالونك عن اليتامي قل اصلاح لهم خير و ان تخالطوهم فاخوانكم و الله يعلم المفسد من المصلح و لو شاء الله لاعنتكم ان الله عزيز حكيم (220)

يسالك المسلمون -ايها النبي- عن حكم تعاطى الخمر شربا و بيعا و شراء, و الخمر جميع مسكر خامر العقل و غطاة مشروبا كان او ما كولا و يسالونك عن حكم القمار -وهو اخذ المال او اعطاؤة بالمقامره و هى المغالبات التي بها عوض من الطرفين-, قل لهم: فذلك اضرار و مفاسد كثيره فالدين و الدنيا, و العقول و الاموال, و فيهما منافع للناس من جهه كسب الاموال و غيرها, و اثمهما اكبر من نفعهما; اذ يصدان عن ذكر الله و عن الصلاة, و يوقعان العداوه و البغضاء بين الناس, و يتلفان المال. و كان ذلك تمهيدا لتحريمهما. و يسالونك عن القدر الذي ينفقونة من اموالهم تبرعا و صدقة, قل لهم: انفقوا القدر الذي يزيد علي حاجتكم. ايضا البيان الواضح يبين الله لكم الايات و احكام الشريعة; لكى تتفكروا فيما ينفعكم فالدنيا و الاخرة.

ويسالونك -ايها النبي- عن اليتامي كيف يتصرفون معهم فمعاشهم و اموالهم؟ قل لهم: اصلاحكم لهم خير, فافعلوا الانفع لهم دائما, و ان تخالطوهم فسائر شؤون المعاش فهم اخوانكم فالدين. و علي الاخ ان يرعي مصلحه اخيه. و الله يعلم المضيع لاموال اليتامي من الحريص علي اصلاحها. و لو شاء الله لضيق و شق عليكم بتحريم الخالطة. ان الله عزيز فملكه, حكيم فخلقة و تدبيرة و تشريعه.

ولا تنكحوا المشركات حتي يؤمن و لامه مؤمنه خير من مشركه و لو اعجبتكم و لا تنكحوا المشركين حتي يؤمنوا و لعبد مؤمن خير من مشرك و لو اعجبكم اولئك يدعون الي النار و الله يدعو الي الجنه و المغفره باذنة و يبين اياتة للناس لعلهم يتذكرون (221)

ولا تتزوجوا -ايها المسلمون- المشركات عابدات الاوثان, حتي يدخلن فالاسلام. و اعلموا ان امراه مملوكه لا ما ل لها و لا حسب, مؤمنه بالله, خير من امراه مشركة, و ان اعجبتكم المشركه الحرة. و لا تزوجوا نساءكم المؤمنات -اماء او حرائر- للمشركين حتي يؤمنوا بالله و رسوله. و اعلموا ان عبدا مؤمنا مع فقره, خير من مشرك, و ان اعجبكم المشرك. اولئك المتصفون بالشرك رجالا و نساء يدعون جميع من يعاشرهم الي ما يؤدى بة الي النار, و الله سبحانة يدعو عبادة الي دينة الحق المؤدى بهم الي الجنه و مغفره ذنوبهم باذنه, و يبين اياتة و احكامة للناس; لكى يتذكروا, فيعتبروا.

ويسالونك عن المحيض قل هو اذي فاعتزلوا النساء فالمحيض و لا تقربوهن حتي يطهرن فاذا تطهرن فاتوهن من حيث امركم الله ان الله يحب التوابين و يحب المتطهرين (222)

ويسالونك عن الحيض- و هو الدم الذي يسيل من ارحام النساء جبله فاوقات مخصوصة-, قل لهم -ايها النبي-: هو اذي مستقذر يضر من يقربه, فاجتنبوا جماع النساء لمدة الحيض حتي ينقطع الدم, فاذا انقطع الدم, و اغتسلن, فجامعوهن فالموضع الذي احلة الله لكم, و هو القبل لا الدبر. ان الله يحب عبادة المكثرين من الاستغفار و التوبة, و يحب عبادة المتطهرين الذين يبتعدون عن الفواحش و الاقذار.

نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انني شئتم و قدموا لانفسكم و اتقوا الله و اعلموا انكم ملاقوة و بشر المؤمنين (223)

نساؤكم موضع زرع لكم, تضعون النطفه فارحامهن, فيخرج منها الاولاد بمشيئه الله, فجامعوهن فمحل الجماع فقط, و هو القبل باى طريقة شئتم, و قدموا لانفسكم اعمالا صالحه بمراعاه اوامر الله, و خافوا الله, و اعلموا انكم ملاقوة للحساب يوم القيامة. و بشر المؤمنين -ايها النبي- بما يفرحهم و يسرهم من حسن الجزاء فالاخرة.

ولا تجعلوا الله عرضه لايمانكم ان تبروا و تتقوا و تصلحوا بين الناس و الله سميع عليم (224)

ولا تجعلوا -ايها المسلمون- حلفكم بالله ما نعا لكم من البر و صله الرحم و التقوي و الاصلاح بين الناس: بان تدعوا الي فعل شيء منها, فتحتجوا بانكم اقسمتم بالله الا تفعلوه, بل علي الحالف ان يعدل عن حلفه, و يفعل اعمال البر, و يكفر عن يمينه, و لا يعتاد ذلك. و الله سميع لاقوالكم, عليم بجميع احوالكم.

لا يؤاخذكم الله باللغو فايمانكم و لكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم و الله غفور حليم (225)

لا يعاقبكم الله بسبب ايمانكم التي تحلفونها بغير قصد, و لكن يعاقبكم بما قصدتة قلوبكم. و الله غفور لمن تاب اليه, حليم بمن عصاة حيث لم يعاجلة بالعقوبة.

للذين يؤلون من نسائهم تربص اربعه اشهر فان فاءوا فان الله غفور رحيم (226)

للذين يحلفون بالله ان لا يجامعوا نساءهم, انتظار اربعه اشهر, فان رجعوا قبل فوات الاشهر الاربعة, فان الله غفور لما و قع منهم من الحلف بسبب رجوعهم, رحيم بهم.

وان عزموا الطلاق فان الله سميع عليم (227)

وان عقدوا عزمهم علي الطلاق, باستمرارهم فاليمين, و ترك الجماع, فان الله سميع لاقوالهم, عليم بمقاصدهم, و سيجازيهم علي ذلك.

والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثه قروء و لا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله فارحامهن ان كن يؤمن بالله و اليوم الاخر و بعولتهن احق بردهن فذلك ان ارادوا اصلاحا و لهن كالذى عليهن بالمعروف و للرجال عليهن درجه و الله عزيز حكيم (228)

والمطلقات ذوات الحيض, يجب ان ينتظرن دون نكاح بعد الطلاق لمدة ثلاثه اطهار او ثلاث حيضات علي سبيل العدة; ليتاكدن من فراغ الرحم من الحمل. و لا يجوز لهن تزوج رجل احدث فخلال هذة العده حتي تنتهي. و لا يحل لهن ان يخفين ما خلق الله فارحامهن من الحمل او الحيض, ان كانت المطلقات مؤمنات حقا بالله و اليوم الاخر. و ازواج المطلقات احق بمراجعتهن فالعدة. و ينبغى ان يصبح هذا بقصد الاصلاح و الخير, و ليس بقصد الاضرار تعذيبا لهن بتطويل العدة. و للنساء حقوق علي الازواج, كالتى عليهن, علي الوجة المعروف, و للرجال علي النساء منزله زائده من حسن الصحبه و العشره بالمعروف و القوامه علي المنزل و ملك الطلاق. و الله عزيز له العزه القاهرة, حكيم يضع جميع شيء فموضعة المناسب.

الطلاق مرتان فامساك بمعروف او تسريح باحسان و لا يحل لكم ان تاخذوا مما اتيتموهن شيئا الا ان يخافا الا يقيما حدود الله فان خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت بة تلك حدود الله فلا تعتدوها و من يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون (229)

الطلاق الذي تحصل بة الرجعه مرتان, و احده بعد الاخرى, فحكم الله بعد جميع طلقه هو امساك المراه بالمعروف, و حسن العشره بعد مراجعتها, او تخليه سبيلها مع حسن معاملتها باداء حقوقها, و الا يذكرها مطلقها بسوء. و لا يحل لكم- ايها الازواج- ان تاخذوا شيئا مما اعطيتموهن من المهر و نحوه, الا ان يخاف الزوجان الا يقوما بالحقوق الزوجية, فحينئذ يعرضان امرهما علي الاولياء, فان خاف الاولياء عدم اقامه الزوجين حدود الله, فلا حرج علي الزوجين فيما تدفعة المراه للزوج مقابل طلاقها. تلك الاحكام هى حدود الله الفاصله بين الحلال و الحرام, فلا تتجاوزوها, و من يتجاوز حدود الله تعالي فاولئك هم الظالمون انفسهم بتعريضها لعذاب الله.

فان طلقها فلا تحل له من بعد حتي تنكح زوجا غيرة فان طلقها فلا جناح عليهما ان يتراجعا ان ظنا ان يقيما حدود الله و تلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون (230)

فان طلق الرجل زوجتة الطلقه الثالثة, فلا تحل له الا اذا تزوجت رجلا غيرة زواجا صحيحا و جامعها فية و يصبح الزواج عن رغبة, لا بنيه تحليل المراه لزوجها الاول, فان طلقها الزوج الاخر او ما ت عنها و انقضت عدتها, فلا اثم علي المراه و زوجها الاول ان يتزوجا بعقد جديد, و مهر جديد, ان غلب علي ظنهما ان يقيما احكام الله التي شرعها للزوجين. و تلك احكام الله المحدده يبينها لقوم يعلمون احكامة و حدوده; لانهم المنتفعون بها.

واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف او سرحوهن بمعروف و لا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا و من يفعل هذا فقد ظلم نفسة و لا تتخذوا ايات الله هزوا و اذكروا نعمه الله عليكم و ما انزل عليكم من الكتاب و الحكمه يعظكم بة و اتقوا الله و اعلموا ان الله بكل شيء عليم (231)

واذا طلقتم النساء فقاربن انتهاء عدتهن, فراجعوهن, و نيتكم القيام بحقوقهن علي الوجة المستحسن شرعا و عرفا, او اتركوهن حتي تنقضى عدتهن. و احذروا ان تكون مراجعتهن بقصد الاضرار بهن لاجل الاعتداء علي حقوقهن. و من يفعل هذا فقد ظلم نفسة باستحقاقة العقوبة, و لا تتخذوا ايات الله و احكامة لعبا و لهوا. و اذكروا نعمه الله عليكم بالاسلام و تفصيل الاحكام. و اذكروا ما انزل الله عليكم من القران و السنة, و اشكروا له سبحانة علي هذة النعم الجليلة, يذكركم الله بهذا, و يخوفكم من المخالفة, فخافوا الله و راقبوه, و اعلموا ان الله عليم بكل شيء, لا يخفي علية شيء, و سيجازى كلا بما يستحق.

واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن اذا تراضوا بينهم بالمعروف هذا يوعظ بة من كان منكم يؤمن بالله و اليوم الاخر ذلكم ازكي لكم و اطهر و الله يعلم و انتم لا تعلمون (232)

واذا طلقتم نساءكم دون الثلاث و انتهت عدتهن من غير مراجعه لهن, فلا تضيقوا -ايها الاولياء- علي المطلقات بمنعهن من العوده الي ازواجهن بعقد جديد اذا اردن ذلك, و حدث التراضى شرعا و عرفا. هذا يوعظ بة من كان منكم صادق الايمان بالله و اليوم الاخر. ان ترك العضل و تمكين الازواج من نكاح زوجاتهم اكثر نماء و طهاره لاعراضكم, و اعظم منفعه و ثوابا لكم. و الله يعلم ما فية صلاحكم و انتم لا تعلمون ذلك.

والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعه و علي المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس الا و سعها لا تضار و الده بولدها و لا مولود له بولدة و علي الوارث ايضا فان ارادا فصالا عن تراض منهما و تشاور فلا جناح عليهما و ان اردتم ان تسترضعوا اولادكم فلا جناح عليكم اذا سلمتم ما اتيتم بالمعروف و اتقوا الله و اعلموا ان الله بما تعملون بصير (233)

وعلي الوالدات ارضاع اولادهن لمدة سنتين كاملتين لمن اراد اتمام الرضاعة, و يجب علي الاباء ان يكفلوا للمرضعات المطلقات طعامهن و كسوتهن, علي الوجة المستحسن شرعا و عرفا; لان الله لا يكلف نفسا الا قدر طاقتها, و لا يحل للوالدين ان يجعلوا المولود و سيله للمضاره بينهما, و يجب علي الوارث عند موت الوالد كما يجب علي الوالد قبل موتة من النفقه و الكسوة. فان اراد الوالدان فطام المولود قبل انتهاء السنتين فلا حرج عليهما اذا تراضيا و تشاورا فذلك; ليصلا الي ما فية مصلحه المولود. و ان اتفق الوالدان علي ارضاع المولود من مرضعه اخري غير و الدتة فلا حرج عليهما, اذا سلم الوالد للام حقها، و سلم للمرضعه اجرها بما يتعارفة الناس. و خافوا الله فجميع احوالكم, و اعلموا ان الله بما تعملون بصير, و سيجازيكم علي ذلك.

والذين يتوفون منكم و يذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعه اشهر و عشرا فاذا بلغن اجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فانفسهن بالمعروف و الله بما تعملون خبير (234)

والذين يموتون منكم, و يتركون زوجات بعدهم, يجب عليهن الانتظار بانفسهن لمدة اربعه اشهر و عشره ايام, لا يظهرن من بيت =الزوجية, و لا يتزين, و لا يتزوجن, فاذا انتهت المده المذكوره فلا اثم عليكم يا اولياء النساء فيما يفعلن فانفسهن من الخروج, و التزين, و الزواج علي الوجة المقرر شرعا. و الله سبحانة و تعالي خبير باعمالكم ظاهرها و باطنها, و سيجازيكم عليها.

ولا جناح عليكم فيما عرضتم بة من خطبه النساء او اكننتم فانفسكم علم الله انكم ستذكرونهن و لكن لا تواعدوهن سرا الا ان تقولوا قولا معروفا و لا تعزموا عقده النكاح حتي يبلغ الكتاب اجلة و اعلموا ان الله يعلم ما فانفسكم فاحذروة و اعلموا ان الله غفور حليم (235)

ولا اثم عليكم -ايها الرجال- فيما تلمحون بة من طلب الزواج بالنساء المتوفي عنهن ازواجهن، او المطلقات طلاقا بائنا فخلال عدتهن, و لا ذنب عليكم كذلك فيما اضمرتموة فانفسكم من نيه الزواج بهن بعد انتهاء عدتهن. علم الله انكم ستذكرون النساء المعتدات, و لن تصبروا علي السكوت عنهن, لضعفكم; لذا اباح لكم ان تذكروهن تلميحا او اضمارا فالنفس, و احذروا ان تواعدوهن علي النكاح سرا بالزني او الاتفاق علي الزواج فخلال العدة, الا ان تقولوا قولا يفهم منة ان مثلها يرغب بها الازواج, و لا تعزموا علي عقد النكاح فزمان العده حتي تنقضى مدتها. و اعلموا ان الله يعلم ما فانفسكم فخافوه, و اعلموا ان الله غفور لمن تاب من ذنوبه, حليم علي عبادة لا يعجل عليهم بالعقوبة.

لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن او تفرضوا لهن فريضه و متعوهن علي الموسع قدرة و علي المقتر قدرة متاعا بالمعروف حقا علي المحسنين (236)

لا اثم عليكم -ايها الازواج- ان طلقتم النساء بعد العقد عليهن, و قبل ان تجامعوهن, او تحددوا مهرا لهن, و متعوهن بشيء ينتفعن بة جبرا لهن, و دفعا لوحشه الطلاق, و ازاله للاحقاد. و هذة المتعه تجب بحسب حال الرجل المطلق: علي الغنى قدر سعه رزقه, و علي الفقير قدر ما يملكه, متاعا علي الوجة المعروف شرعا, و هو حق ثابت علي الذين يحسنون الي المطلقات و الي انفسهم بطاعه الله.

وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن و ربما فرضتم لهن فريضه فنصف ما فرضتم الا ان يعفون او يعفو الذي بيدة عقده النكاح و ان تعفوا اقرب للتقوي و لا تنسوا الفضل بينكم ان الله بما تعملون بصير (237)

وان طلقتم النساء بعد العقد عليهن, و لم تجامعوهن, و لكنكم الزمتم انفسكم بمهر محدد لهن, فيجب عليكم ان تعطوهن نص المهر المتفق عليه, الا ان تسامح المطلقات, فيتركن نص المهر المستحق لهن, او يسمح الزوج بان يترك للمطلقه المهر كله, و تسامحكم ايها الرجال و النساء اقرب الي خشيه الله و طاعته, و لا تنسوا -ايها الناس- الفضل و الاحسان بينكم, و هو اعطاء ما ليس بواجب عليكم, و التسامح فالحقوق. ان الله بما تعملون بصير, يرغبكم فالمعروف, و يحثكم علي الفضل.

حافظوا علي الصلوات و الصلاه الوسطي و قوموا للة قانتين (238)

حافظوا -ايها المسلمون- علي الصلوات الخمس المفروضه بالمداومه علي ادائها فاوقاتها بشروطها و اركانها و واجباتها, و حافظوا علي الصلاه المتوسطه بينها و هى صلاه العصر, و قوموا فصلاتكم مطيعين لله, خاشعين ذليلين.

فان خفتم فرجالا او ركبانا فاذا امنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون (239)

فان خفتم من عدو لكم فصلوا صلاه الخوف ما شين, او راكبين, علي اي هيئه تستطيعونها و لو بالايماء, او الي غير جهه القبلة, فاذا زال خوفكم فصلوا صلاه الامن, و اذكروا الله فيها, و لا تنقصوها عن هيئتها الاصلية, و اشكروا له علي ما علمكم من امور العبادات و الاحكام ما لم تكونوا علي علم به.

والذين يتوفون منكم و يذرون ازواجا و صيه لازواجهم متاعا الي الحول غير اخراج فان خرجن فلا جناح عليكم فما فعلن فانفسهن من معروف و الله عزيز حكيم (240)

والازواج الذين يموتون و يتركون زوجات بعدهم, فعليهم و صيه لهن: ان يمتعن سنة تامه من يوم الوفاة, بالسكني فمنزل الزوج من غير اخراج الورثه لهن لمدة السنة; جبرا لخاطر الزوجة, و برا بالمتوفى. فان خرجت الزوجات باختيارهن قبل انقضاء السنه فلا اثم عليكم -ايها الورثة- فذلك, و لا حرج علي الزوجات فيما فعلن فانفسهن من امور مباحة. و الله عزيز فملكه, حكيم فامرة و نهيه. و هذة الايه منسوخه بقولة تعالى: ( و الذين يتوفون منكم و يذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعه اشهر و عشرا).

وللمطلقات متاع بالمعروف حقا علي المتقين (241)

وللمطلقات متاع من كسوه و نفقه علي الوجة المعروف المستحسن شرعا, حقا علي الذين يخافون الله و يتقونة فامرة و نهيه.

ايضا يبين الله لكم اياتة لعلكم تعقلون (242)

مثل هذا البيان الواضح فاحكام الاولاد و النساء, يبين الله لكم اياتة و احكامة فكل ما تحتاجونة فمعاشكم و معادكم; لكى تعقلوها و تعملوا بها.

الم تر الي الذين خرجوا من ديارهم و هم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا بعدها احياهم ان الله لذو فضل علي الناس و لكن اكثر الناس لا يشكرون (243)

الم تعلم -ايها الرسول- قصه الذين فروا من ارضهم و منازلهم, و هم الوف كثيرة; خشيه الموت من الطاعون او القتال, فقال لهم الله: موتوا, فماتوا دفعه و احده عقوبه علي فرارهم من قدر الله, بعدها احياهم الله تعالي بعد مدة; ليستوفوا اجالهم, و ليتعظوا و يتوبوا؟ ان الله لذو فضل عظيم علي الناس بنعمة الكثيرة, و لكن اكثر الناس لا يشكرون فضل الله عليهم.

وقاتلوا فسبيل الله و اعلموا ان الله سميع عليم (244)

وقاتلوا -ايها المسلمون- الكفار لنصره دين الله, و اعلموا ان الله سميع لاقوالكم, عليم بنياتكم و اعمالكم.

من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفة له اضعافا كثيره و الله يقبض و يبسط و الية ترجعون (245)

من ذا الذي ينفق فسبيل الله انفاقا حسنا احتسابا للاجر, فيضاعفة له اضعافا كثيره لا تحصي من الثواب و حسن الجزاء؟ و الله يقبض و يبسط, فانفقوا و لا تبالوا; فانة هو الرزاق, يضيق علي من يشاء من عبادة فالرزق, و يوسعة علي اخرين, له الحكمه البالغه فذلك, و الية و حدة ترجعون بعد الموت, فيجازيكم علي اعمالكم.

الم تر الي الملا من بنى اسرائيل من بعد موسي اذ قالوا لنبى لهم ابعث لنا ملكا نقاتل فسبيل الله قال هل عسيتم ان كتب عليكم القتال الا تقاتلوا قالوا و ما لنا الا نقاتل فسبيل الله و ربما اخرجنا من ديارنا و ابنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا الا قليلا منهم و الله عليم بالظالمين (246)

الم تعلم -ايها الرسول- قصه الاشراف و الوجهاء من بنى اسرائيل من بعد زمان موسى; حين طلبوا من نبيهم ان يولى عليهم ملكا, يجتمعون تحت قيادته, و يقاتلون اعداءهم فسبيل الله. قال لهم نبيهم: هل الامر كما اتوقعة ان فرض عليكم القتال فسبيل الله انكم لا تقاتلون; فانى اتوقع جبنكم و فراركم من القتال, قالوا مستنكرين توقع نبيهم: و اي ما نع يمنعنا عن القتال فسبيل الله, و ربما اخرجنا عدونا من ديارنا, و ابعدنا عن اولادنا بالقتل و الاسر؟ فلما فرض الله عليهم القتال مع الملك الذي عينة لهم جبنوا و فروا عن القتال, الا قليلا منهم ثبتوا بفضل الله. و الله عليم بالظالمين الناكثين عهودهم.

وقال لهم نبيهم ان الله ربما بعث لكم طالوت ملكا قالوا انني يصبح له الملك علينا و نحن احق بالملك منة و لم يؤت سعه من المال قال ان الله اصطفاة عليكم و زادة بسطه فالعلم و الجسم و الله يؤتى ملكة من يشاء و الله و اسع عليم (247)

وقال لهم نبيهم: ان الله ربما ارسل اليكم طالوت ملكا اجابه لطلبكم, يقودكم لقتال عدوكم كما طلبتم. قال كبراء بنى اسرائيل: كيف يصبح طالوت ملكا علينا, و هو لا يستحق ذلك؟ لانة ليس من سبط الملوك, و لا من بيت =النبوة, و لم يعط كثره فالاموال يستعين فيها فملكه, فنحن احق بالملك منه; لاننا من سبط الملوك و من بيت =النبوة. قال لهم نبيهم: ان الله اختارة عليكم و هو سبحانة اعلم بامور عباده, و زادة سعه فالعلم و قوه فالجسم ليجاهد العدو. و الله ما لك الملك يعطى ملكة من يشاء من عباده, و الله و اسع الفضل و العطاء, عليم بحقائق الامور, لا يخفي علية شيء.

وقال لهم نبيهم ان ايه ملكة ان ياتيكم التابوت فية سكينه من ربكم و بقيه مما ترك ال موسي و ال هارون تحملة الملائكه ان فذلك لايه لكم ان كنتم مؤمنين (248)

وقال لهم نبيهم: ان علامه ملكة ان ياتيكم الصندوق الذي فية التوراه -وكان اعداؤهم ربما انتزعوة منهم- فية طمانينه من ربكم تثبت قلوب المخلصين, و فية بقيه من بعض حاجات تركها ال موسي و ال هارون, كالعصا و فتات الالواح تحملة الملائكة. ان فذلك لاعظم برهان لكم علي اختيار طالوت ملكا عليكم بامر الله, ان كنتم مصدقين بالله و رسله.

فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منة فليس منى و من لم يطعمة فانة منى الا من اغترف غرفه بيدة فشربوا منة الا قليلا منهم فلما جاوزة هو و الذين امنوا معة قالوا لا طاقه لنا اليوم بجالوت و جنودة قال الذين يظنون انهم ملاقو الله كم من فئه قليله غلبت فئه كثيره باذن الله و الله مع الصابرين (249)

فلما خرج طالوت بجنودة لقتال العمالقه قال لهم: ان الله ممتحنكم علي الصبر بنهر امامكم تعبرونه; ليتميز المؤمن من المنافق, فمن شرب منكم من ماء النهر فليس مني, و لا يصلح للجهاد معي, و من لم يذق الماء فانة مني; لانة مطيع لامرى و صالح للجهاد, الا من ترخص و اغترف غرفه و احده بيدة فلا لوم عليه. فلما و صلوا الي النهر انكبوا علي الماء, و افرطوا فالشرب منه, الا عددا قليلا منهم صبروا علي العطش و الحر, و اكتفوا بغرفه اليد, و حينئذ تخلف العصاة. و لما عبر طالوت النهر هو و القله المؤمنه معة -وهم ثلاثمائه و بضعه عشر رجلا لملاقاه العدو, و راوا كثره عدوهم و عدتهم, قالوا: لا قدره لنا اليوم بجالوت و جنودة الاشداء, فاجاب الذين يوقنون بلقاء الله, يذكرون اخوانهم بالله و قدرتة قائلين: كم من جماعه قليله مؤمنه صابرة, غلبت باذن الله و امرة جماعه كثيره كافره باغية. و الله مع الصابرين بتوفيقة و نصره, و حسن مثوبته.

ولما برزوا لجالوت و جنودة قالوا ربنا افرغ علينا صبرا و ثبت اقدامنا و انصرنا علي القوم الكافرين (250)

ولما ظهروا لجالوت و جنوده, و راوا الخطر راى العين, فزعوا الي الله بالدعاء و الضراعه قائلين: ربنا انزل علي قلوبنا صبرا عظيما, و ثبت اقدامنا, و اجعلها راسخه فقتال العدو, لا تفر من هول الحرب, و انصرنا بعونك و تاييدك علي القوم الكافرين.

فهزموهم باذن الله و قتل داوود جالوت و اتاة الله الملك و الحكمه و علمة مما يشاء و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض و لكن الله ذو فضل علي العالمين (251)

فهزموهم باذن الله, و قتل داود -علية السلام- جالوت قائد الجبابرة, و اعطي الله عز و جل داود بعد هذا الملك و النبوه فبنى اسرائيل, و علمة مما يشاء من العلوم. و لولا ان يدفع الله ببعض الناس -وهم اهل الطاعه له و الايمان به- بعضا, و هم اهل المعصيه للة و الشرك به, لفسدت الارض بغلبه الكفر, و تمكن الطغيان, و اهل المعاصي, و لكن الله ذو فضل علي المخلوقين جميعا.

تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق و انك لمن المرسلين (252)

تلك حجج الله و براهينه, نقصها عليك -ايها النبي- بالصدق, و انك لمن المرسلين الصادقين.

الجزء الثالث

تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض منهم من كلم الله و رفع بعضهم درجات و اتينا عيسي ابن مريم البينات و ايدناة بروح القدس و لو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات و لكن اختلفوا فمنهم من امن و منهم من كفر و لو شاء الله ما اقتتلوا و لكن الله يفعل ما يريد (253)

هؤلاء الرسل الكرام فضل الله بعضهم علي بعض, بحسب ما من الله بة عليهم: فمنهم من كلمة الله كموسي و محمد عليهما الصلاه و السلام, و فهذا اثبات صفه الكلام للة عز و جل علي الوجة اللائق بجلاله, و منهم من رفعة الله درجات عاليه كمحمد صلي الله علية و سلم, بعموم رسالته, و ختم النبوه به, و تفضيل امتة علي كل الامم, و غير ذلك. و اتي الله تعالي عيسي ابن مريم علية السلام البينات المعجزات الباهرات, كابراء من و لد اعمي باذن الله تعالى, و من بة برص باذن الله, و كاحيائة الموتي باذن الله, و ايدة بجبريل علية السلام. و لو شاء الله الا يقتتل الذين جاؤوا من بعد هؤلاء الرسل من بعد ما جاءتهم البينات ما اقتتلوا, و لكن و قع الاختلاف بينهم: فمنهم من ثبت علي ايمانه, و منهم من اصر علي كفره. و لو شاء الله بعد ما و قع الاختلاف بينهم, الموجب للاقتتال, ما اقتتلوا, و لكن الله يوفق من يشاء لطاعتة و الايمان به, و يخذل من يشاء, فيعصية و يكفر به، فهو يفعل ما يشاء و يختار.

يا ايها الذين امنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل ان ياتى يوم لا بيع فية و لا خله و لا شفاعه و الكافرون هم الظالمون (254)

يا من امنتم بالله و صدقتم رسولة و عملتم بهدية اخرجوا الزكاه المفروضة, و تصدقوا مما اعطاكم الله قبل مجيء يوم القيامه حين لا بيع فيصبح ربح, و لا ما ل تفتدون بة انفسكم من عذاب الله, و لا صداقه صديق تنقذكم, و لا شافع يملك تخفيف العذاب عنكم. و الكافرون هم الظالمون المتجاوزون حدود الله.

الله لا الة الا هو الحى القيوم لا تاخذة سنه و لا نوم له ما فالسموات و ما فالارض من ذا الذي يشفع عندة الا باذنة يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و لا يحيطون بشيء من علمة الا بما شاء و سع كرسية السموات و الارض و لا يئودة حفظهما و هو العلى العظيم (255)

الله الذي لا يستحق الالوهيه و العبوديه الا هو, الحى الذي له كل معانى الحياة الكامله كما يليق بجلاله, القائم علي جميع شيء, لا تاخذة سنه اي: نعاس, و لا نوم, جميع ما فالسموات و ما فالارض ملك له, و لا يتجاسر احد ان يشفع عندة الا باذنه, محيط علمة بجميع الكائنات ما ضيها و حاضرها و مستقبلها, يعلم ما بين ايدى الخلائق من الامور المستقبلة, و ما خلفهم من الامور الماضية, و لا يطلع احد من الخلق علي شيء من علمة الا بما اعلمة الله و اطلعة عليه. و سع كرسية السموات و الارض, و الكرسي: هو موضع قدمى الرب -جل جلاله- و لا يعلم كيفيتة الا الله سبحانه, و لا يثقلة سبحانة حفظهما, و هو العلى بذاتة و صفاتة علي كل مخلوقاته, الجامع لجميع صفات العظمه و الكبرياء. و هذة الايه اعظم ايه فالقران, و تسمى: (ايه الكرسي).

لا اكراة فالدين ربما تبين الرشد من الغى فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسك بالعروه الوثقي لا انفصام لها و الله سميع عليم (256)

لكمال ذلك الدين و اتضاح اياتة لا يحتاج الي الاكراة علية لمن تقبل منهم الجزية, فالدلائل بينه يتضح فيها الحق من الباطل, و الهدي من الضلال. فمن يكفر بكل ما عبد من دون الله و يؤمن بالله, فقد ثبت و استقام علي الكيفية المثلى, و استمسك من الدين باقوي اسباب لا انقطاع له. و الله سميع لاقوال عباده, عليم بافعالهم و نياتهم, و سيجازيهم علي ذلك.

الله و لى الذين امنوا يظهرهم من الظلمات الي النور و الذين كفروا اولياؤهم الطاغوت يظهرونهم من النور الي الظلمات اولئك اصحاب النار هم بها خالدون (257)

الله يتولي المؤمنين بنصرة و توفيقة و حفظه, يظهرهم من ظلمات الكفر, الي نور الايمان. و الذين كفروا انصارهم و اولياؤهم الانداد و الاوثان الذين يعبدونهم من دون الله, يظهرونهم من نور الايمان الي ظلمات الكفر, اولئك اصحاب النار الملازمون لها, هم بها باقون بقاء ابديا لا يظهرون منها.

الم تر الي الذي حاج ابراهيم فربة ان اتاة الله الملك اذ قال ابراهيم ربى الذي يحيى و يميت قال انا احيى و اميت قال ابراهيم فان الله ياتى بالشمس من المشرق فات فيها من المغرب فبهت الذي كفر و الله لا يهدى القوم الظالمين (258)

هل رايت -ايها الرسول- اعجب من حال ذلك الذي جادل ابراهيم علية السلام فتوحيد الله تعالي و ربوبيته; لان الله اعطاة الملك فتجبر و سال ابراهيم: من ربك؟ فقال علية السلام: ربى الذي يحيى الخلائق فتحيا, و يسلبها الحياة فتموت, فهو المتفرد بالاحياء و الاماتة, قال: انا احيى و اميت, اي اقتل من اردت قتله, و استبقى من اردت استبقاءه, فقال له ابراهيم: ان الله الذي اعبدة ياتى بالشمس من المشرق, فهل تستطيع تغيير هذة السنه الالهيه بان تجعلها تاتى من المغرب; فتحير ذلك الكافر و انقطعت حجته, شانة شان الظالمين لا يهديهم الله الي الحق و الصواب.

او كالذى مر علي قريه و هى خاويه علي عروشها قال انني يحيى هذة الله بعد موتها فاماتة الله ما ئه عام بعدها بعثة قال كم لبثت قال لبثت يوما او بعض يوم قال بل لبثت ما ئه عام فانظر الي طعامك و شرابك لم يتسنة و انظر الي حمارك و لنجعلك ايه للناس و انظر الي العظام كيف ننشزها بعدها نكسوها لحما فلما تبين له قال اعلم ان الله علي جميع شيء قدير (259)

او هل رايت -ايها الرسول- كالذى مر علي قريه ربما تهدمت دورها, و خوت علي عروشها, فقال: كيف يحيى الله هذة القريه بعد موتها؟ فاماتة الله ما ئه عام, بعدها رد الية روحه, و قال له: كم قدر الزمان الذي لبثت ميتا؟ قال: بقيت يوما او بعض يوم, فاخبرة بانة بقى ميتا ما ئه عام, و امرة ان ينظر الي طعامة و شرابه, و كيف حفظهما الله من التغير هذة المده الطويلة, و امرة ان ينظر الي حمارة كيف احياة الله بعد ان كان عظاما متفرقة؟ و قال له: و لنجعلك ايه للناس, اي: دلاله ظاهره علي قدره الله علي البعث بعد الموت, و امرة ان ينظر الي العظام كيف يرفع الله بعضها علي بعض, و يصل بعضها ببعض, بعدها يكسوها بعد الالتئام لحما, بعدها يعيد بها الحياة؟ فلما اتضح له هذا عيانا اعترف بعظمه الله, و انه علي جميع شيء قدير, و صار ايه للناس.

واذ قال ابراهيم رب ارنى كيف تحى الموتي قال اولم تؤمن قال بلي و لكن ليطمئن قلبى قال فخذ اربعه من الطير فصرهن اليك بعدها اجعل علي جميع جبل منهن جزءا بعدها ادعهن ياتينك سعيا و اعلم ان الله عزيز حكيم (260)

واذكر -ايها الرسول- طلب ابراهيم من ربة ان يرية طريقة البعث, فقال الله له: اولم تؤمن؟ قال: بلى, و لكن اطلب هذا لازداد يقينا علي يقيني, قال: فخذ اربعه من الطير فاضممهن اليك و اذبحهن و قطعهن, بعدها اجعل علي جميع جبل منهن جزءا, بعدها نادهن ياتينك مسرعات. فنادي ابراهيم علية السلام, فاذا جميع جزء يعود الي موضعه, و اذا فيها تاتى مسرعة. و اعلم ان الله عزيز لا يغلبة شيء, حكيم فاقوالة و افعالة و شرعة و قدره.

مثل الذين ينفقون اموالهم فسبيل الله كمثل حبه انبتت سبع سنابل فكل سنبله ما ئه حبه و الله يضاعف لمن يشاء و الله و اسع عليم (261)

ومن اعظم ما ينتفع بة المؤمنون الانفاق فسبيل الله. و كالمؤمنين الذين ينفقون اموالهم فسبيل الله كمثل حبه زرعت فارض طيبة, فاذا فيها ربما اخرجت ساقا تشعب منها سبع شعب, لكل و احده سنبلة, فكل سنبله ما ئه حبة. و الله يضاعف الاجر لمن يشاء, بحسب ما يقوم بقلب المنفق من الايمان و الاخلاص التام. و فضل الله و اسع, و هو سبحانة عليم بمن يستحقه, مطلع علي نيات عباده.

الذين ينفقون اموالهم فسبيل الله بعدها لا يتبعون ما انفقوا منا و لا اذي لهم اجرهم عند ربهم و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون (262)

الذين يظهرون اموالهم فالجهاد و نوعيات الخير, بعدها لا يتبعون ما انفقوا من الخيرات منا علي من اعطوة و لا اذي بقول او فعل يشعرة بالتفضل عليه, لهم ثوابهم العظيم عند ربهم, و لا خوف عليهم فيما يستقبلونة من امر الاخرة, و لا هم يحزنون علي شيء فاتهم فهذة الدنيا.

قول معروف و مغفره خير من صدقه يتبعها اذي و الله غنى حليم (263)

كلام طيب و عفو عما بدر من السائل من الحاف فالسؤال, خير من صدقه يتبعها من المتصدق اذي و اساءة. و الله غنى عن صدقات العباد, حليم لا يعاجلهم بالعقوبة.

يا ايها الذين امنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن و الاذي كالذى ينفق ما له رئاء الناس و لا يؤمن بالله و اليوم الاخر فمثلة كمثل صفوان علية تراب فاصابة و ابل فتركة صلدا لا يقدرون علي شيء مما كسبوا و الله لا يهدى القوم الكافرين (264)

يا من امنتم بالله و اليوم الاخر لا تذهبوا ثواب ما تتصدقون بة بالمن و الاذى, فهذا شبية بالذى يظهر ما له ليراة الناس, فيثنوا عليه, و هو لا يؤمن بالله و لا يوقن باليوم الاخر, فمثل هذا كحجر املس علية تراب هطل علية مطر غزير فازاح عنة التراب, فتركة املس لا شيء عليه, فايضا هؤلاء المراؤون تضمحل اعمالهم عند الله, و لا يجدون شيئا من الثواب علي ما انفقوه. و الله لا يوفق الكافرين لاصابه الحق فنفقاتهم و غيرها.

ومثل الذين ينفقون اموالهم ابتغاء مرضاه الله و تثبيتا من انفسهم كمثل جنه بربوه اصابها و ابل فاتت اكلها ضعفين فان لم يصبها و ابل فطل و الله بما تعملون بصير (265)

ومثل الذين ينفقون اموالهم طلبا لرضا الله و اعتقادا راسخا بصدق و عده, كمثل بستان عظيم بارض عاليه طيبه هطلت علية امطار غزيرة, فتضاعفت ثمراته, و ان لم تسقط علية الامطار الغزيره فيكفية رذاذ المطر ليعطى الثمره المضاعفة, و ايضا نفقات المخلصين تقبل عند الله و تضاعف, قلت ام كثرت, فالله المطلع علي السرائر, البصير بالظواهر و البواطن, يثيب كلا بحسب اخلاصه.

ايود احدكم ان تكون له جنه من نخيل و اعناب تجرى من تحتها الانهار له بها من جميع الثمرات و اصابة الكبر و له ذريه ضعفاء فاصابها اعصار فية نار فاحترقت ايضا يبين الله لكم الايات لعلكم تتفكرون (266)

ايرغب الواحد منكم ان يصبح له بستان فية النخيل و الاعناب, تجرى من تحت اشجارة المياة العذبة, و له فية من جميع الوان الثمرات, و ربما بلغ الكبر, و لا يستطيع ان يغرس كهذا الغرس, و له اولاد صغيرة فحاجه الي ذلك البستان و فهذة الحاله هبت علية ريح شديدة, بها نار محرقه فاحرقته; و كذا حال غير المخلصين فنفقاتهم, ياتون يوم القيامه و لا حسنه لهم. و بمثل ذلك البيان يبين الله لكم ما ينفعكم; كى تتاملوا, فتخلصوا نفقاتكم لله.

يا ايها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم و مما اخرجنا لكم من الارض و لا تيمموا الخبيث منة تنفقون و لستم باخذية الا ان تغمضوا فية و اعلموا ان الله غنى حميد (267)

يا من امنتم بى و اتبعتم رسلى انفقوا من الحلال الطيب الذي كسبتموة و مما اخرجنا لكم من الارض, و لا تقصدوا الرديء منة لتعطوة الفقراء, و لو اعطيتموة لم تاخذوة الا اذا تغاضيتم عما فية من رداءه و نقص. فكيف ترضون للة ما لا ترضونة لانفسكم؟ و اعلموا ان الله الذي رزقكم غنى عن صدقاتكم, مستحق للثناء, محمود فكل حال.

الشيطان يعدكم الفقر و يامركم بالفحشاء و الله يعدكم مغفره منة و فضلا و الله و اسع عليم (268)

هذا البخل و اختيار الرديء للصدقه من الشيطان الذي يخوفكم الفقر, و يغريكم بالبخل, و يامركم بالمعاصى و مخالفه الله تعالى, و الله سبحانة و تعالي يعدكم علي انفاقكم غفرانا لذنوبكم و رزقا و اسعا. و الله و اسع الفضل, عليم بالاعمال و النيات.

يؤتى الحكمه من يشاء و من يؤت الحكمه فقد اوتى خيرا كثيرا و ما يذكر الا اولوا الالباب (269)

يؤتى الله الاصابه فالقول و الفعل من يشاء من عباده, و من انعم الله علية بذلك فقد اعطاة خيرا كثيرا. و ما يتذكر ذلك و ينتفع بة الا اصحاب العقول المستنيره بنور الله و هدايته.

وما انفقتم من نفقه او نذرتم من نذر فان الله يعلمة و ما للظالمين من انصار (270)

وما اعطيتم من ما ل او غيرة كثير او قليل تتصدقون بة ابتغاء مرضات الله او اوجبتم علي انفسكم شيئا من ما ل او غيره, فان الله يعلمه, و هو المطلع علي نياتكم, و سوف يثيبكم علي ذلك. و من منع حق الله فهو ظالم, و الظالمون ليس لهم انصار يمنعونهم من عذاب الله.

ان تبدوا الصدقات فنعما هى و ان تخفوها و تؤتوها الفقراء فهو خير لكم و يكفر عنكم من سيئاتكم و الله بما تعملون خبير (271)

ان تخرجوا ما تتصدقون بة للة فنعم ما تصدقتم به, و ان تسروا بها, و تعطوها الفقراء فهذا اروع لكم; لانة ابعد عن الرياء, و فالصدقه -مع الاخلاص- محو لذنوبكم. و الله الذي يعلم دقيقة الامور, لا يخفي علية شيء من احوالكم, و سيجازى كلا بعمله.

ليس عليك هداهم و لكن الله يهدى من يشاء و ما تنفقوا من خير فلانفسكم و ما تنفقون الا ابتغاء و جة الله و ما تنفقوا من خير يوف اليكم و انتم لا تظلمون (272)

لست -ايها الرسول- مسئولا عن توفيق الكافرين للهداية, و لكن الله يشرح صدور من يشاء لدينه, و يوفقة له. و ما تبذلوا من ما ل يعد عليكم نفعة من الله, و المؤمنون لا ينفقون الا طلبا لمرضاه الله. و ما تنفقوا من ما ل -مخلصين لله- توفوا ثوابه, و لا تنقصوا شيئا من ذلك. و فالايه اثبات صفه الوجة للة تعالي علي ما يليق بة سبحانه.

للفقراء الذين احصروا فسبيل الله لا يستطيعون ضربا فالارض يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسالون الناس الحافا و ما تنفقوا من خير فان الله بة عليم (273)

اجعلوا صدقاتكم لفقراء المسلمين الذين لا يستطيعون السفر; طلبا للرزق لاشتغالهم بالجهاد فسبيل الله, يظنهم من لا يعرفهم غير محتاجين الي الصدقة; لتعففهم عن السؤال, تعرفهم بعلاماتهم و اثار الحاجه فيهم, لا يسالون الناس بالكلية, و ان سالوا اضطرارا لم يلحوا فالسؤال. و ما تنفقوا من ما ل فسبيل الله فلا يخفي علي الله شيء منه, و سيجزى علية اوفر الجزاء و اتمة يوم القيامة.

الذين ينفقون اموالهم بالليل و النهار سرا و علانيه فلهم اجرهم عند ربهم و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون (274) الذين ياكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطة الشيطان من المس هذا بانهم قالوا انما البيع كالربا و احل الله البيع و حرم الربا فمن جاءة موعظه من ربة فانتهي فلة ما سلف و امرة الي الله و من عاد فاولئك اصحاب النار هم بها خالدون (275)

الذين يظهرون اموالهم مرضاه للة ليلا و نهارا مسرين و معلنين, فلهم اجرهم عند ربهم, و لا خوف عليهم فيما يستقبلونة من امر الاخرة, و لا هم يحزنون علي ما فاتهم من حظوظ الدنيا. هذا التشريع الالهى الحكيم هو منهاج الاسلام فالانفاق لما فية من سد حاجه الفقراء فكرامه و عزة, و تطهير ما ل الاغنياء, و تحقيق التعاون علي البر و التقوى; ابتغاء و جة الله دون قهر او اكراة الذين يتعاملون بالربا -وهو الزياده علي راس المال- لا يقومون فالاخره من قبورهم الا كما يقوم الذي يتخبطة الشيطان من الجنون; هذا لانهم قالوا: انما البيع كالربا, فان كلا منهما حلال, و يؤدى الي زياده المال, فاكذبهم الله, و بين انه احل البيع و حرم الربا; لما فالبيع و الشراء من نفع للافراد و الجماعات, و لما فالربا من استغلال و ضياع و هلاك. فمن بلغة نهى الله عن الربا فارتدع, فلة ما مضي قبل ان يبلغة التحريم لا اثم علية فيه, و امرة الي الله فيما يستقبل من زمانه, فان استمر علي توبتة فالله لا يضيع اجر المحسنين, و من عاد الي الربا ففعلة بعد بلوغة نهى الله عنه, فقد استوجب العقوبة, و قامت علية الحجة, و لهذا قال سبحانه: (فاولئك اصحاب النار هم بها خالدون)

يمحق الله الربا و يربى الصدقات و الله لا يحب جميع كفار اثيم (276)

يذهب الله الربا كلة او يحرم صاحبة بركه ما له, فلا ينتفع به، و ينمى الصدقات و يكثرها، و يضاعف الاجر للمتصدقين, و يبارك لهم فاموالهم. و الله لا يحب جميع مصر علي كفره, مستحل طعام الربا, متماد فالاثم و الحرام و معاصى الله.

ان الذين امنوا و عملوا الصالحات و اقاموا الصلاه و اتوا الزكاه لهم اجرهم عند ربهم و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون (277)

ان الذين صدقوا الله و رسوله, و عملوا الاعمال الطيبة, و ادوا الصلاه كما امر الله و رسوله, و اخرجوا زكاه اموالهم, لهم ثواب عظيم خاص بهم عند ربهم و رازقهم, و لا يلحقهم خوف فاخرتهم, و لا حزن علي ما فاتهم من حظوظ دنياهم.

يا ايها الذين امنوا اتقوا الله و ذروا ما بقى من الربا ان كنتم مؤمنين (278)

يا من امنتم بالله و اتبعتم رسولة خافوا الله, و اتركوا طلب ما بقى لكم من زياده علي رؤوس اموالكم التي كانت لكم قبل تحريم الربا, ان كنتم محققين ايمانكم قولا و عملا.

فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله و رسولة و ان تبتم فلكم رءوس اموالكم لا تظلمون و لا تظلمون (279)

فان لم ترتدعوا عما نهاكم الله عنة فاستيقنوا بحرب من الله و رسوله, و ان رجعتم الي ربكم و تركتم طعام الربا فلكم اخذ ما لكم من ديون دون زيادة, لا تظلمون احدا باخذ ما زاد علي رؤوس اموالكم, و لا يظلمكم احد بنقص ما اقرضتم.

وان كان ذو عسره فنظره الي ميسره و ان تصدقوا خير لكم ان كنتم تعلمون (280)

وان كان المدين غير قادر علي السداد فامهلوة الي ان ييسر الله له رزقا فيدفع اليكم ما لكم, و ان تتركوا راس المال كلة او بعضة و تضعوة عن المدين فهو اروع لكم, ان كنتم تعلمون فضل ذلك, و انه خير لكم فالدنيا و الاخرة.

واتقوا يوما ترجعون فية الي الله بعدها توفي جميع نفس ما كسبت و هم لا يظلمون (281)

واحذروا -ايها الناس- يوما ترجعون فية الي الله, و هو يوم القيامة, حيث تعرضون علي الله ليحاسبكم, فيجازى جميع و احد منكم بما عمل من خير او شر دون ان ينالة ظلم. و فالايه اشاره الي ان تجنب ما حرم الله من المكاسب الربوية, تكميل للايمان و حقوقة من اقام الصلاه و ايتاء الزكاه و عمل الصالحات.

يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الي اجل مسمي فاكتبوة و ليكتب بينكم كاتب بالعدل و لا ياب كاتب ان يكتب كما علمة الله فليكتب و ليملل الذي علية الحق و ليتق الله ربة و لا يبخس منة شيئا فان كان الذي علية الحق سفيها او ضعيفا او لا يستطيع ان يمل هو فليملل و لية بالعدل و استشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل و امراتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخري و لا ياب الشهداء اذا ما دعوا و لا تساموا ان تكتبوة صغيرا او كبيرا الي اجلة ذلكم اقسط عند الله و اقوم للشهاده و ادني الا ترتابوا الا ان تكون تجاره حاضره تديرونها بينكم فليس عليكم جناح الا تكتبوها و اشهدوا اذا تبايعتم و لا يضار كاتب و لا شهيد و ان تفعلوا فانة فسوق بكم و اتقوا الله و يعلمكم الله و الله بكل شيء عليم (282)

يا من امنتم بالله و اتبعتم رسولة محمدا صلي الله علية و سلم اذا تعاملتم بدين الي و قت معلوم فاكتبوه; حفظا للمال و دفعا للنزاع. و ليقم بالكتابه رجل امين ضابط, و لا يمتنع من علمة الله الكتابه عن ذلك, و ليقم المدين باملاء ما علية من الدين, و ليراقب ربه, و لا ينقص من دينة شيئا. فان كان المدين محجورا علية لتبذيرة و اسرافه, او كان صغيرا او مجنونا, او لا يستطيع النطق لخرس بة او عدم قدره كامله علي الكلام, فليتول الاملاء عن المدين القائم بامره, و اطلبوا شهاده رجلين مسلمين بالغين عاقلين من اهل العدالة. فان لم يوجد رجلان, فاطلبوا شهاده رجل و امراتين ترضون شهادتهم, حتي اذا نسيت احداهما ذكرتها الاخرى, و علي الشهداء ان يجيبوا من دعاهم الي الشهادة, و عليهم اداؤها اذا ما دعوا اليها, و لا تملوا من كتابه الدين قليلا او كثيرا الي و قتة المعلوم. ذلكم اعدل فشرع الله و هديه, و اعظم عونا علي اقامه الشهاده و ادائها, و اقرب الي نفى الشك فجنس الدين و قدرة و اجله. لكن ان كانت المساله مساله بيع و شراء، باخذ سلعه و دفع ثمنها فالحال، فلا حاجه الي الكتابة, و يستحب الاشهاد علي هذا منعا للنزاع و الشقاق، و من الواجب علي الشاهد و الكاتب اداء الشهاده علي و جهها و الكتابه كما امر الله. و لا يجوز لصاحب الحق و من علية الحق الاضرار بالكتاب و الشهود، و ايضا لا يجوز للكتاب و الشهود ان يضاروا بمن احتاج الي كتابتهم او شهادتهم، و ان تفعلوا ما نهيتم عنة فانة خروج عن طاعه الله، و عاقبه هذا حاله بكم. و خافوا الله فجميع ما امركم به، و نهاكم عنه، و يعلمكم الله كل ما يصلح دنياكم و اخراكم. و الله بكل شيء عليم، فلا يخفي علية شيء من اموركم، و سيجازيكم علي ذلك.

وان كنتم علي سفر و لم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضه فان امن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن امانتة و ليتق الله ربة و لا تكتموا الشهاده و من يكتمها فانة اثم قلبة و الله بما تعملون عليم (283)

وان كنتم مسافرين و لم تجدوا من يكتب لكم فادفعوا الي صاحب الحق شيئا يصبح عندة ضمانا لحقة الي ان يرد المدين ما علية من دين, فان و ثق بعضكم ببعض فلا حرج فترك الكتابه و الاشهاد و الرهن, و يبقي الدين امانه فذمه المدين, علية اداؤه, و علية ان يراقب الله فلا يخون صاحبه. فان انكر المدين ما علية من دين, و كان هنالك من حضر و شهد, فعلية ان يخرج شهادته, و من اخفي هذة الشهاده فهو صاحب قلب غادر فاجر. و الله المطلع علي السرائر, المحيط علمة بكل اموركم, سيحاسبكم علي ذلك.

للة ما فالسموات و ما فالارض و ان تبدوا ما فانفسكم او تخفوة يحاسبكم بة الله فيغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء و الله علي جميع شيء قدير (284)

للة ملك السموات و الارض و ما فيهما ملكا و تدبيرا و احاطة, لا يخفي علية شيء. و ما تخرجوة مما فانفسكم او تخفوة فان الله يعلمه, و سيحاسبكم به, فيعفو عمن يشاء, و يؤاخذ من يشاء. و الله قادر علي جميع شيء, و ربما اكرم الله المسلمين بعد هذا فعفا عن حديث النفس و خطرات القلب ما لم يتبعها كلام او عمل, كما ثبت هذا عن رسول الله صلي الله علية و سلم.

امن الرسول بما انزل الية من ربة و المؤمنون جميع امن بالله و ملائكتة و كتبة و رسلة لا نفرق بين احد من رسلة و قالوا سمعنا و اطعنا غفرانك ربنا و اليك المصير (285)

صدق و ايقن رسول الله محمد صلي الله علية و سلم بما اوحى الية من ربة و حق له ان يوقن, و المؤمنون ايضا صدقوا و عملوا بالقران العظيم, جميع منهم صدق بالله ربا و الها متصفا بصفات الجلال و الكمال, و ان للة ملائكه كراما, و انه انزل كتبا, و ارسل الي خلقة رسلا لا نؤمن -نحن المؤمنين- ببعضهم و ننكر بعضهم, بل نؤمن بهم جميعا. و قال الرسول و المؤمنون: سمعنا يا ربنا ما اوحيت به, و اطعنا فكل ذلك, نرجو ان تغفر -بفضلك- ذنوبنا, فانت الذي ربيتنا بما انعمت بة علينا, و اليك -وحدك- مرجعنا و مصيرنا.

لا يكلف الله نفسا الا و سعها لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطانا ربنا و لا تحمل علينا اصرا كما حملتة علي الذين من قبلنا ربنا و لا تحملنا ما لا طاقه لنا بة و اعف عنا و اغفر لنا و ارحمنا انت مولانا فانصرنا علي القوم الكافرين (286)

دين الله يسر لا مشقه فيه, فلا يطلب الله من عبادة ما لا يطيقونه, فمن فعل خيرا نال خيرا, و من فعل شرا نال شرا. ربنا لا تعاقبنا ان نسينا شيئا مما افترضتة علينا, او اخطانا ففعل شيء نهيتنا عن فعله, ربنا و لا تكلفنا من الاعمال الشاقه ما كلفتة من قبلنا من العصاه عقوبه لهم, ربنا و لا تحملنا ما لا نستطيعة من التكاليف و المصائب, و امح ذنوبنا, و استر عيوبنا, و اقوى الينا, انت ما لك امرنا و مدبره, فانصرنا علي من جحدوا دينك و انكروا و حدانيتك, و كذبوا نبيك محمدا صلي الله علية و سلم, و اجعل العاقبه لنا عليهم فالدنيا و الاخرة.

  • سورة البقرة مكتوبةبرواية بن مراد


سورة لبقرة كاملة