صورة-1
لايثار هو “اكمل نوعيات الجود، و هو الايثار بمحاب النفس من الاموال و غيرها، و بذلها للغير مع الحاجه اليها، بل مع الضروره و الخصاصة، و ذلك لا يصبح الا من خلق زكي” (تفسير السعدي). و قال القرطبى رحمة الله: “الايثار هو تقديم الغير علي النفس فحظوظها الدنيويه رغبه فالحظوظ الدينية، و هذا ينشا عن قوه اليقين و توكيد المحبة، و الصبر علي المشقة”.
واحلى ما ممكن ذكرة فهذا المقام قصه هذا الانصارى (ابى طلحة) و زوجة رضى الله عنهما حيث جاء رجل الي النبى صلي الله علية و سلم فارسل النبى الي ازواجة ليضيف ذلك الرجل فما كان عندهم الا الماء فقال صلي الله علية و سلم: « من يضيف ذلك الليله رحمة الله» ، فقام رجل من الانصار فقال: انا يا رسول الله، فانطلق بة الي رحله، فقال لامراته: هل عندك شيء؟ قالت: لا، الا قوت صبياني. قال: فعلليهم بشيء فاذا دخل ضيفنا فاطفئى السراج و ارية انا ناكل فاذا اهوي لياكل فقومى الي السراج حتي تطفئيه. فقعدوا و طعام الضيف فلما اصبح غدا علي النبى صلي الله علية و سلم فقال: «قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة» ، و المراد بالعجب من الله تعالي اي: رضاة سبحانة بذلك الفعل. قال النووى فشرحة علي مسلم: “وقد اجمع العلماء علي فضيله الايثار بالاكل و نحوة من امور الدنيا، و حظوظ النفوس. و اما القربات فالاروع ان لا يؤثر بها؛ لان الحق بها للة تعالى. و الله اعلم”.
ومن هذا كذلك قول ام المؤمنين عائشه و فعلها مع عمر بن الخطاب رضى الله عنة حين ارسل اليها يستاذن فان يدفن بجوار صاحبية (النبى صلي الله علية و سلم و ابى بكر) فقالت: “كنت اريدة (اى موضع الدفن) لنفسى فلاوثرنة اليوم علي نفسي”. و دفنت هى بالبقيع رضى الله عنها.
وقد قسم ابن القيم رحمة الله فكتابة (مدارج السالكين) الايثار و جعلة علي ثلاث درجات:
الاولى: ان تؤثر الخلق علي نفسك فيما لا يخرم عليك دينا، و لا يقطع عليك طريقا، و لا يفسد عليك و قتا. يعنى ان تقدمهم علي نفسك فمصالحهم، كان تطعمهم و تجوع، و تكسوهم و تعرى، و تسقيهم و تظما، بحيث لا يؤدى هذا الي ارتكاب اتلاف لا يجوز فالدين.
الثانية: ايثار رضا الله علي رضا غيرة و ان عظمت فية المحن و ثقلت فية المؤن و ضعف عنة الطول و البدن و ايثار رضا الله عز و جل علي غيره: هو ان يريد و يفعل ما فية مرضاته، و لو اغضب الخلق و هى درجه الانبياء.
الثالثة: ان تنسب ايثارك الي الله دون نفسك، و انه هو الذي تفرد بالايثار لا انت، فكانك سلمت الايثار اليه، فاذا اثرت غيرك بشيء؛ فان الذي اثرة هو الحق لا انت فهو المؤثر علي الحقيقة، اذ هو المعطي